وجه الجيش السوري ضربة للمجموعات المسلحة أمس، باسترداده مدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي التي كان المسلحون سيطروا عليها نهاية آذار الماضي، وقرية أم شرشوح في ريف حمص الشمالي، مستعيدا بذلك السيطرة على موقعين متقدمين سبق للمجموعات المسلحة أن استولت عليهما، في مرحلتين منفصلتين.

وأعلن متحدث باسم الجيش السوري، صباح أمس، «إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة كسب ومحيطها في ريف اللاذقية الشمالي».

وقال، في بيان، إنه «بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة أحكمت وحدات من قواتنا المسلحة، بالتعاون مع الدفاع الوطني، السيطرة على بلدة النبعين والهيئات الأرضية الحاكمة المحيطة بها»، مشيراً إلى «الموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي تتميز به المنطقة»، ومعتبرا أنه ينهي «أوهام» المعارضة في «محاولة تأمين منفذ بحري، وإقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع تركيا».

وكانت معالم هذا التطور قد بدأت منذ أيام، بحملة جوية ومدفعية واضحة التأثير في مجمل مواقع المسلحين في المنطقة المحيطة بكسب، استولى على إثرها الجيش على أهم المرتفعات، لا سيما ما يسمى بـ«برج سيرتل» ولاحقا بلدة النبعين. واستعادة النبعين اعتبرت مؤشرا بارزا على قرب استعادة السيطرة على كسب، وذلك بعد تمكن الجيش، خلال الأسبوع الماضي، من الوصول لقمم يشار إليها بالرموز «1017» و«714» و«جبل 803».

إلا أن التقدم البري باتجاه المدينة جرى ليل أمس الأول وفجر أمس، حيث تحدثت معلومات متأخرة عن رفع العلم السوري على مبنى البلدية وسط كسب، في الوقت الذي كانت مواقع المعارضة تقول شيئا مشابها وإن بلهجة مناقضة.

وكتب مغردون مقربون من «جبهة النصرة» فجر أمس ان «الهجوم هو الأعنف منذ ستة أشهر»، مطالبين الفصائل البعيدة «بنفير عام للوصول إلى نقطة كسب بأسرع وقت ممكن».

غير أن النداء الذي صدر ليل أمس الأول، لم يلق أي صدى، بل ترافق مع انسحابات بالجملة للكتائب الموجودة في كسب التي يتجاوز عددها التسع، وبينها «جبهة النصرة»، التي كتب أحد مغرديها انه «لا يمتلك إجابات على أسباب الانهيار السريع في جبهة كسب».

وحاولت «جبهة النصرة» في هجوم مضاد، استخدمت فيه الدبابات، تعطيل اندفاع وحدات الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني لكن من دون جدوى.

وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، إن «مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المتحالفة معها، انسحبوا من بلدة كسب السورية الحدودية مع تركيا، والتي كانوا سيطروا عليها في آذار، وذلك أمام تقدم القوات النظامية».

وتردد أمس أن من بقي من المقاتلين في كسب وينتمون إلى «النصرة» و«أحرار الشام» و«أنصار الشام» و«أنصار الشريعة»، وبعض من «كتيبة المجاهدين الشيشان»، عاد وانسحب إلى قرية عطيرة والكبير التابعتين لناحية ربيعة الحدودية بريف اللاذقية، والتي تلقت براميل متفجرة عدة ألقاها سلاح الطيران السوري.

وأعاق الإعلان عن حالة استنفار للجيش التركي على حدوده مع سوريا، محاولة الفارين اللجوء إلى تركيا. ولاحقا تأكد إغلاق الجيش التركي جميع المعابر التي تقود إلى الأراضي التركية في وجه «حلفاء الأمس» من الكتائب التي احتلت كسب في آذار الماضي.

وربما يكون لقرار أنقرة تصنيف «جبهة النصرة» منظمة إرهابية دور في الإجراء التركي، كما في الانهيار السريع لتلك الجبهة التي، كما بدا منذ أشهر عدة، راهن الأتراك عليها بشكل فعلي، وعلى إمكانية ربطها بجبهات ريفي حلب وإدلب، وتأمين منفذ بحري للمقاتلين، رغم صعوبة تخيل نجاح الأمر، نتيجة البيئة المعادية بشدة لنشاط المعارضة، على اختلاف أشكالها، ونتيجة التواجد الكثيف لأجهزة الدولة في محيط تلك البيئة الجغرافية.

ومن بين الأسباب التي يمكن ذكرها في تقييم نجاح الجيش أمس، استقالة قائد ما يسمى بـ«المجلس العسكري في الساحل» بشار سعد الدين، مع تسعة آخرين من قادة «المجالس العسكرية» في أربع جبهات رئيسية في سوريا، بسبب «تخلف الوعود في منح السلاح والمساعدات»، ووصل صداها إلى معركة كسب أيضا، حين تخلفت بعض التشكيلات عن الدعم الفعلي لـ«أخوة السلاح»، بينها كتائب عدة منضوية تحت تسمية» الجيش الحر».

وعلق أحد نشطاء المعارضة قرب جبهة كسب بأسى بأنه «كان يفترض أن نقوم بعمل لاسترجاع (برج) السيريتل والنقاط التي سيطر عليها الجيش، لكن لم نعلم لما حدث مثل هذا الانسحاب... لم يعلم أحد لماذا الانسحاب».

ورغم أهمية الإشارة إلى أن ضغط الجيش السوري، وحصاره المنطقة منذ ثلاثة أشهر، إضافة لما ذكر عن انعدام بعدها العسكري، كانت من أسباب انحسار خطر كسب، إلا أن ثمة احتمالات إضافية ربما تتمثل في محاولة «النصرة» منع انهيار جبهات أهم، مثل الجبهة الشرقية التي يحضر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) للاستيلاء عليها بشكل كامل، في معركة ربما تبدأ في دير الزور وتقود لاحقا لمحافظة الحسكة.

وأمس ترددت أنباء عن وصول دفعة جديدة من الآليات العسكرية الأميركية التي غنمها التنظيم من معاركه في العراق، بينها مدرعات «ابرامز» إضافة إلى عربات «هامفي» وسيارات النقل المدرعة التي كانت سبقتها، وهي آليات يهيئها التنظيم في منطقة الشدادي في ريف الحسكة لمعركته المقبلة، وإن كان يمكن تبرير نقلها أيضا بمحاولة التنظيم، تحجيم احتمال استهدافها من قبل الطيران ضمن الأراضي السورية.

وتكتسب معركة المنطقة الشرقية أهمية قصوى بالنسبة إلى «النصرة» التي تهتز أركانها ومواقعها أمام ضربات الجيش السوري من جهة، واندفاعة شقيقتها في الجهاد العالمي «داعش». وتتضاءل فرص «النصرة»، في المنطقة الشرقية تحديدا، بوجه ثلاثة خصوم رئيسيين، أولهم «داعش» وثانيهم الجيش السوري، وثالثهم «وحدات الحماية الشعبية الكردية»، التي تسيطر على معبر اليعربية السوري الحدودي مع العراق، تواجهها الآن قوات «بشمركة كردية» شقيقة بسطت سيطرتها أمس على معبر ربيعة المقابل في الجهة العراقية.

لذلك بعد نتائج معركة كسب أمس، تستطيع «النصرة» أن تحصي لنفسها مواقع نفوذ أقل، كما في ريف حلب الشمالي وقسم من المدينة، وقسم من ريف إدلب، كما في ريف دير الزور في محاولة مرهقة للحفاظ على موطئ قدم هناك.

وفيما عدا قواتها في درعا حيث يمكن اعتبارها مصدر القوة الرئيسي، بقيت سيطرتها محدودة على بعض مناطق ريف حماه كما في محيط خان شيخون ومنطقة ضيقة من ريف حمص الشمالي. وأمس ضيقت قوات الجيش عليها، حين استعادت قرية أم شرشوح والمزارع المحيطة بها بعد سقوطها بأسبوع، كتمهيد للسيطرة على تلال قريبة منها، تتيح لقوات الجيش تمكين سيطرته النارية في ريف حمص الشمالي، وتعزيز رقابته لأهم مناطق تواجد المسلحين فيها لا سيما بلدات تلبيسة، والدار الكبيرة ودير معلة، وهي بلدات قالت مصادر حكومية في وقت سابق لـ«السفير» إنها تسعى لتحقيق مصالحة وطنية فيها لتجنيبها معركة مقبلة لتحرير ريف حمص الشمالي بالكامل، والذي تعتبر الرستن، مركز التجمع الرئيسي للمجموعات المسلحة.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-15
  • 11114
  • من الأرشيف

الجيش السوري يستعيد كسب

وجه الجيش السوري ضربة للمجموعات المسلحة أمس، باسترداده مدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي التي كان المسلحون سيطروا عليها نهاية آذار الماضي، وقرية أم شرشوح في ريف حمص الشمالي، مستعيدا بذلك السيطرة على موقعين متقدمين سبق للمجموعات المسلحة أن استولت عليهما، في مرحلتين منفصلتين. وأعلن متحدث باسم الجيش السوري، صباح أمس، «إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة كسب ومحيطها في ريف اللاذقية الشمالي». وقال، في بيان، إنه «بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة أحكمت وحدات من قواتنا المسلحة، بالتعاون مع الدفاع الوطني، السيطرة على بلدة النبعين والهيئات الأرضية الحاكمة المحيطة بها»، مشيراً إلى «الموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي تتميز به المنطقة»، ومعتبرا أنه ينهي «أوهام» المعارضة في «محاولة تأمين منفذ بحري، وإقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع تركيا». وكانت معالم هذا التطور قد بدأت منذ أيام، بحملة جوية ومدفعية واضحة التأثير في مجمل مواقع المسلحين في المنطقة المحيطة بكسب، استولى على إثرها الجيش على أهم المرتفعات، لا سيما ما يسمى بـ«برج سيرتل» ولاحقا بلدة النبعين. واستعادة النبعين اعتبرت مؤشرا بارزا على قرب استعادة السيطرة على كسب، وذلك بعد تمكن الجيش، خلال الأسبوع الماضي، من الوصول لقمم يشار إليها بالرموز «1017» و«714» و«جبل 803». إلا أن التقدم البري باتجاه المدينة جرى ليل أمس الأول وفجر أمس، حيث تحدثت معلومات متأخرة عن رفع العلم السوري على مبنى البلدية وسط كسب، في الوقت الذي كانت مواقع المعارضة تقول شيئا مشابها وإن بلهجة مناقضة. وكتب مغردون مقربون من «جبهة النصرة» فجر أمس ان «الهجوم هو الأعنف منذ ستة أشهر»، مطالبين الفصائل البعيدة «بنفير عام للوصول إلى نقطة كسب بأسرع وقت ممكن». غير أن النداء الذي صدر ليل أمس الأول، لم يلق أي صدى، بل ترافق مع انسحابات بالجملة للكتائب الموجودة في كسب التي يتجاوز عددها التسع، وبينها «جبهة النصرة»، التي كتب أحد مغرديها انه «لا يمتلك إجابات على أسباب الانهيار السريع في جبهة كسب». وحاولت «جبهة النصرة» في هجوم مضاد، استخدمت فيه الدبابات، تعطيل اندفاع وحدات الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني لكن من دون جدوى. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، إن «مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المتحالفة معها، انسحبوا من بلدة كسب السورية الحدودية مع تركيا، والتي كانوا سيطروا عليها في آذار، وذلك أمام تقدم القوات النظامية». وتردد أمس أن من بقي من المقاتلين في كسب وينتمون إلى «النصرة» و«أحرار الشام» و«أنصار الشام» و«أنصار الشريعة»، وبعض من «كتيبة المجاهدين الشيشان»، عاد وانسحب إلى قرية عطيرة والكبير التابعتين لناحية ربيعة الحدودية بريف اللاذقية، والتي تلقت براميل متفجرة عدة ألقاها سلاح الطيران السوري. وأعاق الإعلان عن حالة استنفار للجيش التركي على حدوده مع سوريا، محاولة الفارين اللجوء إلى تركيا. ولاحقا تأكد إغلاق الجيش التركي جميع المعابر التي تقود إلى الأراضي التركية في وجه «حلفاء الأمس» من الكتائب التي احتلت كسب في آذار الماضي. وربما يكون لقرار أنقرة تصنيف «جبهة النصرة» منظمة إرهابية دور في الإجراء التركي، كما في الانهيار السريع لتلك الجبهة التي، كما بدا منذ أشهر عدة، راهن الأتراك عليها بشكل فعلي، وعلى إمكانية ربطها بجبهات ريفي حلب وإدلب، وتأمين منفذ بحري للمقاتلين، رغم صعوبة تخيل نجاح الأمر، نتيجة البيئة المعادية بشدة لنشاط المعارضة، على اختلاف أشكالها، ونتيجة التواجد الكثيف لأجهزة الدولة في محيط تلك البيئة الجغرافية. ومن بين الأسباب التي يمكن ذكرها في تقييم نجاح الجيش أمس، استقالة قائد ما يسمى بـ«المجلس العسكري في الساحل» بشار سعد الدين، مع تسعة آخرين من قادة «المجالس العسكرية» في أربع جبهات رئيسية في سوريا، بسبب «تخلف الوعود في منح السلاح والمساعدات»، ووصل صداها إلى معركة كسب أيضا، حين تخلفت بعض التشكيلات عن الدعم الفعلي لـ«أخوة السلاح»، بينها كتائب عدة منضوية تحت تسمية» الجيش الحر». وعلق أحد نشطاء المعارضة قرب جبهة كسب بأسى بأنه «كان يفترض أن نقوم بعمل لاسترجاع (برج) السيريتل والنقاط التي سيطر عليها الجيش، لكن لم نعلم لما حدث مثل هذا الانسحاب... لم يعلم أحد لماذا الانسحاب». ورغم أهمية الإشارة إلى أن ضغط الجيش السوري، وحصاره المنطقة منذ ثلاثة أشهر، إضافة لما ذكر عن انعدام بعدها العسكري، كانت من أسباب انحسار خطر كسب، إلا أن ثمة احتمالات إضافية ربما تتمثل في محاولة «النصرة» منع انهيار جبهات أهم، مثل الجبهة الشرقية التي يحضر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) للاستيلاء عليها بشكل كامل، في معركة ربما تبدأ في دير الزور وتقود لاحقا لمحافظة الحسكة. وأمس ترددت أنباء عن وصول دفعة جديدة من الآليات العسكرية الأميركية التي غنمها التنظيم من معاركه في العراق، بينها مدرعات «ابرامز» إضافة إلى عربات «هامفي» وسيارات النقل المدرعة التي كانت سبقتها، وهي آليات يهيئها التنظيم في منطقة الشدادي في ريف الحسكة لمعركته المقبلة، وإن كان يمكن تبرير نقلها أيضا بمحاولة التنظيم، تحجيم احتمال استهدافها من قبل الطيران ضمن الأراضي السورية. وتكتسب معركة المنطقة الشرقية أهمية قصوى بالنسبة إلى «النصرة» التي تهتز أركانها ومواقعها أمام ضربات الجيش السوري من جهة، واندفاعة شقيقتها في الجهاد العالمي «داعش». وتتضاءل فرص «النصرة»، في المنطقة الشرقية تحديدا، بوجه ثلاثة خصوم رئيسيين، أولهم «داعش» وثانيهم الجيش السوري، وثالثهم «وحدات الحماية الشعبية الكردية»، التي تسيطر على معبر اليعربية السوري الحدودي مع العراق، تواجهها الآن قوات «بشمركة كردية» شقيقة بسطت سيطرتها أمس على معبر ربيعة المقابل في الجهة العراقية. لذلك بعد نتائج معركة كسب أمس، تستطيع «النصرة» أن تحصي لنفسها مواقع نفوذ أقل، كما في ريف حلب الشمالي وقسم من المدينة، وقسم من ريف إدلب، كما في ريف دير الزور في محاولة مرهقة للحفاظ على موطئ قدم هناك. وفيما عدا قواتها في درعا حيث يمكن اعتبارها مصدر القوة الرئيسي، بقيت سيطرتها محدودة على بعض مناطق ريف حماه كما في محيط خان شيخون ومنطقة ضيقة من ريف حمص الشمالي. وأمس ضيقت قوات الجيش عليها، حين استعادت قرية أم شرشوح والمزارع المحيطة بها بعد سقوطها بأسبوع، كتمهيد للسيطرة على تلال قريبة منها، تتيح لقوات الجيش تمكين سيطرته النارية في ريف حمص الشمالي، وتعزيز رقابته لأهم مناطق تواجد المسلحين فيها لا سيما بلدات تلبيسة، والدار الكبيرة ودير معلة، وهي بلدات قالت مصادر حكومية في وقت سابق لـ«السفير» إنها تسعى لتحقيق مصالحة وطنية فيها لتجنيبها معركة مقبلة لتحرير ريف حمص الشمالي بالكامل، والذي تعتبر الرستن، مركز التجمع الرئيسي للمجموعات المسلحة.

المصدر : السفير /زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة