دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من حران العواميد إلى العتيبة، أو «منطقة الموت»، حسب تسمية المسلحين، بعدما اشتهرت بكثرة الكمائن، التي أودت بحياة المئات منهم، والتي حقّقت «ضربات موجعة لمشروع المسلحين في معركة الغوطتين الشرقية والغربية ومشروعهم في إسقاط العاصمة»، وكان آخرها «كمين العبوات الشهير الذي حصد 200 قتيل». العتيبة هي البوابة الشرقية للغوطة الشرقية. هي آخر الغوطة، وأول البادية المفتوحة على الحدود العراقية شرقاً، والأردنية جنوباً، ومحافظتي الرقة ودير الزور شمالاً. طريق صحراوية طويلة لطالما سلكها المسلحون للوصول إلى الريف الدمشقي، وشنّ هجمات لخرق العاصمة. القائد الميداني الذي عايش تفاصيل معارك الغوطة الشرقية، يتوقف عند هجوم المسلحين يوم 22 تشرين الثاني 2013، لفك حصار الجيش عن الغوطة.
يقول إنه «لا يمكن أحداً منا أن ينسى الهجوم الشهير الذي حصل تحت قيادة غرفة عمليات ميدانية مدارة من قبل دول عربية وغربية، جنّدت نحو 3000 ألف مقاتل حينها». ويضيف: «لا يمكن معرفة واقع الغوطة الشرقية اليوم، إلا بتسليط الضوء على إحدى أهم العمليات العسكرية التي حصلت خلال الأعوام في ريف العاصمة». أطلقت الجماعات المسلّحة على العملية حينها تسمية «معركة الله أعلى وأجلّ». يكشف المصدر تفاصيل للمرة الأولى عن تلك المعركة. شنّ المسلحون هجومهم من خارج العتيبة، فسيطروا على جزء منها، مع 7 بلدات أخرى، هي الزمنية، جربا، القيسا، العبادة، تل غريفة، وصولاً إلى دير سلمان والقاسمية. حدة المعارك لا تزال بادية على هذه البلدات التي لم يبق من منازلها إلا الركام. لا وجود لأثر حياة. حتى الحيوانات هجرت هذه البلدات الريفية الصغيرة، والقربية بعضها من بعض.
يتابع القائد الميداني نفسه رواية أحداث تلك المعركة. يقول إن «عدداً من الجنود والمقاومين حوصروا عسكرياً داخل تلك القرى، فكانوا بين قرارين، إما الصمود أو الشهادة». 24 مقاتلاً من الجيش والمقاومة صمدوا في القاسمية ودير سلمان، ثلاثة أيام، بحسب المصدر، إلى أن «فقدت غرفة العمليات الاتصال بالبعض منهم، فيما بقي آخرون على السمع في دير سلمان، وهم كانوا محاطين بأكثر من 150 مسلحاً. وهنا صدر قرار قيادتي الجيش والمقاومة، بتنفيذ عملية واسعة لاستعادة القرى الثماني».
استمرت المعركة العنيفة وقتها لأسابيع، إلى أن استعيدت البلدات الثماني. كان المحاصرون قد استشهدوا. وعندما وصل الجيش وحزب الله إلى دير سلمان، استعدنا جثامين عدد من الشهداء. لكن في القاسمية، لم نجد جثامين أحد». ورغم الثمن الكبير الذي دفعه الجيش والمقاومة في هذه المعارك، يرى القائد الميداني أنها تعدّ «الركن الأساسي لإفشال أكبر مخطط دولي وعربي لاحتلال العاصمة». فالخطر عن العاصمة كان قد بدأ بالتراجع منذ نيسان 2013 (تطويق الغوطة). هجوم المسلحين في تشرين الثاني من العام الماضي كان محاولة لاستعادة ما فقدوه خلال الأشهر السابقة، ثم إعادة تهديد مدينة دمشق. يضيف المصدر: «العملية أساس كل إنجاز يحقّقه اليوم الجيش وحلفاؤه في الغوطة الشرقية، وخصوصاً أنه منها بدأ تطهير قرى الغوطة الشرقية وقطع الشريان الرئيس من الأردن والبادية، بالتوازي مع تطهير القرى المحيطة بمقام السيدة زينب والقرى المحيطة بطريق المطار من الجانبين.
وقد تكبّد المسلحون خسائر بشرية كبيرة إثر هذه العملية، إذ بلغ عدد قتلاهم 521 قتيلاً في الساعات الـ24 الأولى من الهجوم، فيما بلغ عدد قتلاهم في غضون اسبوع 1567».
رغم ذلك، هل هناك خطر من إعادة شنّ هجوم جديد عن طريق البادية باتجاه ريف العاصمة؟ يلفت القائد إلى أن «كامل المنطقة اليوم هو تحت النظر، سواء ليلاً أو نهاراً». لكن في الوقت نفسه، «هذا لا يعني استبعاد معاودة شنّ هجوم في أي لحظة». قرب العتيبة الخالية، تقع منطقة بئر القصب التي يتسلّل أحياناً منها بعض المسلحين، لكن بأعداد خجولة جداً.
المصدر :
رشا ابي حيدر – الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة