(1) رحلة شاقة بلا نهاية

لاأدري ان كان هناك عقل شغل أمته وحيّرها كما العقل العربي .. فهي تبحث عنه منذ أن سقطت بغداد بيد هولاكو .. ولكن هو أيضا يبحث عنها ولايجدها .. كأم وابنها تائهين لايلتقيان في واديين .. وكلما حاول أحد البحث عن العقل العربي وذهب يمتاح البحور وذاب جسده في رحلة البحث عاد بخفي حنين وكأنه يبحث عن الالدورادو أو نبتة الخلود التي فقدها جلجاميش في الأسطورة عندما أكلتها الحية .. وبعض الذين خرجوا للبحث عن هذا العقل لم يعودوا .. وانقطعت أخبارهم كأنما ابتلعهم مثلث برمودا وضاع أثرهم .. انه العقل الذي يكاد يتحول الى أسطورة .. فهل وجود العقل العربي أسطورة؟

كتب عن هذا العقل المفقود ابن خلدون بطريقة مواربة عندما كاد أن ينكره بقوله: ان العرب ليسوا أرباب صناعة وعمران بل هم أرباب غزو وترحل ولسان!! .. وكتب عن هذا العقل أبو الفتح الشهرستاني في كتابه “الملل والنحل” بشكل مستتر عبر شرح المذاهب حيث تسلل منها الى طريقة تفكير عقول المذاهب .. ولامس هذا العقل الباحث العراقي علي الوردي في تحليله لاحدى تجليات العقل العربي في الشخصية العراقية وكانت المرارة هي الطعم الذي يبقى على أصابعك ولسانك وعينيك وأنت تقلب كتابه .. فيما أفنى الباحث السوري الدكتور محمد ياسين حمودة زهرة شبابه يتحدث الى هذا العقل الذي لايزال يعتقد انه موجود ويحاول انتشاله بتسعة مجلدات كاملة كرافعات عملاقة لانتشال هذا الغارق الثقيل والمثقل بالمراسي والمآسي والمغطى بالطحالب في المياه القديمة للزمن .. وانضم الى جملة المنقبين عن هذا المفقود الباحث المغاربي محمد عابد الجابري عندما أمسك رفشا كبيرا وجعل يزيح كثبان الرمال التي تغمر هذا العقل في كتابه “بنية العقل العربي” .. الذي تلاه بكتاب “نقد العقل العربي” .. ولكن كأنما لم يقرأ هذه الكتب والأبحاث الرائعة الا معاهد البحوث الاسرائيلية والانكليزية والفرنسية ..بدليل أن الربيع العربي والاسلامي كان ثمرة من ثمار الاطلاع على هذه البحوث الأصيلة ..ففيها شيفرات العقل العربي .وقد صار هذا العقل المفقود وسيلة للكسب والشهرة كلما أراد باحث الصعود ومخالفة المألوف فيطلق النار على العقل العربي ويعلقه كرؤوس الأيائل والدببة على جدران سيرته الذاتية للمباهاة بصيده كما فعل صادق جلال العظم الذي علق لعدة عقود على جدران سيرته كتاب (نقد العقل الديني) وكان يريد به العقل العربي .. ولكن اكتشفنا ان رأس الدب الذي على الجدار هو عقل صادق جلال العظم نفسه .. بل ان برهان غليون قد شمر يوما عن ساعديه وقرر الانضمام لجوقة الصيادين ومريدي الشهرة وكتب لنا كتابا سماه “اغتيال العقل” وقصد به طبعا العقل العربي ولكنه رغم بندقية الخردق التي استعملها كان مجرد مقلد للصيادين ومدع للصيد .. وكان كتابه صرعة مثل صرعات الموضة والأزياء .. وكان ثريا بالمعرفة مثل ثراء أغنية بوس الواوا لهيفاء وهبي .. لأن غليون في الحقيقة قد باس الواوا في العقل العربي .. وأنصحكم بقراءة هذا الكتاب الذي يستحق ان يسمى “اغتيال الواوا” من شدة تفاهته وسطحيته .. بدليل أن صاحب “اغتيال العقل” – أو اغتيال الواوا – أطلق النار عليه بنفسه وانضم الى ثوار بلا عقول يغتالون العقول .. ومنذ تلك اللحظة التي اشتغل فيها برهان غليون وأمثاله من الصغار الطافين على مستنقعات الوعي على عقولنا عرفنا لماذا لايزال العقل العربي أسطورة تشبه الالدورادو التي يبحث عنها الباحثون عن مدن الذهب ..

المشكلة التي نواجهها أيضا هي في التطفل والطفيليين واللصوص الذين لايدعون شرف المغامرة في البحث عن العقل لكنهم يتفضلون ويقدمون وجبات معرفية لتقوية ظهر العقل العربي بالفياغرا الثقافية .. ولكن مايطعمونه له هو العلف .. والعلف فقط .. والعقول التي تطعم العلف والفياغرا لايمكن ان تنجب الا ثورجية ..

وباعة العلف والفياغرا الثورية كثر .. وقد تعثرت بأحدهم يتحدث منذ فترة ويقدمه البعض على انه حفيد عبد الرحمن الكواكبي نفسه صاحب “طبائع الاستبداد” بشحمه ولحمه .. ولاحظت فورا أن هذا الشخص الطفيلي يتصرف مثل مغمور يطفو فجأة على السطح متعلقا باسم جده .. ولايحتاج المتابع الى كبير عناء لكي يدرك ان الجد لم يمرر عبقريته الى حفيده .. وأن الحفيد محدث ممل وضئيل جدا في ثياب الجد العملاق .. بل ان الحفيد قد هدم اسم جده كما يهدم الثوار الوهابيون المقامات والمزارات .. وهو يتنطح لمهمة ليس مؤهلا ثقافيا ومعرفيا لها .. وكان عليه بصدق أن يتجنب الاستعانة باسم جده واستدعائه مع كتابه وتجربته كلما وقع في زنقة معرفية .. الأبناء يتسببون بالأذى احيانا بسوء التصرف والتدبير .. وتواضع فكر الحفيد دليل على أن العبقرية موهبة مستقلة وحرة ولاتنزل مع الجينات في الأرحام .. ولااشك ابدا أن الحفيد أفسد على الجد رقاده في قبره وزاد من غمه .. وأكاد أسمع هدير الجد الغاضب من تجنيده في سفربرلك الثورة “التركية الوهابية الاسرائيلية” ..

هل هناك استبداد يفوق هذا الاستبداد العائلي ..؟؟ وهل هناك من يقتل العظماء مثل أبنائهم عندما يستولون على اسمائهم ويبيعونها في السوق مثل الفياغرا أو العلف؟؟!! الابداع الفكري هو الوحيد الذي لايورث ولايملك أحد حق افتتاح فروع له كما لو انها مطاعم ومحلات أحذية وألبسة .. ألم يكن حريا بالحفيد أن يكرم جده بابعاده عن الجدل الداخلي .. فالرموز الوطنية الكبرى لايجب استخدامها في الجدل الداخلي .. وكان حريا به ايضا ان لايدعي انه امتداد فكري واستمرار لجده يتحدث بالنيابة عنه .. لأن عبد الرحمن الكواكبي ليس فرعا لفندق الكارلتون أو مطعم ماكدونالد وليس نوعا من أنواع الجبنة .. بل هو ملكية سورية وانسانية .. أي يمكن للحفيد ان يفتتح مطعما للفلافل وفروعا لبيع الفطائر الفرنسية لمؤازرة ثورة “عثمانية القلب ووهابية الهوى ليس فيها الا الاستبداد.. والطغيان ..واستبداد الاستبداد .. ولكن من العار عليه اعلان افتتاح فرع ثوري للكواكبي المفكر والثائر على العثمانيين … ليدير محلات “الكواكبي” بنفسه

وكذلك من المؤسف أن يتعرض تمثال ابي العلاء المعري لقطع الرأس وان يغضب حفيد الكواكبي لذلك السلوك ولكنه لايعلم انه هو ايضا يقطع رأس جده عبد الرحمن الكواكبي ويقدمه هدية لثوار السلطنة العثمانية .. لقد ذكرني تطفله الساذج على عقل جده وعلى عقولنا بشخصية أشعب الطفيلي العربي الشهير الذي لاتفوته مائدة ولاعرس .. فكيف وموائد هذه الأيام العامرة تتحدث عن الاستبداد وطبائعه؟؟ .. فصاحبنا يتحدث بانسياب كأنه صاحب العرس والعروس والعريس ولاتفوته وليمة الحرية لكثرة مايشير الى ارثه لجده وأحقيته في خلافته .. بل يكاد المستمع اليه يفهم أنه ينسب كتاب طبائع الاستبداد لنفسه وأن جده كان مجرد مقدمة لعبقرية الحفيد .. هذا الرجل الطفيلي للأسف كان يسرق جده علنا ويسرق كتاب جده دون أن يعرف قيمة مايسرق .. مثل السفهاء الذين يبددون مايرثون .. وكان يسرق طربوش جده وعباءته ليبيعهما في أسواق العرب .. وكان أكثر استبداد تعرض له صاحب طبائع الاستبداد هو استبداد حفيده به وبوصيته الكبيرة .. واستهتاره حتى بمعنوية أن جده كتب عن المستبد العثماني الأجنبي والمستعمر الذي يريد الآن اعادة الاستبداد الى بلاد عبد الرحمن الكواكبي .. حفيده يقدم اعتذارا باسم عبد الرحمن الكواكبي للعثمانيين عما اقترف بحقهم من جحود .. ويستثمر اسم جده ويسير في السوق وينادي لبيعه وقد وضعه بشكل مهين على طنبر الثورة ..

والحفيد لمن يسمعه ليس بتلك الرداءة الثورية التي تفوح من ثياب الثوار وأفواههم ولكن لايناقش أحد أنه متطفل على العلم والمعرفة والحرية والمنطق وحديثه يعاني من اضطراب نظام التفكير والانسجام والتناسق والتناغم .. ولايدل على تطفله على الثقافة والمنطق والحرية الا تلك الطرفة التي رواها وسخر فيها من عقلية المؤامرة وقال فيها ان عقلنا العربي مشوه ومسكون بهواجس المؤامرات لأنه في محاضرة كان يوزع فيها الاستبداد الثوري على التوانسة سأله احد الحضور -الذي وصفه حفيد الكواكبي باحتقار على أنه “قومجي”- : كيف كان جدك عبد الرحمن الكواكبي يتدبر أمره في منفاه في القاهرة؟؟ ويسردها حفيد الكواكبي ليوحي أن التونسي سأل ليشكك في ثورية عبد الرحمن الكواكبي لأن هناك من موّل اقامته في القاهرة عندما تمرد على الباب العالي

وقد صدمت من الرد الأخرق الأبله .. فقد قال حفيد الكواكبي بسرعة محاولا السخرية من السؤال: ان قطر كانت تمول تمرده !!.. وفي هذا الجواب طبعا انكار وقح وغبي لحقيقة أن الثوار السوريين والعرب  قد تلقوا مالا من قطر .. وان قطر بريئة من دمنا براءة بيلاطس من دم المسيح .. وبراءة اسرائيل من دم الحريري .. ويخيل للمستمع أن الثورجيين العرب انفقوا على ثوراتهم من بيع التمر وعفط العنز ليمولوا سيارات الدوشكا والصواريخ الحرارية ورواتب ونفقات سفر المسلحين بين القارات والحملات الاعلامية .. وأن طائرات الناتو كانت تأخذ أموال دافعي الضرائب الفرنسيين والبريطانيين فقط لمساعدة هؤلاء الاحرار ولم تدفع قطر فاتورة الثورة والربيع  كله قبل ان تنضم مجموعة دول الخليج المحتلة ..

عشرات ومئات آلاف المقاتلين الاسلاميين ينتشرون من حدود تونس الى العراق مرورا بمصر وليبيا وسوريا ولبنان وغزة لم يمولهم أحد!! .. الربيع اذن حسب حفيد طبائع الاستبداد كان من بيع التمر والمهلبية وتبرعات المساجد والدراويش .. هل يوجد مخلوق على هذا الكوكب لايعرف دور المال القطري والعربي النفطي في هذا الربيع ؟؟ وهل هناك استبداد فوق هذا الاستبداد بالعقول؟؟ .. في الحقيقة كان على السائل التونسي ان يسأل حفيد الكواكبي سؤالا أهم لكي نتبرع نحن بالاجابة عليه على الطريقة الثورية .. هذا السؤال المهم هو: من الذي قتل عبد الرحمن الكواكبي؟؟ والجواب طبعا هو: …. النظام السوري المجرم !! أما كيف قتله النظام السوري المجرم فالحقيقة هي أن الكواكبي لم يمت بالسم التركي كما يشاع .. بل انه مات ببرميل متفجر من البراميل التي يعشق الثوار الحديث عنها .. برميل ألقاه عليه جنود الأسد النصيريون .. عقل هذا الطفيلي الذي يستحق لقب “أشعب الكواكبي” يعترض على مبدأ توريث السلطة ولكن توريث الابداع والعبقرية الثورية هو حقه الطبيعي .. فرغما عنا يريد هذا الأشعب أن يرث مهنة الابداع .. وموهبة التحدي ..وعبقرية الكواكبي .. هل هناك أكثر من هذا الاستبداد؟؟ وهل مايقتل جسد الكواكبي بالسم كمن يقتل اسمه واسطورته بالاستبداد والتسلط عليه فقط لأنه ورث حروف اسمه  ..

ومن يستمع الى هذا الكواكبي يعرف أن العربي يعاني من استبداد الطفيليين على موائد المعرفة .. فهو يقول ان التخويف من أن سورية يمكن تقسيمها هراء يستخدمه النظام لأن الشعب السوري لايتم تقسيمه .. وقد حاولت فرنسا سابقا وفشلت .. هذا الكواكبي الصغير الطفيلي لا يرى كواكب ونيازك سايكس بيكو التي سقطت بعد تفجير سورية الكبرى بأول ربيع عربي رغما عن الشعوب التي لم تقبل بنيازك وكويكبات سايكس بيكو .. واذا كانت الحرب العالمية الثانية قد نجحت في اضعاف فرنسا ومنعت نجاح تقسيم بقية سورية فان فرنسا قد نجحت في سلخ لبنان ولواء اسكندرون بالقوة من جسد سورية .. ونسي هذا المتطفل على التاريخ والمعرفة والمستبد بالثقافة كيف ملأت اشلاء سورية الكبرى كل الشرق .. فلسطين السورية .. والاردن السوري .. ولبنان السوري .. وكيف ألحقت الموصل (وهي تابعة لولاية حلب) بالعراق .. وهاهو يرى ان العقل العربي المسروق قد أنتح فدرالية يمنية من ستة اقاليم .. وان العراق صار ثلاثة .. وأن ليبيا تستحم بالفوضى لتتقسم علنا وعلى رؤوس الأشهاد .. فكيف أن سورية الثورة ليست مشروع تقيسم وكل ماحولها يتشظى ؟؟.. تبا للعقول المستبدة .. وللعقول المتطفلة على المعرفة ..

(2) نتنياهو يعلن وفاة العقل العربي ..

منذ قرون ونحن أمة تسير بجماجم مجوفة وفارغة .. ان مرت فيها الريح صفرت .. وان مر عبر هذه الجمجمة صوت سمعنا تردد الصدى في الكهوف الكبيرة لأن جماجمنا كهوف ومغاور خالية حتى من الوطاويط .. ولن ابالغ ان قلت: ان دخل فأر جماجمنا ليأكل  لمات جوعا في زواياها الفارغة .. وان نقرنا بأصابعنا على رؤوس العرب من المحيط الى الخليج لسمعنا رنينا لأوعية جوفاء لاتضاهيها حتى سيمفونية الطناجر للعرعور عندما أعلن الثورة بالقرع على الطناجر .. وربما كان من الأجدى والأقوى لو أنه نصح بالقرع على رؤوس الناس .. لأن الرؤوس المجوفة أقوى طبول في الوجود ..

سيعاتبني البعض وسيغضب البعض .. وسيقول البعض انني صياد من صيادي الدببة تبحث عن هذا الكنز المفقود وجزيرته المفقودة .. ولكني سلفا لست بصدد البحث عن هذا الكنز المفقود رغم أنني أعترف أنني هممت مرارا بالعودة الى مكتبتي لأقلّب الكتب علني أجد أي أثر يدلني على ضالتي لأقتفيه كقصاصي الأثر .. هل هو ضائع في لحظة من لحظات التراث وبين ثنايا المحن والنكبات ؟؟ أم أنه ضاع في زمن أبي حامد الغزالي عندما كتب كتابه الشهير “تهافت الفلاسفة” وانتصر فيه النص الديني على العقل؟ وكان عمله في “احياء علوم الدين” عملية ليموت بعدها العقل؟؟  أم ضاع عقلنا في لغويات “البيان والتبيين” للجاحظ ؟؟.. لكن كلما فكرت في ركوب هذا البحر أحجمت .. فأنا لن اتبرع للخروج في رحلة شاقة وخطرة كهذه .. لأنني أخشى أن أغرق في مثلثات برمودا أو أن أغيب وتنقطع اخباري مثل غيري ..

وقد قررت أنني لن انشغل بالبحث عن هذا العقل لأنه ليس ضائعا ولامفقودا بل هو غالبا عقل مسروق ومخطوف .. وليس هناك امل في ايجاده سليما معافى لأنه لم تبق أمة لم تشتغل على عقلنا العربي ولم تركب على ظهره أو لم تسرج عليه كما كل المطايا المطيعة .. حتى “الكينيون” الأفارقة (؟؟!!) وأحفاد وحفيدات العبد كونتا كينتي مثل كوندوليزا رايس صاروا يتسلون بعقلنا من أميريكا ويعلمونه التقوى في الدين .. والتفاني في الوطنية والصوفية في الحرية والانسانية ويستولدونه .. العقل المفقود تعرض لحادث سرقة واختطاف أول مرة في أول ربيع للعرب منذ مئة عام .. قاده موظف مخابرات بريطاني اسمه لورنس العرب وصار يباع قطعة قطعة كقطع الغيار لتسير بها عربة تيودور هرتزل .. ومنذ ذلك اليوم اختفت آثار ذلك العقل الذي نكتب عنه ونقف على أطلاله .. ونعاتبه ونقرعه ونشتاق اليه .. ونكتب فيه المديح والهجاء واللوم والعتاب .. ولكن ماذا نكتب عن عقل مفقود .. وعقل مخطوف .. وعقل مسروق .. وعقل مركوب ؟؟..

سيلومني البعض ويعتقدون انني بالغت في ظلم العقل العربي الأسير والسجين والرهينة .. ولكن من حقي أن أتساءل أسئلة عل من يعرف الجواب يدلني على الصواب لأن مامن أمة بحثت عن عقلها مثلنا ومامن أمة تساءلت هذه الأسئلة الوجودية مثلنا .. ومع هذا لايزال بحثها جاريا عن نبتة جلجاميش الخيالية لنزرعها في جماجمنا .. أريد من هؤلاء ايضا أن يجيبوني عن أمة تضيع منها فلسطين كاملة بكل مدنها وقراها وجبالها وسهولها .. وهذه الأمة لاتسترد مترا واحدا منها بعد ستين عاما .. لاتسترد شبرا واحدا .. مليمترا واحدا .. شجرة واحدة .. حجرا .. أي شيء ..؟؟  لكن رجلا واحدا فقط مثل حسن نصر الله وحزبه يستعيد كل جنوب لبنان .. ويفكر في أن يعانق الجليل ويتمدد بعباءته في صفد .. فترد عليه الأمة بأن تفقد عراقا كاملا ينشطر الى كردستان وشيعستان وسنستان تمسك بكل قطعة دولة .. وتخسر هذه الأمة السودان الذي يكاد يكون قارة كاملة بمساحته .. ثم لايكتفي العرب بذلك فيفقدون ليبيا دفعة واحدة ويذبحونها .. وهاهو عقل ليبيا يستعد للانشطار ..ويتآمرون على مصر .. ويعتقلون نهر النيل في سجون سد النهضة .. كما يسجن حزب النهضة تونس .. ويسقط اليمن وتنهمر منه الولايات والفدراليات كالمطر كما تنفسم الجراثيم بالانشطار .. ويسقط كل الخليج العربي تحت احتلال علني بالقواعد العسكرية والأساطيل الغربية .. ويسرق كل نفطه ولانملك منه قطرة واحدة ..  وفوق هذا يهاجم عتاولة هذه الأمة .. سورية ..من كل حدب وصوب .. هل هذه أمة لها عقل؟؟؟ ..وهل يستحق هذا العقل أن نبحث عنه؟؟ هل هناك عقل في الدنيا يهاجم بلدا رائعا وجوهرة في تاج العالم مثل سورية وبلدا تفضل على العرب وتركها العرب تواجه اسرائيل والغرب وحيدة أربعين عاما في الجولان والعراق ولبنان.. كل العرب دون استثناء؟؟

لايمكن لأي باحث استئناف البحث عن العقل العربي الا عندما يجيب على أسئلة أهم من سؤال ان كان الله موجودا أم لا ؟؟  فلماذا تعتز كل أمم العالم باستقلالها الا أمتنا التي تحتقر الاستقلال الوطني .. أمتنا تريد الاحتلال العثماني أن يعود اليها ويركب على ظهرها ويلحقها بالحرملك العثماني لنصبح مذنبات باردة ..كل الأمم تريد ان تكون نجوما أما نحن فنموت لنكون نيازك مطفأة .. وصخورا تائهة في الفضاء .. وأمتنا تريد عودة الاستعمار الفرنسي والبريطاني عبر مشاريع التحرير .. وفوقهما أن يشارك الأميريكي في احتلالها .. هل رأيتم كم بكى الثوار السوريون وكم توسلوا للعالم أن يحرق بلدهم ويطفئ نجومهم؟؟ هل رأيتم كيف يأخذون أطفالهم ليكذبوا ويعلمونهم شهادة الزور ليتوسلوا بهم ويعلموهم كيف يبكون بحرقة لأن العالم تركهم من غير احتلال ولم يحررهم من وطنهم؟؟ أمة تريد فقط أن يرسل الغرب جيوشه لتفقد حريتها .. هل هذه أمة يمكن أن ينقذها عقل .. هل لها عقل يستحق البحث عنه ..

عندما تعجزون عن ادراك ماهية وشكل هذا العقل المفقود والمسروق فعليكم النظر في حكومات لبنان .. لبنان هو المكان المكشوف الذي يتمشى فيه العقل العربي عاريا ونرى اليتيه وفخذيه وعورته دون أغطية ولاشراشف .. فالوزراء في لبنان مرسومون على مقاس الصحابة والأولياء والمزارات والدراويش والحواريين والفريسيين .. ولكنهم ايضا ايضا مرسومون على قياس كل دول العالم .. حتى روبرت موغابي لديه نائب في البرلمان اللبناني .. وحتى الطوارق لهم من يمثلهم ..

هذا العقل الذي لايمل من تكرار ان الحرية والديمقراطية سبقتنا وأن العالم يذل الكيمياء والفيزياء ويتزوج المريخ ويمضي سهراته في المجرة .. ويفعل كذا وكذا .. يحدثك عن العلوم والذرة والتطور .. ولكن هذا العقل مسكون بالمآسي .. وبين معادلات الكيمياء يجلس علي ومعاوية يتقاتلان على الخلافة .. ويتجول ابو قتادة وابو دجانة بين رموز علم الجبر .. ومن بين أضلاع المثلثات يبرز فجأة أبو هريرة وعمرو بن العاص وعائشة وفاطمة وأسماء .. ويدخل الجمل وناقة صالح وناقة البسوس وجساس والزير الى كل برلمان ومجلس شورى كأعضاء أصيلين .. البرلمانات العربية ملأى بالنوق والجمال .. ويجلس بعض ذوي الياقات البيضاء ليس تحت قبة برلمان بل يحملون معهم سقيفتهم .. وليس من العيب أن نعترف أن مانسميه قبة البرلمان هو سقيفة بني ساعدة التي تغطي برلمانات العرب ورؤوس برلمانييهم .. نستظل بها ونحشر بعضنا تحتها ..  ويتبارز السيد المسيح و النبي محمد وكل الصحابة والأولياء تحت فبة البرلمان .. وبرلمان وحكومة لبنان مثال على ماأقول .

في اميريكا صار الكيني الأسود رئيسا حتى لو انه مجرد ممثل لدور الرئيس .. ولكن العقل العربي لايقبل أن يحكم الشيعي سنيا .. ولا السني شيعيا .. ولاالموارنة ..وفي اميريكا يتصل الرئيس الأمريكي برواد الفضاء ليقطفوا له قمرا أو كوكبا كما لو كان موسم جني التفاح والموز .. وقد يتصل بقادة السي آي ايه ويطلب رأس صدام حسين والقذافي كما لو كان يطلب سندوشة همبرغر بنكهة عربية .. ويصله الرأسان في الحال حيث يقطفهما له ثوار العرب .. أما في بلاد الثورات العربية فيتصل أمير جبهة النصرة في دمشق بأمرائه لارسال انتحاريين اثنين على عجل لاقتحام مبنى التلفزيون السوري .. وكأنه يطلب كيسي بطاطا .. و يصل الانتحاريان قبل كيسي البطاطا عادة ..

عقل العربي المسروق صار يقبل يد نتنياهو الذي يزوره كما يزور مالك مزرعة أتباعه .. وصار نتنياهو (جابر عثرات اللئام) فقد مات جابر عثرات الكرام .. هل رأيتم العقل العربي المسروق اين ظهر بالأمس ؟؟ كان متمددا ومسجى أمام نتنياهو وضباطه في الجولان .. العقل العربي المفقود والمسروق وجد جريحا أخيرا .. يداويه نتنياهو !!.. ولكن لاتعتقدوا أن نتنياهو كان يزور جرحى الثورجيين السوريين فقط لمجرد ترويج انتخابي لحزبه وقيادته في اسرائيل .. أو فقط لتصوير نفسه حاميا للسنة .. السنّة الذين يقتلهم الشيعة والنصيريون .. نتنياهو ليس غبيا ويعرف أن العقل العربي الجريح لهؤلاء سيكون مثلهم خائنا وعميلا وسيبيعه عندما يجد من يدفع له أكثر ويطعمه أكثر ويروضه أكثر ويجرحه أكثر .. ونتنياهو يعرف أن ظهوره علنا لن يفيد الثورة السورية كثيرا لأن الدعم السري أكثر نفعا بكثير مما يظهر علنا .. نتنياهو الذي قتل المسلمين السنة في غزة كالحشرات لايمكن أن ينقذ السنة السوريين دون غاية .. فهو يمسح بهم جرائمه وينظف عار اسرائيل ومجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين وغزة ويمهد لمجزرة كبيرة جدا ..  ولكنه أيضا كان ظهورا احتفاليا للانتصار بنصر الهي يرد فيه على نصر حسن نصر الله الالهي .. ان جنود “الله أكبر” بأنفسهم يتسابقون للسجود بين يدي جنود “يهوه” .. انه فعلا النصر الالهي لاسرائيل على نصر نصر الله الالهي .. حيث يظهر نتنياهو وقد انتصر أخيرا على النصر الالهي .. وانتصر على العقل العربي الذي كان أمامه مسجى ومستلقيا جريحا بلا حراك يستجديه الصداقة والصفح عن يوم الغفران ويعلن توبته والانضواء تحت ولايته ومبايعته خليفة .. والعقل المسجى كان نصرا اسرائيليا بلا شك .. ليس لأن تصريحات الجريح ومدائحه وثناءه على اسرائيل كانت بردا وسلاما على نتنياهو وآل نتنياهو بل لأن عتاولة الثورة السورية لم يغضبوا من اهانة الثورة وعارها ولم يخجلوا .. بل كالعادة وجهوا اللوم للنظام السوري الذي دفع ثوارهم للاحتماء باسرائيل .. ولم يسأل هؤلاء القادة الثورجيون العتاولة كيف اختفت أعضاء لثوار سوريين في تلك المشافي الميدانية الاسرائيلية .. وكيف أن تجار الأعضاء البشرية الاسرائيليون يتوجهون حاليا الى شمال (اسرائيل) كما فعلوا عند زلزال هاييتي والذي نشرته صحف سويدية .. ولم يتطرق قادة الثورة الى ماتسربه مصادر روسية نقلا عن الاسرائيليين الروس عن أن جريحين ربما تركا ليموتا عمدا وتم زرع قلبيهما لمريضين اسرائيليين وأن هناك مجموعة من الأدوية والعقاقير الطبية يتم تجريبها على الجرحى السوريين .. ولم تسأل لنا المعارضة الثورية من الذي يمول هذه المشافي ؟؟ لأن المعلومات الروسية تقول ان المشروع استثماري أيضا لأن دولا خليجية تدفع كل النفقات للجيش الاسرائيلي ومايثير الحزن أن الاسرائيليين يقدمون فواتير مزورة ومبالغا بها جدا لهذه الدول الخليجية وأن الملايين من الدولارات التي تجنيها السلطات الاسرائيلية تذهب الى مشاريع الاستيطان في القدس .. بل ان هناك تبرعات صامتة في دولة خليجية تشجع على جمع تبرعات تذهب للجيش الاسرائيلي ليقوم بعلاج الجرحى السوريين بحجة أنه من واجب المسلمين دفع النفقات وليس من واجب الاسرائيليين .. ولاأستبعد ان تلك فتوى فيها زنخ القرضاوي ورائحته .. ومباركة خالد مشعل واسماعيل هنية طالما أنها لانقاذ جنود “الله أكبر” ..هل بعد هذا الجنون جنون ؟

انها الحية التي أكلت نبتة الخلود .. اسرائيل قد أكلت عقل العرب .. وتركتهم بلا عقل ..

أوبعد كل هذا .. هل تعتقدون أن اي خريطة واي كتاب سيدلنا على مكان العقل العربي المسروق .. اليس بالامكان الآن أن نجد نبتة الخلود لجلجاميش .. وأن نجد الالدورادو .. على أن نجد نبتة اسمها العقل العربي ..

أنصحكم بقوة ان توقفوا البحث والابحار والأسفار لاستعادة المسروق أو جثته أو رفاته .. لأنه جهد بلا طائل .. فالعقل العربي مات ودفن .. وها أنا ذا أعلن وفاة عقل العرب دون تردد .. ولكنني أنصحكم بقوة أكبر أن تبادروا جميعا الى عمل أكثر اجلالا وعظمة وفائدة وأكثر حنكة ..وسيكون هدية لجيل قادم .. وهو صناعة عقل عربي جديد .. انسوا العقل المسروق .. والعقل الذي يموت .. وابدأوا بناء جديدا .. قويا متينا .. ليس فيه حبة رمل واحدة .. بل كل خلية فيه هي جسد شهيد .. وكل خلية تزدخم بأحلامه ومذكراته ورسوماته .. وليس في ذاكرة الخلايا مضر ولاتميم ولاعبس ولاغطفان ولا عكاظ ولا الجمل ولا السقيفة .. بل صور مقاتلين سوريين مع بنادقهم .. ورسائلهم الى حبيباتهم وأخواتهم وأمهاتهم .. وأشواقهم الى ضيعاتهم وقراهم وجبالهم ومدنهم وحاراتهم التي اشتاقت لهم وتريد ان تعانقهم شكرا وعرفانا واعجابا .. وفي كل نبضة عصبية في العقل الجديد تسري أغنية وموال وطني وتلمع منها صور الصداقة الحقيقية والمصافحة بين الأحبة .. وكل شق فيه يهندسه مهندسون من مقاتلي مطار منغ العسكري الأبطال ومن المدافعين الذين يقفون كالأساطير في سجن حلب المركزي ..والفرقة 17 .. وكل بارقة فيه تبرق مثلما تلك التي يصنعها الطيارون السوريون ورجال الصواريخ .. وتعلموا صناعة العقل الغاضب من رجال الكوماندوس السوريين .. ومن الفرقة الرابعة .. ومن الجنود الذين يأكلون قمم القلمون .. تعلموا من الجنود السوريين والضباط السوريين الذين يصنعون النصر .. فمن يصنع النصر .. يصنع العقل الجديد .. فما النصر الا عقل جديد يدفن العقل الذي مات .. نعم لقد مات العقل العربي القديم العفن بعد أن انحنى وتدنى واندحر وانتحر .. وهانحن نقيم بنيانا لعقل قادم .. شاهق .. عزيز .. كريم .. حر .. صادق ..سيقتل الحية .. وأصحاب الحية ..وثوار الحية ..  

  • فريق ماسة
  • 2014-02-20
  • 12699
  • من الأرشيف

وفاة العقل العربي وولادة “نتنياهو عثرات اللئام” .. هل قتل الكواكبي بالبراميل؟؟

(1) رحلة شاقة بلا نهاية لاأدري ان كان هناك عقل شغل أمته وحيّرها كما العقل العربي .. فهي تبحث عنه منذ أن سقطت بغداد بيد هولاكو .. ولكن هو أيضا يبحث عنها ولايجدها .. كأم وابنها تائهين لايلتقيان في واديين .. وكلما حاول أحد البحث عن العقل العربي وذهب يمتاح البحور وذاب جسده في رحلة البحث عاد بخفي حنين وكأنه يبحث عن الالدورادو أو نبتة الخلود التي فقدها جلجاميش في الأسطورة عندما أكلتها الحية .. وبعض الذين خرجوا للبحث عن هذا العقل لم يعودوا .. وانقطعت أخبارهم كأنما ابتلعهم مثلث برمودا وضاع أثرهم .. انه العقل الذي يكاد يتحول الى أسطورة .. فهل وجود العقل العربي أسطورة؟ كتب عن هذا العقل المفقود ابن خلدون بطريقة مواربة عندما كاد أن ينكره بقوله: ان العرب ليسوا أرباب صناعة وعمران بل هم أرباب غزو وترحل ولسان!! .. وكتب عن هذا العقل أبو الفتح الشهرستاني في كتابه “الملل والنحل” بشكل مستتر عبر شرح المذاهب حيث تسلل منها الى طريقة تفكير عقول المذاهب .. ولامس هذا العقل الباحث العراقي علي الوردي في تحليله لاحدى تجليات العقل العربي في الشخصية العراقية وكانت المرارة هي الطعم الذي يبقى على أصابعك ولسانك وعينيك وأنت تقلب كتابه .. فيما أفنى الباحث السوري الدكتور محمد ياسين حمودة زهرة شبابه يتحدث الى هذا العقل الذي لايزال يعتقد انه موجود ويحاول انتشاله بتسعة مجلدات كاملة كرافعات عملاقة لانتشال هذا الغارق الثقيل والمثقل بالمراسي والمآسي والمغطى بالطحالب في المياه القديمة للزمن .. وانضم الى جملة المنقبين عن هذا المفقود الباحث المغاربي محمد عابد الجابري عندما أمسك رفشا كبيرا وجعل يزيح كثبان الرمال التي تغمر هذا العقل في كتابه “بنية العقل العربي” .. الذي تلاه بكتاب “نقد العقل العربي” .. ولكن كأنما لم يقرأ هذه الكتب والأبحاث الرائعة الا معاهد البحوث الاسرائيلية والانكليزية والفرنسية ..بدليل أن الربيع العربي والاسلامي كان ثمرة من ثمار الاطلاع على هذه البحوث الأصيلة ..ففيها شيفرات العقل العربي .وقد صار هذا العقل المفقود وسيلة للكسب والشهرة كلما أراد باحث الصعود ومخالفة المألوف فيطلق النار على العقل العربي ويعلقه كرؤوس الأيائل والدببة على جدران سيرته الذاتية للمباهاة بصيده كما فعل صادق جلال العظم الذي علق لعدة عقود على جدران سيرته كتاب (نقد العقل الديني) وكان يريد به العقل العربي .. ولكن اكتشفنا ان رأس الدب الذي على الجدار هو عقل صادق جلال العظم نفسه .. بل ان برهان غليون قد شمر يوما عن ساعديه وقرر الانضمام لجوقة الصيادين ومريدي الشهرة وكتب لنا كتابا سماه “اغتيال العقل” وقصد به طبعا العقل العربي ولكنه رغم بندقية الخردق التي استعملها كان مجرد مقلد للصيادين ومدع للصيد .. وكان كتابه صرعة مثل صرعات الموضة والأزياء .. وكان ثريا بالمعرفة مثل ثراء أغنية بوس الواوا لهيفاء وهبي .. لأن غليون في الحقيقة قد باس الواوا في العقل العربي .. وأنصحكم بقراءة هذا الكتاب الذي يستحق ان يسمى “اغتيال الواوا” من شدة تفاهته وسطحيته .. بدليل أن صاحب “اغتيال العقل” – أو اغتيال الواوا – أطلق النار عليه بنفسه وانضم الى ثوار بلا عقول يغتالون العقول .. ومنذ تلك اللحظة التي اشتغل فيها برهان غليون وأمثاله من الصغار الطافين على مستنقعات الوعي على عقولنا عرفنا لماذا لايزال العقل العربي أسطورة تشبه الالدورادو التي يبحث عنها الباحثون عن مدن الذهب .. المشكلة التي نواجهها أيضا هي في التطفل والطفيليين واللصوص الذين لايدعون شرف المغامرة في البحث عن العقل لكنهم يتفضلون ويقدمون وجبات معرفية لتقوية ظهر العقل العربي بالفياغرا الثقافية .. ولكن مايطعمونه له هو العلف .. والعلف فقط .. والعقول التي تطعم العلف والفياغرا لايمكن ان تنجب الا ثورجية .. وباعة العلف والفياغرا الثورية كثر .. وقد تعثرت بأحدهم يتحدث منذ فترة ويقدمه البعض على انه حفيد عبد الرحمن الكواكبي نفسه صاحب “طبائع الاستبداد” بشحمه ولحمه .. ولاحظت فورا أن هذا الشخص الطفيلي يتصرف مثل مغمور يطفو فجأة على السطح متعلقا باسم جده .. ولايحتاج المتابع الى كبير عناء لكي يدرك ان الجد لم يمرر عبقريته الى حفيده .. وأن الحفيد محدث ممل وضئيل جدا في ثياب الجد العملاق .. بل ان الحفيد قد هدم اسم جده كما يهدم الثوار الوهابيون المقامات والمزارات .. وهو يتنطح لمهمة ليس مؤهلا ثقافيا ومعرفيا لها .. وكان عليه بصدق أن يتجنب الاستعانة باسم جده واستدعائه مع كتابه وتجربته كلما وقع في زنقة معرفية .. الأبناء يتسببون بالأذى احيانا بسوء التصرف والتدبير .. وتواضع فكر الحفيد دليل على أن العبقرية موهبة مستقلة وحرة ولاتنزل مع الجينات في الأرحام .. ولااشك ابدا أن الحفيد أفسد على الجد رقاده في قبره وزاد من غمه .. وأكاد أسمع هدير الجد الغاضب من تجنيده في سفربرلك الثورة “التركية الوهابية الاسرائيلية” .. هل هناك استبداد يفوق هذا الاستبداد العائلي ..؟؟ وهل هناك من يقتل العظماء مثل أبنائهم عندما يستولون على اسمائهم ويبيعونها في السوق مثل الفياغرا أو العلف؟؟!! الابداع الفكري هو الوحيد الذي لايورث ولايملك أحد حق افتتاح فروع له كما لو انها مطاعم ومحلات أحذية وألبسة .. ألم يكن حريا بالحفيد أن يكرم جده بابعاده عن الجدل الداخلي .. فالرموز الوطنية الكبرى لايجب استخدامها في الجدل الداخلي .. وكان حريا به ايضا ان لايدعي انه امتداد فكري واستمرار لجده يتحدث بالنيابة عنه .. لأن عبد الرحمن الكواكبي ليس فرعا لفندق الكارلتون أو مطعم ماكدونالد وليس نوعا من أنواع الجبنة .. بل هو ملكية سورية وانسانية .. أي يمكن للحفيد ان يفتتح مطعما للفلافل وفروعا لبيع الفطائر الفرنسية لمؤازرة ثورة “عثمانية القلب ووهابية الهوى ليس فيها الا الاستبداد.. والطغيان ..واستبداد الاستبداد .. ولكن من العار عليه اعلان افتتاح فرع ثوري للكواكبي المفكر والثائر على العثمانيين … ليدير محلات “الكواكبي” بنفسه وكذلك من المؤسف أن يتعرض تمثال ابي العلاء المعري لقطع الرأس وان يغضب حفيد الكواكبي لذلك السلوك ولكنه لايعلم انه هو ايضا يقطع رأس جده عبد الرحمن الكواكبي ويقدمه هدية لثوار السلطنة العثمانية .. لقد ذكرني تطفله الساذج على عقل جده وعلى عقولنا بشخصية أشعب الطفيلي العربي الشهير الذي لاتفوته مائدة ولاعرس .. فكيف وموائد هذه الأيام العامرة تتحدث عن الاستبداد وطبائعه؟؟ .. فصاحبنا يتحدث بانسياب كأنه صاحب العرس والعروس والعريس ولاتفوته وليمة الحرية لكثرة مايشير الى ارثه لجده وأحقيته في خلافته .. بل يكاد المستمع اليه يفهم أنه ينسب كتاب طبائع الاستبداد لنفسه وأن جده كان مجرد مقدمة لعبقرية الحفيد .. هذا الرجل الطفيلي للأسف كان يسرق جده علنا ويسرق كتاب جده دون أن يعرف قيمة مايسرق .. مثل السفهاء الذين يبددون مايرثون .. وكان يسرق طربوش جده وعباءته ليبيعهما في أسواق العرب .. وكان أكثر استبداد تعرض له صاحب طبائع الاستبداد هو استبداد حفيده به وبوصيته الكبيرة .. واستهتاره حتى بمعنوية أن جده كتب عن المستبد العثماني الأجنبي والمستعمر الذي يريد الآن اعادة الاستبداد الى بلاد عبد الرحمن الكواكبي .. حفيده يقدم اعتذارا باسم عبد الرحمن الكواكبي للعثمانيين عما اقترف بحقهم من جحود .. ويستثمر اسم جده ويسير في السوق وينادي لبيعه وقد وضعه بشكل مهين على طنبر الثورة .. والحفيد لمن يسمعه ليس بتلك الرداءة الثورية التي تفوح من ثياب الثوار وأفواههم ولكن لايناقش أحد أنه متطفل على العلم والمعرفة والحرية والمنطق وحديثه يعاني من اضطراب نظام التفكير والانسجام والتناسق والتناغم .. ولايدل على تطفله على الثقافة والمنطق والحرية الا تلك الطرفة التي رواها وسخر فيها من عقلية المؤامرة وقال فيها ان عقلنا العربي مشوه ومسكون بهواجس المؤامرات لأنه في محاضرة كان يوزع فيها الاستبداد الثوري على التوانسة سأله احد الحضور -الذي وصفه حفيد الكواكبي باحتقار على أنه “قومجي”- : كيف كان جدك عبد الرحمن الكواكبي يتدبر أمره في منفاه في القاهرة؟؟ ويسردها حفيد الكواكبي ليوحي أن التونسي سأل ليشكك في ثورية عبد الرحمن الكواكبي لأن هناك من موّل اقامته في القاهرة عندما تمرد على الباب العالي وقد صدمت من الرد الأخرق الأبله .. فقد قال حفيد الكواكبي بسرعة محاولا السخرية من السؤال: ان قطر كانت تمول تمرده !!.. وفي هذا الجواب طبعا انكار وقح وغبي لحقيقة أن الثوار السوريين والعرب  قد تلقوا مالا من قطر .. وان قطر بريئة من دمنا براءة بيلاطس من دم المسيح .. وبراءة اسرائيل من دم الحريري .. ويخيل للمستمع أن الثورجيين العرب انفقوا على ثوراتهم من بيع التمر وعفط العنز ليمولوا سيارات الدوشكا والصواريخ الحرارية ورواتب ونفقات سفر المسلحين بين القارات والحملات الاعلامية .. وأن طائرات الناتو كانت تأخذ أموال دافعي الضرائب الفرنسيين والبريطانيين فقط لمساعدة هؤلاء الاحرار ولم تدفع قطر فاتورة الثورة والربيع  كله قبل ان تنضم مجموعة دول الخليج المحتلة .. عشرات ومئات آلاف المقاتلين الاسلاميين ينتشرون من حدود تونس الى العراق مرورا بمصر وليبيا وسوريا ولبنان وغزة لم يمولهم أحد!! .. الربيع اذن حسب حفيد طبائع الاستبداد كان من بيع التمر والمهلبية وتبرعات المساجد والدراويش .. هل يوجد مخلوق على هذا الكوكب لايعرف دور المال القطري والعربي النفطي في هذا الربيع ؟؟ وهل هناك استبداد فوق هذا الاستبداد بالعقول؟؟ .. في الحقيقة كان على السائل التونسي ان يسأل حفيد الكواكبي سؤالا أهم لكي نتبرع نحن بالاجابة عليه على الطريقة الثورية .. هذا السؤال المهم هو: من الذي قتل عبد الرحمن الكواكبي؟؟ والجواب طبعا هو: …. النظام السوري المجرم !! أما كيف قتله النظام السوري المجرم فالحقيقة هي أن الكواكبي لم يمت بالسم التركي كما يشاع .. بل انه مات ببرميل متفجر من البراميل التي يعشق الثوار الحديث عنها .. برميل ألقاه عليه جنود الأسد النصيريون .. عقل هذا الطفيلي الذي يستحق لقب “أشعب الكواكبي” يعترض على مبدأ توريث السلطة ولكن توريث الابداع والعبقرية الثورية هو حقه الطبيعي .. فرغما عنا يريد هذا الأشعب أن يرث مهنة الابداع .. وموهبة التحدي ..وعبقرية الكواكبي .. هل هناك أكثر من هذا الاستبداد؟؟ وهل مايقتل جسد الكواكبي بالسم كمن يقتل اسمه واسطورته بالاستبداد والتسلط عليه فقط لأنه ورث حروف اسمه  .. ومن يستمع الى هذا الكواكبي يعرف أن العربي يعاني من استبداد الطفيليين على موائد المعرفة .. فهو يقول ان التخويف من أن سورية يمكن تقسيمها هراء يستخدمه النظام لأن الشعب السوري لايتم تقسيمه .. وقد حاولت فرنسا سابقا وفشلت .. هذا الكواكبي الصغير الطفيلي لا يرى كواكب ونيازك سايكس بيكو التي سقطت بعد تفجير سورية الكبرى بأول ربيع عربي رغما عن الشعوب التي لم تقبل بنيازك وكويكبات سايكس بيكو .. واذا كانت الحرب العالمية الثانية قد نجحت في اضعاف فرنسا ومنعت نجاح تقسيم بقية سورية فان فرنسا قد نجحت في سلخ لبنان ولواء اسكندرون بالقوة من جسد سورية .. ونسي هذا المتطفل على التاريخ والمعرفة والمستبد بالثقافة كيف ملأت اشلاء سورية الكبرى كل الشرق .. فلسطين السورية .. والاردن السوري .. ولبنان السوري .. وكيف ألحقت الموصل (وهي تابعة لولاية حلب) بالعراق .. وهاهو يرى ان العقل العربي المسروق قد أنتح فدرالية يمنية من ستة اقاليم .. وان العراق صار ثلاثة .. وأن ليبيا تستحم بالفوضى لتتقسم علنا وعلى رؤوس الأشهاد .. فكيف أن سورية الثورة ليست مشروع تقيسم وكل ماحولها يتشظى ؟؟.. تبا للعقول المستبدة .. وللعقول المتطفلة على المعرفة .. (2) نتنياهو يعلن وفاة العقل العربي .. منذ قرون ونحن أمة تسير بجماجم مجوفة وفارغة .. ان مرت فيها الريح صفرت .. وان مر عبر هذه الجمجمة صوت سمعنا تردد الصدى في الكهوف الكبيرة لأن جماجمنا كهوف ومغاور خالية حتى من الوطاويط .. ولن ابالغ ان قلت: ان دخل فأر جماجمنا ليأكل  لمات جوعا في زواياها الفارغة .. وان نقرنا بأصابعنا على رؤوس العرب من المحيط الى الخليج لسمعنا رنينا لأوعية جوفاء لاتضاهيها حتى سيمفونية الطناجر للعرعور عندما أعلن الثورة بالقرع على الطناجر .. وربما كان من الأجدى والأقوى لو أنه نصح بالقرع على رؤوس الناس .. لأن الرؤوس المجوفة أقوى طبول في الوجود .. سيعاتبني البعض وسيغضب البعض .. وسيقول البعض انني صياد من صيادي الدببة تبحث عن هذا الكنز المفقود وجزيرته المفقودة .. ولكني سلفا لست بصدد البحث عن هذا الكنز المفقود رغم أنني أعترف أنني هممت مرارا بالعودة الى مكتبتي لأقلّب الكتب علني أجد أي أثر يدلني على ضالتي لأقتفيه كقصاصي الأثر .. هل هو ضائع في لحظة من لحظات التراث وبين ثنايا المحن والنكبات ؟؟ أم أنه ضاع في زمن أبي حامد الغزالي عندما كتب كتابه الشهير “تهافت الفلاسفة” وانتصر فيه النص الديني على العقل؟ وكان عمله في “احياء علوم الدين” عملية ليموت بعدها العقل؟؟  أم ضاع عقلنا في لغويات “البيان والتبيين” للجاحظ ؟؟.. لكن كلما فكرت في ركوب هذا البحر أحجمت .. فأنا لن اتبرع للخروج في رحلة شاقة وخطرة كهذه .. لأنني أخشى أن أغرق في مثلثات برمودا أو أن أغيب وتنقطع اخباري مثل غيري .. وقد قررت أنني لن انشغل بالبحث عن هذا العقل لأنه ليس ضائعا ولامفقودا بل هو غالبا عقل مسروق ومخطوف .. وليس هناك امل في ايجاده سليما معافى لأنه لم تبق أمة لم تشتغل على عقلنا العربي ولم تركب على ظهره أو لم تسرج عليه كما كل المطايا المطيعة .. حتى “الكينيون” الأفارقة (؟؟!!) وأحفاد وحفيدات العبد كونتا كينتي مثل كوندوليزا رايس صاروا يتسلون بعقلنا من أميريكا ويعلمونه التقوى في الدين .. والتفاني في الوطنية والصوفية في الحرية والانسانية ويستولدونه .. العقل المفقود تعرض لحادث سرقة واختطاف أول مرة في أول ربيع للعرب منذ مئة عام .. قاده موظف مخابرات بريطاني اسمه لورنس العرب وصار يباع قطعة قطعة كقطع الغيار لتسير بها عربة تيودور هرتزل .. ومنذ ذلك اليوم اختفت آثار ذلك العقل الذي نكتب عنه ونقف على أطلاله .. ونعاتبه ونقرعه ونشتاق اليه .. ونكتب فيه المديح والهجاء واللوم والعتاب .. ولكن ماذا نكتب عن عقل مفقود .. وعقل مخطوف .. وعقل مسروق .. وعقل مركوب ؟؟.. سيلومني البعض ويعتقدون انني بالغت في ظلم العقل العربي الأسير والسجين والرهينة .. ولكن من حقي أن أتساءل أسئلة عل من يعرف الجواب يدلني على الصواب لأن مامن أمة بحثت عن عقلها مثلنا ومامن أمة تساءلت هذه الأسئلة الوجودية مثلنا .. ومع هذا لايزال بحثها جاريا عن نبتة جلجاميش الخيالية لنزرعها في جماجمنا .. أريد من هؤلاء ايضا أن يجيبوني عن أمة تضيع منها فلسطين كاملة بكل مدنها وقراها وجبالها وسهولها .. وهذه الأمة لاتسترد مترا واحدا منها بعد ستين عاما .. لاتسترد شبرا واحدا .. مليمترا واحدا .. شجرة واحدة .. حجرا .. أي شيء ..؟؟  لكن رجلا واحدا فقط مثل حسن نصر الله وحزبه يستعيد كل جنوب لبنان .. ويفكر في أن يعانق الجليل ويتمدد بعباءته في صفد .. فترد عليه الأمة بأن تفقد عراقا كاملا ينشطر الى كردستان وشيعستان وسنستان تمسك بكل قطعة دولة .. وتخسر هذه الأمة السودان الذي يكاد يكون قارة كاملة بمساحته .. ثم لايكتفي العرب بذلك فيفقدون ليبيا دفعة واحدة ويذبحونها .. وهاهو عقل ليبيا يستعد للانشطار ..ويتآمرون على مصر .. ويعتقلون نهر النيل في سجون سد النهضة .. كما يسجن حزب النهضة تونس .. ويسقط اليمن وتنهمر منه الولايات والفدراليات كالمطر كما تنفسم الجراثيم بالانشطار .. ويسقط كل الخليج العربي تحت احتلال علني بالقواعد العسكرية والأساطيل الغربية .. ويسرق كل نفطه ولانملك منه قطرة واحدة ..  وفوق هذا يهاجم عتاولة هذه الأمة .. سورية ..من كل حدب وصوب .. هل هذه أمة لها عقل؟؟؟ ..وهل يستحق هذا العقل أن نبحث عنه؟؟ هل هناك عقل في الدنيا يهاجم بلدا رائعا وجوهرة في تاج العالم مثل سورية وبلدا تفضل على العرب وتركها العرب تواجه اسرائيل والغرب وحيدة أربعين عاما في الجولان والعراق ولبنان.. كل العرب دون استثناء؟؟ لايمكن لأي باحث استئناف البحث عن العقل العربي الا عندما يجيب على أسئلة أهم من سؤال ان كان الله موجودا أم لا ؟؟  فلماذا تعتز كل أمم العالم باستقلالها الا أمتنا التي تحتقر الاستقلال الوطني .. أمتنا تريد الاحتلال العثماني أن يعود اليها ويركب على ظهرها ويلحقها بالحرملك العثماني لنصبح مذنبات باردة ..كل الأمم تريد ان تكون نجوما أما نحن فنموت لنكون نيازك مطفأة .. وصخورا تائهة في الفضاء .. وأمتنا تريد عودة الاستعمار الفرنسي والبريطاني عبر مشاريع التحرير .. وفوقهما أن يشارك الأميريكي في احتلالها .. هل رأيتم كم بكى الثوار السوريون وكم توسلوا للعالم أن يحرق بلدهم ويطفئ نجومهم؟؟ هل رأيتم كيف يأخذون أطفالهم ليكذبوا ويعلمونهم شهادة الزور ليتوسلوا بهم ويعلموهم كيف يبكون بحرقة لأن العالم تركهم من غير احتلال ولم يحررهم من وطنهم؟؟ أمة تريد فقط أن يرسل الغرب جيوشه لتفقد حريتها .. هل هذه أمة يمكن أن ينقذها عقل .. هل لها عقل يستحق البحث عنه .. عندما تعجزون عن ادراك ماهية وشكل هذا العقل المفقود والمسروق فعليكم النظر في حكومات لبنان .. لبنان هو المكان المكشوف الذي يتمشى فيه العقل العربي عاريا ونرى اليتيه وفخذيه وعورته دون أغطية ولاشراشف .. فالوزراء في لبنان مرسومون على مقاس الصحابة والأولياء والمزارات والدراويش والحواريين والفريسيين .. ولكنهم ايضا ايضا مرسومون على قياس كل دول العالم .. حتى روبرت موغابي لديه نائب في البرلمان اللبناني .. وحتى الطوارق لهم من يمثلهم .. هذا العقل الذي لايمل من تكرار ان الحرية والديمقراطية سبقتنا وأن العالم يذل الكيمياء والفيزياء ويتزوج المريخ ويمضي سهراته في المجرة .. ويفعل كذا وكذا .. يحدثك عن العلوم والذرة والتطور .. ولكن هذا العقل مسكون بالمآسي .. وبين معادلات الكيمياء يجلس علي ومعاوية يتقاتلان على الخلافة .. ويتجول ابو قتادة وابو دجانة بين رموز علم الجبر .. ومن بين أضلاع المثلثات يبرز فجأة أبو هريرة وعمرو بن العاص وعائشة وفاطمة وأسماء .. ويدخل الجمل وناقة صالح وناقة البسوس وجساس والزير الى كل برلمان ومجلس شورى كأعضاء أصيلين .. البرلمانات العربية ملأى بالنوق والجمال .. ويجلس بعض ذوي الياقات البيضاء ليس تحت قبة برلمان بل يحملون معهم سقيفتهم .. وليس من العيب أن نعترف أن مانسميه قبة البرلمان هو سقيفة بني ساعدة التي تغطي برلمانات العرب ورؤوس برلمانييهم .. نستظل بها ونحشر بعضنا تحتها ..  ويتبارز السيد المسيح و النبي محمد وكل الصحابة والأولياء تحت فبة البرلمان .. وبرلمان وحكومة لبنان مثال على ماأقول . في اميريكا صار الكيني الأسود رئيسا حتى لو انه مجرد ممثل لدور الرئيس .. ولكن العقل العربي لايقبل أن يحكم الشيعي سنيا .. ولا السني شيعيا .. ولاالموارنة ..وفي اميريكا يتصل الرئيس الأمريكي برواد الفضاء ليقطفوا له قمرا أو كوكبا كما لو كان موسم جني التفاح والموز .. وقد يتصل بقادة السي آي ايه ويطلب رأس صدام حسين والقذافي كما لو كان يطلب سندوشة همبرغر بنكهة عربية .. ويصله الرأسان في الحال حيث يقطفهما له ثوار العرب .. أما في بلاد الثورات العربية فيتصل أمير جبهة النصرة في دمشق بأمرائه لارسال انتحاريين اثنين على عجل لاقتحام مبنى التلفزيون السوري .. وكأنه يطلب كيسي بطاطا .. و يصل الانتحاريان قبل كيسي البطاطا عادة .. عقل العربي المسروق صار يقبل يد نتنياهو الذي يزوره كما يزور مالك مزرعة أتباعه .. وصار نتنياهو (جابر عثرات اللئام) فقد مات جابر عثرات الكرام .. هل رأيتم العقل العربي المسروق اين ظهر بالأمس ؟؟ كان متمددا ومسجى أمام نتنياهو وضباطه في الجولان .. العقل العربي المفقود والمسروق وجد جريحا أخيرا .. يداويه نتنياهو !!.. ولكن لاتعتقدوا أن نتنياهو كان يزور جرحى الثورجيين السوريين فقط لمجرد ترويج انتخابي لحزبه وقيادته في اسرائيل .. أو فقط لتصوير نفسه حاميا للسنة .. السنّة الذين يقتلهم الشيعة والنصيريون .. نتنياهو ليس غبيا ويعرف أن العقل العربي الجريح لهؤلاء سيكون مثلهم خائنا وعميلا وسيبيعه عندما يجد من يدفع له أكثر ويطعمه أكثر ويروضه أكثر ويجرحه أكثر .. ونتنياهو يعرف أن ظهوره علنا لن يفيد الثورة السورية كثيرا لأن الدعم السري أكثر نفعا بكثير مما يظهر علنا .. نتنياهو الذي قتل المسلمين السنة في غزة كالحشرات لايمكن أن ينقذ السنة السوريين دون غاية .. فهو يمسح بهم جرائمه وينظف عار اسرائيل ومجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين وغزة ويمهد لمجزرة كبيرة جدا ..  ولكنه أيضا كان ظهورا احتفاليا للانتصار بنصر الهي يرد فيه على نصر حسن نصر الله الالهي .. ان جنود “الله أكبر” بأنفسهم يتسابقون للسجود بين يدي جنود “يهوه” .. انه فعلا النصر الالهي لاسرائيل على نصر نصر الله الالهي .. حيث يظهر نتنياهو وقد انتصر أخيرا على النصر الالهي .. وانتصر على العقل العربي الذي كان أمامه مسجى ومستلقيا جريحا بلا حراك يستجديه الصداقة والصفح عن يوم الغفران ويعلن توبته والانضواء تحت ولايته ومبايعته خليفة .. والعقل المسجى كان نصرا اسرائيليا بلا شك .. ليس لأن تصريحات الجريح ومدائحه وثناءه على اسرائيل كانت بردا وسلاما على نتنياهو وآل نتنياهو بل لأن عتاولة الثورة السورية لم يغضبوا من اهانة الثورة وعارها ولم يخجلوا .. بل كالعادة وجهوا اللوم للنظام السوري الذي دفع ثوارهم للاحتماء باسرائيل .. ولم يسأل هؤلاء القادة الثورجيون العتاولة كيف اختفت أعضاء لثوار سوريين في تلك المشافي الميدانية الاسرائيلية .. وكيف أن تجار الأعضاء البشرية الاسرائيليون يتوجهون حاليا الى شمال (اسرائيل) كما فعلوا عند زلزال هاييتي والذي نشرته صحف سويدية .. ولم يتطرق قادة الثورة الى ماتسربه مصادر روسية نقلا عن الاسرائيليين الروس عن أن جريحين ربما تركا ليموتا عمدا وتم زرع قلبيهما لمريضين اسرائيليين وأن هناك مجموعة من الأدوية والعقاقير الطبية يتم تجريبها على الجرحى السوريين .. ولم تسأل لنا المعارضة الثورية من الذي يمول هذه المشافي ؟؟ لأن المعلومات الروسية تقول ان المشروع استثماري أيضا لأن دولا خليجية تدفع كل النفقات للجيش الاسرائيلي ومايثير الحزن أن الاسرائيليين يقدمون فواتير مزورة ومبالغا بها جدا لهذه الدول الخليجية وأن الملايين من الدولارات التي تجنيها السلطات الاسرائيلية تذهب الى مشاريع الاستيطان في القدس .. بل ان هناك تبرعات صامتة في دولة خليجية تشجع على جمع تبرعات تذهب للجيش الاسرائيلي ليقوم بعلاج الجرحى السوريين بحجة أنه من واجب المسلمين دفع النفقات وليس من واجب الاسرائيليين .. ولاأستبعد ان تلك فتوى فيها زنخ القرضاوي ورائحته .. ومباركة خالد مشعل واسماعيل هنية طالما أنها لانقاذ جنود “الله أكبر” ..هل بعد هذا الجنون جنون ؟ انها الحية التي أكلت نبتة الخلود .. اسرائيل قد أكلت عقل العرب .. وتركتهم بلا عقل .. أوبعد كل هذا .. هل تعتقدون أن اي خريطة واي كتاب سيدلنا على مكان العقل العربي المسروق .. اليس بالامكان الآن أن نجد نبتة الخلود لجلجاميش .. وأن نجد الالدورادو .. على أن نجد نبتة اسمها العقل العربي .. أنصحكم بقوة ان توقفوا البحث والابحار والأسفار لاستعادة المسروق أو جثته أو رفاته .. لأنه جهد بلا طائل .. فالعقل العربي مات ودفن .. وها أنا ذا أعلن وفاة عقل العرب دون تردد .. ولكنني أنصحكم بقوة أكبر أن تبادروا جميعا الى عمل أكثر اجلالا وعظمة وفائدة وأكثر حنكة ..وسيكون هدية لجيل قادم .. وهو صناعة عقل عربي جديد .. انسوا العقل المسروق .. والعقل الذي يموت .. وابدأوا بناء جديدا .. قويا متينا .. ليس فيه حبة رمل واحدة .. بل كل خلية فيه هي جسد شهيد .. وكل خلية تزدخم بأحلامه ومذكراته ورسوماته .. وليس في ذاكرة الخلايا مضر ولاتميم ولاعبس ولاغطفان ولا عكاظ ولا الجمل ولا السقيفة .. بل صور مقاتلين سوريين مع بنادقهم .. ورسائلهم الى حبيباتهم وأخواتهم وأمهاتهم .. وأشواقهم الى ضيعاتهم وقراهم وجبالهم ومدنهم وحاراتهم التي اشتاقت لهم وتريد ان تعانقهم شكرا وعرفانا واعجابا .. وفي كل نبضة عصبية في العقل الجديد تسري أغنية وموال وطني وتلمع منها صور الصداقة الحقيقية والمصافحة بين الأحبة .. وكل شق فيه يهندسه مهندسون من مقاتلي مطار منغ العسكري الأبطال ومن المدافعين الذين يقفون كالأساطير في سجن حلب المركزي ..والفرقة 17 .. وكل بارقة فيه تبرق مثلما تلك التي يصنعها الطيارون السوريون ورجال الصواريخ .. وتعلموا صناعة العقل الغاضب من رجال الكوماندوس السوريين .. ومن الفرقة الرابعة .. ومن الجنود الذين يأكلون قمم القلمون .. تعلموا من الجنود السوريين والضباط السوريين الذين يصنعون النصر .. فمن يصنع النصر .. يصنع العقل الجديد .. فما النصر الا عقل جديد يدفن العقل الذي مات .. نعم لقد مات العقل العربي القديم العفن بعد أن انحنى وتدنى واندحر وانتحر .. وهانحن نقيم بنيانا لعقل قادم .. شاهق .. عزيز .. كريم .. حر .. صادق ..سيقتل الحية .. وأصحاب الحية ..وثوار الحية ..  

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة