توصلت الجهات الرسمية في مدينة حمص، أمس، إلى اتفاق مبدئي بوساطة علماء دين ولجان وساطة شعبية،

  مع الفصائل المسلحة المقاتلة في منطقتي حمص القديمة والوعر، يمكن أن يشكل إطار تسوية كبيرة تجنب الجانبين مزيدا من الاقتتال والدمار.

 وأكدت مصادر ميدانية رفيعة المستوى في حمص، لـ«السفير»، أن الجهات المعنية اتفقت على وقف لإطلاق النار في منطقتي حمص القديمة وحي الوعر، بين الجيش السوري والفصائل المسلحة الموجودة في المنطقتين، وذلك كمقدمة لتسوية يتم بحث تفاصيلها.

 ورفضت المصادر إعلان التفاصيل بانتظار «توضح الرؤية، وحرصا على تنفيذ الاتفاق» الذي ما زالت آلياته بحاجة إلى مناقشة.

واتفاق وقف إطلاق النار الجديد هو الأول بعد اتفاق مشابه جرى على خلفية محاولة إخراج المدنيين من الأحياء القديمة المتوترة في شهر شباط الماضي. ووفقا للمصادر ذاتها، تحتاج «المناقشات إلى عدة أيام قبل الإعلان رسميا عن حصول تسوية».

 وبدت الأطراف التي تحدثت إليها «السفير» حذرة للغاية في القول إن ثمة اتفاقا حصل، مشيرة إلى أن الانسحابات التي يجري الحديث عنها هذه الساعات محدودة، ولا تختلف عن تلك التي كانت تجري في الأسابيع الماضية.

 وتبدي الأطراف المعنية مخاوفها من حصول تخريب على «المتفقين» نتيجة تضارب المصالح بين فصائل المسلحين في حمص القديمة، والتي تتبع ولاءات مختلفة. وتتخوف الجهات، التي توسطت بين الطرفين، من حصول تصعيد ميداني جديد يعرقل جهود التسوية، كما سبق وحصل في أوقات سابقة. ولم يعد سرا أن تنظيمات مثل «جبهة النصرة» تعارض أية تسويات تحصل مع الجيش السوري، كما هو الأمر ذاته بالنسبة إلى «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، والذي يقع تحت تأثيره «لواء الحق» في حمص.

 ومنذ أيام شكلت عدة فصائل مسلحة «غرفة عمليات مشتركة» بهدف فك الحصار عن حمص القديمة. وتشكلت الغرفة من «كتائب الأنصار»، وبينها «لواء الحق» و«حركة أحرار الشام» الاسلامية و«جبهة النصرة» و«اللواء 313». وأعلنت «النصرة» تجهيز انتحاريين لاستهداف مناطق معينة في حمص للغاية ذاتها.

 ونظر المعنيون إلى تفجير حمص المزدوج في منطقة العباسية منذ يومين باعتباره جزءاً من عملية التخريب. وتبنت «النصرة» كما بات معلوماً التفجيرين، معلنة عن عمليات أخرى مقبلة. وقاد التصعيد الدموي الأخير الجانب الحكومي إلى دفع محاولات التسوية بزخم أكبر، خصوصا بعد تصعيد مشابه جرى منذ ثلاثة أسابيع، تمثل بانفجار سيارتين في حيي النزهة وعكرمة، وهو ما قاد بدوره إلى عمليات انتقام محلية في حي كرم الزيتون، ذهب ضحيتها 14 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، الأمر الذي هدد بجعل الموقف أكثر تعقيداً.

 وكانت المعارك قد اشتدت أمس الأول في حمص القديمة. وقال ناشطون إن سلاح الصواريخ استهدف المنطقة ليلا، وذلك بعدما سقطت عدة صواريخ محلية الصنع قرب مصفاة النفط المطلة على الطريق الدولي.

 وكان الجيش السوري قد تقدم في الأسبوعين الماضيين في منطقة حمص القديمة، مسيطراً على عدة كتل سكنية في منطقة باب هود وجب الجندلي. كما زاد حصاره، المستمر منذ عامين تقريبا، لإضعاف المجموعات المقاتلة الموجودة داخل الحي.

 وتنص مبادئ الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه على خروج المقاتلين الراغبين إلى مناطق ريف حمص الشرقي، وتحديدا منطقتي تلبيسة والرستن، آخر معاقل المقاتلين في ريف حمص، فيما يمكن لمن يريد تسوية أوضاعه الحصول على تسوية شبيهة بتلك التي سبق وطالت ما يقارب ألف مقاتل خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

 وأمس الأول خرج 16 مقاتلاً من منطقتي القرابيص وباب هود، وسلموا أنفسهم للسلطات المختصة. وقال المصدر، المتابع لعملية التفاوض الجارية، إن «ما جرى اليوم (أمس) يمثل خطوة متقدمة يمكن أن تقود إلى نتائج جيدة»، مشيرا إلى أن كل «المؤشرات المتوافرة توحي أن التسوية ممكنة، ويمكن أن تأخذ طابعاً موسعاً يشمل مناطق أخرى أبعد».

 ووفقاً لمعلومات «السفير» فقد جرى تداول أسماء مناطق في ريف حمص الشرقي، ولا سيما الحولة، في إطار عملية تسوية موسعة تتضمن بنوداً تنموية، في السابق. لكن هذه العملية توقفت، فيما استمرت الاشتباكات الميدانية، وآخرها استهداف الطيران الحربي لمراكز مسلحين في محيط بلدة الحولة أمس، والذي جرى بعد عمليتين انتحاريتين جرتا شرق الحولة في قريتي الحميرة وجدرين، المواليتين، وذهب ضحيتهما 30 قتيلا و50 جريحا.

 ويخشى مراقبون من أن تلقى التسوية التي يتم ترتيب بنودها الآن مصيراً مشابهاً لتلك التي فشلت مراراً في مخيم اليرموك في دمشق. ووفقاً للمصادر السابقة، فإن «مصلحة التنظيمات المتشددة والمقاتلين الأجانب موجودة على ضفة القتال لا المصالحة» وأن هذه المجموعات «يمكن أن تفعل أي شيء لمنع إعلان الجيش السوري كامل حمص تحت سيطرته».

  • فريق ماسة
  • 2014-05-02
  • 6534
  • من الأرشيف

حمص القديمة: وقف إطلاق نار يثير احتمال تسوية

توصلت الجهات الرسمية في مدينة حمص، أمس، إلى اتفاق مبدئي بوساطة علماء دين ولجان وساطة شعبية،   مع الفصائل المسلحة المقاتلة في منطقتي حمص القديمة والوعر، يمكن أن يشكل إطار تسوية كبيرة تجنب الجانبين مزيدا من الاقتتال والدمار.  وأكدت مصادر ميدانية رفيعة المستوى في حمص، لـ«السفير»، أن الجهات المعنية اتفقت على وقف لإطلاق النار في منطقتي حمص القديمة وحي الوعر، بين الجيش السوري والفصائل المسلحة الموجودة في المنطقتين، وذلك كمقدمة لتسوية يتم بحث تفاصيلها.  ورفضت المصادر إعلان التفاصيل بانتظار «توضح الرؤية، وحرصا على تنفيذ الاتفاق» الذي ما زالت آلياته بحاجة إلى مناقشة. واتفاق وقف إطلاق النار الجديد هو الأول بعد اتفاق مشابه جرى على خلفية محاولة إخراج المدنيين من الأحياء القديمة المتوترة في شهر شباط الماضي. ووفقا للمصادر ذاتها، تحتاج «المناقشات إلى عدة أيام قبل الإعلان رسميا عن حصول تسوية».  وبدت الأطراف التي تحدثت إليها «السفير» حذرة للغاية في القول إن ثمة اتفاقا حصل، مشيرة إلى أن الانسحابات التي يجري الحديث عنها هذه الساعات محدودة، ولا تختلف عن تلك التي كانت تجري في الأسابيع الماضية.  وتبدي الأطراف المعنية مخاوفها من حصول تخريب على «المتفقين» نتيجة تضارب المصالح بين فصائل المسلحين في حمص القديمة، والتي تتبع ولاءات مختلفة. وتتخوف الجهات، التي توسطت بين الطرفين، من حصول تصعيد ميداني جديد يعرقل جهود التسوية، كما سبق وحصل في أوقات سابقة. ولم يعد سرا أن تنظيمات مثل «جبهة النصرة» تعارض أية تسويات تحصل مع الجيش السوري، كما هو الأمر ذاته بالنسبة إلى «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، والذي يقع تحت تأثيره «لواء الحق» في حمص.  ومنذ أيام شكلت عدة فصائل مسلحة «غرفة عمليات مشتركة» بهدف فك الحصار عن حمص القديمة. وتشكلت الغرفة من «كتائب الأنصار»، وبينها «لواء الحق» و«حركة أحرار الشام» الاسلامية و«جبهة النصرة» و«اللواء 313». وأعلنت «النصرة» تجهيز انتحاريين لاستهداف مناطق معينة في حمص للغاية ذاتها.  ونظر المعنيون إلى تفجير حمص المزدوج في منطقة العباسية منذ يومين باعتباره جزءاً من عملية التخريب. وتبنت «النصرة» كما بات معلوماً التفجيرين، معلنة عن عمليات أخرى مقبلة. وقاد التصعيد الدموي الأخير الجانب الحكومي إلى دفع محاولات التسوية بزخم أكبر، خصوصا بعد تصعيد مشابه جرى منذ ثلاثة أسابيع، تمثل بانفجار سيارتين في حيي النزهة وعكرمة، وهو ما قاد بدوره إلى عمليات انتقام محلية في حي كرم الزيتون، ذهب ضحيتها 14 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، الأمر الذي هدد بجعل الموقف أكثر تعقيداً.  وكانت المعارك قد اشتدت أمس الأول في حمص القديمة. وقال ناشطون إن سلاح الصواريخ استهدف المنطقة ليلا، وذلك بعدما سقطت عدة صواريخ محلية الصنع قرب مصفاة النفط المطلة على الطريق الدولي.  وكان الجيش السوري قد تقدم في الأسبوعين الماضيين في منطقة حمص القديمة، مسيطراً على عدة كتل سكنية في منطقة باب هود وجب الجندلي. كما زاد حصاره، المستمر منذ عامين تقريبا، لإضعاف المجموعات المقاتلة الموجودة داخل الحي.  وتنص مبادئ الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه على خروج المقاتلين الراغبين إلى مناطق ريف حمص الشرقي، وتحديدا منطقتي تلبيسة والرستن، آخر معاقل المقاتلين في ريف حمص، فيما يمكن لمن يريد تسوية أوضاعه الحصول على تسوية شبيهة بتلك التي سبق وطالت ما يقارب ألف مقاتل خلال الأشهر الثلاثة الماضية.  وأمس الأول خرج 16 مقاتلاً من منطقتي القرابيص وباب هود، وسلموا أنفسهم للسلطات المختصة. وقال المصدر، المتابع لعملية التفاوض الجارية، إن «ما جرى اليوم (أمس) يمثل خطوة متقدمة يمكن أن تقود إلى نتائج جيدة»، مشيرا إلى أن كل «المؤشرات المتوافرة توحي أن التسوية ممكنة، ويمكن أن تأخذ طابعاً موسعاً يشمل مناطق أخرى أبعد».  ووفقاً لمعلومات «السفير» فقد جرى تداول أسماء مناطق في ريف حمص الشرقي، ولا سيما الحولة، في إطار عملية تسوية موسعة تتضمن بنوداً تنموية، في السابق. لكن هذه العملية توقفت، فيما استمرت الاشتباكات الميدانية، وآخرها استهداف الطيران الحربي لمراكز مسلحين في محيط بلدة الحولة أمس، والذي جرى بعد عمليتين انتحاريتين جرتا شرق الحولة في قريتي الحميرة وجدرين، المواليتين، وذهب ضحيتهما 30 قتيلا و50 جريحا.  ويخشى مراقبون من أن تلقى التسوية التي يتم ترتيب بنودها الآن مصيراً مشابهاً لتلك التي فشلت مراراً في مخيم اليرموك في دمشق. ووفقاً للمصادر السابقة، فإن «مصلحة التنظيمات المتشددة والمقاتلين الأجانب موجودة على ضفة القتال لا المصالحة» وأن هذه المجموعات «يمكن أن تفعل أي شيء لمنع إعلان الجيش السوري كامل حمص تحت سيطرته».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة