دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تسرب مراكز القرار في أوروبا أن ورشات العمل القريبة من الدبلوماسية تجهد لإيجاد مخارج من الرمال السورية المتحركة.وتم تغيير الخطاب السياسي والمقاربات التحليلية كما تم تسريب لائحة بالأخطاء التي ارتكبت في السنوات العشر الأخيرة، كلها محاولات للخروج بأقل قدر من الخسائر.
في الولايات المتحدة قرروا الانتهاء من الرئيس، ليس لأن الجمهوريين نجحوا بل لأن الهزيمة يتيمة، فالصمود الأسطوري لمحور المقاومة في الشرق غير كل المعادلات وكسر كل الخطط السياسية والعسكرية وبات من الواجب إيجاد كبش محرقة كالعادة.
الأوروبيون ما زالوا قادرين على صياغة سياسة جديدة في الشرق، ومحور المقاومة يقدم لهم تسهيلات لكن يبدو أن عليهم تقديم بعض التضحيات والتحرر من بعض القيود الفكرية والأيديولوجية، وهذا ما فعله البريطانيون والألمان ولو نظرياً، وما فعله وزير الخارجية الفرنسي إنقاذا لماء وجهه ووجه الحكومة التي يمثلها حين اعتبر أن من واجب فرنسا دعم الجيش اللبناني لمواجهة الإرهاب وحفظ حدود لبنان ليضع حلفاءه اللبنانيين في موقف حرج جداً، فهؤلاء يعتبرون الجيش منحازاً ويتلقى أوامره من محور المقاومة وأن قتاله المجموعات الإرهابية انحياز لفئة لبنانية ضد أخرى.
تركيا أردوغان باتت فيما يشبه العزلة الدولية وتخيم عليها أجواء حرب داخلية تهدد نسيجها الاجتماعي وسيادتها واقتصادها ولم تعرف وضعاً مأزوماً كالوضع الذي أوصلت نفسها إليه حتى في زمن انهيار الإمبراطورية العثمانية، فلا أوروبا كافأتها ولا تعززت بنيتها بل على العكس تصدعت البنية والدولة ولم يعد هناك ما يمنع من أن يؤخذ منها ما كان قد أعطي لها منذ قرن.
أما دول الصحراء العربية، فتتحدث مصادر أوروبية وثيقة الصلة بالملف الخليجي، عن انهيارات في بنية المجتمع والسلطة في مملكة آل سعود، وأحد مظاهرها الأولى انهيار الوضع الأمني في بعض المناطق في بريده والإحساء، إضافة إلى إقالة وزير الإعلام عبد العزيز خوجه، والعديد من الأمور التي تجعل حكم آل سعود في مهب رياح التغيير، تغيير لا يطول فقط بنية الحكم بل بنية ديموغرافية وجغرافية شبه الجزيرة التي ما فتئت تلد «أشباه رجال».
مقاطعة آل ثاني، تؤكد المصادر الأوروبية، التي بنت علاقات مالية مع هذه العائلة، أن الصراع على السلطة فيها بلغ أوجه، ولا أحد يعرف متى تشتعل الرمال في البيت الوهابي.
في هذا الوقت بدأ زمن التخلي عن السوريين الذين صدقوا الوعد التلمودي وانخرطوا في مشروع لم يكن لهم فيه ناقة ولا جمل، فمنهم من تقضي «نهاية اللعبة» أن يكون ضحية والتخلص منه في معركة معروفة النتائج مسبقاً، ومنهم من سيكتفي بما أعطي من مال كما فعل نابليون بعميله النمساوي الذي رمى له المال وقال له: «إن يدي لا تصافح سوى الشرفاء».
انتهت اللعبة لكن الغربيين أدركوا مع من يمكن أن يبنوا مستقبلاً أفضل، ولو بعد حين، فمن دفع ثمن هويته وتاريخه ومستقبله ليس مستعجلاً للتفاوض ولا مصافحة «تجار الهيكل».
المصدر :
الوطن
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة