رانيا متزوجة منذ سنة ونصف السنة، لاحظت بعد أشهر قليلة من الزواج تغيّر سلوك زوجها، إذ بدأ يغار من الطفل! كانت تظن الأمر عادياً في البداية، إلاّ أنه تمادى وتخطى الحدود وبات يأسرها في المنزل قبل أن يغادر ولا يسمح لها بالخروج بمفردها، الى أن هدّدها بالقتل ما لم تُقلع عن تصرفاتها، فما الذي تفعله رانيا؟

 

أن تغار على من تحب، هذا دليل عافية لعلاقتكما ويعطيها لوناً مختلفاً يجعلها تكون علاقة لا تشبه غيرها. لكن أن تبلغ الغيرة مبلغاً يحاصر الحبيب ويدمّر العلاقة ويقتلها او يقتل الغيور او الحبيب، فهنا نكون قد بلغنا حالة المرض الذي ينبغي علاجه واستئصاله. فمتى تكون الغيرة قاتلة ومدمّرة؟

تعيش رانيا جحيماً لا يُطاق مع زوجها الذي يغار عليها لدرجة غير طبيعيّة، "إذا مرّ أحدهم بجانب السيارة يسألني: هل رأيتِ هذا الشخص من قبل؟ لماذا يمرُ من أمام السيارة؟ هل قمتِ بالتلميح له؟ ثم يتطاول علي ويشتمني! إذا سألني عن شيء وأجبتُه لا يصدق ويقول لي احلفي بي! إذا وضعتُ يدي على جسمي سواء عن قصد أو عدم قصد ينهرني ويرى أنني "قليلة الأدب"! يغار من ابننا إذا حضنته فينهرني أن أتركه متذرعاً بأنني أفسده بالدلال!". من الواضح أن رانيا تعاني مع زوجها من غيرته المدمّرة وتسأل عن حل للأزمة كونها لا ترغب في الانفصال عنه لأنها تحبه وحرصاً على الأولاد، ومن ناحية أخرى يمنعها رفضه مقابلة طبيب من معالجة الأمر وتصويبه.

والغيرة المدمّرة تلك قد تصل أحياناً الى حدّ القتل، قتل النفس أو الغير، وهي لا تقتصر على زمان ومكان، بل كانت منذ الأزل وستبقى الى الأبد. ودائماً، أذكر تلك الحادثة التي ما زال أهل البلدة المجاورة لبلدتنا يرددونها تكراراً ومراراً رغم مرور عشرات الاعوام على وقوعها. والحكاية تروي قصة فتاة عشقت حتى الجنون وتزوجت بالرجل الذي بادلها عشقها المجنون ذاك حتى بات يُضرب المثل بهما، لكن لم تمضِ على زواجهما أشهر حتى بدأت المشكلات تنخر علاقتهما من دون سبب واقعي. فكانت الزوجة تغار على زوجها غيرة شديدة عمياء لم يكن لوجودها أي أسباب موجبة، فزوجها كان شديد الحب تجاهها ولم يفكر يوماً بخيانتها أو إبدالها بأخرى ولم يكن يأتي بأي تصرف ناقص، لكن تلك الغيرة لم تترك الزوجين بحالهما وكانت نهايتها أن اختارت الزوجة وضع حدّ لحياتها كي تتخلص من غيرتها، فتناولت السم منهية قصة الحب تلك ليلحق بها زوجها بعد شهر ونصف الشهر حزناً وقهراً عليها!

 

متى تكون الغيرة مرضية؟

تعتبر الغيرة ضمن حدودها الطبيعية المعقولة توابل العلاقة بين الرجل والمرأة، لكن عندما تتخطى المألوف تصبح هدّامة ومدمّرة. وتعدّ الغيرة المرضيّة بحسب الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي الدكتور كمال بطرس من أكثر الانفعالات السلبية التي تشكل ضغطاً نفسياً على الفرد، وهي الأكثر تدميراً للجسم وللعلاقات الزوجية. "لقد صنف الكثير من الباحثين الغيرة بوصفها انفعالاً معقداً، وهي تتضمّن مشاعر مثل الخوف وعدم الشعور بالأمن والغضب والحيرة والحزن والشك والوحدة والكآبة والقلق، وهي تمثل خطورة على الحياة الشخصية والزوجية، إذ تدفع إلى الشجار والتوتر والنفور والمضايقات والتعاسة وعدم توافق الزوجين، وبالتالي يقل التفاهم بينهما ويضيع الاستقرار وتتلاشى الثقة وتكثر الاتهامات المتبادلة، فتنهار الأسرة. والغيرة المرضية هي نوع من العواطف المركبة المرضية لشمولها عواطف سلبية متعدّدة، منها الافتقاد إلى الاحترام الذاتي، عدم ثقة الشخص بنفسه، عدم شعوره بالأمان، عدم رضاه عن نفسه، شعوره بأنه غير جدير بحب الآخر واهتمامه، شعوره بالنقص الذي يدفعه إلى امتلاك أكثر مما لديه، وهذا ما يعبّر عنه من خلال رغبته في امتلاك الآخر لتعويض الشعور بالنقص العاطفي الذي يسيطر عليه. لذلك فمحاولته امتلاك الآخر والسيطرة عليه دليل على حاجته القصوى إليه، لأن وجوده يشكل مصدراً أساسياً لإشباع مختلف حاجاته ورغباته العاطفية والعلائقية. ولأن طبيعة العلاقة بالشريك هي من نوع الإشباع المضطرب، فهي تشتمل على الخوف من فقدانه، ما يجعل من الغيور متقلباً عاطفياً وعنيفاً وعدائياً".

وعن الأسباب المتعددة التي تؤدي الى الغيرة المرضية، يقول بطرس إن بعضها ناتج من "ضعف شخصية الفرد وعدم شعوره بالإنسجام العاطفي، وقد يكون الفرد عانى التهميش في طفولته، ولم يشعر باهتمام أهله به وحنانهم وحبهم وعطفهم، وهذا يعني أنه عاش حرماناً عاطفياً وعلائقياً، فلم يشعر بأنه مهم أو محبوب أو مرغوب فيه أو مقبول، ففقد بالتالي ثقته بنفسه ولم يجد مكاناً بين ذويه يُشعره بأهميته الذاتية، ما يولّد لديه الإحساس بالنقص والعوز العاطفي. وعندما يفقد الفرد الشعور بالحب والاهتمام اللذين يجعلانه يشعر بذاته وأهميته، نراه يتحوّل إنساناً تملّكياً خوفاً من فقدان الشريك الذي أدى وجوده إلى إشباع رغباته العاطفية وحاجاته، وأهمها الحاجة العاطفية، ليسترجع الشعور بأهميته الإنسانيّة والكيانيّة. من هنا تُعتبر الغيرة المرضية تعويضاً، والوجه الآخر للتملّك والخوف من فقدان الامتيازات التي منحه إياها الشريك الذي يعوّض وجوده الحرمان بكل أشكاله وصوره. وأيضاً من الأسباب المؤدية للغيرة المرضية أن يكون الغيور صاحب شخصية شكّاكة، أي أنه لا يثق بأحد بمن فيهم الأهل والأصدقاء، يشكّ بشريكه من دون سبب وجيه أو منطقي، ويفسّر أقوال الآخرين وسلوكياتهم بشكل خاطئ مبني على اعتبارات سلبية مسبقاً. أو أن يكون مصاباً بالوسواس القهري، وفي هذه الحالة فإن المريض يشك في إخلاص شريكه فتتسلّط عليه فكرة الخيانة هذه وتدفعه إلى التفتيش في أغراض الشريك ومراقبته رغم معرفته بأن الشريك بريء من اتهامه، لكنه لا يقوى على مقاومة الفكرة التسلطيّة التي تسيطر عليه".

ويستعرض بطرس بعضاً من سلوكيات الرجل والمرأة في حالات الغيرة المرضيّة، "فالمرأة ترصد تصرّفات زوجها وتحلّلها انطلاقاً من رغبتها في السيطرة عليه وإخضاعه إذا اكتشفت خيانته بالجرم المشهود، تمضي يومها تحاسبه على حركاته وسكناته وعلى نظراته إلى النساء التي لا تنمّ بالضرورة عن إعجاب أو حب بل مجرد نظرات لا معنى لها، تشمّ رائحة ثيابه وتفتش على أثر لأحمر الشفاه أو شعرة تؤكد لها شكوكها، وتنتظر عودته إلى المنزل بتوتر وانفعال لتبدأ معه تحقيقاً دقيقاً عن سبب تأخره وإن عاد في الوقت المعتاد، تتنصّت على مكالماته الهاتفية، تفاجئه في مكان عمله لتتأكّد ما إذا كان يغازل زميلة أو يُجري مكالمات هاتفية من مكتبه، وتسهر الليل بانتظار أن يهمس باسم حبيبته في أثناء نومه، كما أنها تشكّ بصديقتها إذا تأخرت في زيارتها وتفسّر غيابها بوجود علاقة لها مع زوجها، وأيضاً تشكّ بأقرب قريباتها وبأختها إذا تردّدت الى منزلها بشكل غير طبيعي!". أما الرجل الغيور مرضياً، "فهو يمنع زوجته من الخروج من المنزل ويقفل الباب بالمفتاح، ويرفض خروجها منه إلاّ برفقة أحد أفراد العائلة، ويُحكم إغلاق النوافذ وأبواب الشرفات بالأقفال ويترك المفاتيح معه أينما ذهب، ويغادر المنزل إلى العمل ويعود بشكل مفاجئ ليرى ما إذا كانت زوجته قد ابتكرت وسيلة معيّنة لفتح النوافذ، أو يدخل المنزل خلسة ويختبئ ليستمع إلى مكالماتها الهاتفية، وقد يصل به الأمر إلى رفض وجود الهاتف في المنزل أو مع زوجته. كما أنه يختار لها طبيبة امرأة ويرافقها في زياراتها ويشتري لها ثيابها بنفسه".

 

 

كيف تتخلّص من الغيرة القاتلة؟

يضع بطرس بين أيديكم مجموعة من النصائح التي تبعد عنكم الغيرة:

¶ على الطرف الذي يتملّكه الشعور بالغيرة العمل على تنمية الثقة بالنفس بأي طريقة من الطرق، فالغيرة هي دليل واضح على انعدام الثقة بالنفس وبالآخر أيضاً.

¶ العمل على تنمية الهوايات المحبّبة وإعطاؤها الوقت.

¶ ممارسة الرياضة بشكل دائم.

¶ تطوير مهارة قدرة السيطرة على النفس.

¶ عدم توجيه الإتهامات او الإدعاءات بل النظر الى الواقع او الحقيقة كما هي.

¶ يجب الوصول الى اقتناع مفاده أن الغيرة هدّامة، وممكن أن تؤدي في مرحلة متطورة الى خسارة الشريك.

¶ على الشريكين الوصول الى اقتناع بأنهما يعيشان معاً ولا يمتلك أحدهما الآخر، فهامش الحرية ضروري جداً في أي علاقة.

¶ التخلّص من الشعور بالغيرة هو بالوصول الى مرحلة نمنع فيها أنفسنا من مقارنتنا بالغير، والوصول الى اقتناع بأن لكل امرأة جمالها ولكل رجل قدراته.

¶ يجب أن يدرك كل من يغار أن الغيرة ليست سوى نتيجة الشعور بعدم الأمان والخوف من الخسارة وعدم القدرة على المواجهة.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-06-30
  • 8789
  • من الأرشيف

قتلا بعضهما بسبب غيرتها!

رانيا متزوجة منذ سنة ونصف السنة، لاحظت بعد أشهر قليلة من الزواج تغيّر سلوك زوجها، إذ بدأ يغار من الطفل! كانت تظن الأمر عادياً في البداية، إلاّ أنه تمادى وتخطى الحدود وبات يأسرها في المنزل قبل أن يغادر ولا يسمح لها بالخروج بمفردها، الى أن هدّدها بالقتل ما لم تُقلع عن تصرفاتها، فما الذي تفعله رانيا؟   أن تغار على من تحب، هذا دليل عافية لعلاقتكما ويعطيها لوناً مختلفاً يجعلها تكون علاقة لا تشبه غيرها. لكن أن تبلغ الغيرة مبلغاً يحاصر الحبيب ويدمّر العلاقة ويقتلها او يقتل الغيور او الحبيب، فهنا نكون قد بلغنا حالة المرض الذي ينبغي علاجه واستئصاله. فمتى تكون الغيرة قاتلة ومدمّرة؟ تعيش رانيا جحيماً لا يُطاق مع زوجها الذي يغار عليها لدرجة غير طبيعيّة، "إذا مرّ أحدهم بجانب السيارة يسألني: هل رأيتِ هذا الشخص من قبل؟ لماذا يمرُ من أمام السيارة؟ هل قمتِ بالتلميح له؟ ثم يتطاول علي ويشتمني! إذا سألني عن شيء وأجبتُه لا يصدق ويقول لي احلفي بي! إذا وضعتُ يدي على جسمي سواء عن قصد أو عدم قصد ينهرني ويرى أنني "قليلة الأدب"! يغار من ابننا إذا حضنته فينهرني أن أتركه متذرعاً بأنني أفسده بالدلال!". من الواضح أن رانيا تعاني مع زوجها من غيرته المدمّرة وتسأل عن حل للأزمة كونها لا ترغب في الانفصال عنه لأنها تحبه وحرصاً على الأولاد، ومن ناحية أخرى يمنعها رفضه مقابلة طبيب من معالجة الأمر وتصويبه. والغيرة المدمّرة تلك قد تصل أحياناً الى حدّ القتل، قتل النفس أو الغير، وهي لا تقتصر على زمان ومكان، بل كانت منذ الأزل وستبقى الى الأبد. ودائماً، أذكر تلك الحادثة التي ما زال أهل البلدة المجاورة لبلدتنا يرددونها تكراراً ومراراً رغم مرور عشرات الاعوام على وقوعها. والحكاية تروي قصة فتاة عشقت حتى الجنون وتزوجت بالرجل الذي بادلها عشقها المجنون ذاك حتى بات يُضرب المثل بهما، لكن لم تمضِ على زواجهما أشهر حتى بدأت المشكلات تنخر علاقتهما من دون سبب واقعي. فكانت الزوجة تغار على زوجها غيرة شديدة عمياء لم يكن لوجودها أي أسباب موجبة، فزوجها كان شديد الحب تجاهها ولم يفكر يوماً بخيانتها أو إبدالها بأخرى ولم يكن يأتي بأي تصرف ناقص، لكن تلك الغيرة لم تترك الزوجين بحالهما وكانت نهايتها أن اختارت الزوجة وضع حدّ لحياتها كي تتخلص من غيرتها، فتناولت السم منهية قصة الحب تلك ليلحق بها زوجها بعد شهر ونصف الشهر حزناً وقهراً عليها!   متى تكون الغيرة مرضية؟ تعتبر الغيرة ضمن حدودها الطبيعية المعقولة توابل العلاقة بين الرجل والمرأة، لكن عندما تتخطى المألوف تصبح هدّامة ومدمّرة. وتعدّ الغيرة المرضيّة بحسب الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي الدكتور كمال بطرس من أكثر الانفعالات السلبية التي تشكل ضغطاً نفسياً على الفرد، وهي الأكثر تدميراً للجسم وللعلاقات الزوجية. "لقد صنف الكثير من الباحثين الغيرة بوصفها انفعالاً معقداً، وهي تتضمّن مشاعر مثل الخوف وعدم الشعور بالأمن والغضب والحيرة والحزن والشك والوحدة والكآبة والقلق، وهي تمثل خطورة على الحياة الشخصية والزوجية، إذ تدفع إلى الشجار والتوتر والنفور والمضايقات والتعاسة وعدم توافق الزوجين، وبالتالي يقل التفاهم بينهما ويضيع الاستقرار وتتلاشى الثقة وتكثر الاتهامات المتبادلة، فتنهار الأسرة. والغيرة المرضية هي نوع من العواطف المركبة المرضية لشمولها عواطف سلبية متعدّدة، منها الافتقاد إلى الاحترام الذاتي، عدم ثقة الشخص بنفسه، عدم شعوره بالأمان، عدم رضاه عن نفسه، شعوره بأنه غير جدير بحب الآخر واهتمامه، شعوره بالنقص الذي يدفعه إلى امتلاك أكثر مما لديه، وهذا ما يعبّر عنه من خلال رغبته في امتلاك الآخر لتعويض الشعور بالنقص العاطفي الذي يسيطر عليه. لذلك فمحاولته امتلاك الآخر والسيطرة عليه دليل على حاجته القصوى إليه، لأن وجوده يشكل مصدراً أساسياً لإشباع مختلف حاجاته ورغباته العاطفية والعلائقية. ولأن طبيعة العلاقة بالشريك هي من نوع الإشباع المضطرب، فهي تشتمل على الخوف من فقدانه، ما يجعل من الغيور متقلباً عاطفياً وعنيفاً وعدائياً". وعن الأسباب المتعددة التي تؤدي الى الغيرة المرضية، يقول بطرس إن بعضها ناتج من "ضعف شخصية الفرد وعدم شعوره بالإنسجام العاطفي، وقد يكون الفرد عانى التهميش في طفولته، ولم يشعر باهتمام أهله به وحنانهم وحبهم وعطفهم، وهذا يعني أنه عاش حرماناً عاطفياً وعلائقياً، فلم يشعر بأنه مهم أو محبوب أو مرغوب فيه أو مقبول، ففقد بالتالي ثقته بنفسه ولم يجد مكاناً بين ذويه يُشعره بأهميته الذاتية، ما يولّد لديه الإحساس بالنقص والعوز العاطفي. وعندما يفقد الفرد الشعور بالحب والاهتمام اللذين يجعلانه يشعر بذاته وأهميته، نراه يتحوّل إنساناً تملّكياً خوفاً من فقدان الشريك الذي أدى وجوده إلى إشباع رغباته العاطفية وحاجاته، وأهمها الحاجة العاطفية، ليسترجع الشعور بأهميته الإنسانيّة والكيانيّة. من هنا تُعتبر الغيرة المرضية تعويضاً، والوجه الآخر للتملّك والخوف من فقدان الامتيازات التي منحه إياها الشريك الذي يعوّض وجوده الحرمان بكل أشكاله وصوره. وأيضاً من الأسباب المؤدية للغيرة المرضية أن يكون الغيور صاحب شخصية شكّاكة، أي أنه لا يثق بأحد بمن فيهم الأهل والأصدقاء، يشكّ بشريكه من دون سبب وجيه أو منطقي، ويفسّر أقوال الآخرين وسلوكياتهم بشكل خاطئ مبني على اعتبارات سلبية مسبقاً. أو أن يكون مصاباً بالوسواس القهري، وفي هذه الحالة فإن المريض يشك في إخلاص شريكه فتتسلّط عليه فكرة الخيانة هذه وتدفعه إلى التفتيش في أغراض الشريك ومراقبته رغم معرفته بأن الشريك بريء من اتهامه، لكنه لا يقوى على مقاومة الفكرة التسلطيّة التي تسيطر عليه". ويستعرض بطرس بعضاً من سلوكيات الرجل والمرأة في حالات الغيرة المرضيّة، "فالمرأة ترصد تصرّفات زوجها وتحلّلها انطلاقاً من رغبتها في السيطرة عليه وإخضاعه إذا اكتشفت خيانته بالجرم المشهود، تمضي يومها تحاسبه على حركاته وسكناته وعلى نظراته إلى النساء التي لا تنمّ بالضرورة عن إعجاب أو حب بل مجرد نظرات لا معنى لها، تشمّ رائحة ثيابه وتفتش على أثر لأحمر الشفاه أو شعرة تؤكد لها شكوكها، وتنتظر عودته إلى المنزل بتوتر وانفعال لتبدأ معه تحقيقاً دقيقاً عن سبب تأخره وإن عاد في الوقت المعتاد، تتنصّت على مكالماته الهاتفية، تفاجئه في مكان عمله لتتأكّد ما إذا كان يغازل زميلة أو يُجري مكالمات هاتفية من مكتبه، وتسهر الليل بانتظار أن يهمس باسم حبيبته في أثناء نومه، كما أنها تشكّ بصديقتها إذا تأخرت في زيارتها وتفسّر غيابها بوجود علاقة لها مع زوجها، وأيضاً تشكّ بأقرب قريباتها وبأختها إذا تردّدت الى منزلها بشكل غير طبيعي!". أما الرجل الغيور مرضياً، "فهو يمنع زوجته من الخروج من المنزل ويقفل الباب بالمفتاح، ويرفض خروجها منه إلاّ برفقة أحد أفراد العائلة، ويُحكم إغلاق النوافذ وأبواب الشرفات بالأقفال ويترك المفاتيح معه أينما ذهب، ويغادر المنزل إلى العمل ويعود بشكل مفاجئ ليرى ما إذا كانت زوجته قد ابتكرت وسيلة معيّنة لفتح النوافذ، أو يدخل المنزل خلسة ويختبئ ليستمع إلى مكالماتها الهاتفية، وقد يصل به الأمر إلى رفض وجود الهاتف في المنزل أو مع زوجته. كما أنه يختار لها طبيبة امرأة ويرافقها في زياراتها ويشتري لها ثيابها بنفسه".     كيف تتخلّص من الغيرة القاتلة؟ يضع بطرس بين أيديكم مجموعة من النصائح التي تبعد عنكم الغيرة: ¶ على الطرف الذي يتملّكه الشعور بالغيرة العمل على تنمية الثقة بالنفس بأي طريقة من الطرق، فالغيرة هي دليل واضح على انعدام الثقة بالنفس وبالآخر أيضاً. ¶ العمل على تنمية الهوايات المحبّبة وإعطاؤها الوقت. ¶ ممارسة الرياضة بشكل دائم. ¶ تطوير مهارة قدرة السيطرة على النفس. ¶ عدم توجيه الإتهامات او الإدعاءات بل النظر الى الواقع او الحقيقة كما هي. ¶ يجب الوصول الى اقتناع مفاده أن الغيرة هدّامة، وممكن أن تؤدي في مرحلة متطورة الى خسارة الشريك. ¶ على الشريكين الوصول الى اقتناع بأنهما يعيشان معاً ولا يمتلك أحدهما الآخر، فهامش الحرية ضروري جداً في أي علاقة. ¶ التخلّص من الشعور بالغيرة هو بالوصول الى مرحلة نمنع فيها أنفسنا من مقارنتنا بالغير، والوصول الى اقتناع بأن لكل امرأة جمالها ولكل رجل قدراته. ¶ يجب أن يدرك كل من يغار أن الغيرة ليست سوى نتيجة الشعور بعدم الأمان والخوف من الخسارة وعدم القدرة على المواجهة.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة