يقود التفكير الواقعي إلى استنتاج مفاده أنه حتى لو انتهت الأزمة السورية في وقت قريب(وهو أمر مستبعد)،فان لبنان «سيعيش حالة قلق شديد (أمني ـ سياسي ـ اجتماعي) نتيجة النزوح ستمتد لأكثر من 10 سنوات» كما ورد في التقرير الذي صار ملكا للبعثات الديبلوماسية للدول الكبرى.

وإذا لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات حدودية، وإذا تطور الوضع الميداني في سوريا بطريقة دراماتيكية، «فان لبنان غير محصن من حصول انهيار اقتصادي يليه انهيار أمني يتبعه انهيار اجتماعي وتغيير ديموغرافي خطير» كما ورد حرفيا في التقرير الرسمي اللبناني المصنف في خانة «سري»!

أما ماهية الاجراءات المطلوبة، فيختصرها التقرير بالدعوة الملحة الى تأليف لجنة حكومية لبنانية ـ سورية مهمتها «بحث الأفكار والآليات للتنسيق والمتابعة بشأن العودة المنظمة للنازحين السوريين إلى ديارهم، وقد يكون من المفيد أن تعقد اجتماعات اللجنة بصورة دورية بين بيروت ودمشق».

غير أن مطلب التواصل اللبناني السوري، الذي تنادي به دمشق منذ ثلاث سنوات وما تزال، لا يحظى بموافقة الحكومة المنقسمة بين أكثرية (14 آذار) رافضة تعتبر أن التفاوض مع الحكومة السورية يقود الى تفاوض مع المعارضة السورية، وبين أقلية (8 آذار) تعلن انحيازها لاعادة فتح القنوات مع الحكومة السورية لاتخاذ خطوات تنسيقية عاجلة قبل أن تستفحل الأمور «وعندما يأتي الضوء الأخضر للجميع يكون قد فات الأوان» على حد تعبير مرجع قيادي كبير في «8 آذار».

ولعل النموذج الأبرز للتخبط اللبناني بعنوان «النأي بالنفس» هو موضوع مخيمات اللاجئين التي تجري مقاربتها في الكثير من الأحيان من منظور أمني، وزاد الطين بلة ما جرى في مخيمات النازحين في عرسال وجرودها، حيث تبين أنها تؤوي كتلة ارهابية مسلحة لعبت دورا أساسيا في احتلال عرسال وخطف العسكريين وعمليات رمي الصواريخ على المناطق المجاورة والاعداد لسيارات مفخخة وتدريب لبنانيين وتزويدهم بالسلاح الخ…

 

  • فريق ماسة
  • 2014-09-19
  • 6095
  • من الأرشيف

هل تتحاور بيروت ودمشق قبل فوات الأوان؟

يقود التفكير الواقعي إلى استنتاج مفاده أنه حتى لو انتهت الأزمة السورية في وقت قريب(وهو أمر مستبعد)،فان لبنان «سيعيش حالة قلق شديد (أمني ـ سياسي ـ اجتماعي) نتيجة النزوح ستمتد لأكثر من 10 سنوات» كما ورد في التقرير الذي صار ملكا للبعثات الديبلوماسية للدول الكبرى. وإذا لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات حدودية، وإذا تطور الوضع الميداني في سوريا بطريقة دراماتيكية، «فان لبنان غير محصن من حصول انهيار اقتصادي يليه انهيار أمني يتبعه انهيار اجتماعي وتغيير ديموغرافي خطير» كما ورد حرفيا في التقرير الرسمي اللبناني المصنف في خانة «سري»! أما ماهية الاجراءات المطلوبة، فيختصرها التقرير بالدعوة الملحة الى تأليف لجنة حكومية لبنانية ـ سورية مهمتها «بحث الأفكار والآليات للتنسيق والمتابعة بشأن العودة المنظمة للنازحين السوريين إلى ديارهم، وقد يكون من المفيد أن تعقد اجتماعات اللجنة بصورة دورية بين بيروت ودمشق». غير أن مطلب التواصل اللبناني السوري، الذي تنادي به دمشق منذ ثلاث سنوات وما تزال، لا يحظى بموافقة الحكومة المنقسمة بين أكثرية (14 آذار) رافضة تعتبر أن التفاوض مع الحكومة السورية يقود الى تفاوض مع المعارضة السورية، وبين أقلية (8 آذار) تعلن انحيازها لاعادة فتح القنوات مع الحكومة السورية لاتخاذ خطوات تنسيقية عاجلة قبل أن تستفحل الأمور «وعندما يأتي الضوء الأخضر للجميع يكون قد فات الأوان» على حد تعبير مرجع قيادي كبير في «8 آذار». ولعل النموذج الأبرز للتخبط اللبناني بعنوان «النأي بالنفس» هو موضوع مخيمات اللاجئين التي تجري مقاربتها في الكثير من الأحيان من منظور أمني، وزاد الطين بلة ما جرى في مخيمات النازحين في عرسال وجرودها، حيث تبين أنها تؤوي كتلة ارهابية مسلحة لعبت دورا أساسيا في احتلال عرسال وخطف العسكريين وعمليات رمي الصواريخ على المناطق المجاورة والاعداد لسيارات مفخخة وتدريب لبنانيين وتزويدهم بالسلاح الخ…  

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة