تحار الشاشات أيّ البرامج تستورد بعدما جرّبت الغطس والرقص والغناء. وقعت "أم تي في" على "كيلر كاريوكي"، وكأنّه، بعد "رقص النجوم"، مَكسبُ العصر. البرنامج بنسخته العربية المعروضة أيضاً عبر "أبو ظبي" و"الحياة"، يُتمِّمُ ما نحن فيه من عنف ورعب وغثيان.

تشتهي الجماهير بُقعَ الدم وصُور الأشلاء، فلمَ لا تُهيِّص للأفاعي والحشرات ونَهش الكِلاب؟ سيُصبح بديهياً ما نسمعه بصوت إيلي بربر: "البرنامج رح يخطف الأنفاس". أنفاسُنا مخطوفة، ولا بأس إن لم يُبالغ أحمد الفيشاوي في المحاولة. كأنه وسينتيا خليفة دُرِّبا على النبرة. وجهان لكل منهما دورٌ يُفضَّل ألا يتجاوزه الآخر. خليفة تتلقّى المُشترك وتسكب عليه الحماسة، والفيشاوي يُنذره بهول الآتي. كلاهما لا يتأثّر بأيّ وضعية. لا شيء يُبديانه إلا الإعجاب التام بقدمين حافيتين تُداعبهما الصراصير والديدان.

في تعذيب المُشترك لذّة لا خَجَل من اظهارها. "واو واو واو"، تُدهَش خليفة أمام "عرض" أدّته مشتركة: "أنا مش بتاعة الكلام ده" وسط حوض مياه باردة وأفاعٍ من الحجمين: الصغير والمتوسّط. وتمساح أيضاً. امرَحْ بمُشاهدات "استثنائية" تأتيكَ "مُخففة" مُقارنة بالنِّسخ الأخرى. بالكاد يغرق المُشترك في "حوض الرعب" وتلامس الأفاعي قدميه، فيما أفاعٍ ضخمة ومُرعبة تملأ جسد المُشترك بالنسخة الأميركية. الرأس لا يُمَسّ ليتملّك الرعب الوجه.

على طريقة مواطنه محمد كريم، يُردّد الفيشاوي: "العالم العربي كلّو عايز يسمع صوتك". كلّو يعني كلّو من دون مزح. لا يُعوِّل البرنامج على أصوات المشتركين ولا على الموهبة الغنائية كي يُعوِّل عليها المُشاهد. الغناء هنا ذريعة. لنُجارِ كون الغاية تحدّي الذات ورفضها مُقيَّدةً بالمستحيل ومُرتَهنةً للخوف. ليس المُشاهد غريباً عمّا يتحضَّر. تُناوِر خليفة مع المُشترك بجعلنا نتوهّم أنّه سيتفاجأ بما ينتظره. يا كريم من مصر، لماذا ترتدي هذه البزّة؟ لا أعرف. كلبان مُخيفان ينهشانه، لكنّه يستمرّ في الغناء: "إيه لبيحصل ده؟ إيه لأنا شايفو ده؟". أغنية لحكيم تصلح ليدندنها المُشاهد.

نكاد لا نتنبّه الى ذِكر فحوى البرنامج، وتلك هفوةٌ الأفضل أن نتداركها. في كل حلقة من "غنّي لو تِقدر"، 6 مشتركين يتبارون على جولات ثلاث ليفوز أحدهم بمبلغ 35 ألف دولار إن أنقذه تصويت الجمهور في الستوديو، وخاض المراحل وصَمَد. الإخراج لباسم كريستو ويبدو أنّه يتعمّد الصورة الداكنة. إنشُدِ "المرح" من صراخ مُشترك تهزّه الصعقات الكهربائية، وابتسم لـ"لطف" الفيشاوي حين يُعلِّق: "عذِّبوه!". هذا البرنامج من فئة الـ"خالِف تُعرَف"، تَعدُّد نسخه واكتسابه شعبية واسعة ليسا قاعدة للزعم أنّه "قيمة"، فلا شأن لهما بجدوى ما يُقدَّم. كان الأجدر به أن يبقى "ألعاباً" من دون الإدعاء بأنّه "فني" لمجرّد أنّ المُشترك يؤدي أغنية سُرعان ما يبتلعها. قدرٌ أن يصرخ الفيشاوي في كلّ مرة: "أوعا توقَّفْ تِغنّي". جاءت "خليني معاك أوعا تسبني" مُلحَقةً بزجاجٍ يُحطَّم على الرأس.

لِمَ نسأل عن معيار السلامة ما دمنا "نتسلّى"؟ نُدرك أنّ أحداً لا يُرغَم على المُشاركة، وأنّ في النفوس رغبةً في التفوّق على شيء ما يتجاوز الحصول على جائزة. لعلّها "الغرابة" التي تصنع جمهوراً جديداً يؤيّد بالمطلق أو يرفض بالمطلق. وحين سألت خليفة مشتركةً بلهجةٍ مصرية: "لو رِبحتي الـ35 ألف دولار، حتِعمَلي فيهن إيه؟"، أجابت: "حاتجوِّز". كان ذلك بعدما غنّت "ماشي حدّي وبعينيك" وقدماها تغرقان بالديدان والصراصير.

  • فريق ماسة
  • 2014-04-13
  • 10499
  • من الأرشيف

أفاعٍ وصراصير وتعذيب بالكهرباء لتُمضي وقتاً طيّباً مع KillerKaraoke!

تحار الشاشات أيّ البرامج تستورد بعدما جرّبت الغطس والرقص والغناء. وقعت "أم تي في" على "كيلر كاريوكي"، وكأنّه، بعد "رقص النجوم"، مَكسبُ العصر. البرنامج بنسخته العربية المعروضة أيضاً عبر "أبو ظبي" و"الحياة"، يُتمِّمُ ما نحن فيه من عنف ورعب وغثيان. تشتهي الجماهير بُقعَ الدم وصُور الأشلاء، فلمَ لا تُهيِّص للأفاعي والحشرات ونَهش الكِلاب؟ سيُصبح بديهياً ما نسمعه بصوت إيلي بربر: "البرنامج رح يخطف الأنفاس". أنفاسُنا مخطوفة، ولا بأس إن لم يُبالغ أحمد الفيشاوي في المحاولة. كأنه وسينتيا خليفة دُرِّبا على النبرة. وجهان لكل منهما دورٌ يُفضَّل ألا يتجاوزه الآخر. خليفة تتلقّى المُشترك وتسكب عليه الحماسة، والفيشاوي يُنذره بهول الآتي. كلاهما لا يتأثّر بأيّ وضعية. لا شيء يُبديانه إلا الإعجاب التام بقدمين حافيتين تُداعبهما الصراصير والديدان. في تعذيب المُشترك لذّة لا خَجَل من اظهارها. "واو واو واو"، تُدهَش خليفة أمام "عرض" أدّته مشتركة: "أنا مش بتاعة الكلام ده" وسط حوض مياه باردة وأفاعٍ من الحجمين: الصغير والمتوسّط. وتمساح أيضاً. امرَحْ بمُشاهدات "استثنائية" تأتيكَ "مُخففة" مُقارنة بالنِّسخ الأخرى. بالكاد يغرق المُشترك في "حوض الرعب" وتلامس الأفاعي قدميه، فيما أفاعٍ ضخمة ومُرعبة تملأ جسد المُشترك بالنسخة الأميركية. الرأس لا يُمَسّ ليتملّك الرعب الوجه. على طريقة مواطنه محمد كريم، يُردّد الفيشاوي: "العالم العربي كلّو عايز يسمع صوتك". كلّو يعني كلّو من دون مزح. لا يُعوِّل البرنامج على أصوات المشتركين ولا على الموهبة الغنائية كي يُعوِّل عليها المُشاهد. الغناء هنا ذريعة. لنُجارِ كون الغاية تحدّي الذات ورفضها مُقيَّدةً بالمستحيل ومُرتَهنةً للخوف. ليس المُشاهد غريباً عمّا يتحضَّر. تُناوِر خليفة مع المُشترك بجعلنا نتوهّم أنّه سيتفاجأ بما ينتظره. يا كريم من مصر، لماذا ترتدي هذه البزّة؟ لا أعرف. كلبان مُخيفان ينهشانه، لكنّه يستمرّ في الغناء: "إيه لبيحصل ده؟ إيه لأنا شايفو ده؟". أغنية لحكيم تصلح ليدندنها المُشاهد. نكاد لا نتنبّه الى ذِكر فحوى البرنامج، وتلك هفوةٌ الأفضل أن نتداركها. في كل حلقة من "غنّي لو تِقدر"، 6 مشتركين يتبارون على جولات ثلاث ليفوز أحدهم بمبلغ 35 ألف دولار إن أنقذه تصويت الجمهور في الستوديو، وخاض المراحل وصَمَد. الإخراج لباسم كريستو ويبدو أنّه يتعمّد الصورة الداكنة. إنشُدِ "المرح" من صراخ مُشترك تهزّه الصعقات الكهربائية، وابتسم لـ"لطف" الفيشاوي حين يُعلِّق: "عذِّبوه!". هذا البرنامج من فئة الـ"خالِف تُعرَف"، تَعدُّد نسخه واكتسابه شعبية واسعة ليسا قاعدة للزعم أنّه "قيمة"، فلا شأن لهما بجدوى ما يُقدَّم. كان الأجدر به أن يبقى "ألعاباً" من دون الإدعاء بأنّه "فني" لمجرّد أنّ المُشترك يؤدي أغنية سُرعان ما يبتلعها. قدرٌ أن يصرخ الفيشاوي في كلّ مرة: "أوعا توقَّفْ تِغنّي". جاءت "خليني معاك أوعا تسبني" مُلحَقةً بزجاجٍ يُحطَّم على الرأس. لِمَ نسأل عن معيار السلامة ما دمنا "نتسلّى"؟ نُدرك أنّ أحداً لا يُرغَم على المُشاركة، وأنّ في النفوس رغبةً في التفوّق على شيء ما يتجاوز الحصول على جائزة. لعلّها "الغرابة" التي تصنع جمهوراً جديداً يؤيّد بالمطلق أو يرفض بالمطلق. وحين سألت خليفة مشتركةً بلهجةٍ مصرية: "لو رِبحتي الـ35 ألف دولار، حتِعمَلي فيهن إيه؟"، أجابت: "حاتجوِّز". كان ذلك بعدما غنّت "ماشي حدّي وبعينيك" وقدماها تغرقان بالديدان والصراصير.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة