استفاق العراق صباح الخميس على وقع أنباء مخيفة عن سقوط معظم أجزاء مدينة سامراء بيد تنظيم «داعش»، في هجوم صاعق أعاد إلى الأذهان حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين هناك، واندلاع أعمال عنف طائفية على خلفيتها، سقط على إثرها آلاف الأبرياء في العديد من المحافظات العراقية.

عند المرقد كل الحكاية. هو هدف الهجوم أصلاً. احتلاله لا تفجيره. وقد وصلت المعارك إلى بعد شارعين منه. المرقد «مقدس» عند المسلمين الشيعة، وسامراء بغالبيتها من المسلمين السنّة، لكن هؤلاء لم يمسّوه بسوء طوال قرون خلت، بل لطالما كانوا هم حماته... أما «داعش» فتلك حكاية أخرى. لو تمّ الأمر لهم، كما أرادوا، لكان الكلام عن «عقلاء» من الطرفين قد أصبح من قبيل الترف. ستُصمّ الآذان عن سماع أصوات هؤلاء. حصل هذا سابقاً أيضاً.

العراقيون، ومعهم كل العالم، لم ينسوا عام 2006 بعد، يوم نجح بعض «مجانين التكفير» في تفجير المرقد المذكور. كانت تلك اللحظة مفصلاً في حياة العراقيين، إذ غرقت البلاد في دوامة عنف طائفي لم تنته ارتدادتها حتى اليوم. لا أحد يريد العودة إلى تلك الذكرى، باستثناء مجرم ما، في مكان ما، قرر أن يحصل اجتياح سامراء في فجر مظلم، واحتلال المرقد، وخذ بعدها على «تدنيس» وعلى أهازيج «يا غيرة الدين». لن يكون بمقدور أحد لجم العقال الذي سيفلت، أكثر مما هو فالت الآن، خاصة أن ما يحصل في العراق ما عاد يتصل بالعراقيين أنفسهم، تحديداً عند الحديث عن سنّة وشيعة، وبالتالي يمكن القول إن المنطقة قفزت أمس فوق «بحر من الدم».

هل هو ردّ سعودي، في العراق، على نجاح الانتخابات الرئاسية في سورية؟ ألم يقل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قبل مدّة، إن السعودية «تُعلن الحرب على العراق» من خلال دعمها لـ«التكفيريين»؟ أي خبيث، فيه هذا الكم الهائل من الخبث، خطر له إشعال المنطقة بحرب مذهبية ضروس لا تبقي ولا تذر؟ أسئلة كثيرة طرحها ناشطون، أمس، بعدما وضعوا أيديهم على قلوبهم، وحبسوا أنفاسهم، يترقبون كل خبر يأتي من سامراء.

يوم أمس، حبس العراقيون أنفاسهم إلى حين إعلان القوات الأمنية تطهير المدينة من المسلحين وهروبهم إلى خارج المدينة، بعد يوم دام جديد ساده القلق والحذر، ولم يخل من عمليات تفجير منظمة في مناطق ديالى والموصل وصلاح الدين وبغداد، وإعلان حظر التجوال في كل من الموصل وتكريت.

وفي حين أشارت الروايات غير الرسمية إلى سقوط 51 جندياً عراقياً خلال عملية الاقتحام التي نفذها أكثر من 200 مسلح، استجمعت القوات الأمنية قواها عند محيط مرقد الإمامين تحسباً لاقتحامه، وتم استدعاء تعزيز عسكري كبير، الأمر الذي أدى إلى تحصّن المسلحين في مواقع عدة.

وفي حدود الساعة السابعة مساءً، أعلنت وزارة الدفاع تطهير المدينة من المسلحين بشكل كامل وتدمير 19 آلية للمقتحمين، وقتل 13 مسلحاً.

الأهالي رووا في حديثهم إلى «الأخبار» أن «مسلحي داعش دخلوا بسيارات رباعية الدفع، وبعضها مصفح، إلى المدينة بحدود الساعة الثالثة فجراً، عبر الطريق الزراعي الواصل بين سامراء وديالى والموسوم بطريق الضلوعية»، مضيفين أن «المسلحين اشتبكوا مع بعض نقاط التفتيش، في حين انسحب جنود العديد من هذه النقاط، ما سهّل دخول المسلحين إلى المدينة سريعاً واحتلال العديد من المواقع الاستراتيجية، وأبرزها جامع الرزاق الذي يعدّ المسجد المركزي في المدينة، ومقر الدفاع المدني الذي يبعد عن مرقد الإمامين العسكريين 3 كيلومترات فقط.

وبيّن الأهالي أن «المسلحين رفعوا أذان الفجر عبر مكبرات الصوت في جامع الرزاق، تلاه تحذير للأهالي من مقاومتهم، ودعوتهم إلى الانخراط في صفوف داعش لإسقاط الحكومة العراقية، وإمهال القوات الأمنية ساعتين لإلقاء أسلحتهم وتسليم أنفسهم»، مشيرين إلى وصول القطعات العسكرية إلى المدينة في الساعات الأولى من نهار أمس مدعومة بمروحيات مقاتلة.

شهود عيان من داخل سامراء ذكروا لـ«الأخبار» أن بعض أهالي سامراء «باتوا يميلون أخيراً إلى داعش، تحديداً خلال السنوات الأخيرة، وبعض هؤلاء هم ممن يُعرفون بالحرس الجمهوري أو فدائيي صدّام. بهؤلاء قويت شوكة التكفيريين هناك. كانت قذائف الهاون تنفجر قرب مرقد العسكريين، حتى قبل مدة وجيزة، ولكن كان يجري التكتّم على الأمر، فلا يصل كما هو إلى وسائل الإعلام». ويضيف الشاهد: «عند الفجر بدأ الهجوم انطلاقاً من مسجد الرزاق، وهو مقر قيادة حكومي ومركز للدفاع المدني سيطرت عليه «داعش» في هجومها، وهو بالمناسبة لا يبعد عن المرقد أكثر من 1600 متر تقريباً». راح «الداعشيون» يتنقلون بين أحياء المدينة بواسطة آلياتهم المسلحة، مع صرخات وأهازيج ودعوات لنصرتهم. عند الظهيرة، استطاعت القوات الأمنية النظامية، ومعها مسلحون انطلقوا من بغداد لحماية المرقد، إفشال المخطط بعد معارك عنيفة على مدى ساعات، فانكفأت «داعش» إلى أطراف المدينة بعد سقوط عدد كبير من القتلى. حتى ساعات الليل، كان يمكن القول إن الهجوم تم إفشاله، لكن «الدم كان يغلي» في أكثر من منطقة عراقية، إذ راحت الوفود تزحف إلى سامراء للدفاع عنها، ولتجنيب البلاد القطوع المخيف ذاته.

في غضون ذلك، كشف قائد القوات البرية الفريق علي غيدان، في بيان صحافي، عن «مشاركة 300 آلية عسكرية مدعومة بسلاح الجو في عملية تحرير المدينة من المسلحين وفك الطوق الذي ضربه تنظيم داعش حول مرقد الإمامين العسكريين».

وقام سلاح الجو العراقي بقصف أحياء الخضراء والشهداء، وجامع الرزاق، ومركز الدفاع المدني بعد تحصن مسلحي داعش فيه، واقتحام المدينة بعد ذلك. إلا أن مسلحي داعش كانوا انسحبوا من مواقعهم، من دون أن تصدر أي إحصائية رسمية عن عدد الضحايا.

إثر العملية الأمنية، أعلن قائد عمليات سامراء الفريق الركن صباح الفتلاوي «تطهير 97 بالمئة من مدينة سامراء». وقال: «قواتنا تعمل على إكمال تطهير المدينة، خاصة جانبها الشرقي، بأمتار محدودة، بعدما تكبد العدو خسائر كبيرة». وأضاف الفتلاوي في حديث إلى وكالة فرانس برس» قائلاً: «الجميع وقف لحماية سامراء والمراقد الدينية، وأحبطنا هجومهم وتمكنّا من قتل ثمانين داعشياً، بضربات وهجمات واشتباكات من دار إلى دار وشارع إلى آخر». كان لافتاً، أمس، واتخذت القوات الأمنية سلسلة إجراءات على خلفية الحادث تمثلت في اقتحام موقع المتظاهرين المعتصمين منذ نحو عام «ساحة الحق» وأحرقت الخيم، وقامت باعتقال عدد من قادة التظاهرات، بينهم قادة في قوات الصحوات التي تشكلت من أهالي المدينة لمحاربة تنظيم القاعدة في عام 2008، وبدأت بالبحث عن رجل دين يدعى «محمد طه حمدون» الذي أنشأ ساحة المتظاهرين وحوّلها إلى تجمع للمسلحين، بحسب الروايات الحكومية، وصدرت بحقه مذكرة إلقاء قبض، لكن القوات الأمنية لم تفلح في اعتقاله حتى.

وتشير الأنباء الرسمية إلى اعتقال 18 شخصاً على صلة بالتظاهرات، يرجّح قيامهم بتسهيل دخول تنظيم «داعش» إلى المدينة.

وبحسب خبراء عسكريين، فإن العملية نفذت بهدف تخفيف الزخم الإعلامي والعسكري عن مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار بعد تحقيق الجيش العراقي تقدماً كبيراً في محيط المدينة، الأمر الذي استدعى تدخل قائد القوات البرية الفريق علي غيدان المتمركز في الأنبار منذ انطلاق العملية الأمنية هناك قبل نحو ستة أشهر، وسحب مجموعة من الفرقة الذهبية (جهاز مكافحة الارهاب) من الفلوجة الى سامراء.

كل ذلك يأتي في وقت دعا فيه رئيس الوزراء نوري المالكي الى عقد مؤتمر لتسوية الازمة في الأنبار، وطرد مسلحي «داعش» من المدينة بشكل نهائي.

ومع اشتداد الصراعات السياسية وسباق تشكيل الحكومة، يزداد الشارع العراقي قلقاً من تصاعد أعمال العنف وعودة مسلحي داعش لقصف مراقد مقدسة بهدف إشعال الفتنة الطائفية. وفي هذا الاطار، أفتى المرجع كاظم الحائري الذي يقيم في إيران بوجوب التصدي لتنظيمات النصرة والقاعدة وداعش، معتبراً من يقتل في مواجهة الإرهاب «له أجر شهيد».

وكان العراق غصّ بعمليات عنف طائفية طالت جميع سكان العاصمة بغداد وبعض المحافظات ذات الطبيعة الديموغرافية المختلطة على خلفية تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء عام 2006، أدت الى مقتل ما لا يقل عن 8 آلاف مواطن، وتهجير ونزوح آلاف العوائل من مناطق سكناها.

هل انتهت القضية هنا؟ هل سيكون الهجوم الأخير؟ هل سيحصل أمر مماثل في مكان آخر داخل العراق، أو ربما خارجه، ما دام «الخبيث» على خبثه؟ أسئلة كثيرة رهن المقبل من الأيام، ولسان حال العراق والمنطقة: «اللهم إنا نسألك الأمان».

  • فريق ماسة
  • 2014-06-05
  • 11389
  • من الأرشيف

العراق والمنطقة ينجوان من «الانفجار الكبير»

استفاق العراق صباح الخميس على وقع أنباء مخيفة عن سقوط معظم أجزاء مدينة سامراء بيد تنظيم «داعش»، في هجوم صاعق أعاد إلى الأذهان حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين هناك، واندلاع أعمال عنف طائفية على خلفيتها، سقط على إثرها آلاف الأبرياء في العديد من المحافظات العراقية. عند المرقد كل الحكاية. هو هدف الهجوم أصلاً. احتلاله لا تفجيره. وقد وصلت المعارك إلى بعد شارعين منه. المرقد «مقدس» عند المسلمين الشيعة، وسامراء بغالبيتها من المسلمين السنّة، لكن هؤلاء لم يمسّوه بسوء طوال قرون خلت، بل لطالما كانوا هم حماته... أما «داعش» فتلك حكاية أخرى. لو تمّ الأمر لهم، كما أرادوا، لكان الكلام عن «عقلاء» من الطرفين قد أصبح من قبيل الترف. ستُصمّ الآذان عن سماع أصوات هؤلاء. حصل هذا سابقاً أيضاً. العراقيون، ومعهم كل العالم، لم ينسوا عام 2006 بعد، يوم نجح بعض «مجانين التكفير» في تفجير المرقد المذكور. كانت تلك اللحظة مفصلاً في حياة العراقيين، إذ غرقت البلاد في دوامة عنف طائفي لم تنته ارتدادتها حتى اليوم. لا أحد يريد العودة إلى تلك الذكرى، باستثناء مجرم ما، في مكان ما، قرر أن يحصل اجتياح سامراء في فجر مظلم، واحتلال المرقد، وخذ بعدها على «تدنيس» وعلى أهازيج «يا غيرة الدين». لن يكون بمقدور أحد لجم العقال الذي سيفلت، أكثر مما هو فالت الآن، خاصة أن ما يحصل في العراق ما عاد يتصل بالعراقيين أنفسهم، تحديداً عند الحديث عن سنّة وشيعة، وبالتالي يمكن القول إن المنطقة قفزت أمس فوق «بحر من الدم». هل هو ردّ سعودي، في العراق، على نجاح الانتخابات الرئاسية في سورية؟ ألم يقل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قبل مدّة، إن السعودية «تُعلن الحرب على العراق» من خلال دعمها لـ«التكفيريين»؟ أي خبيث، فيه هذا الكم الهائل من الخبث، خطر له إشعال المنطقة بحرب مذهبية ضروس لا تبقي ولا تذر؟ أسئلة كثيرة طرحها ناشطون، أمس، بعدما وضعوا أيديهم على قلوبهم، وحبسوا أنفاسهم، يترقبون كل خبر يأتي من سامراء. يوم أمس، حبس العراقيون أنفاسهم إلى حين إعلان القوات الأمنية تطهير المدينة من المسلحين وهروبهم إلى خارج المدينة، بعد يوم دام جديد ساده القلق والحذر، ولم يخل من عمليات تفجير منظمة في مناطق ديالى والموصل وصلاح الدين وبغداد، وإعلان حظر التجوال في كل من الموصل وتكريت. وفي حين أشارت الروايات غير الرسمية إلى سقوط 51 جندياً عراقياً خلال عملية الاقتحام التي نفذها أكثر من 200 مسلح، استجمعت القوات الأمنية قواها عند محيط مرقد الإمامين تحسباً لاقتحامه، وتم استدعاء تعزيز عسكري كبير، الأمر الذي أدى إلى تحصّن المسلحين في مواقع عدة. وفي حدود الساعة السابعة مساءً، أعلنت وزارة الدفاع تطهير المدينة من المسلحين بشكل كامل وتدمير 19 آلية للمقتحمين، وقتل 13 مسلحاً. الأهالي رووا في حديثهم إلى «الأخبار» أن «مسلحي داعش دخلوا بسيارات رباعية الدفع، وبعضها مصفح، إلى المدينة بحدود الساعة الثالثة فجراً، عبر الطريق الزراعي الواصل بين سامراء وديالى والموسوم بطريق الضلوعية»، مضيفين أن «المسلحين اشتبكوا مع بعض نقاط التفتيش، في حين انسحب جنود العديد من هذه النقاط، ما سهّل دخول المسلحين إلى المدينة سريعاً واحتلال العديد من المواقع الاستراتيجية، وأبرزها جامع الرزاق الذي يعدّ المسجد المركزي في المدينة، ومقر الدفاع المدني الذي يبعد عن مرقد الإمامين العسكريين 3 كيلومترات فقط. وبيّن الأهالي أن «المسلحين رفعوا أذان الفجر عبر مكبرات الصوت في جامع الرزاق، تلاه تحذير للأهالي من مقاومتهم، ودعوتهم إلى الانخراط في صفوف داعش لإسقاط الحكومة العراقية، وإمهال القوات الأمنية ساعتين لإلقاء أسلحتهم وتسليم أنفسهم»، مشيرين إلى وصول القطعات العسكرية إلى المدينة في الساعات الأولى من نهار أمس مدعومة بمروحيات مقاتلة. شهود عيان من داخل سامراء ذكروا لـ«الأخبار» أن بعض أهالي سامراء «باتوا يميلون أخيراً إلى داعش، تحديداً خلال السنوات الأخيرة، وبعض هؤلاء هم ممن يُعرفون بالحرس الجمهوري أو فدائيي صدّام. بهؤلاء قويت شوكة التكفيريين هناك. كانت قذائف الهاون تنفجر قرب مرقد العسكريين، حتى قبل مدة وجيزة، ولكن كان يجري التكتّم على الأمر، فلا يصل كما هو إلى وسائل الإعلام». ويضيف الشاهد: «عند الفجر بدأ الهجوم انطلاقاً من مسجد الرزاق، وهو مقر قيادة حكومي ومركز للدفاع المدني سيطرت عليه «داعش» في هجومها، وهو بالمناسبة لا يبعد عن المرقد أكثر من 1600 متر تقريباً». راح «الداعشيون» يتنقلون بين أحياء المدينة بواسطة آلياتهم المسلحة، مع صرخات وأهازيج ودعوات لنصرتهم. عند الظهيرة، استطاعت القوات الأمنية النظامية، ومعها مسلحون انطلقوا من بغداد لحماية المرقد، إفشال المخطط بعد معارك عنيفة على مدى ساعات، فانكفأت «داعش» إلى أطراف المدينة بعد سقوط عدد كبير من القتلى. حتى ساعات الليل، كان يمكن القول إن الهجوم تم إفشاله، لكن «الدم كان يغلي» في أكثر من منطقة عراقية، إذ راحت الوفود تزحف إلى سامراء للدفاع عنها، ولتجنيب البلاد القطوع المخيف ذاته. في غضون ذلك، كشف قائد القوات البرية الفريق علي غيدان، في بيان صحافي، عن «مشاركة 300 آلية عسكرية مدعومة بسلاح الجو في عملية تحرير المدينة من المسلحين وفك الطوق الذي ضربه تنظيم داعش حول مرقد الإمامين العسكريين». وقام سلاح الجو العراقي بقصف أحياء الخضراء والشهداء، وجامع الرزاق، ومركز الدفاع المدني بعد تحصن مسلحي داعش فيه، واقتحام المدينة بعد ذلك. إلا أن مسلحي داعش كانوا انسحبوا من مواقعهم، من دون أن تصدر أي إحصائية رسمية عن عدد الضحايا. إثر العملية الأمنية، أعلن قائد عمليات سامراء الفريق الركن صباح الفتلاوي «تطهير 97 بالمئة من مدينة سامراء». وقال: «قواتنا تعمل على إكمال تطهير المدينة، خاصة جانبها الشرقي، بأمتار محدودة، بعدما تكبد العدو خسائر كبيرة». وأضاف الفتلاوي في حديث إلى وكالة فرانس برس» قائلاً: «الجميع وقف لحماية سامراء والمراقد الدينية، وأحبطنا هجومهم وتمكنّا من قتل ثمانين داعشياً، بضربات وهجمات واشتباكات من دار إلى دار وشارع إلى آخر». كان لافتاً، أمس، واتخذت القوات الأمنية سلسلة إجراءات على خلفية الحادث تمثلت في اقتحام موقع المتظاهرين المعتصمين منذ نحو عام «ساحة الحق» وأحرقت الخيم، وقامت باعتقال عدد من قادة التظاهرات، بينهم قادة في قوات الصحوات التي تشكلت من أهالي المدينة لمحاربة تنظيم القاعدة في عام 2008، وبدأت بالبحث عن رجل دين يدعى «محمد طه حمدون» الذي أنشأ ساحة المتظاهرين وحوّلها إلى تجمع للمسلحين، بحسب الروايات الحكومية، وصدرت بحقه مذكرة إلقاء قبض، لكن القوات الأمنية لم تفلح في اعتقاله حتى. وتشير الأنباء الرسمية إلى اعتقال 18 شخصاً على صلة بالتظاهرات، يرجّح قيامهم بتسهيل دخول تنظيم «داعش» إلى المدينة. وبحسب خبراء عسكريين، فإن العملية نفذت بهدف تخفيف الزخم الإعلامي والعسكري عن مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار بعد تحقيق الجيش العراقي تقدماً كبيراً في محيط المدينة، الأمر الذي استدعى تدخل قائد القوات البرية الفريق علي غيدان المتمركز في الأنبار منذ انطلاق العملية الأمنية هناك قبل نحو ستة أشهر، وسحب مجموعة من الفرقة الذهبية (جهاز مكافحة الارهاب) من الفلوجة الى سامراء. كل ذلك يأتي في وقت دعا فيه رئيس الوزراء نوري المالكي الى عقد مؤتمر لتسوية الازمة في الأنبار، وطرد مسلحي «داعش» من المدينة بشكل نهائي. ومع اشتداد الصراعات السياسية وسباق تشكيل الحكومة، يزداد الشارع العراقي قلقاً من تصاعد أعمال العنف وعودة مسلحي داعش لقصف مراقد مقدسة بهدف إشعال الفتنة الطائفية. وفي هذا الاطار، أفتى المرجع كاظم الحائري الذي يقيم في إيران بوجوب التصدي لتنظيمات النصرة والقاعدة وداعش، معتبراً من يقتل في مواجهة الإرهاب «له أجر شهيد». وكان العراق غصّ بعمليات عنف طائفية طالت جميع سكان العاصمة بغداد وبعض المحافظات ذات الطبيعة الديموغرافية المختلطة على خلفية تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء عام 2006، أدت الى مقتل ما لا يقل عن 8 آلاف مواطن، وتهجير ونزوح آلاف العوائل من مناطق سكناها. هل انتهت القضية هنا؟ هل سيكون الهجوم الأخير؟ هل سيحصل أمر مماثل في مكان آخر داخل العراق، أو ربما خارجه، ما دام «الخبيث» على خبثه؟ أسئلة كثيرة رهن المقبل من الأيام، ولسان حال العراق والمنطقة: «اللهم إنا نسألك الأمان».

المصدر : الأخبار/ مصطفى ناصر ومحمد النزال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة