دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في حسابات المنتج بسام الملا أنّ الزمن لا يتغيّر. رأى "باب الحارة" قبل سنوات، مثل كنز يجعل الحياة رائعة. في الجزء السادس، حتى الكنوز أمست دعابة. كنا نظنّ أنّ العمل قال ما لديه، لكنّ الملا لا يؤمن بنظرية النهاية.
يشترط الاستمرار خلقاً تابعناه في الجزءين الأولين، حين سرق الإدعشري (بسام كوسا) الذهب، وأمضى أبو عصام (عباس النوري) الليالي في الدكان. تلك أيام كانت تفاصيل البيئة الشامية فيها حدثاً استثنائياً. تتكاثر الأجزاء لرهان العمل على شعور نوستالجي بقي حياً في المُشاهد. حين نتابع "باب الحارة" ("أم بي سي"، "أل بي سي آي")، يشدّنا اليه ما جيء بأبو عصام لتعويضه: الأبطال. منهم من أخذته الدنيا ليستريح بعيداً، ومنهم من مضى الى غير أولويات.
يملك العمل ورقتين رابحتين: مجد الأجزاء الأولى، وعودة أبو عصام. كان لا بدّ من مَخرج آخر لسيناريوات هي غيرها إعادة تدوير إشكالية الوطني - العميل، أي "العوايني" الذي يتخذ غالباً مظهر المعتوه أو الساذج. أمسى ذلك مألوفاً، حتى بات المطلوب من المشهد عينه، لا البُنية النصّية، خلق المفاجآت. ندرك أنّ اليد التي تعيث فساداً في الحارة مصيرها القطع، وأنّ الغد لناظره قريب. يغدو حرق المضافة والفرن شرارة أولى لحرب تعيد نفسها، يقاتل فيها الرجال أنفسهم بأساليب القتال عينها. يركّز المُشاهد على السلوك القتالي عوض فعل القتال ذاته، مبدياً تجاه نتيجته اطمئناناً تاماً كونه يدرك مسبقاً حتمية الحسم لمصلحة الأبطال. فعِراك عصام (ميلاد يوسف) والواوي (مصطفى الخاني) افتقد عفويته، وبدا رغبة باستعادة معارك كبرى تجيّش المُشاهد (كالتي دارت بين أبو شهاب (سامر المصري) وأبو النار (علي كريم) وبيّنت موازين القوى، ثم ذريعة درامية لعودة أبو عصام بزخم وجزم ووقار.
يدرك المخرج عزام فوق العادة أنّ المهمة لم تعد سهلة. أمامه جهدان: كفّ المُشاهد عن مقارنة الوجوه الجديدة بتلك التي رحلت، وابتكار تطورات تحبس الأنفاس. لن يكون أبو حاتم نفسه في كل حال، ولا خيرية زوجة معتز (وائل شرف). وجهان يصعب تعويضهما، وتلك ضريبة الذاكرة. العمل في البدايات، ولا بدّ من أنّ العين تتعوّد، وإن صَعُب النسيان. عودة أبو عصام يوازيها الجو المُهيِّئ لتنطلق التطورات. هو الكثافة، محورٌ يضبط إيقاع الشخصيات، وإلا، ربما، ما عاد. الكاتبان عثمان جحى وسليمان عبدالعزيز صمما الجزء على مقاسه. كان أمام أيمن زيدان (أبو ظافر) خمس حلقات فقط ليتقبّله المُشاهد من كِبار حارة الضبع، وبالكاد حصل، وإذ بعودة أبو عصام تصعّب أوضاعه. صراع الرجلين مادة مُنتَظرة، لا دماء تُراق فيها لحكمة أبو عصام، لكنّها تنذر بعاقبة. ذلك أنّ الشبان سريعو الاستنفار، فإن حدث ما ليس في الحسبان يعلنونها حرباً طاحنة.
ترافق عودة أبو عصام استعادة مباشرة لما يضرب على الوتر: الوطن والمرأة. ممرضة فرنسية تهبط على الحارة لتبدأ ثرثرة الناس. ليس الخطر، هذه المرة، أن تكون المرأة جاسوسة جميلة تنقل الى أعداء الحارة يوميات رجالها وتحرّكاتهم. الخطر، الى كونه وطنياً، عاطفي أيضاً. لن تتخلّى سعاد (صباح الجزائري) عن زوجها العائد، ومتى شعرت بأن أخرى تحوم في الأجواء، حبكت المكيدة. لا بدّ من أنّ فريال (وفاء موصللي) ستجد في مصائب القوم فائدة، وأنّ أم زكي (هدى شعراوي)، ستتدخل.
المصدر :
فاطمة عبدالله
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة