نجح الوفد الرسمي السوري في تحويل مسار الجلسات التي انعقدت في الساعات الأخيرة الماضية في سويسرا، مستفيداً من الواقع الميداني المستجد بعد سيطرة الجيش السوري على مساحات واسعة ومراكز استراتيجية في جبل النعيمات المتاخم للحدود مع لبنان، في مشهد أكد اقتراب الحسم العسكري في حال إصرار المعارضة على الاستمرار في رفض البحث بالحلول السياسية للأزمة السورية، معطوفاً على تنفيذ المقاتلات التركية غارة استهدفت قافلة لتنظيم ” داعش” شمال سورية، جاءت في أعقاب زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران في رسالة تركية موجهة إلى أصحاب الشأن بأنها على استعداد كامل للتعاطي مع الحرب على الإرهاب بشكل يتماهى مع متطلبات التسوية أو الصفقة.

ما دفع إلى ترطيب الأجواء سلسلة من الاتصالات المباشرة بين الوفدين الأميركي والروسي، جاءت في أعقاب اتصالات مماثلة بين الوفد الرسمي السوري وعدد من الوفود الأوروبية، خلصت إلى إبراز دور بعض الدول العربية والخليجية في دعم  الإرهاب التكفيري، من خلال تزويدهم بالسلاح الحديث ومدهم بالأموال الطائلة التي تسمح لهم بتجنيد مرتزقة من خارج الحدود السورية، وتالياً تسليط الضوء على الأخطار المتنامية في ظل اتساع الرقعة الجغرافية المستهدفة من قبل الإرهابيين ووصول موجة الانتحاريين إلى حدود القارة العجوز، بعد أن تحولت الجيوش العربية إلى أدوات بيد الغرب لمحاربة الإرهاب ما يرتب أثمان لا بد من صرفها في عملية إذابة الجليد بين النظام ومعارضيه وتوحيد وجهة نظرهما بالنسبة لموضوع الإرهاب الضارب في سورية والمنتقل إلى لبنان.

في هذا السياق، يعرب مصدر مواكب عن اعتقاده بأن الوفد الرسمي تمكن من استدراج معارضيه إلى البحث في الإرهاب من خلال إرغامه على البحث في بنود مؤتمر جنيف كل بمفرده، في مشهد يؤكد أن المجتمع الدولي اقتنع بأن لكل مرحلة رجالها ومقرراتها، بما يعني أن مقررات جنيف 1 باتت موضوع بحث من جديد ما قد يسمح بإعادة تفسيرها وفق مقتضيات المرحلة، لاسيما بعد أن انخفضت مطالبات المعارضة من حكومة انتقالية من دون الرئيس بشار الأسد وبحث انتقال السلطة إلى فك الحصار عن بعض المدن والقرى المحاصرة من قبل النظام، ما يعني عداً تنازلياً للمسار التصعيدي.

هذا لا يعني بحسب المصادر أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد على اتفاقات وانفراجات واسعة النطاق، بل ستؤسس إلى توافق على تعيين موعد جديد لمؤتمر جديد، خصوصاً أن ظروف التسوية لم تنضج بالكامل بعد وإن كانت أصبحت على قاب قوسين من ذلك، فالولايات المتحدة وروسيا توصلا إلى أكثر من قاسم مشترك حول دور يران في المنطقة وعملية التغيير في السعودية خلال الثلاثة أشهر المقبلة، كما توافقت واشنطن مع طهران على كيفية الانسحاب الهادىء من أفغانستان، في مقابل أثمان من المرجح أن تدفعها الأولى تنازلات على مستوى الخريطة الجيوسياسية في الخليج العربي بدليل اقتسام الثروات الطبيعية بين الأحلاف الكبرى القائمة على مبدأ الاعتراف الأميركي بالدور الروسي في عمليات استخراج الغاز من المنطقة، في مقابل اعتراف روسي بالمصالح النفطية الأميركية بما يؤسس إلى الاعتقاد بأن تفاصيل التسوية وضعت على نار هادئة.

  • فريق ماسة
  • 2014-01-29
  • 9613
  • من الأرشيف

هكذا نجح الوفد السوري في جنيف بقلب المفاوضات لصالحه في الساعات الأخيرة

نجح الوفد الرسمي السوري في تحويل مسار الجلسات التي انعقدت في الساعات الأخيرة الماضية في سويسرا، مستفيداً من الواقع الميداني المستجد بعد سيطرة الجيش السوري على مساحات واسعة ومراكز استراتيجية في جبل النعيمات المتاخم للحدود مع لبنان، في مشهد أكد اقتراب الحسم العسكري في حال إصرار المعارضة على الاستمرار في رفض البحث بالحلول السياسية للأزمة السورية، معطوفاً على تنفيذ المقاتلات التركية غارة استهدفت قافلة لتنظيم ” داعش” شمال سورية، جاءت في أعقاب زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران في رسالة تركية موجهة إلى أصحاب الشأن بأنها على استعداد كامل للتعاطي مع الحرب على الإرهاب بشكل يتماهى مع متطلبات التسوية أو الصفقة. ما دفع إلى ترطيب الأجواء سلسلة من الاتصالات المباشرة بين الوفدين الأميركي والروسي، جاءت في أعقاب اتصالات مماثلة بين الوفد الرسمي السوري وعدد من الوفود الأوروبية، خلصت إلى إبراز دور بعض الدول العربية والخليجية في دعم  الإرهاب التكفيري، من خلال تزويدهم بالسلاح الحديث ومدهم بالأموال الطائلة التي تسمح لهم بتجنيد مرتزقة من خارج الحدود السورية، وتالياً تسليط الضوء على الأخطار المتنامية في ظل اتساع الرقعة الجغرافية المستهدفة من قبل الإرهابيين ووصول موجة الانتحاريين إلى حدود القارة العجوز، بعد أن تحولت الجيوش العربية إلى أدوات بيد الغرب لمحاربة الإرهاب ما يرتب أثمان لا بد من صرفها في عملية إذابة الجليد بين النظام ومعارضيه وتوحيد وجهة نظرهما بالنسبة لموضوع الإرهاب الضارب في سورية والمنتقل إلى لبنان. في هذا السياق، يعرب مصدر مواكب عن اعتقاده بأن الوفد الرسمي تمكن من استدراج معارضيه إلى البحث في الإرهاب من خلال إرغامه على البحث في بنود مؤتمر جنيف كل بمفرده، في مشهد يؤكد أن المجتمع الدولي اقتنع بأن لكل مرحلة رجالها ومقرراتها، بما يعني أن مقررات جنيف 1 باتت موضوع بحث من جديد ما قد يسمح بإعادة تفسيرها وفق مقتضيات المرحلة، لاسيما بعد أن انخفضت مطالبات المعارضة من حكومة انتقالية من دون الرئيس بشار الأسد وبحث انتقال السلطة إلى فك الحصار عن بعض المدن والقرى المحاصرة من قبل النظام، ما يعني عداً تنازلياً للمسار التصعيدي. هذا لا يعني بحسب المصادر أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد على اتفاقات وانفراجات واسعة النطاق، بل ستؤسس إلى توافق على تعيين موعد جديد لمؤتمر جديد، خصوصاً أن ظروف التسوية لم تنضج بالكامل بعد وإن كانت أصبحت على قاب قوسين من ذلك، فالولايات المتحدة وروسيا توصلا إلى أكثر من قاسم مشترك حول دور يران في المنطقة وعملية التغيير في السعودية خلال الثلاثة أشهر المقبلة، كما توافقت واشنطن مع طهران على كيفية الانسحاب الهادىء من أفغانستان، في مقابل أثمان من المرجح أن تدفعها الأولى تنازلات على مستوى الخريطة الجيوسياسية في الخليج العربي بدليل اقتسام الثروات الطبيعية بين الأحلاف الكبرى القائمة على مبدأ الاعتراف الأميركي بالدور الروسي في عمليات استخراج الغاز من المنطقة، في مقابل اعتراف روسي بالمصالح النفطية الأميركية بما يؤسس إلى الاعتقاد بأن تفاصيل التسوية وضعت على نار هادئة.

المصدر : النشرة/ انطوان الحايك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة