دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دخل الكيان الاسرائيلي مباشرة وبشكل علني في الحرب على سورية، وأعلنها جهاراً، وهو أطلق رسائله المهمة حين تعمد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل ايام زيارة جرحى المجموعات المسلحة، الذين ترعاهم المستشفيات الصهيونية في وقت أعلن ضابط رفيع المستوى في قيادة المنطقة الشمالية في جيش العدو وجود اتصالات مع ممثلي المجموعات المسلحة في سورية لنقل جرحاهم الى داخل الكيان لتلقيهم العلاج. وعليه، باتت العلاقات بين الجيش الصهيوني والمجموعات المسلحة في المناطق المحررة من القنيطرة والقريبة من الحدود مع الجولان السوري المحتل، لا تتطلب جهداً كبيراً في اثباتها، وهي تعدّت ما يعلنه كيان الاحتلال عن المساعدة الطبية لجرحى المجموعات المسلحة، فما الذي تغير خلال الايام الماضية؟ ولماذا تأتي زيارة نتنياهو في هذا الوقت؟
إن فشل مساعي المجموعات المسلحة في حصار دمشق، وسيطرة الجيش السوري بشكل متسارع على مناطق استراتيجية في ريف دمشق بالإضافة إلى تعزيز جبهة السويداء والمحاور الشمالية والوسطى في محافظة درعا وتصدي الجيش السوري لكل محاولات المجموعات المسلحة الهجوم على قرى جبل الشيخ، جعل الكيان الاسرائيلي يسعى إلى استغلال انشغال الجيش السوري في معاركه على مختلف الجبهات، والعودة الى حلمه السابق بإقامة ما يسمى بالجدار الطيب، لتحقيق هدفين، الاول يدعم به المجموعات المسلحة بشكل أقوى، والثاني يحاصر الجيش السوري في منطقة الجنوب.
الرسائل وكلمة السر التي أراد نتنياهو إيصالها للمجموعات المسلحة في المناطق المحاذية للحدود مع الجولان السوري المحتل، أفرزت معطيات ميدانية سريعة في تلك الجبهة، وتحديداً في القطاعين الاوسط والجنوبي، حيث بدأت المجموعات المسلحة التابعة لـ"جبهة النصرة" و"ألوية اليرموك" و"ألوية الفرقان"، الانطلاق من بلدتي نوى وجاسم في ريف درعا الغربي، نحو بلدات الهجة والويسة وكودنة وعين العبد وعين قريخة والدواية الكبرى والصغرى. وبعد دخولهم لتلك البلدات، بدأت عمليات التخريب وحرق بيوت المدنيين، فيما قامت مجموعة تابعة لـ"ألوية الفرقان" بقيادة مسلح تونسي الجنسية يدعى "أبو البراء"، بارتكاب مجزرة بحق عائلة المحامي عدنان عوض وقتلته مع 8 من أفراد أسرته تحت ذريعة تأييده للدولة السورية.
وبالتزامن مع دخول المسلحين من غربي درعا، تحركت المجموعات المسلحة المتمركزة في بلدتي بريقة وبئر عجم، نحو بلدات القحطانية والعدنانية، بغية توسيع مساحة سيطرة تلك المجموعات على اكبر مسافة من السلك الشائك الفاصل بين القنيطرة الجولان السوري المحتل وبهدف تشتيت قوة الجيش السوري في تلك المنطقة. أما الهدف الاكثر أهمية في ذلك الهجوم، والذي كان يعتبر من اهم اهدف الكيان الإسرائيلي، فهو قيام المجموعات المسلحة باقتحام منشآت الموارد المائية في تلك المنطقة والتي تعتبر خزان مياه إستراتيجي، وعليه قامت بقتل عناصر حراسة تلك المنشآت، ومن ثم تدمير عدد من مفرغات السدود وفتح المياه باتجاه وادي اليرموك، والذي يصل الى المضخات الاردنية والإسرائيلية لإعادة ضخ تلك المياه الى بحيرة طبريا.
النقطة الرئيسية التي يرتكز عليها المسلحون في جبهة القنيطرة، هي بلدة بيت جن ومزارعها، والتي يتم من خلالها نقل السلاح والمسلحين الى عموم المنطقة الجنوبية، كما يشكل قربها من منطقة مزارع شبعا اللبنانية عاملاً مهماً في سير المعركة، حيث يتم تلقيهم العون من الكيان الاسرائيلي، الذي يقوم بنقل المسلحين من قرى جبل الشيخ الى داخل القنيطرة لتفادي الكمائن التي ينصبها الجيش السوري، بعد ان قام بحفر عدد من الخنادق في تلك المنطقة، كما نصب على مسافات واسعة أسلاكاً شائكة، لمنع وإعاقة جنود الجيش السوري في تلك الوديان والمزارع.
فشل هجوم المجموعات المسلحة، جعل قادة كيان الاحتلال يستشعرون الخطر الحقيقي على مشروعهم في تلك المنطقة، فدارت مناقشات بين رئيس الحكومة ووزير الحرب الاسرائيلي ورئيس الأركان حول انعكسات إقامة القيادة الجديدة لـ"لجيش الحر" في المنطقة الحدودية مع الكيان، بعد إقالة سليم ادريس بتوافق امريكي اسرائيلي، ليأتي دور عبد الإله البشير النعيمي، الذي اكدت وسائل إعلام العدو انه تم إعداده وتدريبه عسكرياً في الكيان الاسرائيلي
عبد الاله البشير النعيمي، كان قد تلقى علاجاً في الكيان الإسرائيلي العام الماضي عندما أصيب في اشتباكات مع الجيش السوري، على محور بريقة بئر عجم، وكان حينها مسؤول القيادة العسكرية للمجموعات المسلحة في جنوب سوريا، نقل على اثرها الى مشفى ميداني ومنه الى احد مشافي صفد، ومن ثم أعلن عن وفاته وعن دفنه في درعا من أجل التغطية على وجوده في داخل الكيان، حيث تم تدريبه من قبل جهاز الموساد.
التخبط الذي يعيشه الكيان الاسرائيلي، دفع بقيادة الكيان، إلى الدخول المباشر على خط المعارك، لتقوم بالغارة الجوية في جرود بلدة جنتا البقاعية، والتي تشير الى عمق الازمة التي يعيشها الاحتلال، رغم الإعلان عن الاتفاق الأميركي الإسرائيلي بنقل غرفة العمليات من الحدود السورية التركية، إلى مدينة الرمثا الأردنية، بالتزامن مع بدء وصول الاسلحة والعتاد الحربي الى مطار المفرق الاردني، ليبقى سعيها بإقامة "الجدار الطيب".
بموزاة ذلك، وبحسب مصدر عسكري، لم تتوقف عمليات الجيش السوري في تلك المناطق وما زال يستهدف معاقلهم في قرى أم الباطنة والصمدانية واللهجة ويسعى الى شنّ اقتحامات برية، إضافة الى فك ارتباط المجموعات المسلحة في معظم محافظة القنيطرة، ويستند في ذلك إلى خوض معركة درعا والانتصار في شطرها الشمالي.
المصدر :
حسين مرتضى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة