دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كسر الحوثيون رقماً قياسياً قد لا يتكرر في تاريخ منطقة الخليج العربية مجدداً. خمسة وخمسون يوماً من عمران إلى تلة التلفزيون في صنعاء كانت كفيلة بنقل حركة "أنصار الله" من فئة معزولة خارجة من الحسابات الدولية إلى رقم صعب في إدارة شؤون الجمهورية اليمنية..
وعامل تأثير أصعب في حركة المد والجزر لبحري العرب والأحمر عند مضيق باب المندب الاستراتيجي. وعليه انجلى غبار الرد على قصف الفرقة الأولى مدرعات لمخيمات المعتصمين في طريق المطار إلى ثلاث نتائج سترسم ملامح شبه الجزيرة العربية برمتها:
1- وصول الحوثيين للمرة الأولى منذ نشأة حركتهم السياسية منذ 22 عاماً إلى المشاركة في صناعة القرار الحكومي اليمني، ما يعني بالحد الأدنى، ولو مؤقتاً، شراكة سعودية كاملة مع الحوثيين في إدارة العمق الاستراتيجي للمملكة.
2- خروج قطر كلياً كقوة تأثير في السياسة اليمنية، بعدما أصبح حليفاها حزب الإصلاح الإخواني واللواء علي محسن الأحمر فارّين ومطلوبين للعدالة.
3- سقوط خطة التقسيم الفيدرالي لليمن إلى غير رجعة، بل وفتح الباب جدياً أمام الجنوبيين المطالبين بالانفصال وللمرة الأولى منذ العام 1990 إلى المشاركة في رسم السياستين الاقتصادية والأمنية للجمهورية الموحدة.
عبد ربه منصور هادي ومستشاروه الجدد والحكومة الجديدة
قبل أي حديث عن اسم رئيس الحكومة الذي سيخلف الرئيس المستقيل محمد سالم باسندوة، تتجه الأنظار نحو اسمي المستشارين اللذين سيعينهما رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي إلى جانبه لإدارة شؤون البلاد. الاسم الأول من "أنصار الله"، والثاني من "الحراك الجنوبي"، وبحسب مصدر دبلوماسي مقرب من المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر، فإن تعيين المستشارين كان جزءاً من الاتفاق الذي جرى توقيعه بين حركة أنصار الله والرئيس هادي، والدور المنوط بالمستشارين سيكون "رقابياً" بامتياز، ولا سيما أن "أنصار الله" ما زالت مصرّة على اجتثاث الفساد من مؤسسات الدولة خصوصاً الأمنية منها والاقتصادية، ما يعني أن عمليات تعقيم كبيرة ستحدث داخل مؤسسات الدولة وستطال حتماً مسؤولين كثراً معروفي الأسماء والتجاوزات.
ويضيف المصدر الدبلوماسي في حديث لموقع الـ"العهد" أن الاتفاق ستبدأ بنوده بالسريان مباشرة بعد يوم الجمعة المقبل، ليبدأ الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر بعهد يمني جديد يحرص أطراف الاتفاق على أن تكون المؤسسات الرسمية فيه عنوان الحصانة الاجتماعية والأمنية للدولة، وعلى رأسها الجيش، في حين تتجه وزارة التربية إلى إعلان إعادة فتح أبواب المدارس والجامعات في صنعاء بعد أسبوع من إغلاقها، قبل البدء بإجازة عيد الأضحى.
لكن، وبحسب مصدر من "أنصار الله"، فإن الوضع في اليمن دقيق جداً، لأن الخاسرين في أسبوع صنعاء الحامي بدأوا بممارسة نفوذهم في محاولة التأثير على ضباط وجنود لمحاولة التكتل والانشقاق عن الجيش والقوى الأمنية لتشكيل قوة عسكرية يكون هدفها إحداث فوضى عارمة في البلاد وعدم تمكين السلطة الجديدة من ممارسة عملها في تصويب عمل المؤسسات وتنظيفها من الأجسام الفاسدة. ويقول المصدر: "إن حديث السيد عبد الملك الحوثي عن رائحة مؤامرة ليس موجهاً فقط إلى مأرب والبيضاء فقط، بل إلى صنعاء أيضاً".
الولايات المتحدة: للمستقبل حديث آخر!!!
على الصعيد الدولي، أثبت مجلس الأمن مجدداً أن قدرته في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربية باتت محصورة في صياغة البيانات. فقبل أسبوعين على اندلاع المعارك في صنعاء كان المجلس قد وجّه رسالة تهويل إلى الحوثيين من مغبّة القيام بأي عمل عسكري داخل العاصمة، وهذا ما لم يحصل بعد اندلاع المواجهات.
الأميركيون، قبل تحرك اتصالاتهم مع الايرانيين، كانوا يدأبون في إقناع السعوديين على احتواء "أنصار الله" مهما كان الثمن. تباطأ السعوديون فتسارعت الأحداث في الجوف وامتدت سريعاً إلى صنعاء. يكشف المصدر الدبلوماسي نفسه أن الأميركيين لم يقطعوا اتصالاتهم أبداً مع المبعوث الدولي بن عمر للاطلاع منه على مطالب "أنصار الله" بل وتوجيهه في مراحل التفاوض الدقيقة، ثم بصيغة الحسم قالوا للسعوديين: كفى، سنخسر جميعاً. عليكم الآن بمشاركة الحوثيين وعدم المكابرة، وللمستقبل حديث آخر.
حصل اتفاق السلم والشراكة، وأعلنت الرياض مباركتها، لكن وسائل إعلامها ظلّت تشن أخبار تشويه السمعة على الحوثيين وتتهمهم بالعمل وفق أجندة إيرانية "شيعية" وباستنساخ تجربة حزب الله في لبنان، في وقتٍ فعّلت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لنشطاء "أنصار الشريعة" التابع لتنظيم القاعدة في اليمن استخدام الشعارات المذهبية ضد الحوثيين والسلطة الجديدة في اليمن، متوعدة بالثأر.
هذه الأجواء، يقول عنها المصدر الدبلوماسي إنها لا تشجع على مغادرة اليمن باطمئنان، مضيفاً: "أحسد من يظنّ أن ما حصل هو المشهد الأخير نحو استقرار يمني طويل. فما زالت هناك أجزاء أخرى من المسلسل... تجري كتاباتها حتماً".
المصدر :
ضياء أبو طعام
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة