أعلن مذيع «الجديد» تحرير يبرود، أو «سقوطها» في تعبيره، وقرأت الخبر على وجهه «الأصفر» نتيجة الصدمة قبل أن أسمعه بأذني من خلال مكبر صوت التلفزيون،

كما نقلت المحطة في النشرة ذاتها خبر مقتل «أبو شي شغلة» الكويتي في المدينة ونشرت نبذة عن حياته الإرهابية وتهديداته المصوّرة على الإنترنت لمن اسماهم بأبشع وأحط الأسماء من أعدائه، وهدّد بالقدوم إليهم حاملاً السيوف والسكاكين... وطالت التغطية وتعداد مزايا الراحل «بلا رجعة» على المحطة التي أعطت مجرماً من حثالة المجرمين حيزاً لا بأس به من هواء نشرتها، ما أثار الريبة، إلى حدّ أنني ظننت أنهم سوف يعلنون عن تقبل التبريكات باستشهاده في مركز المحطة الرئيس مثلاً. عادت يبرود إلى كنف الدولة بهمة «أشرف الناس» من مقاتلي الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله و«بيضة القبان» الجيش العربي السوري الذي أضحى اليوم كاسحة ألغام الحل وجرافة إقتلاع الإرهابيين في الذكرى الثالثة للهجمة على سورية.

الجيش العربي السوري اليوم لا يقف شيء في وجهه، واقتلاع الإرهابيين من جحورهم في زاوية معينة من زوايا الأمة هو رهن قرار عسكري وتحديد الزمان من قبل هذا الجيش الباسل وأولئك الذين لا تروق لهم مقولة «الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين» ويحملون هذه العبارة بأفواههم وأقلامهم مثل كلب في فمه عظمة ليتحاملوا على من قرّر ألاّ يخون بلاده وأن يستشهد لأجلها ويتهمونه ببيع القضية «لأن الحرب في الجولان لم تحدث بعد» مثلاً، فمن سوء طالعهم أن مكان الرد هو أرض سورية والزمان هو اليوم. والهدف العملاء المأجورون أنفسهم الذين يتاجرون بمقولة الزمان والمكان وينادون بحذف المقاومة من البيان الوزاري، وقبل أن ينتهي الجيش السوري وحلفاؤه من اقتلاعهم من أوكار عمالتهم لن تكون هناك أي خطوة واسعة ذات مجال عسكري أبعد. الهدف الأول يهود الداخل ثم أسيادهم اليهود الصهاينة. لا حل إلاّ بالحسم العسكري في التعامل مع العملاء، وأتى البيان الوزاري الأخير ليشفي بعضاً من غليل الشوق إلى الانتصار، غير مساوم على سطر واحد، وجملة البيان الوزاري التي ورد فيها «حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال» كانت صحت لغوياً، دون أل التعريف على شكل «حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال» لكن انتصار أل التعريف في البيان كان للعملاء بمثابة «سبعة أيار وزاري» وإنذار أخير للكف عن التلاعب بأعضاء الأمة الحيوية ومحاولة إزالتها وبيعها في السوق السوداء مثلما فعل «فيلسوف معراب» بأعضاء مسجونيه ومخطوفيه في مغارة جعيتا إبان الحرب الأهلية. وهناك من فلاسفة الأقلام المأجورة أيضاً من لم يرقه بيان حزب الله الأخير عقب الهجوم بالطائرات الحربية على منطقة جنتا البقاعية، لأن جملة «المكان والزمان والوسيلة المناسبة» وردت في البيان، لكن عملاء تجارة الكلام أولئك لم ينتشوا في غلوهم طويلاً، فكانت عملية مزارع شبعا التي أبادت آلية يهودية بمن فيها، وقبلها عملية أخرى في جبل الشيخ لتقول للمصطادين في ماء زمان ومكان الرد العكر بصنارة عميلة إن المكان هو كل حبة تراب يدوس عليها صهيوني أو عميل والزمان كل يوم حتى التحرير الكامل والنصر النهائي. هل يشكر الإنسان عدوه؟ يبدو ذلك لي من ضروب الجنون، لكني في قرارة نفسي اشكر بني صهيون على غارة جنتا لأنهم أفاقوا بذلك الجبار المقاوم على تخوم فلسطين من قيلولته القسرية بقرارات دولية، وسنرى بعد اليوم الكثير من العمليات ورفع اعلام للمقاومة على مواقع الاحتلال في جنوب الجنوب، ولا ضير في اقتناء «دزينة» أسرى جدداً من جنود الصهاينة، فضيق زنزانة الرفيق يحيى سكاف السوري القومي الاجتماعي أسير الصهاينة وبطل عملية الباص قرب «تل أبيب» تعصر قلوب رفقائه الذين لن يهدأ لهم بال قبل أن يروا الأسير سكاف بينهم محرراً و لو طال الزمان.

جيش سورية حمل قضية العرب جميعاً إثر تداعيات حرب تشرين، يوم خانه العربي المصري حليفه المفترض ووقع اتفاق صلح مع «إسرائيل»، وحافظ جيش سورية على اسم «الجيش العربي السوري» رغم تخاذل العرب إذ أبى إلاّ أن يحمل على كاهله «قضية العرب» الذين لم تكن لهم قضية واحدة موحدة قط، فلا مصير واحداً يجمع بين مصر وسورية، والشاهد اتفاق «كامب ديفيد» ومرسي «الإخونجي» المتطرف المنتخب ولا قضية عضوية تجمع بين سورية والمغرب العربي بسبب بعد المسافة واختلاف القارة وتباين المصالح والمحيط، أما بيننا وبين دول الخليج فما روّج له العروبيون كأنه قضية مشتركة أضحى اليوم حساب دم مفتوحاً بين ممالك الرمال المأجورة للمشروع الصهيوني الغربي ودمشق الحضارة والاعتدال ولن يقفل هذا الحساب قبل هزيمة ممالك الصحراء وتقوقعها بين أعمدة حقول النفط. بيد أنه في خضم هذه الأزمة المصيرية اليوم، نرى أن شعوب كيانات سورية الطبيعية كلها هرعت لنصرة الشام إذ توقن أن في هزيمة الشام نهاية لوجودها، وللكيانات السورية كلها حياة واحدة ودورة اقتصادية واحدة ومصير واحد. وأقول للذي لا ينفك ينادي بخروج حزب الله من سورية على الشاشات وصفحات الجرائد تملقاً للصهاينة بأشكالهم المختلفة، فليخرج هو من لبنان لأن قتال التكفيريين في سورية واجب قومي وكل من لا يزال متعلقاً بـ»حبال هواء» لبنان الكبير محاولاً إقامة هذا الكيان من موته السريري فلينظر جيداً و يرَ أن سورية «الكبرى» أتت إليه بمليون نازح ليخلطوا أخماس لبنان الكبير المحتضر بأسداسه الديمغرافية إن صح التعبير، وليقضوا على أضغاث أحلام الدولة الطائفية.

سورية الدولة العربية الوحيدة التي أعطت نازحي فلسطين إبان الإحتلال الصهيوني كامل حقوقهم المدنية والوطنية والعسكرية والتي حمل جيشها العربي السوري قضية فلسطين وحده منذ نهاية القرن الماضي يوم لهث العرب كلهم وراء الاستسلام كان مقعدها خالياً بقرار من كل العرب في اجتماع وزراء الخارجية الأخير وتخلى العرب الرسميون جميعهم عنها، وبينهم لبنان النائي عن شرفه في بحيرة من المكرمات السعودية. ورغم ذلك تأبى سورية إلاّ أن يكون جيشها جيش العرب وأن يكون اسمه الجيش العربي السوري. صحيح أن سورية صدر دول العرب وكبدهم وعقلهم ووجههم وقلبهم النابض وهم اليوم ليسوا سوى مجموعة كثبان وأخوان من دونها وهي «حامية الضاد وسيف العالم العربي و ترسه» غير أن الأزمة الأخيرة إن لم تثبت شيئاً فإنّما أثبتت أن جيش سورية كان لسورية يوم طعنها في ظهرها العرب. ألم يحن الوقت إذن ليسمى هذا الجيش باسمه القومي الصحيح «الجيش السوري العربي»؟

كاتب سوري من جبل لبنان، موقعه على الإنترنت www.gkaram.com

  • فريق ماسة
  • 2014-03-22
  • 11740
  • من الأرشيف

الجيش السوريّ العربيّ

أعلن مذيع «الجديد» تحرير يبرود، أو «سقوطها» في تعبيره، وقرأت الخبر على وجهه «الأصفر» نتيجة الصدمة قبل أن أسمعه بأذني من خلال مكبر صوت التلفزيون، كما نقلت المحطة في النشرة ذاتها خبر مقتل «أبو شي شغلة» الكويتي في المدينة ونشرت نبذة عن حياته الإرهابية وتهديداته المصوّرة على الإنترنت لمن اسماهم بأبشع وأحط الأسماء من أعدائه، وهدّد بالقدوم إليهم حاملاً السيوف والسكاكين... وطالت التغطية وتعداد مزايا الراحل «بلا رجعة» على المحطة التي أعطت مجرماً من حثالة المجرمين حيزاً لا بأس به من هواء نشرتها، ما أثار الريبة، إلى حدّ أنني ظننت أنهم سوف يعلنون عن تقبل التبريكات باستشهاده في مركز المحطة الرئيس مثلاً. عادت يبرود إلى كنف الدولة بهمة «أشرف الناس» من مقاتلي الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله و«بيضة القبان» الجيش العربي السوري الذي أضحى اليوم كاسحة ألغام الحل وجرافة إقتلاع الإرهابيين في الذكرى الثالثة للهجمة على سورية. الجيش العربي السوري اليوم لا يقف شيء في وجهه، واقتلاع الإرهابيين من جحورهم في زاوية معينة من زوايا الأمة هو رهن قرار عسكري وتحديد الزمان من قبل هذا الجيش الباسل وأولئك الذين لا تروق لهم مقولة «الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين» ويحملون هذه العبارة بأفواههم وأقلامهم مثل كلب في فمه عظمة ليتحاملوا على من قرّر ألاّ يخون بلاده وأن يستشهد لأجلها ويتهمونه ببيع القضية «لأن الحرب في الجولان لم تحدث بعد» مثلاً، فمن سوء طالعهم أن مكان الرد هو أرض سورية والزمان هو اليوم. والهدف العملاء المأجورون أنفسهم الذين يتاجرون بمقولة الزمان والمكان وينادون بحذف المقاومة من البيان الوزاري، وقبل أن ينتهي الجيش السوري وحلفاؤه من اقتلاعهم من أوكار عمالتهم لن تكون هناك أي خطوة واسعة ذات مجال عسكري أبعد. الهدف الأول يهود الداخل ثم أسيادهم اليهود الصهاينة. لا حل إلاّ بالحسم العسكري في التعامل مع العملاء، وأتى البيان الوزاري الأخير ليشفي بعضاً من غليل الشوق إلى الانتصار، غير مساوم على سطر واحد، وجملة البيان الوزاري التي ورد فيها «حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال» كانت صحت لغوياً، دون أل التعريف على شكل «حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال» لكن انتصار أل التعريف في البيان كان للعملاء بمثابة «سبعة أيار وزاري» وإنذار أخير للكف عن التلاعب بأعضاء الأمة الحيوية ومحاولة إزالتها وبيعها في السوق السوداء مثلما فعل «فيلسوف معراب» بأعضاء مسجونيه ومخطوفيه في مغارة جعيتا إبان الحرب الأهلية. وهناك من فلاسفة الأقلام المأجورة أيضاً من لم يرقه بيان حزب الله الأخير عقب الهجوم بالطائرات الحربية على منطقة جنتا البقاعية، لأن جملة «المكان والزمان والوسيلة المناسبة» وردت في البيان، لكن عملاء تجارة الكلام أولئك لم ينتشوا في غلوهم طويلاً، فكانت عملية مزارع شبعا التي أبادت آلية يهودية بمن فيها، وقبلها عملية أخرى في جبل الشيخ لتقول للمصطادين في ماء زمان ومكان الرد العكر بصنارة عميلة إن المكان هو كل حبة تراب يدوس عليها صهيوني أو عميل والزمان كل يوم حتى التحرير الكامل والنصر النهائي. هل يشكر الإنسان عدوه؟ يبدو ذلك لي من ضروب الجنون، لكني في قرارة نفسي اشكر بني صهيون على غارة جنتا لأنهم أفاقوا بذلك الجبار المقاوم على تخوم فلسطين من قيلولته القسرية بقرارات دولية، وسنرى بعد اليوم الكثير من العمليات ورفع اعلام للمقاومة على مواقع الاحتلال في جنوب الجنوب، ولا ضير في اقتناء «دزينة» أسرى جدداً من جنود الصهاينة، فضيق زنزانة الرفيق يحيى سكاف السوري القومي الاجتماعي أسير الصهاينة وبطل عملية الباص قرب «تل أبيب» تعصر قلوب رفقائه الذين لن يهدأ لهم بال قبل أن يروا الأسير سكاف بينهم محرراً و لو طال الزمان. جيش سورية حمل قضية العرب جميعاً إثر تداعيات حرب تشرين، يوم خانه العربي المصري حليفه المفترض ووقع اتفاق صلح مع «إسرائيل»، وحافظ جيش سورية على اسم «الجيش العربي السوري» رغم تخاذل العرب إذ أبى إلاّ أن يحمل على كاهله «قضية العرب» الذين لم تكن لهم قضية واحدة موحدة قط، فلا مصير واحداً يجمع بين مصر وسورية، والشاهد اتفاق «كامب ديفيد» ومرسي «الإخونجي» المتطرف المنتخب ولا قضية عضوية تجمع بين سورية والمغرب العربي بسبب بعد المسافة واختلاف القارة وتباين المصالح والمحيط، أما بيننا وبين دول الخليج فما روّج له العروبيون كأنه قضية مشتركة أضحى اليوم حساب دم مفتوحاً بين ممالك الرمال المأجورة للمشروع الصهيوني الغربي ودمشق الحضارة والاعتدال ولن يقفل هذا الحساب قبل هزيمة ممالك الصحراء وتقوقعها بين أعمدة حقول النفط. بيد أنه في خضم هذه الأزمة المصيرية اليوم، نرى أن شعوب كيانات سورية الطبيعية كلها هرعت لنصرة الشام إذ توقن أن في هزيمة الشام نهاية لوجودها، وللكيانات السورية كلها حياة واحدة ودورة اقتصادية واحدة ومصير واحد. وأقول للذي لا ينفك ينادي بخروج حزب الله من سورية على الشاشات وصفحات الجرائد تملقاً للصهاينة بأشكالهم المختلفة، فليخرج هو من لبنان لأن قتال التكفيريين في سورية واجب قومي وكل من لا يزال متعلقاً بـ»حبال هواء» لبنان الكبير محاولاً إقامة هذا الكيان من موته السريري فلينظر جيداً و يرَ أن سورية «الكبرى» أتت إليه بمليون نازح ليخلطوا أخماس لبنان الكبير المحتضر بأسداسه الديمغرافية إن صح التعبير، وليقضوا على أضغاث أحلام الدولة الطائفية. سورية الدولة العربية الوحيدة التي أعطت نازحي فلسطين إبان الإحتلال الصهيوني كامل حقوقهم المدنية والوطنية والعسكرية والتي حمل جيشها العربي السوري قضية فلسطين وحده منذ نهاية القرن الماضي يوم لهث العرب كلهم وراء الاستسلام كان مقعدها خالياً بقرار من كل العرب في اجتماع وزراء الخارجية الأخير وتخلى العرب الرسميون جميعهم عنها، وبينهم لبنان النائي عن شرفه في بحيرة من المكرمات السعودية. ورغم ذلك تأبى سورية إلاّ أن يكون جيشها جيش العرب وأن يكون اسمه الجيش العربي السوري. صحيح أن سورية صدر دول العرب وكبدهم وعقلهم ووجههم وقلبهم النابض وهم اليوم ليسوا سوى مجموعة كثبان وأخوان من دونها وهي «حامية الضاد وسيف العالم العربي و ترسه» غير أن الأزمة الأخيرة إن لم تثبت شيئاً فإنّما أثبتت أن جيش سورية كان لسورية يوم طعنها في ظهرها العرب. ألم يحن الوقت إذن ليسمى هذا الجيش باسمه القومي الصحيح «الجيش السوري العربي»؟ كاتب سوري من جبل لبنان، موقعه على الإنترنت www.gkaram.com

المصدر : جورج كرم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة