ثلاث ساعات أمام سفارة الجمهورية العربيّة السوريّة في عمان، توالت أمامي تسعة مشاهد مهيبة،لم أر مثيلا لها خلال حياتي قط،   في مهرجان انتخابيّ حقيقيّ غير معهود،هكذا ردت حضارة الشعب السوريّ على إرهاب منظومة الغرب وأدواته العربيّة، وصفعت ديمقراطيته المشوّهة ،وكسرت قيود المنع، وعرّت الصورة الحقيقيّة للمدنيّة والتغيير الذي يريد الغرب ومرتزقته جلبه إلى سوريا (مدنيّة منع وطرد وقتل كلّ من له توجه سياسيّ مغاير، يريد التعبير عنه بالانتخاب أو الرأي،مدنيّة السبي ومنع المرأة من التعليم،مدنيّة قطع الرؤوس وأكل أكباد العباد وتدمير المنجزات الحضاريّة للأمة،مدنيّة العمالة والارتماء في أحضان الصهيونيّة، ....) فكان ردّ الشعب السوريّ ( للعلم: المقيمون في ما يسمى بمخيمات اللجوء،احتجزت وثائقهم الشخصيّة،ومنعوا من ممارسة حقهم بالانتخاب) ، بالمشاهد التسع المهيبة : 

 مشهد لامرأة في سنّ قد يتجاوز السبعين من العمر، بعباءتها السوداء وكرسيها المتحرك، برفقة بناتها، يتناوبن على دفع الكرسي نحو مبنى السفارة، وطفلين تزيّن الفرحة براءتهما،حين تنظر صوبها تراها تحلق بأجنحة تعلو الكون كلّه.

مشهد لشيخ كهل بثوبه الأبيض الملائكيّ، بلون حمائم سلام الكون كلّه، متكئا بإحدى يديه على ولده الشاب،والأخرى على عصاه،إن نظرت إلى بريق عينيه،رأيت شابا مقاتلا من أجل الحياة.

 مشهد لرجال ونساء من بادية الشام بزيّهم البدوي نصف البالي، يغطي هامات من العزة والكرامة والشموخ.

 مشهد لفلاحين وفلاحات،طلاب وموظفين وعمال،تسمع على ألسنتهم لهجات مختلفة ، تسألهم فيجيبون:  من دير الزور ، الحسكة ،حمص ،حماة ، درعا ، دمشق...

 مشهد لطوابير ضمت الآلاف، وقوف بلا تذمّر،شكلوا درسا بالتنظيم الذاتيّ واحترام الدور والآخر،ودرسا في الإرادة والإصرار، وكأنّ صوت الواحد منهم رصاصة النصر،يقدمها لكلّ الوطن.

 مشهد لتنوّع، في مكان واحد لم أره يوما ، حقيقة أو تصويرا ، جلهم من الشباب يحملون السلام بأعينهم ويختزنون بعقولهم ماضيهم العريق، شباب بعمر القوة والعطاء، يسألون ويبحثون بلهفة ، للحصول على علم بلادهم، يرددون بين الحين والآخر هتافات :  ( واحد واحد واحد  الشعب السوريّ واحد)، ( الله محيي الجيش، الله محيي الجيش ).

 مشهد لحافلتين من السياح الأجانب،أبهرهم المشهد، فاستغلوا بطء الحركة؛ ليصوروا المشهد الحضاريّ الذي انتصر على كلّ أدوات التضييق الغربيّ وسلاحه وأدواته الإرهابيّة ، ربما كان منهم الفرنسيّ،الذي سينقل  لبلده رسالة، تذكرهم ببطولات ثوّار سوريا حين اقتلعوا مرتزقتهم من أراضيهم، وربما منهم الأمريكيّ الذي سينقل إرادة هذا الشعب وتمسكه بالحياة رغم إرهابية أمريكا وحلفائها العملاء،وربما منهم الايطاليّ، ليذكرهم أن هناك ثوار حقيقيون لا مرتزقة ، سوّوا أنوفهم بالرمال، واقتلعوا فاشيتهم من صحراء العرب، وربما  منهم التركيّ الذي سيذكرهم بالخازوق الذي ارتدّ إليهم بتضحيات السوريين،وربما و ربما ....

مشهد لإعلاميين أردنيين وعرب، حضروا لتغطية الحدث،صُدموا بحشود العزّة والكرامة،فأغمضوا عيونهم وجعلوا أصابعهم في آذانهم،إخراسا لموضوعيتهم، فجرّوا صمتهم وخيبة مموليهم عائدين.

مشهد لخلاف بين شابين سوريين (لأقل من دقيقة ) انتهى بقبلة اعتذار على الجبين،ولمسة تضامن على الكتف.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-02
  • 10622
  • من الأرشيف

ثلاث ساعات وتسعة مشاهد

ثلاث ساعات أمام سفارة الجمهورية العربيّة السوريّة في عمان، توالت أمامي تسعة مشاهد مهيبة،لم أر مثيلا لها خلال حياتي قط،   في مهرجان انتخابيّ حقيقيّ غير معهود،هكذا ردت حضارة الشعب السوريّ على إرهاب منظومة الغرب وأدواته العربيّة، وصفعت ديمقراطيته المشوّهة ،وكسرت قيود المنع، وعرّت الصورة الحقيقيّة للمدنيّة والتغيير الذي يريد الغرب ومرتزقته جلبه إلى سوريا (مدنيّة منع وطرد وقتل كلّ من له توجه سياسيّ مغاير، يريد التعبير عنه بالانتخاب أو الرأي،مدنيّة السبي ومنع المرأة من التعليم،مدنيّة قطع الرؤوس وأكل أكباد العباد وتدمير المنجزات الحضاريّة للأمة،مدنيّة العمالة والارتماء في أحضان الصهيونيّة، ....) فكان ردّ الشعب السوريّ ( للعلم: المقيمون في ما يسمى بمخيمات اللجوء،احتجزت وثائقهم الشخصيّة،ومنعوا من ممارسة حقهم بالانتخاب) ، بالمشاهد التسع المهيبة :   مشهد لامرأة في سنّ قد يتجاوز السبعين من العمر، بعباءتها السوداء وكرسيها المتحرك، برفقة بناتها، يتناوبن على دفع الكرسي نحو مبنى السفارة، وطفلين تزيّن الفرحة براءتهما،حين تنظر صوبها تراها تحلق بأجنحة تعلو الكون كلّه. مشهد لشيخ كهل بثوبه الأبيض الملائكيّ، بلون حمائم سلام الكون كلّه، متكئا بإحدى يديه على ولده الشاب،والأخرى على عصاه،إن نظرت إلى بريق عينيه،رأيت شابا مقاتلا من أجل الحياة.  مشهد لرجال ونساء من بادية الشام بزيّهم البدوي نصف البالي، يغطي هامات من العزة والكرامة والشموخ.  مشهد لفلاحين وفلاحات،طلاب وموظفين وعمال،تسمع على ألسنتهم لهجات مختلفة ، تسألهم فيجيبون:  من دير الزور ، الحسكة ،حمص ،حماة ، درعا ، دمشق...  مشهد لطوابير ضمت الآلاف، وقوف بلا تذمّر،شكلوا درسا بالتنظيم الذاتيّ واحترام الدور والآخر،ودرسا في الإرادة والإصرار، وكأنّ صوت الواحد منهم رصاصة النصر،يقدمها لكلّ الوطن.  مشهد لتنوّع، في مكان واحد لم أره يوما ، حقيقة أو تصويرا ، جلهم من الشباب يحملون السلام بأعينهم ويختزنون بعقولهم ماضيهم العريق، شباب بعمر القوة والعطاء، يسألون ويبحثون بلهفة ، للحصول على علم بلادهم، يرددون بين الحين والآخر هتافات :  ( واحد واحد واحد  الشعب السوريّ واحد)، ( الله محيي الجيش، الله محيي الجيش ).  مشهد لحافلتين من السياح الأجانب،أبهرهم المشهد، فاستغلوا بطء الحركة؛ ليصوروا المشهد الحضاريّ الذي انتصر على كلّ أدوات التضييق الغربيّ وسلاحه وأدواته الإرهابيّة ، ربما كان منهم الفرنسيّ،الذي سينقل  لبلده رسالة، تذكرهم ببطولات ثوّار سوريا حين اقتلعوا مرتزقتهم من أراضيهم، وربما منهم الأمريكيّ الذي سينقل إرادة هذا الشعب وتمسكه بالحياة رغم إرهابية أمريكا وحلفائها العملاء،وربما منهم الايطاليّ، ليذكرهم أن هناك ثوار حقيقيون لا مرتزقة ، سوّوا أنوفهم بالرمال، واقتلعوا فاشيتهم من صحراء العرب، وربما  منهم التركيّ الذي سيذكرهم بالخازوق الذي ارتدّ إليهم بتضحيات السوريين،وربما و ربما .... مشهد لإعلاميين أردنيين وعرب، حضروا لتغطية الحدث،صُدموا بحشود العزّة والكرامة،فأغمضوا عيونهم وجعلوا أصابعهم في آذانهم،إخراسا لموضوعيتهم، فجرّوا صمتهم وخيبة مموليهم عائدين. مشهد لخلاف بين شابين سوريين (لأقل من دقيقة ) انتهى بقبلة اعتذار على الجبين،ولمسة تضامن على الكتف.

المصدر : رائـد العـزام


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة