دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تلقي مشكلة النازحين السوريين بثقلها على كل دول المنطقة، ومنها تركيا التي كانت أول من فتح لهم الأبواب حتى قبل أن ينزح سوري واحد. لعل الدافع الذي كان يحدو بتركيا لاستقبال اللاجئين السوريين هو الضغط لإسقاط النظام في سوريا، حسبما يرى مراد يتكين في صحيفة «راديكال»، مشيراً الى أنه «بعد ثلاث سنوات ونيف بقي الرئيس السوري بشار الأسد ولم يسقط».
واندفع أردوغان، بنزعة مذهبية في التعاطي مع مشكلة اللاجئين عندما كان يشير الى البعد المذهبي السني، خصوصاً أنه وصف المدنيين الأتراك الـ53 الذين سقطوا في تفجير الريحانية في 11 أيار 2013 بأنهم «مواطنونا السنّة»، حسب الكاتب يتكين.
وحفل العام 2013 بالعديد من التوترات بين اللاجئين السوريين والمواطنين الأتراك. وبعدما كان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يقول إن تركيا لا يمكن أن تتحمل أكثر من مئة ألف لاجئ، فإن عدد اللاجئين حالياً يتجاوز المليون وثلاثمئة ألف. ثلاثمئة ألف منهم موجودون في اسطنبول وحدها، أي ما يعادل عدد سكان منطقة ساريير فيها، فيما عدد اللاجئين في المخيمات لا يتعدى المئتي ألف يتوزعون على 22 معسكراً في عشر محافظات.
ويشكل اللاجئون اثنين في المئة من سكان تركيا. وفي مدينة قهرمان مراش وحدها 44 ألف لاجئ سوري، أي عشرة في المئة من سكانها.
ولا يمر يوم من دون حصول أحداث بين المواطنين الأتراك وهؤلاء اللاجئين تتخللها اشتباكات وتكسير محال يملكها أو يديرها السوريون. الشكوى الأساسية هي من مزاحمة العامل السوري للعمالة التركية بسبب رخص الإيجار الذي يقبل به العامل السوري. كما أن الأتراك يشكون من الفوضى والضجيج الذي يسببه اللاجئون حيث يقطنون، ما استدعى فكرة تشكيل شرطة من اللاجئين السوريين أنفسهم لضبط الأوضاع.
وفي بعد آخر من الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين، يتخوف الأتراك من تسلل عدد كبير من مسلحي «داعش» وسط هؤلاء. وهو ما يعكسه سامي كوهين في مقالة في صحيفة «ميللييت»، حيث يحذر من أن اللاجئين السوريين لن يعودوا قريباً الى سوريا بسبب البيوت المهدمة وبالتالي على تركيا أن تستعد لإقامة طويلة لهم في تركيا بكل ما تحمله من مخاطر ومشكلات.
ويقول كوهين إن كلفة الإنفاق على اللاجئين بلغت حتى الآن، وفقاً للأرقام الرسمية، حوالي 3.5 مليارات دولار. في النهاية، يرى كوهين، أن العداوة والكراهية باتت تسيطر على العلاقة بين المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين. ويشير الى أن على الحكومة التركية أن تختار بين سياسة الإدماج أو سياسة اعتبارهم ضيوفاً وتتحرك على هذا الأساس، ولكلا الخيارين صعوباته. هذه مجرد واحدة من الفواتير التي تدفعها تركيا من جراء الأزمة السورية وسعي أردوغان لإسقاط الأسد.
وعكست صحيفة «راديكال»، قبل أيام، بمناسبة صلاة عيد الفطر، التظاهرة الاستعراضية التي نظمها تنظيم «تقوى» في ضاحية عمرلي الاسطنبولية، حيث قاموا بأداء يمين الولاء لـ«الخليفة» أبو بكر البغدادي، في مؤشر خطير على ما ينتظر تركيا من تداعيات الأزمة السورية على الداخل التركي، خصوصاً أن عدد المقاتلين الأتراك أنفسهم في سوريا يتعدى الثلاثة آلاف، بينهم ألف على الأقل في صفوف «داعش».
وتضرب الأزمة السورية عميقاً، أيضاً، في الاقتصاد التركي، حيث عمل انتقال «داعش» من سوريا الى العراق وسيطرتها على الموصل ومناطق أخرى الى نشوء مشكلة احتجاز الرهائن الديبلوماسين الأتراك. كما أن حركة الشاحنات التركية الى العراق تراجعت بنسبة سبعين في المئة. وتراجعت التجارة مع العراق والتي تبلغ 12 مليار دولار سنوياً بنسبة لا تقل عن 35 في المئة بعد «غزوة داعش» للعراق.
اليوم ينظر الأتراك بعين الريبة الى التعاون العسكري المشترك بين قوات «حزب العمال الكردستاني» في تركيا وسوريا مع قوات «البيشمركة» بزعامة مسعود البرزاني، وهو ما يزعج الأتراك الذي يدعمون «داعش» في حربها مع مقاتلي «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» في سوريا الموالي لـ«العمال الكردستاني». إذ يتخوف الأتراك من أن تحمل هذه التطورات تغييراً في طبيعة التحالفات والمعادلات.
المصدر :
السفير / محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة