دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا إشارات حتى الساعة توحي بإمكان حصول الإستحقاق الرئاسي اللبناني في موعده. حَملَة “فيتوات” أطلقها الأقطاب الفاعلون على هذا الخط. العماد ميشال عون، يرفض ترشّح قائد الجيش العماد جون قهوجي. النائب وليد جنبلاط، يستبعد المترشّح الأول سمير جعجع، إضافة الى عون وقهوجي. فريق 14 آذار لا يقبل سوى بمرشّح من صفوفه. وفيما البطريرك بشارة الراعي يشدّد على ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية ضمن المهل الدستورية، ينتظر المعنيون بالإستحاق الرئاسي “كلمة السر” الخارجية للتوافق على اسم معيّن.
لم يكن، في يوم من الأيام، منصب الرئاسة الأولى في لبنان من إختصاص أهل السياسة في البلد. اليوم الأمر كذلك أيضاً. بورصة المرشّحين التي افتتحها سمير جعجع بالأمس، لن تغيّر هذا الواقع. في هذه الأجواء، دخلت البلاد في المهلة الدستورية التي تحتّم انتخاب رئيس للجمهورية قبل 24 أيار المقبل، وقبل الدخول في فراغ رئاسي قد يتبعه فراغ تشريعي بسبب اقتراب موعد الانتخابات النيابية في الخريف المقبل.
يعرف اللبنانيون، الناخبون منهم والمرشّحون، أن اتفاقاً عربياً ـ دولياً ـ إقليمياً، على شخصية الرئيس المقبل، سيحسم نتيجة السباق بين عميلة الانتخاب والفراغ الرئاسيَّين. في هذا السياق، تشير المعلومات المتوافرة، الى أن الإستحقاق الرئاسي اللبناني لن يجري في موعده المحدّد. أي، لن يكون هناك ساكناً جديداً في قصر بعبدا، لا قبل 24 أيار المقبل.. ولا بعده. المتغيّرات المتسارعة على الساحة الإقليمية، وخصوصاً في سورية، لها تأثير مباشرة على عملية إيصال رئيس جديد الى بعبدا.
بالنظر الى التجارب السابقة، فإن الربط بين الانتخابات الرئاسية اللبنانية في أيار المقبل، وتلك التي من المقرّر أن تجري في سورية في حزيران المقبل، أكثر من منطقي. من هنا، تقول المعلومات إن العمل في سوريا يجري على أساس أن الإستحقاق الرئاسي السوري سيحصل عقب انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس بشّار الأسد في حزيران المقبل. تتضمن الإجراءات المتخذة في هذا السياق، خطوات لوجستية وأخرى عسكرية في الميدان.
ميدانياً، كثّف الجيش العربي السوري نطاق عملياته ليشمل كامل دمشق، مع التركيز على الغوطة الشرقية، وتحديداً دوما وحرستا وعدرا، كما طوّر نمط عملياته في مناطق عديدة من محافظة حلب. يسجّل الجيش العربي السوري خطوات مهمّة على صعيد تعزيز أمن العاصمة دمشق وخط الساحل السوري إضافة الى حلب.
لوجستياً، تجري الآن مناقشة مشروع قانون جديد للانتخابات يتوافق مع الدستور الجديد، بهدف تطوير العملية الانتخابية والإشراف القضائي عليها. يحتّم مشروع القانون الجديد هذا، على المرشّح لرئاسة الجمهورية في سورية أن يكون سكن البلاد خلال السنوات العشر الماضية، وأن يحصل على دعم 35 نائباً على الأقل من النواب الـ250 الذين يضمّهم مجلس الشعب (البرلمان). وفيما قضت المادة 88 من الدستور السوري بعدم إمكان إنتخاب الرئيس لأكثر من ولايتين، وضّحت المادة 155 منه أن هذا الإجراء سيُطبّق ابتداءً من الانتخابات الرئاسية المقبلة. ما يعني أنه سيكون بمقدور الرئيس بشّار الأسد، نظرياً، شغل الرئاسة لولايتين إضافيتين من 14 عاماً أخرى.
في هذا السياق، تتجه التقديرات في سورية الى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. أو تأجيلها لمدّة وجيزة قد تطول شهراً واحداً، لضرورات التحضير اللوجستي، ووضع اللمسات الأخيرة على القانون واللوائح الناظمة للاستحقاق. أما إنْ حدثت تطوّرات دراماتيكية، فللأمر حديث آخر.
في سورية، يعتبرون أنه ما من شيء يمنع الرئيس بشّار الأسد من الترشّح من جديد. ينظرون الى مرحلة ما بعد الأزمة، على أنها مرحلة جديدة كلياً عمّا كان قبلها، وبالتالي فإن من حق الرئيس بشّار الأسد قيادة البلاد في المرحلة المقبلة مثلما عَبَر بها من زمن الأزمة. التوقّعات في سوريا تقود الى التفاؤل بحصول الرئيس بشّار الأسد على ما بين 70% الى 75% من أصوات السوريين. أكثر من ذلك، يتوقّع السوريون أن يحصل الرئيس على ما بين 40% الى 50% من أصوات السوريين المسلمين السُنة، فضلاً عن النسب المرتفعة لدى باقي مكوّنات الطيف السوري.
الإتجاه لإجراء الانتخابات الرئاسية السورية في موعدها، سيؤثّر حكماً على مصير الإستحقاق اللبناني. في هذه الحال، ترجّح مصادر سياسية لبنانية أن يبقى قصر بعبدا شاغراً بانتظار سيّد قصر المهاجرين الجديد. فوز الرئيس بشّار الأسد بولاية رئاسية جديدة، بما له من إشارات قوة، سيعني عودة الصوت السوري الى التأثير بفعالية في الانتخابات اللبنانية. لن تكون “طبخة” الرئاسية اللبنانية حكراً على السعودية وأميركا. وعليه، فإن هوية الوافد الجديد الى بعبدا، وهواه، سيتأثّران بفعل العامل السوري القوي.
رسم السيّد حسن نصرالله، في خطابه الأخير، الخطوط العريضة لطاولة الحوار. على الأقل من وجهة نظر حزب الله. بات بحكم المؤكد، أن الحوار مؤجّل الى ما بعد انتخاب رئيس جديد. سترسم هوية الرئيس الجديد لغة خطاب القسم وأولويات المرحلة المقبلة. بعبدا الجديدة، بحاجة الى أن تحدّد بدقة علاقة الدولة بالمقاومة، وبالجماعات التكفيرية التي تعيث إرهاباً في لبنان وسوريا. سيكون الرئيس اللبناني العتيد بحاجة الى تحديد شكل وحجم العلاقة مع نظيره السوري. ستكون حاجته ماسّة، خصوصاً إن كان ساكن قصر المهاجرين، جديداً قديماً.
المصدر :
العهد/ حمزة الحنسا
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة