شهدت مناطق ريف العاصمة مصالحات عدة، في وقت تبذل فيه بعض المجموعات جهودها في إحدى أكثر مناطق النزاع في سورية، حلب، فهل ستتمكّن مجموعة «حلب قلب واحد» من إحداث تغيّر ايجابي في هذا الصدد؟

حتى الساعة، لم تجر أي مصالحة جدية في محافظة حلب، التي تضم أكثر من ربع سكان سورية. المحافظة التي شهدت أشدّ أنواع القتال، جرت فيها تسويات تتعلّق بشبان كانوا قيد الاعتقال، أفرج عنهم مقابل تعهدهم عدم حمل السلاح أو العمل ضد أمن الدولة، إضافة إلى قلة قليلة عمدوا إلى تسليم أنفسهم مقابل الاستفادة من مراسيم العفو المتلاحقة.

 «حلب قلب واحد»، محاكاة لتجربة المصالحة التي جرت في اللاذقية تحت عنوان «اللاذقية قلب واحد». اتّخذت مجموعة من الناشطين هذه التسمية، وبدأت بنشاطات عدّة للوصول إلى الهدف الأهم، وهو تسوية أوضاع شبان حملوا السلاح وانخرطوا في الجماعات المسلحة.

مصطفى الصوفي، العضو المؤسس في هذه المجموعة في حلب، شرح في حديث لـ«الأخبار»: «دورنا الوطني متعدد المهمات. قد يكون إقناع المسلحين بإلقاء السلاح وتسوية أوضاعهم هو أهمها لما فيه من حقن الدماء ، لكن لدينا حزمة من الأهداف الوطنية، ومنها مساعدة الإدارة في مجالات المعلوماتية مثلاً».

الصوفي اعتبر أن «حقن دماء السوريين مهمة وطنية مقدسة»، لافتاً إلى أن «قدسية دماء العسكريين الذين يدافعون عن الأرض والشعب والدولة تقتضي قبول من يلقي السلاح ويظهر انفكاكه عن حرب تدمير الدولة الوطنية».

تحاول مجموعة «حلب قلب واحد» عقد تسوية ومصالحة مع واحدة من أكبر الكتائب المسلحة في الريف الجنوبي الغربي، وهي كتيبة مكونة من 200 مسلح يرأسها شاب «بات مقتنعاً بوجوب رمي السلاح»، حسبما يروي الصوفي. لكن المعوقات التي تعترض المضي في تسوية أوضاع هؤلاء تكمن في «وجود عدد كبير من عائلات المسلحين في المخيمات التركية وإمكانية تعرضهم للانتقام إن عادوا إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون»، يقول الصوفي.

في موازاة ذاك، تعتزم المجموعة الاتصال بعسكريين فروا من الخدمة التحاقاً بالجماعات المسلحة، وآخرين لزموا منازلهم في مناطق سيطرة المسلحين، أو انتهى بهم المطاف إلى مخيمات خاصة في تركيا، وذلك بانتظار اكتمال التراخيص القانونية للبدء بإجراءات العفو عنهم.

يشكو عضو في المجموعة، طلب عدم نشر اسمه، «عراقيلَ بيروقراطية تحول بين المجموعة وانطلاق عملها بفعالية، وإن جواب الجهات الرسمية الوحيد هو ليس لدينا أموال لدعمكم، دعمنا قبلكم آخرين وتبين أن هدفهم هو المال والوجاهة فقط».

أحد المصادر في محافظة حلب أكّد لـ«الأخبار» أن «المحافظة والمحافظ شخصياً سيسرّع كل مبادرات المصالحة الجدية والعمل على إنجاحها دوماً». ويشير مصدر آخر إلى أن القيادة العسكرية والأمنية في حلب «تريد أن تواكب تقدمها الميداني مصالحات شعبية كما جرى في محافظات أخرى، لكن الواقع الموضوعي في حلب مختلف، فغالبية السكان في المدينة لم تتورط في العنف، وانتقلت للسكن في الجزء الذي استمرت فيه الدولة بفرض سيطرتها». وفي السياق، علمت «الأخبار» أن «اتصالات تجري مع وجهاء في حي الهلك شمال حلب لتجنيب الحي المعارك، وإقناع المسلحين المحليين فيه بعدم المشاركة مع القوى التكفيرية في مواجهة الجيش الذي يستعد لإطباق حصاره على المسلحين في أحياء شرقي حلب».

وتتنوع الخلفيات المهنية والنقابية والفكرية والسياسية لأعضاء «حلب قلب واحد»، فهي تضمّ شيوعيين وقوميين اجتماعيين وناصريين وشخصيات عرفت بمعارضتها وأساتذة جامعة ومحامين وأطباء. وتمكّنت «حلب قلب واحد» من الحصول على مقر تبرعت به جامعة حلب، وهي تحاول أن تنوع من نشاطاتها ضمن المجتمع الأهلي لزيادة المنتسبين إليها. حتى الآن، استقطبت عدداً كبيراً من طلاب الجامعة، وبالأخص ممن لديهم خبرة في المعلوماتية تطوعوا أخيراً من خلال عمل يومي يؤدونه لمصلحة مديرية السجل العقاري للمساعدة في حفظ السجلات التي أُنقذت من التلف بعد هجوم المسلحين على السبع بحرات في المدينة القديمة حيث كان يقع مقرها التاريخي منذ نصف قرن.

  • فريق ماسة
  • 2014-03-13
  • 11568
  • من الأرشيف

«حلب قلب واحد»: مبادرة نحو المصالحة... فهل تنجح؟ ...باسل ديوب

شهدت مناطق ريف العاصمة مصالحات عدة، في وقت تبذل فيه بعض المجموعات جهودها في إحدى أكثر مناطق النزاع في سورية، حلب، فهل ستتمكّن مجموعة «حلب قلب واحد» من إحداث تغيّر ايجابي في هذا الصدد؟ حتى الساعة، لم تجر أي مصالحة جدية في محافظة حلب، التي تضم أكثر من ربع سكان سورية. المحافظة التي شهدت أشدّ أنواع القتال، جرت فيها تسويات تتعلّق بشبان كانوا قيد الاعتقال، أفرج عنهم مقابل تعهدهم عدم حمل السلاح أو العمل ضد أمن الدولة، إضافة إلى قلة قليلة عمدوا إلى تسليم أنفسهم مقابل الاستفادة من مراسيم العفو المتلاحقة.  «حلب قلب واحد»، محاكاة لتجربة المصالحة التي جرت في اللاذقية تحت عنوان «اللاذقية قلب واحد». اتّخذت مجموعة من الناشطين هذه التسمية، وبدأت بنشاطات عدّة للوصول إلى الهدف الأهم، وهو تسوية أوضاع شبان حملوا السلاح وانخرطوا في الجماعات المسلحة. مصطفى الصوفي، العضو المؤسس في هذه المجموعة في حلب، شرح في حديث لـ«الأخبار»: «دورنا الوطني متعدد المهمات. قد يكون إقناع المسلحين بإلقاء السلاح وتسوية أوضاعهم هو أهمها لما فيه من حقن الدماء ، لكن لدينا حزمة من الأهداف الوطنية، ومنها مساعدة الإدارة في مجالات المعلوماتية مثلاً». الصوفي اعتبر أن «حقن دماء السوريين مهمة وطنية مقدسة»، لافتاً إلى أن «قدسية دماء العسكريين الذين يدافعون عن الأرض والشعب والدولة تقتضي قبول من يلقي السلاح ويظهر انفكاكه عن حرب تدمير الدولة الوطنية». تحاول مجموعة «حلب قلب واحد» عقد تسوية ومصالحة مع واحدة من أكبر الكتائب المسلحة في الريف الجنوبي الغربي، وهي كتيبة مكونة من 200 مسلح يرأسها شاب «بات مقتنعاً بوجوب رمي السلاح»، حسبما يروي الصوفي. لكن المعوقات التي تعترض المضي في تسوية أوضاع هؤلاء تكمن في «وجود عدد كبير من عائلات المسلحين في المخيمات التركية وإمكانية تعرضهم للانتقام إن عادوا إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون»، يقول الصوفي. في موازاة ذاك، تعتزم المجموعة الاتصال بعسكريين فروا من الخدمة التحاقاً بالجماعات المسلحة، وآخرين لزموا منازلهم في مناطق سيطرة المسلحين، أو انتهى بهم المطاف إلى مخيمات خاصة في تركيا، وذلك بانتظار اكتمال التراخيص القانونية للبدء بإجراءات العفو عنهم. يشكو عضو في المجموعة، طلب عدم نشر اسمه، «عراقيلَ بيروقراطية تحول بين المجموعة وانطلاق عملها بفعالية، وإن جواب الجهات الرسمية الوحيد هو ليس لدينا أموال لدعمكم، دعمنا قبلكم آخرين وتبين أن هدفهم هو المال والوجاهة فقط». أحد المصادر في محافظة حلب أكّد لـ«الأخبار» أن «المحافظة والمحافظ شخصياً سيسرّع كل مبادرات المصالحة الجدية والعمل على إنجاحها دوماً». ويشير مصدر آخر إلى أن القيادة العسكرية والأمنية في حلب «تريد أن تواكب تقدمها الميداني مصالحات شعبية كما جرى في محافظات أخرى، لكن الواقع الموضوعي في حلب مختلف، فغالبية السكان في المدينة لم تتورط في العنف، وانتقلت للسكن في الجزء الذي استمرت فيه الدولة بفرض سيطرتها». وفي السياق، علمت «الأخبار» أن «اتصالات تجري مع وجهاء في حي الهلك شمال حلب لتجنيب الحي المعارك، وإقناع المسلحين المحليين فيه بعدم المشاركة مع القوى التكفيرية في مواجهة الجيش الذي يستعد لإطباق حصاره على المسلحين في أحياء شرقي حلب». وتتنوع الخلفيات المهنية والنقابية والفكرية والسياسية لأعضاء «حلب قلب واحد»، فهي تضمّ شيوعيين وقوميين اجتماعيين وناصريين وشخصيات عرفت بمعارضتها وأساتذة جامعة ومحامين وأطباء. وتمكّنت «حلب قلب واحد» من الحصول على مقر تبرعت به جامعة حلب، وهي تحاول أن تنوع من نشاطاتها ضمن المجتمع الأهلي لزيادة المنتسبين إليها. حتى الآن، استقطبت عدداً كبيراً من طلاب الجامعة، وبالأخص ممن لديهم خبرة في المعلوماتية تطوعوا أخيراً من خلال عمل يومي يؤدونه لمصلحة مديرية السجل العقاري للمساعدة في حفظ السجلات التي أُنقذت من التلف بعد هجوم المسلحين على السبع بحرات في المدينة القديمة حيث كان يقع مقرها التاريخي منذ نصف قرن.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة