فتحت أحداث «البوكمال» باباً جديداً من أبواب «الحرب الأهلية الجهادية»، التي باتت تُنذر باتساع رقعتها، لا جغرافياً فحسب، بل وعلى صعيد المجموعات المنخرطة فيها. وتشير كواليس المجموعات المسلحة إلى دخول وشيك على خطها، من قبل مجموعات كانت حتى الأمس القريب تُعلن الحياد في الحرب الدائرة بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة، و«جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» من جهة أخرى.

 وبالعودة إلى التطورات الميدانية، فقد أكدت مصادر «الأخبار» أن هجوم «داعش» على مدينة البوكمال الحدودية (أقصى شرق سوريا، على الحدود مع العراق) كانَ مباغتاً، ومخططاً له على نحو مُحكم، حيث انقسم المهاجمون إلى قسمين. تولى أولهما إغلاق مداخل ومخارج المدينة سريعاً، وهاجم الثاني أهدافاً يبدو أنها مقررة مسبقاً، وعلى رأسها مقر «الهيئة الشرعية». وقُدر عدد المهاجمين بـ 400 مسلح، انضم إليهم حوالى 200 من داخل المدينة.

وأمس أعلن «داعش» انسحابه من المدينة الحدودية، بعدما أوقع خسائر كبيرة في صفوف «النصرة». وتضاربت روايتا الطرفين حول أسباب الانسحاب، كما حول أسباب الهجوم في حد ذاته.

 رواية «داعش»

 نفى مصدر من «داعش» صحة كلّ ما قيل حول أسباب الهجوم، وعلى وجه الخصوص إنه «محاولة لربط مناطق نفوذ داعش في سوريا بنظيرتها في العراق». وقال المصدر الشيشاني لـ «الأخبار» إن «غزوة البوكمال الميمونة قد حققت أهدافها، وقام مجاهدونا بعدها بالانسحاب كما يفعل أي جيش محترف». وأوضح المصدر أن «الغزوة جرت استجابةً لنداء أهلنا في البوكمال لتحرير أبنائهم الأسرى عند الهيئة الشركية (المقصود الشرعية)، ومن بينهم جنودٌ للدولة»، الذين كانت «الهيئة تعتزم إعدامهم بعد صلاة الجمعة». وأكد المصدر أن «الغزوة جرى التخطيط لها بدقة.

 نعت «جبهة النصرة» عدداً من قادتها العسكريين في المدينة ... وقُتل وأسر 80 من جبهة الجولاني، وحلفائهم. واغتُنم سلاحهم الثقيل، كما نُفّذ حكم الله في حق المدعو أبو الليث (محمد الراوي، رئيس الهيئة الشرعية في البوكمال)، الذي كان قد حكم بإعدام إخوتنا، فأذاقه الله بأسنا». وأضاف: «قتل في الغزوة عشرة من أسود الدولة، وأصيب عدد قليل بجروح».

رواية «النصرة»

 بدوره، قال مصدر من «النصرة» لـ «الأخبار» إن «مزاعم دولة البغدادي عارية من الصحة. وهجومهم كان فصلاً جديداً من فصول الغدر بالسكان الآمنين». وأكد المصدر أن «هدفهم الأول إشعال الفتنة العشائرية في كامل المنطقة الممتدة بين الرقة ودير الزور، لكنّ مسعاهم سيخيب، كما خابت محاولاتهم للاستيلاء على البوكمال».0 ووفقاً للمصدر فإن «مجرمي البغدادي كانوا يعتزمون المكوث في المدينة، لكن أبناءها الشرفاء حملوا السلاح في وجههم، ودافعوا عن جبهتهم، جبهة النصرة». وتضمن كلام المصدر تكراراً لما جاء في بيان صدر عن «النصرة» بخصوص ما شهدته البوكمال. وكان البيان قد أكّد أن «مخططهم في جر المنطقة إلى حرب عشائرية لم يفلح. ولم يقف معهم إلا أراذل الناس الذين لا سبق لهم، ولا جهاد، ولا التزام ولا خلق. وقِلةٌ من المخلصين المُغرر بهم».

وبدا لافتاً اتهام المصدر القيادي في «النصرة» للمجموعات التابعة لـ «هيئة أركان الجيش الحر» بالتواطؤ مع «داعش». وقال المصدر لـ«الأخبار» إن «سبعة ألوية وكتائب تابعة لهيئة الأركان قد تقاعست عن رد بغي جماعة البغدادي». وأضاف: «معلوماتنا تؤكد أن كتائب الأركان قد تلقت أوامر بألا تطلق طلقة واحدة ضد داعش».

وفي السياق نفسه، نعت «النصرة» عدداً من قادتها العسكريين في المدينة، ومن بينهم محمد عطيوي «قائد كتيبة لا غالب إلا الله»، ومحمد فتيح السهو «أحد قادة لواء ابن القيم».

 … وفي درعا

وفي ريف درعا الغربي، شهدت قرية عابدين، معركة بين «حركة المثنى الإسلامية» المتحالفة مع جبهة «النصرة»، و«كتيبة لؤي البصيري»، التابعة لهيئة أركان" الجيش الحر". وهاجمت الأولى مقراً تابعاً للثانية، وأدت المعركة التي وقعت أول من أمس الخميس إلى مقتل عشرة مسلحين على الأقل، وإصابة ضعفهم. وقالت «حركة المثنى» في بيان لها إن الهجوم جاء «بعدما ثبت فساد المدعو جميل أبو الزين (قائد الكتيبة) وعناصرِه، وطغيانُهم في الأرض». فقامت «بضربهم بيد من حديد ..».

بدوره، قال ناشط ميداني في المنطقة لـ«الأخبار» إن «مشكلة حدثت بين كتيبة البصيري، وكتيبة الشهيد أحمد الجندي. دارت اشتباكات، رجحت فيها كفة البصيري، لتتدخل حركة المثنى وتطلب من أبو الزين تسليم نفسه، فرفض الخضوع إلا لمحكمة عامة». ووفقاً للمصدر، فقد «قامت حركة المثنى بالهجوم على نحو مفاجئ على مقر لكتيبة لؤي البصيري في بلدة عابدين. استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة، وراح ضحية الهجوم على مقر الكتيبة ستة قتلى، وأُسر بقية العناصر في المقر».

 «مشايخ الجهاد» يوجهون رسالة إلى  الظواهري

 بدا أمس أنّ الضربة الموجعة التي وجهها «داعش» إلى «جبهة النصرة» وحلفائها في مدينة «البوكمال»، قد استدعت استنفاراً حقيقياً في صفوف «مشايخ الجهاد» الموالين لـ«النصرة». وفي خطوة تصعيدية جديدة، وجّه عدد من «المشايخ» رسالة إلى زعيم تنظيم «القاعدة»، حملت عنوان «رسالة من الأمة إلى حكيم الأمة»، يطالبونه عبرها باتخاذ موقف واضح في شأن «داعش».

 وبرغم أن كلمة الظواهري الأخيرة حملت في طياتها تهديداً بتقويض «داعش»، لكنه كان تهديداً مبطناً..الرسالة التي نُشرت في وقت متأخر من ليل أمس، طلبت من الظواهري «أن يفصّل في البيان والتوجيه بما يجلي الأمر ويكشفه». وجاء في الرسالة أن «الجهاد طاف كثيراً من البلدان إلى أن وصل أرض الشام، فهاجر إليها كثير من أبناء الإسلام. (...) فحقق الله لهم من النصر والفتوحات، حتى أصبح الجهاد في الشام جهاد أمة لا جهاد فئة ونخبة». واستفاضت الرسالة في مدح «الفتوحات»، ثم تطرقت إلى «الفتنة» التي نجمت عن «ظهور الأفكار المنحرفة، كفكر أهل الغلو». ليخلص «المشايخ» إلى الطلب من الظواهري أن «يتكلم بما فيه خير للجهاد والمجاهدين حول الوضع الراهن».

وتعليقاً على الرسالة، قال مصدر من «داعش» لـ«الأخبار»: «من خوّل هؤلاء ليتحدثوا باسم الأمة؟ ومن قال إن الظواهري حكيم الأمة؟». وأضاف: «ما قول هؤلاء في تحالف جبهتهم مع العلمانيين الكفرة؟».

  • فريق ماسة
  • 2014-04-11
  • 12366
  • من الأرشيف

«داعش» ينسحب من البوكمال: «النصرة» تتهم «أركان الحر» بمعاونة عدوها

فتحت أحداث «البوكمال» باباً جديداً من أبواب «الحرب الأهلية الجهادية»، التي باتت تُنذر باتساع رقعتها، لا جغرافياً فحسب، بل وعلى صعيد المجموعات المنخرطة فيها. وتشير كواليس المجموعات المسلحة إلى دخول وشيك على خطها، من قبل مجموعات كانت حتى الأمس القريب تُعلن الحياد في الحرب الدائرة بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة، و«جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» من جهة أخرى.  وبالعودة إلى التطورات الميدانية، فقد أكدت مصادر «الأخبار» أن هجوم «داعش» على مدينة البوكمال الحدودية (أقصى شرق سوريا، على الحدود مع العراق) كانَ مباغتاً، ومخططاً له على نحو مُحكم، حيث انقسم المهاجمون إلى قسمين. تولى أولهما إغلاق مداخل ومخارج المدينة سريعاً، وهاجم الثاني أهدافاً يبدو أنها مقررة مسبقاً، وعلى رأسها مقر «الهيئة الشرعية». وقُدر عدد المهاجمين بـ 400 مسلح، انضم إليهم حوالى 200 من داخل المدينة. وأمس أعلن «داعش» انسحابه من المدينة الحدودية، بعدما أوقع خسائر كبيرة في صفوف «النصرة». وتضاربت روايتا الطرفين حول أسباب الانسحاب، كما حول أسباب الهجوم في حد ذاته.  رواية «داعش»  نفى مصدر من «داعش» صحة كلّ ما قيل حول أسباب الهجوم، وعلى وجه الخصوص إنه «محاولة لربط مناطق نفوذ داعش في سوريا بنظيرتها في العراق». وقال المصدر الشيشاني لـ «الأخبار» إن «غزوة البوكمال الميمونة قد حققت أهدافها، وقام مجاهدونا بعدها بالانسحاب كما يفعل أي جيش محترف». وأوضح المصدر أن «الغزوة جرت استجابةً لنداء أهلنا في البوكمال لتحرير أبنائهم الأسرى عند الهيئة الشركية (المقصود الشرعية)، ومن بينهم جنودٌ للدولة»، الذين كانت «الهيئة تعتزم إعدامهم بعد صلاة الجمعة». وأكد المصدر أن «الغزوة جرى التخطيط لها بدقة.  نعت «جبهة النصرة» عدداً من قادتها العسكريين في المدينة ... وقُتل وأسر 80 من جبهة الجولاني، وحلفائهم. واغتُنم سلاحهم الثقيل، كما نُفّذ حكم الله في حق المدعو أبو الليث (محمد الراوي، رئيس الهيئة الشرعية في البوكمال)، الذي كان قد حكم بإعدام إخوتنا، فأذاقه الله بأسنا». وأضاف: «قتل في الغزوة عشرة من أسود الدولة، وأصيب عدد قليل بجروح». رواية «النصرة»  بدوره، قال مصدر من «النصرة» لـ «الأخبار» إن «مزاعم دولة البغدادي عارية من الصحة. وهجومهم كان فصلاً جديداً من فصول الغدر بالسكان الآمنين». وأكد المصدر أن «هدفهم الأول إشعال الفتنة العشائرية في كامل المنطقة الممتدة بين الرقة ودير الزور، لكنّ مسعاهم سيخيب، كما خابت محاولاتهم للاستيلاء على البوكمال».0 ووفقاً للمصدر فإن «مجرمي البغدادي كانوا يعتزمون المكوث في المدينة، لكن أبناءها الشرفاء حملوا السلاح في وجههم، ودافعوا عن جبهتهم، جبهة النصرة». وتضمن كلام المصدر تكراراً لما جاء في بيان صدر عن «النصرة» بخصوص ما شهدته البوكمال. وكان البيان قد أكّد أن «مخططهم في جر المنطقة إلى حرب عشائرية لم يفلح. ولم يقف معهم إلا أراذل الناس الذين لا سبق لهم، ولا جهاد، ولا التزام ولا خلق. وقِلةٌ من المخلصين المُغرر بهم». وبدا لافتاً اتهام المصدر القيادي في «النصرة» للمجموعات التابعة لـ «هيئة أركان الجيش الحر» بالتواطؤ مع «داعش». وقال المصدر لـ«الأخبار» إن «سبعة ألوية وكتائب تابعة لهيئة الأركان قد تقاعست عن رد بغي جماعة البغدادي». وأضاف: «معلوماتنا تؤكد أن كتائب الأركان قد تلقت أوامر بألا تطلق طلقة واحدة ضد داعش». وفي السياق نفسه، نعت «النصرة» عدداً من قادتها العسكريين في المدينة، ومن بينهم محمد عطيوي «قائد كتيبة لا غالب إلا الله»، ومحمد فتيح السهو «أحد قادة لواء ابن القيم».  … وفي درعا وفي ريف درعا الغربي، شهدت قرية عابدين، معركة بين «حركة المثنى الإسلامية» المتحالفة مع جبهة «النصرة»، و«كتيبة لؤي البصيري»، التابعة لهيئة أركان" الجيش الحر". وهاجمت الأولى مقراً تابعاً للثانية، وأدت المعركة التي وقعت أول من أمس الخميس إلى مقتل عشرة مسلحين على الأقل، وإصابة ضعفهم. وقالت «حركة المثنى» في بيان لها إن الهجوم جاء «بعدما ثبت فساد المدعو جميل أبو الزين (قائد الكتيبة) وعناصرِه، وطغيانُهم في الأرض». فقامت «بضربهم بيد من حديد ..». بدوره، قال ناشط ميداني في المنطقة لـ«الأخبار» إن «مشكلة حدثت بين كتيبة البصيري، وكتيبة الشهيد أحمد الجندي. دارت اشتباكات، رجحت فيها كفة البصيري، لتتدخل حركة المثنى وتطلب من أبو الزين تسليم نفسه، فرفض الخضوع إلا لمحكمة عامة». ووفقاً للمصدر، فقد «قامت حركة المثنى بالهجوم على نحو مفاجئ على مقر لكتيبة لؤي البصيري في بلدة عابدين. استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة، وراح ضحية الهجوم على مقر الكتيبة ستة قتلى، وأُسر بقية العناصر في المقر».  «مشايخ الجهاد» يوجهون رسالة إلى  الظواهري  بدا أمس أنّ الضربة الموجعة التي وجهها «داعش» إلى «جبهة النصرة» وحلفائها في مدينة «البوكمال»، قد استدعت استنفاراً حقيقياً في صفوف «مشايخ الجهاد» الموالين لـ«النصرة». وفي خطوة تصعيدية جديدة، وجّه عدد من «المشايخ» رسالة إلى زعيم تنظيم «القاعدة»، حملت عنوان «رسالة من الأمة إلى حكيم الأمة»، يطالبونه عبرها باتخاذ موقف واضح في شأن «داعش».  وبرغم أن كلمة الظواهري الأخيرة حملت في طياتها تهديداً بتقويض «داعش»، لكنه كان تهديداً مبطناً..الرسالة التي نُشرت في وقت متأخر من ليل أمس، طلبت من الظواهري «أن يفصّل في البيان والتوجيه بما يجلي الأمر ويكشفه». وجاء في الرسالة أن «الجهاد طاف كثيراً من البلدان إلى أن وصل أرض الشام، فهاجر إليها كثير من أبناء الإسلام. (...) فحقق الله لهم من النصر والفتوحات، حتى أصبح الجهاد في الشام جهاد أمة لا جهاد فئة ونخبة». واستفاضت الرسالة في مدح «الفتوحات»، ثم تطرقت إلى «الفتنة» التي نجمت عن «ظهور الأفكار المنحرفة، كفكر أهل الغلو». ليخلص «المشايخ» إلى الطلب من الظواهري أن «يتكلم بما فيه خير للجهاد والمجاهدين حول الوضع الراهن». وتعليقاً على الرسالة، قال مصدر من «داعش» لـ«الأخبار»: «من خوّل هؤلاء ليتحدثوا باسم الأمة؟ ومن قال إن الظواهري حكيم الأمة؟». وأضاف: «ما قول هؤلاء في تحالف جبهتهم مع العلمانيين الكفرة؟».

المصدر : الماسة السورية/ صهيب عنجريني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة