يشعر سكان مدينة الحسكة بأن مدينتهم الآمنة باتت في خطر، بعدما عكر صفوها، قبل أيام، انفجار سيارة هو الأول من نوعه منذ بداية الأحداث، وتسبب بمقتل مدنيين اثنين وإصابة نحو 20 آخرين، بالتوازي مع أنباء متواترة من مدينة الشدادي القريبة حول قيام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)، بحشد قوات كبيرة له، ونقل أسلحة متنوعة وآليات استولى عليها من العراق إلى المدينة التي تعتبر معقلاً للتنظيم في المنطقة الشرقية من سوريا، والتي يتقاسم السيطرة عليها كل من التنظيم الجهادي المتشدد و«وحدات الحماية الكردية»، والحكومة السورية، التي تسيطر فقط على مدينتي الحسكة والقامشلي.

ونأت الحسكة بنفسها عن المعارك وأعمال العنف منذ بداية الأحداث في سوريا قبل أكثر من ثلاثة أعوام، بسبب غياب الحاضنة الشعبية للمسلحين من جهة، وتحول المدينة إلى ملجأ للعائلات النازحة من دير الزور والتي تضم بينها عائلات وأسر بعض المسلحين، الأمر الذي دفع المسلحين المحليين إلى تحييدها، بالإضافة إلى تواجد «وحدات الحماية الكردية» التي تقف في وجه المسلحين، كما هي الحال بالنسبة إلى الجيش السوري، برغم الخلافات المتكررة بينهما.

ويقول مصدر متابع لملف المنطقة الشرقية في سوريا «يخشى البعض من تكرار سيناريو الرقة، حيث اقتحم المسلحون المدينة بشكل مفاجئ وسيطروا عليها، لتتحول في ما بعد إلى أحد أهم مقارّ داعش»، موضحاً أن المدينة تلقت عدة إشارات في الآونة الأخيرة حول اقتراب المعارك من أسوارها، مذكّراً بالسيناريو الذي شهدته الرقة، والتي كانت تضم آلاف الأسر المهجرة، وسط اتفاق ضمني على تحييدها عن المعارك، إلا ان المسلحين اقتحموها، ما تسبب بتهجير آلاف العائلات إلى مناطق أخرى في سوريا، بينها الحسكة.

وأشار مصدر أمني، خلال حديثه إلى «السفير»، إلى أن «تكرار سيناريو الرقة أمر غير ممكن في الوقت الحالي لأسباب عدّة، أهمها التواجد الكبير لقوات الجيش السوري، والطبيعة الديموغرافية للمنطقة»، في إشارة الى القوات الكردية التي تسيطر على مناطق واسعة من ريف الحسكة، بينها مدينة رميلان التي تحوي مئات الآبار النفطية، حيث تستثمر القوات الكردية فيها النفط، وتقوم بتكريره بواسطة 11 مصفاة متنقلة استقدمت من دول الجوار، كما تسيطر القوات الكردية على أحياء عدّة داخل مدينة الحسكة (الصالحية، المفتي، تل حجر، الناصرة، مشيرفة).

المصدر الذي شدد على أن قوات الجيش السوري تتمركز بشكل كبير في مدينتي القامشلي والحسكة، مشكلة درع حماية لأية مواجهة محتملة، أوضح أن «القراءة الأمنية للواقع تشير إلى أن المعارك لن تندلع في المستقبل القريب، لأسباب عدّة، أبرزها رغبة داعش في السيطرة على باقي المناطق النفطية أولاً، والتمدد في الريف، لا سيما الميادين والبوكمال والموحسن والشحيل التي تعتبر أحد أهم معاقل جبهة النصرة، وانشغال قواته في الحرب الجارية في العراق»، مشدداً على انه «لا داعي للقلق في الوقت الحالي، فالمدينة آمنة، وهذه الخروقات ليست إلا أحداثا طبيعية تعيشها المدينة في دولة تشهد حربا دامية منذ ثلاثة أعوام».

وبرغم التطمينات التي تعمل الحكومة السورية على تقديمها بشكل يومي، يراقب سكان المدينة بحذر المنطقة الجنوبية للحسكة، التي تتواجد فيها حواجز لـ «داعش» (على بعد 25 كيلومتراً بالقرب من صوامع «صباح الخير»)، والشرقية ايضاً (قرب قرية الحمر على بعد حوالي 20 كيلومترا)، خصوصا بعد تكرار الحوادث الأمنية، والتي كان آخرها كمينا نفذه «داعش» واستهدف قوة من «الدفاع الوطني» منذ حوالي شهرين وأدى إلى مقتل قائد مركز «الدفاع الوطني» في الحسكة النقيب خلدون أجود منذر.

وفي السياق ذاته، يقول مصدر متابع لملف المنطقة الشرقية في سوريا إن «الخطر الأكبر يكمن في الأسلحة التي نقلت من العراق إلى الشدادي وتل حميس، والتي لا يعرف جهة استخدامها وإلى أين سيتجه بها التنظيم»، مذكراً بقيام «داعش» باستهداف محيط مطار القامشلي بسبعة صواريخ «غراد» واختطاف عدد من ركاب حافلة على طريق الحسكة - القامشلي، وهجومه على قرية الهبوة في الجوادية، القريبة من الرميلان، والمعارك المندلعة عند مفرق معشوق بين «داعش» و«الوحدات الكردية»، معتبراً أن هذه الخروقات هي «مؤشرات على تحرك ما ينوي التنظيم تنفيذه تجاه هاتين المدينتين الآمنتين».

  • فريق ماسة
  • 2014-06-22
  • 5986
  • من الأرشيف

الحسكة: هل يتكرر سيناريو الرقة؟

يشعر سكان مدينة الحسكة بأن مدينتهم الآمنة باتت في خطر، بعدما عكر صفوها، قبل أيام، انفجار سيارة هو الأول من نوعه منذ بداية الأحداث، وتسبب بمقتل مدنيين اثنين وإصابة نحو 20 آخرين، بالتوازي مع أنباء متواترة من مدينة الشدادي القريبة حول قيام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)، بحشد قوات كبيرة له، ونقل أسلحة متنوعة وآليات استولى عليها من العراق إلى المدينة التي تعتبر معقلاً للتنظيم في المنطقة الشرقية من سوريا، والتي يتقاسم السيطرة عليها كل من التنظيم الجهادي المتشدد و«وحدات الحماية الكردية»، والحكومة السورية، التي تسيطر فقط على مدينتي الحسكة والقامشلي. ونأت الحسكة بنفسها عن المعارك وأعمال العنف منذ بداية الأحداث في سوريا قبل أكثر من ثلاثة أعوام، بسبب غياب الحاضنة الشعبية للمسلحين من جهة، وتحول المدينة إلى ملجأ للعائلات النازحة من دير الزور والتي تضم بينها عائلات وأسر بعض المسلحين، الأمر الذي دفع المسلحين المحليين إلى تحييدها، بالإضافة إلى تواجد «وحدات الحماية الكردية» التي تقف في وجه المسلحين، كما هي الحال بالنسبة إلى الجيش السوري، برغم الخلافات المتكررة بينهما. ويقول مصدر متابع لملف المنطقة الشرقية في سوريا «يخشى البعض من تكرار سيناريو الرقة، حيث اقتحم المسلحون المدينة بشكل مفاجئ وسيطروا عليها، لتتحول في ما بعد إلى أحد أهم مقارّ داعش»، موضحاً أن المدينة تلقت عدة إشارات في الآونة الأخيرة حول اقتراب المعارك من أسوارها، مذكّراً بالسيناريو الذي شهدته الرقة، والتي كانت تضم آلاف الأسر المهجرة، وسط اتفاق ضمني على تحييدها عن المعارك، إلا ان المسلحين اقتحموها، ما تسبب بتهجير آلاف العائلات إلى مناطق أخرى في سوريا، بينها الحسكة. وأشار مصدر أمني، خلال حديثه إلى «السفير»، إلى أن «تكرار سيناريو الرقة أمر غير ممكن في الوقت الحالي لأسباب عدّة، أهمها التواجد الكبير لقوات الجيش السوري، والطبيعة الديموغرافية للمنطقة»، في إشارة الى القوات الكردية التي تسيطر على مناطق واسعة من ريف الحسكة، بينها مدينة رميلان التي تحوي مئات الآبار النفطية، حيث تستثمر القوات الكردية فيها النفط، وتقوم بتكريره بواسطة 11 مصفاة متنقلة استقدمت من دول الجوار، كما تسيطر القوات الكردية على أحياء عدّة داخل مدينة الحسكة (الصالحية، المفتي، تل حجر، الناصرة، مشيرفة). المصدر الذي شدد على أن قوات الجيش السوري تتمركز بشكل كبير في مدينتي القامشلي والحسكة، مشكلة درع حماية لأية مواجهة محتملة، أوضح أن «القراءة الأمنية للواقع تشير إلى أن المعارك لن تندلع في المستقبل القريب، لأسباب عدّة، أبرزها رغبة داعش في السيطرة على باقي المناطق النفطية أولاً، والتمدد في الريف، لا سيما الميادين والبوكمال والموحسن والشحيل التي تعتبر أحد أهم معاقل جبهة النصرة، وانشغال قواته في الحرب الجارية في العراق»، مشدداً على انه «لا داعي للقلق في الوقت الحالي، فالمدينة آمنة، وهذه الخروقات ليست إلا أحداثا طبيعية تعيشها المدينة في دولة تشهد حربا دامية منذ ثلاثة أعوام». وبرغم التطمينات التي تعمل الحكومة السورية على تقديمها بشكل يومي، يراقب سكان المدينة بحذر المنطقة الجنوبية للحسكة، التي تتواجد فيها حواجز لـ «داعش» (على بعد 25 كيلومتراً بالقرب من صوامع «صباح الخير»)، والشرقية ايضاً (قرب قرية الحمر على بعد حوالي 20 كيلومترا)، خصوصا بعد تكرار الحوادث الأمنية، والتي كان آخرها كمينا نفذه «داعش» واستهدف قوة من «الدفاع الوطني» منذ حوالي شهرين وأدى إلى مقتل قائد مركز «الدفاع الوطني» في الحسكة النقيب خلدون أجود منذر. وفي السياق ذاته، يقول مصدر متابع لملف المنطقة الشرقية في سوريا إن «الخطر الأكبر يكمن في الأسلحة التي نقلت من العراق إلى الشدادي وتل حميس، والتي لا يعرف جهة استخدامها وإلى أين سيتجه بها التنظيم»، مذكراً بقيام «داعش» باستهداف محيط مطار القامشلي بسبعة صواريخ «غراد» واختطاف عدد من ركاب حافلة على طريق الحسكة - القامشلي، وهجومه على قرية الهبوة في الجوادية، القريبة من الرميلان، والمعارك المندلعة عند مفرق معشوق بين «داعش» و«الوحدات الكردية»، معتبراً أن هذه الخروقات هي «مؤشرات على تحرك ما ينوي التنظيم تنفيذه تجاه هاتين المدينتين الآمنتين».

المصدر : السفير / علاء حلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة