دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مما لا شك فيه أن استقالة وزير الدفاع الامريكي تشاك هيجل جاءت ضمن احتياج البيت الابيض الى كبش فداء جديد، حتى لوكان من أبطال حرب فيتنام، سوف تنسب اليه مستقبلا كل التجاوزات التي قام بها البنتاجون في افغانستان والعراق، أو في التعامل مع نظام بشار الأسد في سوريا، و لكن أهم ما يحتاج البيت الابيض إليه الآن في كبش الفداء هو إمكانية تحميله مسؤولية ما ستكشف عنه المواجهات القادمة مع تنظيم الدولة الاسلامية "داعش ".
بهذه الافتتاحية بدء محرر الشئون الامريكية ديفيد اسبورن تقريره المفصل حول أسرار إستقالة وزير الدفاع الأمريكي عبر صفحات جريدة الاندبندنت البريطانية.
وأكد "اسبورن"، أن رحيل "هيجل" كان بمثابة الصدمة التي لم يتوقعها أحد، فتوقيت الاستقالة يمكن وصفه بالتوقيت الكارثي و ذلك لسببين الاول أن هيجل لم يكمل عامه الثاني كوزير للدفاع بعد، وهو يؤكد وجود أزمة حقيقية بين الرئيس الامريكي والبنتاجون و يمكن القول أن اوباما ليس على ثقة بكل ما يدور حوله وانه متشكك كثيرا في العسكريين المحيطين به و مدى دقة المعلومات التي ترد الى البيت الابيض من وزارة الدفاع .
الأمر الثاني، يتعلق بالعمليات العسكرية المشاركة فيها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش، فالجميع يسأل بما فيهم الرئيس الامريكي نفسه، كيف حصلت داعش على التمويلات الضخمة والعتاد المبالغ فيه تحت سمع و بصر البنتاجون والمخابرات الأمريكية ؟؟ و بالطبع فان وزارة الدفاع لا تملك اجابات او تفسيرات مقنعه، إذن فالأزمة حقيقية و لم تنجح أحضان أوباما وهيجل في إخفاء التوتر الخفي بين الرجلين.
ويرى "اسبورن"، أن هيجل تعرض لضغوط كثيرة من جانب البيت الابيض، ومن المؤكد أنه تلقى عبارات وتلميحات حول إعادة فتح الملفات الخاصة بشركة مكارثي وهي الازمة التي تعرض لها هيجل اثناء تمثيله لولاية نبرسكا الامريكية في مجلس الشيوخ الامريكي 2002، فبعد فوزه ببضعة أشهر وجهت لجنة الأخلاقيات في مجلس الشيوخ الأمريكي تهمة تزوير الانتخابات لهيجل، و أثيرت شبهات حول ملكيته لمجموعة ماكارثي التي كانت تعمل في النظم الإنتخابية والبرمجيات، لكن اللجنة لم تستطع اثبات هذه الادعاءات حينها، و بحسب بعض التسريبات الواردة من البيت الابيض فان مفاوضات رحيل هيجل كانت مستمرة بين البنتاجون و البيت الابيض و بفعل ضغوط من الرئيس الامريكي فان وكيل وزارة الدفاع السابق السيدة / ميشيل فلورنوي باتت هي الاقرب لرئاسة البنتاجون، وهو ما ازعج هيجل فالعلاقة بين الرجلين توصف بأنها غير ودودة على الاطلاق، فهيجل رجل حرب، أما فلورنوي فهي تميل الى شخصية الضابط الاكاديمي المرموق الممارس العسكرية من مكتبه الخاص، ولكنها الأقرب للرئيس أوباما و تحظى بدعم الكونجرس ايضاً، على عكس هيجل الذي لم يعرف كيفية اقامة علاقات جيدة مع مستشاري الأمن القومي المحيطين بالرئيس اوباما.
الأمر المؤكد أيضا أن هيجل تلقى عدة طعنات داخل الكونجرس الامريكي ويكفي ما صرح به السيناتور جون بوينر، رئيس مجلس النواب قبل اسبوعين من استقالة، حينما طالب بضرورة حدوث تغيير وظيفي كبير على مستوى الأمن القومي من أجل إعادة التفكير في استراتيجية مواجهة التهديدات المتزايدة من التنظيمات الارهابية وكل من كوريا الشمالية و إيرن.
وبعيداً عن العلاقات الخاصة في الحياة السياسية فأن أوباما قد وقع بين شقي الرحى فعلى المستوى الدولي هو مطالب بمشاركة فاعلة على أرض الواقعة في الاشتباكات البرية اما على المستوى المحلي الامريكي فاوباما قدم مئات الوعود و اقسم عشرات المرات امام جمهور ناخبيه على عدم مشاركة القوات الامريكية في اي اعمال برية، في التوقيت الذي يقوم الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة بالتصريح حول ضرورة وجود دور قتالي للجنود الولايات المتحدة في مواجهة داعش بريا، اذا ما اراد البيت الابيض القضاء على تنظيم داعش فعليا و ليس مجرد مناوشات لا تحقق الاهداف المطلوبة، فالجنرالات وصقور الحرب و المصانع المتعطشة لانتاج السلاح و بيعه تضغط لتوسيع العمليات وهو ما كان هيجل يحاول تاجيله على الأقل خلال هذه الاشهر القليلة الباقية لأوباما في البيت الابيض.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة