دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
هناك في أقصى الشطر السوري من جرود بلدة الطفيل القلمونية على الحدود اللبنانية ترك مقاتلو جبهة النصرة وراءهم منشورات منظّر الجبهة أبو همام الشامي، قُتل منهم العشرات وفر الباقون مخلّفين بين صخور تلك الجرود حيث أرض المعركة أوراقاً كتبها لهم أبو همام الشامي رئيس مكتب الدعوة والإرشاد، يجيب فيها عن سؤالٍ كبير وخطير: جبهة النُصرة .. لماذا نُجاهد؟.
من الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحمص انعطفنا غرباً نحو بلدة يبرود ومنها إلى رأس العين ثم إلى الجُبّة وصولاً إلى عسال الورد، انتهت الحدود الإدارية السورية. على مرمى حجر تقع بلدة عرسال اللبنانية وجرودها، البلدة التي تشكل آخر الخزانات الجغرافية والبشرية لمسلحي الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة في سلسلة القلمون الشرقية المترامية الأطراف. لواء أحرار القلمون تبخّر أو يكاد منذ أن سقطت يبرود، آخر عملية قام بها مقاتلوه هي تنفيذ عملية اختطاف راهبات دير معلولا وتسليم الراهبات إلى عُهدة جبهة النصرة.
من عسال الورد توجهنا نحو عمق الجبال والجرود الوعرة بمحاذاة الحدود اللبنانية السورية التي لا تبدو معالمها واضحة .. أكثر من ثلاثين كيلو متراً قطعنا مستعينين بسيارات الدفع الرباعي، مررنا بمناطق لم يدخلها البشر سابقاً إلا من صنف المهربين ومزارعي الحشيش، ولم يعرفها البشر حالياً إلا من مسلحي النصرة والجبهة الإسلامية وفي مواجهتهم جنود الجيش السوري ومقاتلي حزب الله.
فعلت صواريخ الـ "107" المضادة للدروع التي اعتمد عليها الجيش السوري فعلها في سحق عشرات عربات البيك أب المصفحة العائدة لجبهة النصرة، أما الاقتحام البري المباشر لمواقع النصرة في المغاور المنتشرة على طول الجرود الحدودية فكان فعالاً وناجحاً في إقصاء المئات من مقاتلي النصرة عن مهمة الجهاد.
حرب الحدود هي الحرب التي تتجسد فيها كل أشكال المواجهة الميدانية بين عناصر حزب الله ومقاتلي جبهة النصرة، الحدود اللبنانية السورية هي الخاصرة الاستراتيجية التي يُدرك حزب الله خطورة إمساك الجهاديين بها، فترى جنوده يندفعون لحرب الحدود وهم على يقين أنها حربهم وحرب كل لبنان.
سقطت جرود بلدة الطفيل بيد القوات السورية ومازال مقاتلو النُصرة وفق البند السابع من منشورات أبو همام الشامي "يجاهدون في سبيل الله ليستردوا سلطان الله تعالى في الأرض الذي اغتصبه الطواغيت". وفق ضابط في الحرس الجمهوري للجيش السوري فإن القوات السورية استطاعت الفصل عسكرياً بين جرود رنكوس وجرود الزبداني وأنهت تواجد المسلحين في جرود عسال الورد وجرود الطفيل، معلومات القدس العربي تؤكد أن قرابة ألف مقاتل من جبهة النصرة كانوا يتمركزون في جرود الطفيل. في العملية الأخيرة للجيش السوري سقط منهم حوالي مئتي مقاتل وتوزع الباقون في فرارهم بين بلدة عرسال اللبنانية وبلدة الزبداني السورية.
جرود بلدة الطفيل التي اقتحمها الجيش السوري كانت مركزاً رئيسياً لجبهة النُصرة لتجهيز سيارات لبنانية بالمواد المتفجرة وإرسالها نحو العمق اللبناني، خرج هذا المركز من الخدمة التفجيرية أخيراً، استطعنا أن نشاهد آخر سيارتين كانتا مجهزتين وبداخلهما مواد متفجرة الأولى من نوع نيسان جيب سوداء اللون والثانية من نوع فولكس فاغن ستيشن كحلية اللون.
المصدر :
القدس العربي ـ كامل صقر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة