«دولة داعش» صار لها «خليفتها»، ودولة لبنان تنتظر خليفة لميشال سليمان ما يزال متوارياً، في انتظار زمن التسويات الكبرى في المنطقة، وهي لا تبدو قريبة أو سريعة، إلا إذا حظي لبنان بتفاهمات استثنائية تنهي زمن الشغور في كرسي الرئاسة الأولى في بعبدا.

 ولمن غابت عنه الصورة، فإن «داعش» وأخواتها، كانت لهم سيرتهم اللبنانية، عندما فتشوا عن دولة أو إمارة، وخصوصاً في الشمال، ونالوا دعم جهات إقليمية، لولا أن سوريا في «زمن الوصاية» قررت أن تشطب تلك الإمارة الشهيرة!

 ومنذ ذلك الزمن، وحتى الأمس القريب، ظل المشروع يتردد في أذهان مجموعات متطرفة. ذلك ما تشي به محاضر التحقيق مع مجموعة الضنية، ومع مجموعات أخرى وصولاً الى نعيم عباس!

 كيف لا، وثمة نيران تستعر ليس عند حدود لبنان الشرقية والشمالية، بل تحت رماد الخلافات وافتقاد المناعة الوطنية. هل يفكر هذا الفريق أو ذاك، بمصلحة بلده مجتمعة؟ يسري ذلك على سلسلة الرتب والرواتب وقضايا المياه والكهرباء والإيجارات كما على القضايا الكبرى، من نوع موقع لبنان الإقليمي وقضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

 «لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطه. لبنان في عين العاصفة، وما تتحمله المؤسسات العسكرية والأمنية من أعباء يومية تكاد تنوء تحت ثقله دول عظمى تمتلك ترسانة من الخبرات والقدرات والتقنيات» يقول مرجع رسمي لبناني.

 ويحذر المرجع «من محاولات حثيثة ـ ومدعومة للأسف من جهات إقليمية ودولية وداخلية إن لم نقل أكثر ـ لإنشاء «داعش» في لبنان من خلال استثمار الواقع السياسي الهشّ والاستفادة من لهاث بعض السياسيين وراء مصالح وعناوين فئوية ضيقة ستجعلهم يدفعون أثماناً تتجاوز أشخاصهم وأحزابهم، لتطال تركيبة لبنان الكيان والمجتمع والدور».

 يكشف المرجع معلومات من مصادر غربية مفادها أن ما حصل من انهيار سريع للجيش العراقي في الموصل، وبمعزل عن أسبابه وتداعياته، «كان مقدراً له أن يحصل في لبنان وتحديداً في منطقة طرابلس والشمال، غير أن العناية الإلهية رأفت بلبنان واللبنانيين، أولاً، عبر التفاهم الإقليمي غير المباشر على تشكيل الحكومة الجديدة، وثانياً، من خلال تضحيات الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية برغم الاستهدافات والافتراءات والحملات المنظمة التي تتعرض لها».

 لماذا معركة القلمون؟

 يسأل المرجع نفسه: «ما هو الهدف من وراء محاولة المسلحين (السوريين والأجانب) السيطرة على منطقة القلمون والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مع سوريا وماذا لو كتب لتلك المحاولة أن تنجح؟ ألم يكن إلغاء الحدود بين لبنان وسوريا مكملاً لما حصل للحدود بين العراق وسوريا بعد سيطرة داعش على منطقة حدودية عراقية واســعة».

 يستدرك المرجع الرسمي نفسه بالقول إن معظم أركان الدولة، من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة وربما حتى رئيس مجلس النواب ومعظم القادة العسكريين والأمنيين كانوا ضد انخراط «حزب الله» في المعركة السورية، «لكن هل يحق لنا، ومن موقع المسؤولية الوطنية أن نعلن بصريح العبارة أن تحرير القلمون وقبله استعادة القصير وما يجري اليوم من تنظيف لبعض البؤر الحدودية، قد أسقط الجزء المكمل للمشهد العراقي على الأرض اللبنانية».

 يستغرب المرجع نفسه حجم الاتصالات السياسية التي ترد لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية عند توقيف متورطين، او مشتبه بهم، بالقيام بعمليات إرهابية أو الانتماء الى تنظيمات إرهابية، «وهي اتصالات لم تتوقف حتى يومنا هذا، وأحياناً تفوق التصور والعقل، وهذا الأمر إن دلَّ على شيء، فإنما على وجود نوع من الانفصام في الشخصية: خطاب سياسي إيجابي من جهة وسلوك مختلف على الأرض من جهة ثانية. الأنكى من ذلك عندما تجد رموزاً تتحرك في بعض المناطق مطالبة بإطلاق سراح موقوف مشتبه به أو متورط بعمل إرهابي، ونكتشف لاحقاً أنها محمية من جهات سياسية».

 مثل آخر يعطيه المرجع نفسه: «في طرابلس، لا يخفى على أحد وجود غالبية طرابلسية ساحقة رافضة للتطرف والإرهاب وتوّاقة للأمان والهدوء، وفي المقابل، هناك قلة قليلة تريد التوتير والفتنة المذهبية ولديها «أجندات» هدّامة، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتماهى بعض السياسيين مع القلة السيئة على حساب أكثرية صالحة من المجتمع المدني النابذة لكل أشكال العصبيات والتطرف»؟.

 «منظومات مافيوية»

 يسري ذلك حسب المرجع نفسه «على بعض الحالات التي صار لزاماً على «حزب الله» وحلفائه وضع حد لها، ولا سيما ظاهرة «السرايا» التي تلتحف عباءة المقاومة، بينما صارت تدير «منظومات مافيوية» في بعض المدن وخصوصاً في صيدا وبعض أحياء العاصمة». ويقول: كلنا ثقة أن من حرر الجنوب وهزم إسرائيل في مثل هذه الأيام، قبل 8 سنوات، ازداد تواضعاً وترفعاً عن المكاسب السياسية والسلطوية وبالتالي عليه أن لا يوفر غطاءً لممارسات تعيد التذكير بزمن الحرب الأهلية؟.

 يوضح المرجع أننا نواجه هجمة إرهابية على بلدنا غير مسبوقة منذ الاستقلال حتى الآن، ولا نملك ترف التلهي بأمور فئوية مهما كان عنوانها، فنحن في سباق مع الوقت من أجل كسب جولة جديدة لمصلحة لبنان وديمومته، وعلى الجميع أن يعلم أن الوضع في لبنان خطير جداً، وثمة جهات أرادت أن تخلق خلايا لـ«داعش» داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، وهناك من فكر في وقت معين بفرط عقد الجيش عبر إدخاله في أتون داخلي مدمر، لكن الجيش أدار الأمور بحنكة وحكمة. صحيح أنه خسر شهداء في ساحة الشرف ولكن الربح المعنوي كان كبيراً، أما الأن فإن الأمور خطيرة جداً ولا تُجدي معها المواقف المتلونة، وصار المطلوب من الجميع أن يشكلوا جبهة متراصة في مواجهة الإرهاب بكل مسمياته، وآخرها «داعش»، وإلا فإن أول من سيأكله وحش الإرهاب هم من يظنون أنهم سيربحون من خلال استخدام ورقته ظرفياً».
  • فريق ماسة
  • 2014-07-04
  • 10664
  • من الأرشيف

ماذا لو نجح المسلحون بالسيطرة على منطقة القلمون ؟

«دولة داعش» صار لها «خليفتها»، ودولة لبنان تنتظر خليفة لميشال سليمان ما يزال متوارياً، في انتظار زمن التسويات الكبرى في المنطقة، وهي لا تبدو قريبة أو سريعة، إلا إذا حظي لبنان بتفاهمات استثنائية تنهي زمن الشغور في كرسي الرئاسة الأولى في بعبدا.  ولمن غابت عنه الصورة، فإن «داعش» وأخواتها، كانت لهم سيرتهم اللبنانية، عندما فتشوا عن دولة أو إمارة، وخصوصاً في الشمال، ونالوا دعم جهات إقليمية، لولا أن سوريا في «زمن الوصاية» قررت أن تشطب تلك الإمارة الشهيرة!  ومنذ ذلك الزمن، وحتى الأمس القريب، ظل المشروع يتردد في أذهان مجموعات متطرفة. ذلك ما تشي به محاضر التحقيق مع مجموعة الضنية، ومع مجموعات أخرى وصولاً الى نعيم عباس!  كيف لا، وثمة نيران تستعر ليس عند حدود لبنان الشرقية والشمالية، بل تحت رماد الخلافات وافتقاد المناعة الوطنية. هل يفكر هذا الفريق أو ذاك، بمصلحة بلده مجتمعة؟ يسري ذلك على سلسلة الرتب والرواتب وقضايا المياه والكهرباء والإيجارات كما على القضايا الكبرى، من نوع موقع لبنان الإقليمي وقضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي.  «لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطه. لبنان في عين العاصفة، وما تتحمله المؤسسات العسكرية والأمنية من أعباء يومية تكاد تنوء تحت ثقله دول عظمى تمتلك ترسانة من الخبرات والقدرات والتقنيات» يقول مرجع رسمي لبناني.  ويحذر المرجع «من محاولات حثيثة ـ ومدعومة للأسف من جهات إقليمية ودولية وداخلية إن لم نقل أكثر ـ لإنشاء «داعش» في لبنان من خلال استثمار الواقع السياسي الهشّ والاستفادة من لهاث بعض السياسيين وراء مصالح وعناوين فئوية ضيقة ستجعلهم يدفعون أثماناً تتجاوز أشخاصهم وأحزابهم، لتطال تركيبة لبنان الكيان والمجتمع والدور».  يكشف المرجع معلومات من مصادر غربية مفادها أن ما حصل من انهيار سريع للجيش العراقي في الموصل، وبمعزل عن أسبابه وتداعياته، «كان مقدراً له أن يحصل في لبنان وتحديداً في منطقة طرابلس والشمال، غير أن العناية الإلهية رأفت بلبنان واللبنانيين، أولاً، عبر التفاهم الإقليمي غير المباشر على تشكيل الحكومة الجديدة، وثانياً، من خلال تضحيات الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية برغم الاستهدافات والافتراءات والحملات المنظمة التي تتعرض لها».  لماذا معركة القلمون؟  يسأل المرجع نفسه: «ما هو الهدف من وراء محاولة المسلحين (السوريين والأجانب) السيطرة على منطقة القلمون والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مع سوريا وماذا لو كتب لتلك المحاولة أن تنجح؟ ألم يكن إلغاء الحدود بين لبنان وسوريا مكملاً لما حصل للحدود بين العراق وسوريا بعد سيطرة داعش على منطقة حدودية عراقية واســعة».  يستدرك المرجع الرسمي نفسه بالقول إن معظم أركان الدولة، من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة وربما حتى رئيس مجلس النواب ومعظم القادة العسكريين والأمنيين كانوا ضد انخراط «حزب الله» في المعركة السورية، «لكن هل يحق لنا، ومن موقع المسؤولية الوطنية أن نعلن بصريح العبارة أن تحرير القلمون وقبله استعادة القصير وما يجري اليوم من تنظيف لبعض البؤر الحدودية، قد أسقط الجزء المكمل للمشهد العراقي على الأرض اللبنانية».  يستغرب المرجع نفسه حجم الاتصالات السياسية التي ترد لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية عند توقيف متورطين، او مشتبه بهم، بالقيام بعمليات إرهابية أو الانتماء الى تنظيمات إرهابية، «وهي اتصالات لم تتوقف حتى يومنا هذا، وأحياناً تفوق التصور والعقل، وهذا الأمر إن دلَّ على شيء، فإنما على وجود نوع من الانفصام في الشخصية: خطاب سياسي إيجابي من جهة وسلوك مختلف على الأرض من جهة ثانية. الأنكى من ذلك عندما تجد رموزاً تتحرك في بعض المناطق مطالبة بإطلاق سراح موقوف مشتبه به أو متورط بعمل إرهابي، ونكتشف لاحقاً أنها محمية من جهات سياسية».  مثل آخر يعطيه المرجع نفسه: «في طرابلس، لا يخفى على أحد وجود غالبية طرابلسية ساحقة رافضة للتطرف والإرهاب وتوّاقة للأمان والهدوء، وفي المقابل، هناك قلة قليلة تريد التوتير والفتنة المذهبية ولديها «أجندات» هدّامة، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتماهى بعض السياسيين مع القلة السيئة على حساب أكثرية صالحة من المجتمع المدني النابذة لكل أشكال العصبيات والتطرف»؟.  «منظومات مافيوية»  يسري ذلك حسب المرجع نفسه «على بعض الحالات التي صار لزاماً على «حزب الله» وحلفائه وضع حد لها، ولا سيما ظاهرة «السرايا» التي تلتحف عباءة المقاومة، بينما صارت تدير «منظومات مافيوية» في بعض المدن وخصوصاً في صيدا وبعض أحياء العاصمة». ويقول: كلنا ثقة أن من حرر الجنوب وهزم إسرائيل في مثل هذه الأيام، قبل 8 سنوات، ازداد تواضعاً وترفعاً عن المكاسب السياسية والسلطوية وبالتالي عليه أن لا يوفر غطاءً لممارسات تعيد التذكير بزمن الحرب الأهلية؟.  يوضح المرجع أننا نواجه هجمة إرهابية على بلدنا غير مسبوقة منذ الاستقلال حتى الآن، ولا نملك ترف التلهي بأمور فئوية مهما كان عنوانها، فنحن في سباق مع الوقت من أجل كسب جولة جديدة لمصلحة لبنان وديمومته، وعلى الجميع أن يعلم أن الوضع في لبنان خطير جداً، وثمة جهات أرادت أن تخلق خلايا لـ«داعش» داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، وهناك من فكر في وقت معين بفرط عقد الجيش عبر إدخاله في أتون داخلي مدمر، لكن الجيش أدار الأمور بحنكة وحكمة. صحيح أنه خسر شهداء في ساحة الشرف ولكن الربح المعنوي كان كبيراً، أما الأن فإن الأمور خطيرة جداً ولا تُجدي معها المواقف المتلونة، وصار المطلوب من الجميع أن يشكلوا جبهة متراصة في مواجهة الإرهاب بكل مسمياته، وآخرها «داعش»، وإلا فإن أول من سيأكله وحش الإرهاب هم من يظنون أنهم سيربحون من خلال استخدام ورقته ظرفياً».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة