عندما تبث قناة فرانس  24 الممولة من وزارة الخارجية الفرنسية خطاب قسم الرئيس السوري بشار الأسد شبه كامل ولا تقاطعه المذيعة بالقول المعتاد “نكتفي بهذا القدر من الخطاب ” كما يحصل عادة في القنوات الإخبارية العربية , يكون قرار بث الخطاب قد اتخذ على أعلى المستويات في فرنسا, وحّول شاشة البلد الذي حظر بث الفضائية السورية في أنحاء أوروبا , إلى شاشة للتلفزيون العربي السوري !

ويمكن الإستنتاج بأن العالم كان ينتظر هذا الخطاب وليس فقط السوريون الذين جلسوا مستمعين مترقبين لمعرفة الخطط المستقبلية لحياتهم وحياة أولادهم بعد أكثر من ثلاث سنوات من حرب مدمرة على سوريا كانت أدواتها أياد سورية للأسف الشديد. من هنا كان تركيز الخطاب الرئاسي على الفساد وانعدام الأخلاق لدى بعض السوريين.

شخصياّ كنت أنتظر ثلاثة أمور أعتبرها مصيرية, وأساسية للكيان السوري والهوية السورية , أولها ,حدود سورية وثانيها اللاجئون السوريون لأن في هذا الأمر كرامة السوري, وثالثها الموقف من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

عن الحدود قالها الرئيس السوري بكل وضوح “لن ننسى الرقة الحبيبة” أي أن الجيش العربي السوري سيستعيد الرقة فلا قبول بأمر واقع ولا داع لذكر داعش ولا أخواتها فهي ليست أكثر من أدوات تموّل وتحرك من قبل تركيا ودول عربية يصفونها  “بالمعتدلة”.

وفي الوقت الذي كثر فيه الحديث عن توطين اللاجئين السوريين في لبنان أو الأردن لتغيير البنية الديمغرافية في هذا البلد أو ذاك ,لن يبقى سوري واحد في مخيمات للاجئين. وفي هذا الإصرار استعادة لكرامة السوريين أينما كانوا.

أما الحديث عن “حرب أهلية” في سورية ,أي بين الجار وجاره والقرية والقرية المجاورة فهذا كان أمنية لم ولن تتحقق. وأسرد أمراً حصل ولم تكن الأزمة السورية قد اشتدت وحصدت الآلاف من الضحايا قتلى وجرحى.

مسؤول فرنسي بارز قال لي عام 2011 “إنها الحرب الأهلية ” , استغربت هذا التحليل ورفضته , بعدها بأيام بدأ الإعلام الفرنسي يركز على هذا الموضوع حتى بات البواب في المبنى يسألني عن الفارق بين السنة والشيعة , وهو يجهل ما الفرق بين الديانات السماوية! أما مراكز الأبحاث الغربية التي أتحفتنا بالتقارير السرية عن الفوضى الخلاّقة وانعكاسات “الربيع العربي” الذي أعادنا إلى عصور الظلام والإنحطاط ـ أو هكذا خططوا لنا ـ فجميعها تحدثت عن تقسيم وتفتيت للعالم العربي. لا أذكر أن أحداً بشرنا بقيام دولة داعش مثلاً , بل بانهيار الجيش السوري وانهيار الدولة السورية واقتتال الناس بين بعضهم البعض.

كانوا يدعون خبراء ليرددوا لهم ما يحبون سماعه ويحقق أمانيهم الإستعمارية العدائية. من كان يفكر يوماً بأن السوري سيكن مشاعر الكراهية لأخيه الفلسطيني بسبب سوء تقدير ونكران جميل بعض من قياداته؟ وهذا هو المحور الثالث الذي كنت أنتظره من الخطاب الرئاسي , نعم تصحيح البوصلة وتأكيد أن فلسطين كانت وستبقى القضية المركزية للعرب الشرفاء ولكافة السوريين ومن يسعى لتغيير هذه المسلمة عليه أن يعيد للفلسطيني أرضه وبيته أي يضمن له حق العودة وتعويضه عن كل ما فقد من أرواح وممتلكات كما فعل اليهود وما زالوا مع الأوروبيين بسبب المحرقة النازية.

ليس مهماً ما سيكتب ويقال في خطاب الرئيس السوري من قبل المتشائمين والمنظرين الإنهزاميين. المهم ما يجري على الأرض وما سيتحقق من مكاسب فقد أثبتت السنوات الماضية فشل النظريات وضربت عرض الحائط بجميع التوقعات.

سمعنا الكثير منذ ثلاث سنوات , حمص سقطت وقسمت سورية إلى سوريتين وحلب دمرت وباتت خارج الخارطة, وتركيا احتلت كسب أما دمشق فقد باتوا على أبوابها ومنهم وصل إلى قاسيون هذا الجبل الشامخ المطل على أهالي دمشق ,. وكلما استعاد الجيش السوري بلدة أو مدينة يصبح أهلها موالون ل “نظام” وليس للوطن السوري أو لأرض وهوية.

كم سمعنا بأن تلك المنطقة “معقل  للنظام” وتلك القرية “معقل للنظام” ودمشق “المعقل المحصن للنظا ” فيا له من وطن مدنه الرئيسية ومرافئه البحرية وأريافه وشعبه يصرخ ويقول نحن سوريون متوحدون وراء حكومة وجيش وقيادة!

لا أحد ينكر لهذا الشعب العظيم حقه في العيش بكرامة وحرية بأمان ورفاهية

وهذا ما زال ممكناً بأياد سورية وعقل سوري . أما التفكير بأن فرنسا ستبحث عن دانتون وروبسبيير ثورتها الفرنسية لاستنساخهما في سورية من أجل تحقيق العدالة والديمقراطية فهراء ومهزلة . نار الإرهاب باتت تدق أبواب أوروبا وليس بعيداً تحول كل مسلمً في الغرب إلى إرهابي , وهاهي الدول الغربية تستعين بشكل غير مباشر وقريبا بشكل مباشر بالسلطات السورية لمكافحة الإرهاب , فقد آن للسوريين أن يعوا حجم المؤامرة التي أفلتوا منها نعم أفلتوا منها وأقولها بكل ايمان واعتزاز , وأقول لكل سوري رفض تحوير دينه والمتاجرة بعرضه وبيع جولانه وقتل جاره وسرقة ممتلكاته , أقول لكل سوري آمن بوحدة وطنه وجيشه وبعروبته وبقضيته الفلسطينية لأن إسرائيل هي العدو وليس أخيه المسلم الشيعي، إرفع رأسك أنت سوري!!

  • فريق ماسة
  • 2014-07-15
  • 13436
  • من الأرشيف

فرانس 24 الممولة من وزارة الخارجية الفرنسية تنقل خطاب الأسد كاملاً...

عندما تبث قناة فرانس  24 الممولة من وزارة الخارجية الفرنسية خطاب قسم الرئيس السوري بشار الأسد شبه كامل ولا تقاطعه المذيعة بالقول المعتاد “نكتفي بهذا القدر من الخطاب ” كما يحصل عادة في القنوات الإخبارية العربية , يكون قرار بث الخطاب قد اتخذ على أعلى المستويات في فرنسا, وحّول شاشة البلد الذي حظر بث الفضائية السورية في أنحاء أوروبا , إلى شاشة للتلفزيون العربي السوري ! ويمكن الإستنتاج بأن العالم كان ينتظر هذا الخطاب وليس فقط السوريون الذين جلسوا مستمعين مترقبين لمعرفة الخطط المستقبلية لحياتهم وحياة أولادهم بعد أكثر من ثلاث سنوات من حرب مدمرة على سوريا كانت أدواتها أياد سورية للأسف الشديد. من هنا كان تركيز الخطاب الرئاسي على الفساد وانعدام الأخلاق لدى بعض السوريين. شخصياّ كنت أنتظر ثلاثة أمور أعتبرها مصيرية, وأساسية للكيان السوري والهوية السورية , أولها ,حدود سورية وثانيها اللاجئون السوريون لأن في هذا الأمر كرامة السوري, وثالثها الموقف من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. عن الحدود قالها الرئيس السوري بكل وضوح “لن ننسى الرقة الحبيبة” أي أن الجيش العربي السوري سيستعيد الرقة فلا قبول بأمر واقع ولا داع لذكر داعش ولا أخواتها فهي ليست أكثر من أدوات تموّل وتحرك من قبل تركيا ودول عربية يصفونها  “بالمعتدلة”. وفي الوقت الذي كثر فيه الحديث عن توطين اللاجئين السوريين في لبنان أو الأردن لتغيير البنية الديمغرافية في هذا البلد أو ذاك ,لن يبقى سوري واحد في مخيمات للاجئين. وفي هذا الإصرار استعادة لكرامة السوريين أينما كانوا. أما الحديث عن “حرب أهلية” في سورية ,أي بين الجار وجاره والقرية والقرية المجاورة فهذا كان أمنية لم ولن تتحقق. وأسرد أمراً حصل ولم تكن الأزمة السورية قد اشتدت وحصدت الآلاف من الضحايا قتلى وجرحى. مسؤول فرنسي بارز قال لي عام 2011 “إنها الحرب الأهلية ” , استغربت هذا التحليل ورفضته , بعدها بأيام بدأ الإعلام الفرنسي يركز على هذا الموضوع حتى بات البواب في المبنى يسألني عن الفارق بين السنة والشيعة , وهو يجهل ما الفرق بين الديانات السماوية! أما مراكز الأبحاث الغربية التي أتحفتنا بالتقارير السرية عن الفوضى الخلاّقة وانعكاسات “الربيع العربي” الذي أعادنا إلى عصور الظلام والإنحطاط ـ أو هكذا خططوا لنا ـ فجميعها تحدثت عن تقسيم وتفتيت للعالم العربي. لا أذكر أن أحداً بشرنا بقيام دولة داعش مثلاً , بل بانهيار الجيش السوري وانهيار الدولة السورية واقتتال الناس بين بعضهم البعض. كانوا يدعون خبراء ليرددوا لهم ما يحبون سماعه ويحقق أمانيهم الإستعمارية العدائية. من كان يفكر يوماً بأن السوري سيكن مشاعر الكراهية لأخيه الفلسطيني بسبب سوء تقدير ونكران جميل بعض من قياداته؟ وهذا هو المحور الثالث الذي كنت أنتظره من الخطاب الرئاسي , نعم تصحيح البوصلة وتأكيد أن فلسطين كانت وستبقى القضية المركزية للعرب الشرفاء ولكافة السوريين ومن يسعى لتغيير هذه المسلمة عليه أن يعيد للفلسطيني أرضه وبيته أي يضمن له حق العودة وتعويضه عن كل ما فقد من أرواح وممتلكات كما فعل اليهود وما زالوا مع الأوروبيين بسبب المحرقة النازية. ليس مهماً ما سيكتب ويقال في خطاب الرئيس السوري من قبل المتشائمين والمنظرين الإنهزاميين. المهم ما يجري على الأرض وما سيتحقق من مكاسب فقد أثبتت السنوات الماضية فشل النظريات وضربت عرض الحائط بجميع التوقعات. سمعنا الكثير منذ ثلاث سنوات , حمص سقطت وقسمت سورية إلى سوريتين وحلب دمرت وباتت خارج الخارطة, وتركيا احتلت كسب أما دمشق فقد باتوا على أبوابها ومنهم وصل إلى قاسيون هذا الجبل الشامخ المطل على أهالي دمشق ,. وكلما استعاد الجيش السوري بلدة أو مدينة يصبح أهلها موالون ل “نظام” وليس للوطن السوري أو لأرض وهوية. كم سمعنا بأن تلك المنطقة “معقل  للنظام” وتلك القرية “معقل للنظام” ودمشق “المعقل المحصن للنظا ” فيا له من وطن مدنه الرئيسية ومرافئه البحرية وأريافه وشعبه يصرخ ويقول نحن سوريون متوحدون وراء حكومة وجيش وقيادة! لا أحد ينكر لهذا الشعب العظيم حقه في العيش بكرامة وحرية بأمان ورفاهية وهذا ما زال ممكناً بأياد سورية وعقل سوري . أما التفكير بأن فرنسا ستبحث عن دانتون وروبسبيير ثورتها الفرنسية لاستنساخهما في سورية من أجل تحقيق العدالة والديمقراطية فهراء ومهزلة . نار الإرهاب باتت تدق أبواب أوروبا وليس بعيداً تحول كل مسلمً في الغرب إلى إرهابي , وهاهي الدول الغربية تستعين بشكل غير مباشر وقريبا بشكل مباشر بالسلطات السورية لمكافحة الإرهاب , فقد آن للسوريين أن يعوا حجم المؤامرة التي أفلتوا منها نعم أفلتوا منها وأقولها بكل ايمان واعتزاز , وأقول لكل سوري رفض تحوير دينه والمتاجرة بعرضه وبيع جولانه وقتل جاره وسرقة ممتلكاته , أقول لكل سوري آمن بوحدة وطنه وجيشه وبعروبته وبقضيته الفلسطينية لأن إسرائيل هي العدو وليس أخيه المسلم الشيعي، إرفع رأسك أنت سوري!!

المصدر : راي اليوم/ رولا زين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة