أعلنت وزارة الخارجية التونسية عن افتتاح مكتب إداري لها في العاصمة السورية دمشق للاهتمام بالشؤون القنصلية للجالية التونسية المقيمة في سورية. وذلك بعد مرور قرابة السنتين على إقدام رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي وحلفائه في حركة النهضة على قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية واستضافة مؤتمر دولي للتآمر على الحكومة السورية سمي "أصدقاء سورية".

 ولم يفاجئ هذا الإعلان أغلب المحللين، باعتبار أن ضغوطا مورست من قبل المجتمع المدني التونسي على هذه الحكومة التي يرأسها المهدي جمعة وعلى حكومة علي العريض السابقة من أجل إعادة العلاقات مع الجانب السوري. كما إن الجالية التونسية في دمشق وفيها طلبة وعائلات متصاهرة دفعت وضغطت بهذا الاتجاه من خلال وسائل الإعلام التونسية شأنها شأن عائلات المتورطين التونسيين في القتال ضد الجيش العربي السوري.

 متغيرات

 كما إن متغيرات محلية وإقليمية حصلت في الآونة الأخيرة عجلت باتخاذ هذا القرار. فتونس قبل سنتين ليست تونس اليوم، ففي ذلك التاريخ الذي قطعت فيه العلاقات كانت حركة النهضة في ذروة مجدها تتحكم بدواليب الدولة وكانت ضمن محور إخواني يضم مصر ودولة خليجية، لكن سرعان ما انهارت الحركة أمام تتالي الاغتيالات السياسية وقويت شوكة المعارضة التي كانت رافضة رفضا قاطعا لقطع العلاقات مع سوريا.

 لقد تم الحد من نفوذ حركة النهضة في تونس ولم يتم القضاء عليها تماما مثلما حصل للإخوان في مصر وما زالت الحركة فاعلة في الحياة السياسية التونسية لكنها ليست بالقوة التي كانت عليها قبل سنتين. وتسعى الحركة جاهدة كما ساكن قرطاج المنصف المرزوقي إلى عدم إعادة العلاقات الديبلوماسية مع سورية مستغلة ما بقي لها من نفوذ، لذلك اقتصر الأمر على مكتب قنصلي في إطار حل وسط يرضي الفريقين.

 ومن المتوقع أن تعود العلاقات التونسية ـ السورية إلى سالف عهدها بعد الانتخابات التي ستشهدها تونس في 23 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام. إذ من المتوقع وحسب استطلاعات الرأي أن يفوز رئيس حركة نداء تونس ورئيس الحكومة الأسبق، الباجي قائد السبسي برئاسة البلاد، وبعدد معتبر من مقاعد البرلمان ما يؤهله لمراجعة العديد من القرارت التي تم اتخاذها خلال المرحلة السابقة ومنها قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية.

 معاملة بالمثل

 ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتم المعاملة بالمثل ويتم افتتاح مكتب قنصلي سوري في تونس يعنى بشؤون الجالية السورية في الخضراء؟ هل سيقدم الجانب السوري على هذه الخطوة أم أنه سينتظر الانتخابات القادمة التي ستفرز حكومة جديدة لتعود العلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها؟ وفي حال أعرب الجانب السوري عن رغبته في فتح مكتب قنصلي في تونس للنظر في مشاكل وحاجات السوريين المقيمين في تونس هل سيرضخ المرزوقي وحركة النهضة للأمر الواقع الذي فرضته المعارضة السابقة لحركة النهضة، وكذا صمود الحكومة السورية بوجه الراغبين في الإطاحة بها؟

 إن من المرجح بحسب أغلب المحللين أن الحكومة السورية رافضة بدورها التعامل مع بعض أطراف الحكم في تونس وتحديدا الرئيس المرزوقي وحركة النهضة. ولا تجد حرجا في التواصل مع حكومة التكنوقراط التي يرأسها المهدي جمعة باعتبارها حكومة وفاق تونسية منبثقة عن الحوار الوطني وراغبة بدورها في التواصل مع الرئيس بشار الاسد. لذلك فمن المرجح أن لا يتم فتح مكتب قنصلي سوري في تونس في الوقت الراهن إلى أن تجرى الإنتخابات القادمة وتتشكل حكومة غير مسؤولية عما أصاب العلاقات التونسية - السورية العريقة من وهن، وفي الأثناء فإن العديد من المنظمات والأحزاب القومية التونسية على اتصال مباشر بالجالية السورية في تونس تتولى حل مشاكلها وتقديم العون لها في انتظار الانتخابات القادمة.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-08
  • 12859
  • من الأرشيف

ما وراء فتح مكتب قنصلي تونسي في سورية؟..هل تعود العلاقات التونسية ـ السورية العريقة إلى سالف عهدها؟

أعلنت وزارة الخارجية التونسية عن افتتاح مكتب إداري لها في العاصمة السورية دمشق للاهتمام بالشؤون القنصلية للجالية التونسية المقيمة في سورية. وذلك بعد مرور قرابة السنتين على إقدام رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي وحلفائه في حركة النهضة على قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية واستضافة مؤتمر دولي للتآمر على الحكومة السورية سمي "أصدقاء سورية".  ولم يفاجئ هذا الإعلان أغلب المحللين، باعتبار أن ضغوطا مورست من قبل المجتمع المدني التونسي على هذه الحكومة التي يرأسها المهدي جمعة وعلى حكومة علي العريض السابقة من أجل إعادة العلاقات مع الجانب السوري. كما إن الجالية التونسية في دمشق وفيها طلبة وعائلات متصاهرة دفعت وضغطت بهذا الاتجاه من خلال وسائل الإعلام التونسية شأنها شأن عائلات المتورطين التونسيين في القتال ضد الجيش العربي السوري.  متغيرات  كما إن متغيرات محلية وإقليمية حصلت في الآونة الأخيرة عجلت باتخاذ هذا القرار. فتونس قبل سنتين ليست تونس اليوم، ففي ذلك التاريخ الذي قطعت فيه العلاقات كانت حركة النهضة في ذروة مجدها تتحكم بدواليب الدولة وكانت ضمن محور إخواني يضم مصر ودولة خليجية، لكن سرعان ما انهارت الحركة أمام تتالي الاغتيالات السياسية وقويت شوكة المعارضة التي كانت رافضة رفضا قاطعا لقطع العلاقات مع سوريا.  لقد تم الحد من نفوذ حركة النهضة في تونس ولم يتم القضاء عليها تماما مثلما حصل للإخوان في مصر وما زالت الحركة فاعلة في الحياة السياسية التونسية لكنها ليست بالقوة التي كانت عليها قبل سنتين. وتسعى الحركة جاهدة كما ساكن قرطاج المنصف المرزوقي إلى عدم إعادة العلاقات الديبلوماسية مع سورية مستغلة ما بقي لها من نفوذ، لذلك اقتصر الأمر على مكتب قنصلي في إطار حل وسط يرضي الفريقين.  ومن المتوقع أن تعود العلاقات التونسية ـ السورية إلى سالف عهدها بعد الانتخابات التي ستشهدها تونس في 23 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام. إذ من المتوقع وحسب استطلاعات الرأي أن يفوز رئيس حركة نداء تونس ورئيس الحكومة الأسبق، الباجي قائد السبسي برئاسة البلاد، وبعدد معتبر من مقاعد البرلمان ما يؤهله لمراجعة العديد من القرارت التي تم اتخاذها خلال المرحلة السابقة ومنها قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية.  معاملة بالمثل  ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتم المعاملة بالمثل ويتم افتتاح مكتب قنصلي سوري في تونس يعنى بشؤون الجالية السورية في الخضراء؟ هل سيقدم الجانب السوري على هذه الخطوة أم أنه سينتظر الانتخابات القادمة التي ستفرز حكومة جديدة لتعود العلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها؟ وفي حال أعرب الجانب السوري عن رغبته في فتح مكتب قنصلي في تونس للنظر في مشاكل وحاجات السوريين المقيمين في تونس هل سيرضخ المرزوقي وحركة النهضة للأمر الواقع الذي فرضته المعارضة السابقة لحركة النهضة، وكذا صمود الحكومة السورية بوجه الراغبين في الإطاحة بها؟  إن من المرجح بحسب أغلب المحللين أن الحكومة السورية رافضة بدورها التعامل مع بعض أطراف الحكم في تونس وتحديدا الرئيس المرزوقي وحركة النهضة. ولا تجد حرجا في التواصل مع حكومة التكنوقراط التي يرأسها المهدي جمعة باعتبارها حكومة وفاق تونسية منبثقة عن الحوار الوطني وراغبة بدورها في التواصل مع الرئيس بشار الاسد. لذلك فمن المرجح أن لا يتم فتح مكتب قنصلي سوري في تونس في الوقت الراهن إلى أن تجرى الإنتخابات القادمة وتتشكل حكومة غير مسؤولية عما أصاب العلاقات التونسية - السورية العريقة من وهن، وفي الأثناء فإن العديد من المنظمات والأحزاب القومية التونسية على اتصال مباشر بالجالية السورية في تونس تتولى حل مشاكلها وتقديم العون لها في انتظار الانتخابات القادمة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة