لم تستسلم واشنطن في حربها على سورية ولا هي منصرفة لمواجهة الخطر الأكبر في العراق، بل هي ترتب أوراقها لمواصلة الحرب على سورية وإيران والعراق وفلسطين بطرق جديدة تندرج وفقاً لمنهاج وزارة الدفاع الأميركية المقرّر منذ عام 2008 تحت اسم الحرب الناعمة، واستثمار نتائج المتغيّرات الناجمة عن تورّط قوى جديدة والزجّ بقوى ليست تحت الراية الأميركية كلياً، واستدراج تورّط قوى لا تنضبط بالروزنامة الأميركية، لتتولى بدلاً من خوض حربها إدارة حروب الآخرين لحسابها.

المحضر المتسرّب من جلسة وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، بقدر ما يكشف صلابة المالكي ودفاعه عن بلده وحقوقه ورفضه الانصياع للإملاءات الأميركية التي تريد التآكل والتعفّن للعراق في زمن داعش والانفصال الكردي، يكشف بقوة أنّ واشنطن تتعامل مع حليف الأمس نوري المالكي كخصم وليس كصديق أو حليف، لكن المحضر يبدو واضحاً في تسريبه وأهداف التسريب، في جريدة «الحياة» بمرجعيتها السعودية، رسالة مفادها، أنّ نجاح الحكومة العراقية ومن ورائها إيران يحتاج إلى تفويض واشنطن بحلّ سياسي لا تنفك الإدارة الأميركية تردّد أنّ مفتاحه سعودي، وبحلّ عسكري ركيزته الطائرات من دون طيار، التي سرعان ما ستجد أنها تطارد أهدافاً في سورية وغالباً الأهداف للجيش السوري وليست لداعش.

الحرب الناعمة الأميركية مستمرة، وسورية لا تزال هي الهدف، والخمسمئة مليون دولار المخصصة لبناء ميليشيا سورية بعد ثلاث سنوات من التقرّب من الأجسام السياسية والعسكرية للمعارضة السورية بكلّ تشكيلاتها، لم تعد بحاجة إلى اسم الجيش الحر، فقد بات لدى الاستخبارات الأميركية ما يسمح ببناء هذه الميليشيا بلا وسيط سياسي، سواء كان الائتلاف المعارض أو تنسيقيات المعارضة، بل بالتطويع الفردي للراغبين أو بالانضواء الجماعي لمجموعات بالعشرات لا أكثر، تمّ الربط معها منذ أشهر وتلقى الكثير منها وجبات من السلاح والعتاد.

العقدة المتبقية هي نقطة التجميع والانطلاق لهذه الميليشيا التي صارت واشنطن جاهزة لبنائها على طريقة عصابات الكونترا الكولومبية، التي جهّزت معسكراتها للنيل من نيكارغوا وتالياً غيرها من بلدان أميركا اللاتينية، ميليشيا تعيش لسنوات حتى لو انتهى الصراع في سورية وتشكل قاعدة للعمليات الخاصة لحساب واشنطن، يشبه معسكرها معسكر «أشرف» لمجاهدي خلق الإيرانيين في العراق حتى أشهر مضت، كل شيء بات جاهزاً وقد حاز المنتسبون إلى هذه الميليشيا الرضا الإسرائيلي بعد مرورهم بالاختبارات اللازمة، ولا حاجة هنا لجيش من الآلاف، بل يكفي بضع مئات من القتلة المحترفين الذين يختبئون بين آلاف السوريين من النازحين ويحتمون بعلم الأمم المتحدة وتقدم للضباط منهم حصانة ضباط الارتباط في المنظمة الدولية.

المشروع صار منجزاً على الخرائط وبالأسماء والتكاليف والمعدات وأجهزة الاتصال، أما خبراء الإدارة والأنشطة، فقد ضمّت أسماؤهم إلى لوائح المستشارين والخبراء الذين يفترض أنهم أرسلوا إلى العراق، وسيكون المرجع الإداري للكونترا السورية في السفارة الأميركية في العراق، حيث يقيم ضباط القوة الخاصة الأميركية للشرق الأوسط.

الأردن لم يعد قادراً على لعب الدور الذي يستدعيه إيواء الكونترا السورية، بعدما تبلغ من دمشق أنّ بناء ميليشيا للمعارضة على أراضيه وتأمين نقلها للحدود يعتبر تورّطاً في حالة حرب، وتركيا متفرّغة للعبة العراق ولحظة ولادة كيان كردي على حدودها، وتموضع رئيس حكومتها على ضفاف الانتخابات الرئاسية احتماء من الآتي الأعظم.

يبقى لبنان، إذن لا بدّ من العودة إلى لبنان، الأكثر استقراراً على رغم هشاشة الاستقرار، لكن الأمر يستدعي التستّر والكتمان، وتغيير العنوان، فيتقدم مشروع آخر بسرعة لا تتناسب مع تراجع ملف النزوح من سورية، إنها قضية النازحين السوريين تطرح كأولوية، بعدما جرى تغييبها وعوملت كتجارة رابحة في زمن كانت مأساة النزوح تدقّ الأبواب بقوة، ولكن هذه المرة تحت شعارات عنصرية ضدّ كلّ ما هو سوري، أو تحت شعار التجميع في الغيتوات للخلاص من الذين ثبت أنهم وقت الجدّ تدفقوا إلى السفارة السورية لمنح أصواتهم للرئيس بشار الأسد، فعسى نقلهم إلى المخيمات يكون عقاباً، تحت هذا الغطاء الناري للمواقف يتقدم الممثل الدائم للأمم المتحدة بمشروع مخيم للنازحين السوريين في عكار قرب الحدود السورية، فيتلقفه سياسيون يقفون على ضفتي الانقسام اللبناني بأفق ضيّق ويتباهون بتبنيه كلّ من موقع وكلّ تحت شعار.

مشروع مفخخ يهدّد أمن لبنان وسورية يجري تمريره تحت غطاء دخاني يوفره المناخ الأمني المنجذب نحو خطر أحادي هو مواجهة داعش، وهكذا لبنان مرة أخرى، ينتظرها من اليمين وإذ هي من الشمال.

يعيش لبنان تحت وطأة التهديدات الأمنية المتنقلة التي تتجه للمزيد من التأزم مع توسيع المجموعات الإرهابية لاستهدافاتها التي لم تعد تقتصر على فئة معينة بل توسعت لتشمل جميع اللبنانيين بكل طوائفهم. وفيما تتابع الأجهزة الامنية التحقيقات في تفجيري ضهر البيدر والطيونة، تتواصل التحقيقات مع موقوفي نابوليون ودو روي وفنيدق، ويستمر الجيش اللبناني والقوى الأمنية في المداهمات وملاحقة عدد من المتورطين الذين تم الكشف عنهم في ضوء اعترافات الموقوفين.

وعثرت قوة من الجيش والمخابرات على كمية من المتفجرات في قطعة أرض بالقرب من منزل الموقوف محمود خالد في محلة العزر ـ فنيدق في عكار. وأشارت المعلومات إلى أن المتفجرات عبارة عن أحزمة ناسفة وعدد كبير من القنابل اليدوية.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-04
  • 11373
  • من الأرشيف

مشروع مفخخ يهدّد أمن لبنان وسورية .. مخيم لـ«الكونترا السورية» في عكار

لم تستسلم واشنطن في حربها على سورية ولا هي منصرفة لمواجهة الخطر الأكبر في العراق، بل هي ترتب أوراقها لمواصلة الحرب على سورية وإيران والعراق وفلسطين بطرق جديدة تندرج وفقاً لمنهاج وزارة الدفاع الأميركية المقرّر منذ عام 2008 تحت اسم الحرب الناعمة، واستثمار نتائج المتغيّرات الناجمة عن تورّط قوى جديدة والزجّ بقوى ليست تحت الراية الأميركية كلياً، واستدراج تورّط قوى لا تنضبط بالروزنامة الأميركية، لتتولى بدلاً من خوض حربها إدارة حروب الآخرين لحسابها. المحضر المتسرّب من جلسة وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، بقدر ما يكشف صلابة المالكي ودفاعه عن بلده وحقوقه ورفضه الانصياع للإملاءات الأميركية التي تريد التآكل والتعفّن للعراق في زمن داعش والانفصال الكردي، يكشف بقوة أنّ واشنطن تتعامل مع حليف الأمس نوري المالكي كخصم وليس كصديق أو حليف، لكن المحضر يبدو واضحاً في تسريبه وأهداف التسريب، في جريدة «الحياة» بمرجعيتها السعودية، رسالة مفادها، أنّ نجاح الحكومة العراقية ومن ورائها إيران يحتاج إلى تفويض واشنطن بحلّ سياسي لا تنفك الإدارة الأميركية تردّد أنّ مفتاحه سعودي، وبحلّ عسكري ركيزته الطائرات من دون طيار، التي سرعان ما ستجد أنها تطارد أهدافاً في سورية وغالباً الأهداف للجيش السوري وليست لداعش. الحرب الناعمة الأميركية مستمرة، وسورية لا تزال هي الهدف، والخمسمئة مليون دولار المخصصة لبناء ميليشيا سورية بعد ثلاث سنوات من التقرّب من الأجسام السياسية والعسكرية للمعارضة السورية بكلّ تشكيلاتها، لم تعد بحاجة إلى اسم الجيش الحر، فقد بات لدى الاستخبارات الأميركية ما يسمح ببناء هذه الميليشيا بلا وسيط سياسي، سواء كان الائتلاف المعارض أو تنسيقيات المعارضة، بل بالتطويع الفردي للراغبين أو بالانضواء الجماعي لمجموعات بالعشرات لا أكثر، تمّ الربط معها منذ أشهر وتلقى الكثير منها وجبات من السلاح والعتاد. العقدة المتبقية هي نقطة التجميع والانطلاق لهذه الميليشيا التي صارت واشنطن جاهزة لبنائها على طريقة عصابات الكونترا الكولومبية، التي جهّزت معسكراتها للنيل من نيكارغوا وتالياً غيرها من بلدان أميركا اللاتينية، ميليشيا تعيش لسنوات حتى لو انتهى الصراع في سورية وتشكل قاعدة للعمليات الخاصة لحساب واشنطن، يشبه معسكرها معسكر «أشرف» لمجاهدي خلق الإيرانيين في العراق حتى أشهر مضت، كل شيء بات جاهزاً وقد حاز المنتسبون إلى هذه الميليشيا الرضا الإسرائيلي بعد مرورهم بالاختبارات اللازمة، ولا حاجة هنا لجيش من الآلاف، بل يكفي بضع مئات من القتلة المحترفين الذين يختبئون بين آلاف السوريين من النازحين ويحتمون بعلم الأمم المتحدة وتقدم للضباط منهم حصانة ضباط الارتباط في المنظمة الدولية. المشروع صار منجزاً على الخرائط وبالأسماء والتكاليف والمعدات وأجهزة الاتصال، أما خبراء الإدارة والأنشطة، فقد ضمّت أسماؤهم إلى لوائح المستشارين والخبراء الذين يفترض أنهم أرسلوا إلى العراق، وسيكون المرجع الإداري للكونترا السورية في السفارة الأميركية في العراق، حيث يقيم ضباط القوة الخاصة الأميركية للشرق الأوسط. الأردن لم يعد قادراً على لعب الدور الذي يستدعيه إيواء الكونترا السورية، بعدما تبلغ من دمشق أنّ بناء ميليشيا للمعارضة على أراضيه وتأمين نقلها للحدود يعتبر تورّطاً في حالة حرب، وتركيا متفرّغة للعبة العراق ولحظة ولادة كيان كردي على حدودها، وتموضع رئيس حكومتها على ضفاف الانتخابات الرئاسية احتماء من الآتي الأعظم. يبقى لبنان، إذن لا بدّ من العودة إلى لبنان، الأكثر استقراراً على رغم هشاشة الاستقرار، لكن الأمر يستدعي التستّر والكتمان، وتغيير العنوان، فيتقدم مشروع آخر بسرعة لا تتناسب مع تراجع ملف النزوح من سورية، إنها قضية النازحين السوريين تطرح كأولوية، بعدما جرى تغييبها وعوملت كتجارة رابحة في زمن كانت مأساة النزوح تدقّ الأبواب بقوة، ولكن هذه المرة تحت شعارات عنصرية ضدّ كلّ ما هو سوري، أو تحت شعار التجميع في الغيتوات للخلاص من الذين ثبت أنهم وقت الجدّ تدفقوا إلى السفارة السورية لمنح أصواتهم للرئيس بشار الأسد، فعسى نقلهم إلى المخيمات يكون عقاباً، تحت هذا الغطاء الناري للمواقف يتقدم الممثل الدائم للأمم المتحدة بمشروع مخيم للنازحين السوريين في عكار قرب الحدود السورية، فيتلقفه سياسيون يقفون على ضفتي الانقسام اللبناني بأفق ضيّق ويتباهون بتبنيه كلّ من موقع وكلّ تحت شعار. مشروع مفخخ يهدّد أمن لبنان وسورية يجري تمريره تحت غطاء دخاني يوفره المناخ الأمني المنجذب نحو خطر أحادي هو مواجهة داعش، وهكذا لبنان مرة أخرى، ينتظرها من اليمين وإذ هي من الشمال. يعيش لبنان تحت وطأة التهديدات الأمنية المتنقلة التي تتجه للمزيد من التأزم مع توسيع المجموعات الإرهابية لاستهدافاتها التي لم تعد تقتصر على فئة معينة بل توسعت لتشمل جميع اللبنانيين بكل طوائفهم. وفيما تتابع الأجهزة الامنية التحقيقات في تفجيري ضهر البيدر والطيونة، تتواصل التحقيقات مع موقوفي نابوليون ودو روي وفنيدق، ويستمر الجيش اللبناني والقوى الأمنية في المداهمات وملاحقة عدد من المتورطين الذين تم الكشف عنهم في ضوء اعترافات الموقوفين. وعثرت قوة من الجيش والمخابرات على كمية من المتفجرات في قطعة أرض بالقرب من منزل الموقوف محمود خالد في محلة العزر ـ فنيدق في عكار. وأشارت المعلومات إلى أن المتفجرات عبارة عن أحزمة ناسفة وعدد كبير من القنابل اليدوية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة