نشرة أخبار على وقع موسيقى الراب…نفس مغاير وأسلوب مبتكر، أنباء العالم تتهادى على وقع الراب ولا تخلو من الإسقاطات السياسية.. تلك هي نشرات الأخبار الرائجة هذه الأيام بالسنغال، لتتحوّل خلال  وقت وجيز من ظهورها إلى منافس حقيقي لنشرات الأخبار التقليدية.. الفكرة انطلقت من مخيلة اثنين من نجوم الراب بالسنغال، وبعد نجاحها يأمل صاحباها أن تتمكّن من تجاوز موطنهما وغزو بقية بلدان القارة الافريقية.

 “مرحبا بكم في هذه النشرة المخصّصة لعودة عبد الله واد (الرئيس السنغالي السابق) إلى السنغال.. لقد رحل كلصّ، وهاهو اليوم يعود بطلا”.. بهذه الطريقة وعلى انغام موسيقى الراب، يستهلّ نجما الراب نشرتهما التي يقدّمانها على طريقتهما الخاصة جدّا.. فمنذ أبريل 2013، دأب كلّ من “غزومان” و”كايتي” على تقديم نشرات الأخبار على إيقاع الراب، حيث يمنحان وقعا لجملة المعلومات المستعرضة، وتتخلّل تلك “الأنباء” فسيفساء من الآراء المتنوّعة..

ويتداول المغنّيان على تقديم تقرير اخباري  مفصّل عن بلدهما وعمّا يحدث في بقية أرجاء العالم مرة واحدة في الأسبوع.. ففي كلّ مرّة، يظهر أحدهما على البلاتوه لإلقاء النشرة الإخبارية باللغة الفرنسية باعتبارها اللغة الرسمية في السنغال، ثم بلغة “الولوف” (لغة أغلبية سكان السنغال وأقلية كبيرة في موريتانيا، وعدد الناطقين بها 7 مليون، ومنهم 3 مليون كلغة أم. وتكتب رسمياً بالأبجدية اللاتينية). المغنّيان لا يضطلعان بأداء هذه الأغنية فقط، وإنّما يقومان بكتابة كلماتها أيضا.

 “غزومان” قال للاناضول إنّ “نشرة الأخبار الحقيقية مثيرة للإحباط، أمّا نشرتنا فتبثّ روحا جديدة في المستجدّات”.

في البداية، تمكّنت النشرة من حصاد إعجاب السنغاليين بعد بثّها على “اليوتيوب”، فلقد أثار أسلوب المقدّمين والنفس الجديد النابع من الكلمات والإيقاع المصاحب الحماس لدى المتابعين، لتسجّل نشرات الأخبار على إيقاع الراب أكثر من 300 ألف مشاهدة،  بحسب احصاءات اليوتيوب، وحصل الـ “يوتيوب” تبعا لذلك على 3 آلاف و700 اشتراك.. نجاح العمل وشعبيته أقنع قناة “2 أس. تي. في” السنغالية (مستقلة) باقتناء حقوق بثّ النشرات الإخبارية على إيقاع الراب. وقد برمجت إدارة القناة بث الحلقات كلّ يوم جمعة مباشرة عقب نشرة الأخبار التقليدية.

بانقضاء الموسم الأول، والذي امتدّ على الستّة أشهر الفاصلة بين نيسان/ أبريل وأكتوبر/ تشرين الأول 2013، دخل مقدّما النشرة الاخبارية على إيقاع الراب الموسم الثاني، والذي سيتضمّن ما لا يقلّ عن 25 حلقة، محمّلين بشحنة من التفاؤل ومفعمين بحلم “تدويل مفهوم” العمل الفني الذي يقومان به.

 “غزومان” قال في هذا السياق “نتطلّع إلى أن يجتاز مفهوم النشرة الاخبارية على وقع الراب حدود البلاد ليصبح  افريقيا.. نودّ رؤيته في كلّ من مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر وغامبيا”، قبل أن يضيف “نشرة الأخبار الحقيقية مثيرة للإحباط، لذلك فإنّ نشرتنا تبثّ الروح من جديد في المستجدّات”.

فكرة هذه النشرة الخارجة عن المألوف موجودة في كلّ من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، غير أنّها تعتبر جديدة في افريقيا.. ففي هذه القارة السمراء، وتحديدا في السنغال، ولدت الفكرة في ذهن “غزومان” البالغ من العمر 39 سنة، قضّى أكثر من 20 منها في مجال الـ “هيب هوب”..  “البداية كانت إذن سنة 2012، وتحديدا خلال الفترة التي بلغ فيها تحدّي الرئيس السنغالي السابق “عبد الله واد” أشدّه من أجل الحصول على ولاية رئاسية ثالثة”. فـ “في ذلك الحين، برزت  عدّة أغاني فردية للتعبير عن الاستنكار والاستياء من نظام “واد” (حكم السنغال من سنة 2000 إلى 2012) ورغبته في الحصول على ولاية جديدة.

في ذلك العام. غير أنّ مجمل تلك الألبومات كانت غالبا ما تطرح في السوق بصفة متأخّرة نوعا ما مقارنة مع الأحداث المتناولة في الأغاني.. ومن هناك راودني سؤال لم يأب مغادرة تفكيري: لماذا لا نحاول الحديث عن المستجدّات وهي ساخنة؟ أي من خلال نشرة اخبار، وتناقشت حول الأمر مع “كايتي”، الذي استوعب الفكرة بسرعة ، ومن هناك كانت الانطلاقة”.

ورغم أنّ النشرة لا تدوم لأكثر من دقائق معدودة، إلاّ أنّ عملية الإعداد لها  تمتدّ على حيّز زمني معتبر. “غزومان” أوضح في هذا السياق أنّ “الإعداد للنشرة الاخبارية الأسبوعية على وقع الراب يبدأ بتجميع الأخبار.

أمّا الثلاثة أيام الموالية، فنخصّصها للفرز ولمعالجة المستجدّات، إضافة إلى طرح تصوّراتنا بخصوص الموسيقى المصاحبة للكلمات. وهذه الأيام الأربعة الأولى تعتبر بالنسبة إلينا الفترة الأصعب في عملية العثور على تصوّر نهائي لنشرتنا”. “غزومان” عقّب قائلا: “لا بدّ من تقديم الأخبار بأسلوب معيّن ودون ابتذال بغضّ النظر عن الإرهاق الذي يجثم بثقله علينا”.

من بين أهداف هذه النشرة المميّزة هو التوجّه إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وخصوصا الشباب منهم، والذين عادة ما لا يحبّّذون متابعة الأخبار. “كايتي” قال “لقد انتبهنا إلى أن الكثير من الأشياء تحدث في السنغال وفي العالم دون أن ينتبه الناس إليها.. علينا الاعتراف بأنّ نشرة الأخبار العادية مثيرة للإحباط بايقاعها الرتيب، بعكس نشرتنا، فنحن نقدّم المستجدات السعيدة بطريقة تملؤها الغبطة والسرور، فيما نحاول العثور على سبيل لتمرير الأحداث الحزينة بطريقة مثيرة للضحك، وهذا يحدث أثرا أفضل لدى المتقبّل”.

وفيما يتعلّق بالتمويل، أوضح “كايتي” أنّ كلفة النشرة الواحدة على وقع الراب قد تصل إلى ألف دولار، بما في ذلك تصميم الموسيقى، وتأجير الكاميرا والتركيب وما إلى ذلك ممّا يتطلّبه عمل مماثل، مشيرا إلى أنه ورفيقه “عقدا شراكة مع شركة “ليفيل ستيديو”  المكلّفة بانتاج النشرة للتقليص من النفقات”.

 “كايتي” قال: “نحن مطالبون بالمردودية، وهذا هو المشكل بالنسبة إلينا في الوقت الحاضر، فنحن نريد ان نعتمد على الإشهارات، غير أنّ هؤلاء ينتابهم الخوف من النفس التهكّمي للنشرة، ونحن نتفهّم ذلك، وهذا ما يدفعنا في نفس الوقت إلى البحث عن سبل أخرى لضمان مردودية هذا المنتوج”.

وبسؤالهما عن إمكانية تخفيف وطأة النفس التهكّمي للنشرة، هتف المغنّيان في نفس الوقت أنّه “لا مجال لذلك”. “كايتي” أكّد أنّ “نجاح النشرة يعود أوّلا إلى طابعها وإلى صورها وإلى موسيقاها، وأيضا إلى ذلك النفس الذي يميّزها، لذا، فلا مجال للتراجع أو للتخلّي عن هذه الميزات”. والتنازل الوحيد الذي يمكن تقديمه هو “التخفيف من وطأة الكلمات واختيار ما يمكن أن يؤدّي نفس المعنى”. إجراء وقائي “فنّي” يهدف إلى عدم “تمييع الرسالة”، على حدّ تعبيره
  • فريق ماسة
  • 2014-05-13
  • 12814
  • من الأرشيف

نشرة الأخبار على وقع موسيقي الراب.. صيحة سنغالية

 نشرة أخبار على وقع موسيقى الراب…نفس مغاير وأسلوب مبتكر، أنباء العالم تتهادى على وقع الراب ولا تخلو من الإسقاطات السياسية.. تلك هي نشرات الأخبار الرائجة هذه الأيام بالسنغال، لتتحوّل خلال  وقت وجيز من ظهورها إلى منافس حقيقي لنشرات الأخبار التقليدية.. الفكرة انطلقت من مخيلة اثنين من نجوم الراب بالسنغال، وبعد نجاحها يأمل صاحباها أن تتمكّن من تجاوز موطنهما وغزو بقية بلدان القارة الافريقية.  “مرحبا بكم في هذه النشرة المخصّصة لعودة عبد الله واد (الرئيس السنغالي السابق) إلى السنغال.. لقد رحل كلصّ، وهاهو اليوم يعود بطلا”.. بهذه الطريقة وعلى انغام موسيقى الراب، يستهلّ نجما الراب نشرتهما التي يقدّمانها على طريقتهما الخاصة جدّا.. فمنذ أبريل 2013، دأب كلّ من “غزومان” و”كايتي” على تقديم نشرات الأخبار على إيقاع الراب، حيث يمنحان وقعا لجملة المعلومات المستعرضة، وتتخلّل تلك “الأنباء” فسيفساء من الآراء المتنوّعة.. ويتداول المغنّيان على تقديم تقرير اخباري  مفصّل عن بلدهما وعمّا يحدث في بقية أرجاء العالم مرة واحدة في الأسبوع.. ففي كلّ مرّة، يظهر أحدهما على البلاتوه لإلقاء النشرة الإخبارية باللغة الفرنسية باعتبارها اللغة الرسمية في السنغال، ثم بلغة “الولوف” (لغة أغلبية سكان السنغال وأقلية كبيرة في موريتانيا، وعدد الناطقين بها 7 مليون، ومنهم 3 مليون كلغة أم. وتكتب رسمياً بالأبجدية اللاتينية). المغنّيان لا يضطلعان بأداء هذه الأغنية فقط، وإنّما يقومان بكتابة كلماتها أيضا.  “غزومان” قال للاناضول إنّ “نشرة الأخبار الحقيقية مثيرة للإحباط، أمّا نشرتنا فتبثّ روحا جديدة في المستجدّات”. في البداية، تمكّنت النشرة من حصاد إعجاب السنغاليين بعد بثّها على “اليوتيوب”، فلقد أثار أسلوب المقدّمين والنفس الجديد النابع من الكلمات والإيقاع المصاحب الحماس لدى المتابعين، لتسجّل نشرات الأخبار على إيقاع الراب أكثر من 300 ألف مشاهدة،  بحسب احصاءات اليوتيوب، وحصل الـ “يوتيوب” تبعا لذلك على 3 آلاف و700 اشتراك.. نجاح العمل وشعبيته أقنع قناة “2 أس. تي. في” السنغالية (مستقلة) باقتناء حقوق بثّ النشرات الإخبارية على إيقاع الراب. وقد برمجت إدارة القناة بث الحلقات كلّ يوم جمعة مباشرة عقب نشرة الأخبار التقليدية. بانقضاء الموسم الأول، والذي امتدّ على الستّة أشهر الفاصلة بين نيسان/ أبريل وأكتوبر/ تشرين الأول 2013، دخل مقدّما النشرة الاخبارية على إيقاع الراب الموسم الثاني، والذي سيتضمّن ما لا يقلّ عن 25 حلقة، محمّلين بشحنة من التفاؤل ومفعمين بحلم “تدويل مفهوم” العمل الفني الذي يقومان به.  “غزومان” قال في هذا السياق “نتطلّع إلى أن يجتاز مفهوم النشرة الاخبارية على وقع الراب حدود البلاد ليصبح  افريقيا.. نودّ رؤيته في كلّ من مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر وغامبيا”، قبل أن يضيف “نشرة الأخبار الحقيقية مثيرة للإحباط، لذلك فإنّ نشرتنا تبثّ الروح من جديد في المستجدّات”. فكرة هذه النشرة الخارجة عن المألوف موجودة في كلّ من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، غير أنّها تعتبر جديدة في افريقيا.. ففي هذه القارة السمراء، وتحديدا في السنغال، ولدت الفكرة في ذهن “غزومان” البالغ من العمر 39 سنة، قضّى أكثر من 20 منها في مجال الـ “هيب هوب”..  “البداية كانت إذن سنة 2012، وتحديدا خلال الفترة التي بلغ فيها تحدّي الرئيس السنغالي السابق “عبد الله واد” أشدّه من أجل الحصول على ولاية رئاسية ثالثة”. فـ “في ذلك الحين، برزت  عدّة أغاني فردية للتعبير عن الاستنكار والاستياء من نظام “واد” (حكم السنغال من سنة 2000 إلى 2012) ورغبته في الحصول على ولاية جديدة. في ذلك العام. غير أنّ مجمل تلك الألبومات كانت غالبا ما تطرح في السوق بصفة متأخّرة نوعا ما مقارنة مع الأحداث المتناولة في الأغاني.. ومن هناك راودني سؤال لم يأب مغادرة تفكيري: لماذا لا نحاول الحديث عن المستجدّات وهي ساخنة؟ أي من خلال نشرة اخبار، وتناقشت حول الأمر مع “كايتي”، الذي استوعب الفكرة بسرعة ، ومن هناك كانت الانطلاقة”. ورغم أنّ النشرة لا تدوم لأكثر من دقائق معدودة، إلاّ أنّ عملية الإعداد لها  تمتدّ على حيّز زمني معتبر. “غزومان” أوضح في هذا السياق أنّ “الإعداد للنشرة الاخبارية الأسبوعية على وقع الراب يبدأ بتجميع الأخبار. أمّا الثلاثة أيام الموالية، فنخصّصها للفرز ولمعالجة المستجدّات، إضافة إلى طرح تصوّراتنا بخصوص الموسيقى المصاحبة للكلمات. وهذه الأيام الأربعة الأولى تعتبر بالنسبة إلينا الفترة الأصعب في عملية العثور على تصوّر نهائي لنشرتنا”. “غزومان” عقّب قائلا: “لا بدّ من تقديم الأخبار بأسلوب معيّن ودون ابتذال بغضّ النظر عن الإرهاق الذي يجثم بثقله علينا”. من بين أهداف هذه النشرة المميّزة هو التوجّه إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وخصوصا الشباب منهم، والذين عادة ما لا يحبّّذون متابعة الأخبار. “كايتي” قال “لقد انتبهنا إلى أن الكثير من الأشياء تحدث في السنغال وفي العالم دون أن ينتبه الناس إليها.. علينا الاعتراف بأنّ نشرة الأخبار العادية مثيرة للإحباط بايقاعها الرتيب، بعكس نشرتنا، فنحن نقدّم المستجدات السعيدة بطريقة تملؤها الغبطة والسرور، فيما نحاول العثور على سبيل لتمرير الأحداث الحزينة بطريقة مثيرة للضحك، وهذا يحدث أثرا أفضل لدى المتقبّل”. وفيما يتعلّق بالتمويل، أوضح “كايتي” أنّ كلفة النشرة الواحدة على وقع الراب قد تصل إلى ألف دولار، بما في ذلك تصميم الموسيقى، وتأجير الكاميرا والتركيب وما إلى ذلك ممّا يتطلّبه عمل مماثل، مشيرا إلى أنه ورفيقه “عقدا شراكة مع شركة “ليفيل ستيديو”  المكلّفة بانتاج النشرة للتقليص من النفقات”.  “كايتي” قال: “نحن مطالبون بالمردودية، وهذا هو المشكل بالنسبة إلينا في الوقت الحاضر، فنحن نريد ان نعتمد على الإشهارات، غير أنّ هؤلاء ينتابهم الخوف من النفس التهكّمي للنشرة، ونحن نتفهّم ذلك، وهذا ما يدفعنا في نفس الوقت إلى البحث عن سبل أخرى لضمان مردودية هذا المنتوج”. وبسؤالهما عن إمكانية تخفيف وطأة النفس التهكّمي للنشرة، هتف المغنّيان في نفس الوقت أنّه “لا مجال لذلك”. “كايتي” أكّد أنّ “نجاح النشرة يعود أوّلا إلى طابعها وإلى صورها وإلى موسيقاها، وأيضا إلى ذلك النفس الذي يميّزها، لذا، فلا مجال للتراجع أو للتخلّي عن هذه الميزات”. والتنازل الوحيد الذي يمكن تقديمه هو “التخفيف من وطأة الكلمات واختيار ما يمكن أن يؤدّي نفس المعنى”. إجراء وقائي “فنّي” يهدف إلى عدم “تمييع الرسالة”، على حدّ تعبيره

المصدر : الأناضول/يزيد بامس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة