انهارت السلطة اليمنية سريعاً أمام زحف الحوثيين وحلفائهم، ولم يحدث هذا الانهيار في المحافظات الواقعة شمال العاصمة المتاخمة لصعدة، معقل الحوثيين التاريخي، بل أيضاً في العاصمة صنعاء، ويمكن ملاحظة أنّ الانهيار في العاصمة صنعاء كان أسرع منه في عمران والجوف ومناطق أخرى.

أسباب عديدة كان لها دور كبير في التقدم السريع للحوثيين وحلفائهم، إضافةً إلى صحة الاستراتيجية والتكتيك العسكري والسياسي الذي اعتمدته حركة أنصار الله وزعيمها الأبرز عبد الملك الحوثي، ومن أبرز هذه الأسباب اثنان:

السبب الأول، السلطة الانتقالية التي يرأسها الرئيس اليمني الحالي لم يكن لها قاعدة شعبية وسياسية عريضة، فهي دخلت في صراع فوري مع الحراك الجنوبي، ومع الحوثيين، إضافةً إلى صراعها مع جناح من السلطة القديمة برئاسة علي عبدالله صالح، وهي سلطة عمرها يمتد إلى أكثر من 40 عاماً وتستند إلى شبكة من المصالح الاجتماعية والعلاقات القبلية، إضافةً إلى وجود قوى داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية تؤيد علي عبدالله صالح، واقتصر مؤيدو الرئيس الحالي والسلطة الانتقالية على حزب «الإخوان المسلمين»، وحلفائه من آل الأحمر الذين انشقوا عن النظام القديم، وبينهم علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرّع. وبديهي الاستنتاج أنّ هذه القوى تمثل أقلية على الصعيد العسكري والسياسي والشعبي، وأمام لا مبالاة الحراك الجنوبي إزاء ما يجري في المناطق الواقعة بما كان يُعرف باليمن الشمالي، وأمام حياد بعض قادة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، كان من البديهي أن يحقق أنصار الله وحلفائهم هذا التقدم السريع مقارنة بسير المعارك التي خاضوها اعتباراً من عام 2004 مع نظام علي عبدالله صالح.

السبب الثاني، حركة أنصار الله ليست طارئة على الحكم في اليمن، فمن المعروف أنّ معاقل هذه الحركة تقع في صعدة في أقصى شمال اليمن، وهذه المنطقة حاربت ضدّ الثورة اليمنية التي قادها عبدالله السلال، وصمدت في وجه هجمات الجيش المصري الذي أرسله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للدفاع عن الثورة، وعندما تمّ سحب الجيش المصري بعد هزيمة حزيران عام 1967 ساهم مسلّحو هذه المناطق في محاصرة صنعاء إلى أن تمّ التوصل إلى تسوية كان لزعماء هذه المنطقة دور كبير فيها، ومنذ ذلك التاريخ لم يجرؤ أحد على الاعتداء على هذه المنطقة، أو تجاهل دور سكانها في صياغة معادلات الحكم في اليمن، وعندما حاول الرئيس علي عبدالله صالح، بتحريض سعودي أميركي، الخروج عن هذه القاعدة خاض مع الحوثيين ست جولات من الحروب وصمد الحوثيون فيها، بما في ذلك الجولة الأخيرة التي كانت مباشرةً مع الجيش السعودي.

هكذا لا يبدو لأيّ متابع جدي للأحداث في اليمن أن يفاجأ بالزحف السريع للحوثيين والانهيار الأسرع لخصومهم بما في ذلك هياكل السلطة الانتقالية التي هي صنيعة الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين.

  • فريق ماسة
  • 2014-09-23
  • 11323
  • من الأرشيف

اليمن: لماذا انهارت السلطة سريعاً؟

انهارت السلطة اليمنية سريعاً أمام زحف الحوثيين وحلفائهم، ولم يحدث هذا الانهيار في المحافظات الواقعة شمال العاصمة المتاخمة لصعدة، معقل الحوثيين التاريخي، بل أيضاً في العاصمة صنعاء، ويمكن ملاحظة أنّ الانهيار في العاصمة صنعاء كان أسرع منه في عمران والجوف ومناطق أخرى. أسباب عديدة كان لها دور كبير في التقدم السريع للحوثيين وحلفائهم، إضافةً إلى صحة الاستراتيجية والتكتيك العسكري والسياسي الذي اعتمدته حركة أنصار الله وزعيمها الأبرز عبد الملك الحوثي، ومن أبرز هذه الأسباب اثنان: السبب الأول، السلطة الانتقالية التي يرأسها الرئيس اليمني الحالي لم يكن لها قاعدة شعبية وسياسية عريضة، فهي دخلت في صراع فوري مع الحراك الجنوبي، ومع الحوثيين، إضافةً إلى صراعها مع جناح من السلطة القديمة برئاسة علي عبدالله صالح، وهي سلطة عمرها يمتد إلى أكثر من 40 عاماً وتستند إلى شبكة من المصالح الاجتماعية والعلاقات القبلية، إضافةً إلى وجود قوى داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية تؤيد علي عبدالله صالح، واقتصر مؤيدو الرئيس الحالي والسلطة الانتقالية على حزب «الإخوان المسلمين»، وحلفائه من آل الأحمر الذين انشقوا عن النظام القديم، وبينهم علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرّع. وبديهي الاستنتاج أنّ هذه القوى تمثل أقلية على الصعيد العسكري والسياسي والشعبي، وأمام لا مبالاة الحراك الجنوبي إزاء ما يجري في المناطق الواقعة بما كان يُعرف باليمن الشمالي، وأمام حياد بعض قادة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، كان من البديهي أن يحقق أنصار الله وحلفائهم هذا التقدم السريع مقارنة بسير المعارك التي خاضوها اعتباراً من عام 2004 مع نظام علي عبدالله صالح. السبب الثاني، حركة أنصار الله ليست طارئة على الحكم في اليمن، فمن المعروف أنّ معاقل هذه الحركة تقع في صعدة في أقصى شمال اليمن، وهذه المنطقة حاربت ضدّ الثورة اليمنية التي قادها عبدالله السلال، وصمدت في وجه هجمات الجيش المصري الذي أرسله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للدفاع عن الثورة، وعندما تمّ سحب الجيش المصري بعد هزيمة حزيران عام 1967 ساهم مسلّحو هذه المناطق في محاصرة صنعاء إلى أن تمّ التوصل إلى تسوية كان لزعماء هذه المنطقة دور كبير فيها، ومنذ ذلك التاريخ لم يجرؤ أحد على الاعتداء على هذه المنطقة، أو تجاهل دور سكانها في صياغة معادلات الحكم في اليمن، وعندما حاول الرئيس علي عبدالله صالح، بتحريض سعودي أميركي، الخروج عن هذه القاعدة خاض مع الحوثيين ست جولات من الحروب وصمد الحوثيون فيها، بما في ذلك الجولة الأخيرة التي كانت مباشرةً مع الجيش السعودي. هكذا لا يبدو لأيّ متابع جدي للأحداث في اليمن أن يفاجأ بالزحف السريع للحوثيين والانهيار الأسرع لخصومهم بما في ذلك هياكل السلطة الانتقالية التي هي صنيعة الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين.

المصدر : البناء / حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة