أصبح البحث عن مصادر جديدة للطاقة هاجسا للكثير من الباحثين والحكومات على مستوى العالم وتحتل الطاقة المتجددة كبديل لمصادر الطاقة التقليدية أو مؤازر لها على الأقل أهمية كبيرة كونها تتسم بالاستدامة وعدم الإخلال بالنظام البيئي تجاه ما تتهم به المصادر التقليدية من شك في ديمومتها وجدواها الاقتصادية وتأثيرها على البيئة.

ورغم أن تكلفة إنتاج الكهرباء من الرياح والشمس لا تزال أعلى بكثير من الوسائل التقليدية على الأقل حتى الآن فإن دولا عدة في العالم تتجه لتوليد الطاقة من الشمس والرياح في المناطق الصحراوية ونقلها من أجل الإستهلاك المحلي في المناطق الأخرى لكون المتحمسين لهذه الخطوة يتوقعون أن يصبح إنتاج الوقود من المصادر المتجددة أقل تكلفة بمرور الزمن وتطور التقنيات وانخفاض تكلفتها وارتفاع أسعار النفط.

وتطور هذه الدول تقنيات مختلفة لتوليد ونقل الطاقة أثبت معظمها فعاليته وقابليته للترجمة على أرض الواقع فيما يخص تحويل الطاقة الشمسية والهوائية ونقلها لمسافات بعيدة.

وتعد منطقة شمال إفريقيا وشرق المتوسط والتي تقع سورية ضمنها من أكثر المناطق حول العالم نجاعة لاستخدامها كمزارع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس في البادية أو الرياح في أماكن معينة يتم تحديدها بعد الدراسة والتجارب المطولة لتتم الاستفادة من هذه الطاقة محليا ونقل جزء منها إلى الدول التي تحتاجها ولا تستطيع إنتاجها لعدم توافر السطوع الشمسي لفترة كافية في العام وخلال اليوم وعدم توافر مزارع ريحية تحقق جدوى مقبولة كما في أوروبا.

وتعنى مبادرة ديزيرتيك بإنتاج الطاقات النظيفة من الصحراء عبر مشروع لإنتاجها من الجنوب شمال افريقيا وشرق المتوسط وتصدير حوالي 15 بالمئة من الإنتاج إلى دول الشمال أوروبا وبمقتضى هذه المبادرة تم في تشرين الثاني 2009 تكوين مجمع يضم 12 شركة 10 منها ألمانية وواحدة إسبانية وأخرى جزائرية وتقوم هذه الشركات بإجراء دراسات على المستوى التقني والتوافق بين الأطر التشريعية المتعلقة بتصدير الكهرباء إلى الشمال إضافة إلى وضع آليات التمويل الكفيلة بتنفيذ مجموعة من المشاريع النموذجية.

وأعلنت شركة ديزيرتيك تقنية الصحراء الألمانية وشام القابضة خلال مؤتمر صحفي في دمشق عن فكرة مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية من البادية السورية واستهلاك المنتج محليا وتصدير جزء منه إلى أوروبا ضمن اتفاق لم تتوضح معالمه بعد وفي طموح لمشروع كبير بطاقة متوقعة تقدر بألف ميغا واط ساعي.

وقال رئيس مجلس إدارة ديزيرتيك بول فان سون إن سورية تعتبر أرضاً خصبة للعمل في مجال الطاقة المتجددة التي يتوقع أن تكون هي مصدر الطاقة الوحيد في المستقبل مبينا أن النفط والغاز لن يخدم الانسان طويلا مقدرا صعوبة تصدير الكهرباء بكميات كبيرة إلى أوروبا مباشرة وأن تصديرها سيكون على خطوات كأن تصدر أولاً من سورية إلى تركيا ومن ثم إلى بلغاريا.

وأوضح أن بداية المشروع الذي لا يزال قيد الدراسة وقد يمتد 10 سنوات ستكون من خلال دورات تدريبية تشرح مفاهيم الطاقة المتجددة وجدواها ثم إجراء دراسات شاملة على كميات أشعة الشمس وعلى مواقع مختارة قد تكون مستقبلاً مكانا لتوليد الطاقة ثم تزويد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا بالطاقة المستخرجة من الشمس والرياح.

وبين المدير التنفيذي لشركة سنا للاستثمار محمود الخشمان أن البادية السورية تستقبل كما هائلا من الطاقة يؤهلها لتكون مزرعة خصبة لإنتاج الكهرباء بجدوى اقتصادية عالية موضحا أن كل متر واحد منها يستقبل طاقة بديلة تكفي عائلة واحدة لمدة شهر لافتا إلى ميزة الموقع الجغرافي لسورية الذي يجعلها تشكل منطقة وصل بين شمال أفريقيا وأوروبا معتبرا أن وضعها على خارطة ديزيرتك التي تضم 19 دولة هي خطوة الانطلاق الأولى مبينا أن المشروع طويل الأمد ولن يرى النور قبل خمس سنوات كحد أدنى.

وقال الخشمان إن قانون الكهرباء الجديد الذي يناقشه مجلس الشعب حاليا يفتح المجال أمام القطاع الخاص ليعب دورا مهما في الاستثمار في مجال الكهرباء ويسهم في نقل تقنية الطاقة المستدامة إلى سورية منوها بنهج التشاركية الذي تتبعه الحكومة من خلال تهيئة الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في البناء والتطوير وبالتالي الاستفادة من الرساميل المحلية وتجنب الاستدانة من الخارج.

وحدد الخشمان أبرز شروط مكان إقامة المشروع وهي أن تكون الأرض مستوية ولا تتأثر بالرياح وقريبة من المياه ومن خطوط التوتر العالية إضافة لتوافر التكنولوجيا المناسبة والتمويل اللازم.

وقال رئيس مجلس الأعمال السوري الألماني عمر كركور إن هذا المشروع يسهم بخلق فرص استثمار ويؤمن الطاقة التي قد يكون الحصول عليها في المستقبل مشكلة تؤرق الحكومات مشيرا إلى أن الجانب الألماني يمكنه تقديم المساعدة الفنية والتأهيل والتدريب والقروض الميسرة فضلا عن الدور الذي يقوم به المجلس من خلال تذليل العقبات أمام المشروع وتقديم الخدمات المناسبة.

وتشير بعض الدراسات إلى أن الصحارى تتلقى خلال ست ساعات فقط كميات من الطاقة تناهز ما تستهلكه البشرية جمعاء خلال عام كامل فضلا عن طاقة الرياح المتوافرة في أجزاء منها وبذلك يمكن للصحاري أن توفر الطاقة بصفة مستدامة وبأسعار قد تصبح مستقبلا أقل بكثير مما ينفق على استخراج الطاقة من الوقود الأحفوري النفط والفحم وغيرها فضلا عن مزاياها الأخرى كالصداقة مع البيئة والاستدامة وغيرها.
  • فريق ماسة
  • 2010-10-29
  • 11740
  • من الأرشيف

سورية على خارطة (ديزيرتك) لإنتاج الطاقة من الرياح والشمس

أصبح البحث عن مصادر جديدة للطاقة هاجسا للكثير من الباحثين والحكومات على مستوى العالم وتحتل الطاقة المتجددة كبديل لمصادر الطاقة التقليدية أو مؤازر لها على الأقل أهمية كبيرة كونها تتسم بالاستدامة وعدم الإخلال بالنظام البيئي تجاه ما تتهم به المصادر التقليدية من شك في ديمومتها وجدواها الاقتصادية وتأثيرها على البيئة. ورغم أن تكلفة إنتاج الكهرباء من الرياح والشمس لا تزال أعلى بكثير من الوسائل التقليدية على الأقل حتى الآن فإن دولا عدة في العالم تتجه لتوليد الطاقة من الشمس والرياح في المناطق الصحراوية ونقلها من أجل الإستهلاك المحلي في المناطق الأخرى لكون المتحمسين لهذه الخطوة يتوقعون أن يصبح إنتاج الوقود من المصادر المتجددة أقل تكلفة بمرور الزمن وتطور التقنيات وانخفاض تكلفتها وارتفاع أسعار النفط. وتطور هذه الدول تقنيات مختلفة لتوليد ونقل الطاقة أثبت معظمها فعاليته وقابليته للترجمة على أرض الواقع فيما يخص تحويل الطاقة الشمسية والهوائية ونقلها لمسافات بعيدة. وتعد منطقة شمال إفريقيا وشرق المتوسط والتي تقع سورية ضمنها من أكثر المناطق حول العالم نجاعة لاستخدامها كمزارع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس في البادية أو الرياح في أماكن معينة يتم تحديدها بعد الدراسة والتجارب المطولة لتتم الاستفادة من هذه الطاقة محليا ونقل جزء منها إلى الدول التي تحتاجها ولا تستطيع إنتاجها لعدم توافر السطوع الشمسي لفترة كافية في العام وخلال اليوم وعدم توافر مزارع ريحية تحقق جدوى مقبولة كما في أوروبا. وتعنى مبادرة ديزيرتيك بإنتاج الطاقات النظيفة من الصحراء عبر مشروع لإنتاجها من الجنوب شمال افريقيا وشرق المتوسط وتصدير حوالي 15 بالمئة من الإنتاج إلى دول الشمال أوروبا وبمقتضى هذه المبادرة تم في تشرين الثاني 2009 تكوين مجمع يضم 12 شركة 10 منها ألمانية وواحدة إسبانية وأخرى جزائرية وتقوم هذه الشركات بإجراء دراسات على المستوى التقني والتوافق بين الأطر التشريعية المتعلقة بتصدير الكهرباء إلى الشمال إضافة إلى وضع آليات التمويل الكفيلة بتنفيذ مجموعة من المشاريع النموذجية. وأعلنت شركة ديزيرتيك تقنية الصحراء الألمانية وشام القابضة خلال مؤتمر صحفي في دمشق عن فكرة مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية من البادية السورية واستهلاك المنتج محليا وتصدير جزء منه إلى أوروبا ضمن اتفاق لم تتوضح معالمه بعد وفي طموح لمشروع كبير بطاقة متوقعة تقدر بألف ميغا واط ساعي. وقال رئيس مجلس إدارة ديزيرتيك بول فان سون إن سورية تعتبر أرضاً خصبة للعمل في مجال الطاقة المتجددة التي يتوقع أن تكون هي مصدر الطاقة الوحيد في المستقبل مبينا أن النفط والغاز لن يخدم الانسان طويلا مقدرا صعوبة تصدير الكهرباء بكميات كبيرة إلى أوروبا مباشرة وأن تصديرها سيكون على خطوات كأن تصدر أولاً من سورية إلى تركيا ومن ثم إلى بلغاريا. وأوضح أن بداية المشروع الذي لا يزال قيد الدراسة وقد يمتد 10 سنوات ستكون من خلال دورات تدريبية تشرح مفاهيم الطاقة المتجددة وجدواها ثم إجراء دراسات شاملة على كميات أشعة الشمس وعلى مواقع مختارة قد تكون مستقبلاً مكانا لتوليد الطاقة ثم تزويد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا بالطاقة المستخرجة من الشمس والرياح. وبين المدير التنفيذي لشركة سنا للاستثمار محمود الخشمان أن البادية السورية تستقبل كما هائلا من الطاقة يؤهلها لتكون مزرعة خصبة لإنتاج الكهرباء بجدوى اقتصادية عالية موضحا أن كل متر واحد منها يستقبل طاقة بديلة تكفي عائلة واحدة لمدة شهر لافتا إلى ميزة الموقع الجغرافي لسورية الذي يجعلها تشكل منطقة وصل بين شمال أفريقيا وأوروبا معتبرا أن وضعها على خارطة ديزيرتك التي تضم 19 دولة هي خطوة الانطلاق الأولى مبينا أن المشروع طويل الأمد ولن يرى النور قبل خمس سنوات كحد أدنى. وقال الخشمان إن قانون الكهرباء الجديد الذي يناقشه مجلس الشعب حاليا يفتح المجال أمام القطاع الخاص ليعب دورا مهما في الاستثمار في مجال الكهرباء ويسهم في نقل تقنية الطاقة المستدامة إلى سورية منوها بنهج التشاركية الذي تتبعه الحكومة من خلال تهيئة الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في البناء والتطوير وبالتالي الاستفادة من الرساميل المحلية وتجنب الاستدانة من الخارج. وحدد الخشمان أبرز شروط مكان إقامة المشروع وهي أن تكون الأرض مستوية ولا تتأثر بالرياح وقريبة من المياه ومن خطوط التوتر العالية إضافة لتوافر التكنولوجيا المناسبة والتمويل اللازم. وقال رئيس مجلس الأعمال السوري الألماني عمر كركور إن هذا المشروع يسهم بخلق فرص استثمار ويؤمن الطاقة التي قد يكون الحصول عليها في المستقبل مشكلة تؤرق الحكومات مشيرا إلى أن الجانب الألماني يمكنه تقديم المساعدة الفنية والتأهيل والتدريب والقروض الميسرة فضلا عن الدور الذي يقوم به المجلس من خلال تذليل العقبات أمام المشروع وتقديم الخدمات المناسبة. وتشير بعض الدراسات إلى أن الصحارى تتلقى خلال ست ساعات فقط كميات من الطاقة تناهز ما تستهلكه البشرية جمعاء خلال عام كامل فضلا عن طاقة الرياح المتوافرة في أجزاء منها وبذلك يمكن للصحاري أن توفر الطاقة بصفة مستدامة وبأسعار قد تصبح مستقبلا أقل بكثير مما ينفق على استخراج الطاقة من الوقود الأحفوري النفط والفحم وغيرها فضلا عن مزاياها الأخرى كالصداقة مع البيئة والاستدامة وغيرها.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة