دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يستعدّ أبو بكر البغدادي، أو «الخليفة إبراهيم عواد البدري» كما أصبح لقبه بعد إعلان «دولة الخلافة الإسلامية» أمس الأول، لتسجيل خطاب سيكون للمرة الأولى بالصوت والصورة، فخطاباته السابقة والتي لا تزيد عن سني «إمارته» الأربع كانت جميعها مسجلة بالصوت فقط.
وبحسب مصدر مقرب من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» فإن الخطاب يمكن أن ينشر في أي وقت، ومن غير المتوقع أن يتأخر كثيراً، لأن البغدادي ينبغي أن يعلن تشرّفه باعتلائه منصب «الخلافة»، إضافة إلى محاولة وضع سياسة عامة تكون بمثابة المنهج الذي ستسير عليه «الخلافة» في عهده.
وقد يكون خروج البغدادي علناً، وإظهار صورته عبر مقطع فيديو، أقل ما يمكن أن يفعله ليعطي إعلان «الخلافة» أهمية ما، ما دام لن يكون بمقدوره لأسباب أمنية أن يتخذ مقراً معروفاً له يجمع فيه الحاشية والمقربين لاستقبال المهنئين بتوليته هذا المقام العظيم، وذلك رغم أن بعض الأمنيين المقربين من البغدادي، مستندين إلى اعتبارات من قبيل أن الصور القليلة المنشورة لزعيمهم لا تتطابق مع التغييرات التي طرأت على ملامحه وأنه ما زال مجهول الشكل، ما زالوا يتخوفون من خطوة الظهور العلني، ويرون أنها قد تتسبب بتهديدات، التنظيم في غنى عنها، كما يقول المصدر نفسه.
وتشير المعطيات إلى أن تداعيات إعلان «الخلافة» ستنصب في جانبها الأهم على تنظيمات «الجهاد العالمي» وعلاقتها مع بعضها البعض، بينما ستكون تداعياتها على التطورات العسكرية الميدانية في كل من سوريا والعراق محدودة، أو مقتصرة على جانب رفع معنويات «الجهاديين» وإعطائهم دافعاً جديداً للاستبسال في القتال، وهو الدفاع عن «بيضة الخلافة» حارسة الدنيا والدين بحسب أدبيات الإسلاميين.
ويعزز من ذلك العودة إلى خطاب المتحدث الرسمي باسم «داعش» أبي محمد العدناني المعنون «عذراً أمير القاعدة»، والصادر في الأسبوع الثاني من أيار الماضي، حيث جعل فيه إعلان «الخلافة» الحل الوحيد لحقن دماء «المجاهدين»، وإنهاء الانقسام في صفوف «الجهاد العالمي»، وهو ما يشير إلى أن حالة الانقسام والخلاف التي تحولت إلى اقتتال عنيف كان لها دور ربما في تسريع اتخاذ خطوة الإعلان عن «الخلافة» بهدف فرض الأمر الواقع على جميع الفصائل والتنظيمات، ووضعها أمام خيارين لا ثالث لهما: «إما معنا أو ضد الخلافة».
وإذا كانت «إمارة القوقاز» قد استبقت إعلان «الخلافة» باتخاذ موقف مناهض لـ«داعش» ومؤيد لـ«جبهة النصرة»، فإن معركة كسر العظم على المدى البعيد ستكون بين «داعش» من جهة وبين «تنظيم القاعدة العالمي» ومن ورائه «إمارة أفغانستان الإسلامية» بقيادة الملا عمر من جهة ثانية، فـ«جبهة النصرة» لا تنتهي تبعيتها عند زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، لأن الأخير في عنقه بيعة لأمير «إمارة أفغانستان» الملا عمر، وبالتالي فإن «النصرة» تخوض حرباً بالوكالة عن الأفغان وأحقيتهم بـ«خلافة» الإسلام والمسلمين بناء على أسبقية البيعة لهم.
وهذا ما دفع بتنظيم «داعش» منذ بداية الخلاف إلى تسريب تفاصيل الهوية الشخصية للبغدادي، التي أكدها العدناني في خطابه امس الاول، والتي تثبت من وجهة نظرهم انتساب زعيمهم إلى قبيلة قريش التي لا يجوز أن يكون «الخليفة» إلا منها، وذلك طعناً خفياً بالملا عمر وافتقاره إلى الانتماء القرشي، وبالتالي عدم أحقيته بلقب «أمير المؤمنين».
وإذا أضفنا إلى ما سبق، المعنويات العالية التي سيتجرعها أنصار «داعش» جراء إعلان الخلافة، وامتلاكهم دافعاً جديداً للقتال والاستشراس فيه، يمكن القول إن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من المعارك ستكون نتيجتها، مهما طالت، استلام «داعش» زمام «الجهاد» الإقليمي في الشرق الأوسط والتحكم بخيوطه، بانتظار التمدد الجديد الذي قد يتخذ شكل تنفيذ عمليات في العمق الأميركي أو الأوروبي، ولا سيما أن «داعش» أطلق حملة إعلامية أسماها «حملة تحذير الشعب الأميركي» في حال قررت إدارته الاشتراك في الحرب ضده وقصف مواقعه في العراق.
المصدر :
السفير /عبد الله سليمان علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة