الضباب الشديد أول من أمس عرقل عمل المدفعية على أطراف الزارة. قيادة القوات السورية المرابطة أنهت وضع الخطة اللازمة لإنهاء المعركة خلال أيام. الهدف المباشر ضرب قرية الزارة، إحدى أجنحة قلعة الحصن في ريف حمص

استغاثات كثيرة من الحصن (غربي مدينة حمص) بعد كثرة الشكاوى من وجود 200 مسلح من «الغرباء»، يقاتلون إلى جانب المعارضين السوريين. معظم الغرباء هم لبنانيون، بالإضافة إلى بعض العرب والأفغان. يصرّ أحد القادة الميدانيين في الجيش السوري ـــ من المسؤولين عن العملية ـــ على تسمية المسلحين بـ«الوهابيين».

لا اسم آخر لهم على لسانه. العملية العسكرية تبدأ من قرية الزارة الفاصلة بين قرية الحصن وقرى وادي النصارى في ريف تلكلخ، شرقي مدينة حمص. وهذه العملية ستؤثر مباشرة على المصالح الحيوية للعاصمة دمشق، بعد إصرار المسلحين الدائم على ضرب شريان المنطقة الوسطى، وسدّ جميع سبل التسوية السياسية، ما أدّى أخيراً إلى اتخاذ القرار العسكري. لا تبعد الزارة عن الحصن أكثر من 1500 متر. حاولت الدولة إدخال مساعدات إنسانية إلى المنطقة المحاصرة، بالتعاون مع الأمم المتحدة، وفتح الجيش ممرات آمنة بالتدرج، بهدف إخراج المدنيين من المنطقة قبل ضربها. معطيات الجيش تقول إن المدنيين نزحوا باتجاه الحصن، وغالباً ستمضي عائلات المسلحين إلى عرسال. وبهذا يتوقف موظفو الزارة عن المضي يومياً إلى أعمالهم، بعدما حاول موظفو مديرية الكهرباء في حمص مراراً الدخول لإصلاح خطوط الكهرباء والغاز التي ضربها المسلحون، ونجحوا مرات عدة في إصلاحها. عرض الجيش كان واضحاً على مدار السنة الماضية: تسليم المسلحين لسلاحهم وتسوية أوضاعهم بهدف تحويلهم إلى لجان شعبية تتقاضى رواتب عن دورها في حماية المنطقة من أي اعتداء عليها من قبل الغرباء الذين يرفضون الخروج. التجربة نجحت سابقاً في مدينة تلكلخ التي تتبعها الزارة إدارياً. وبعدما تواصل عدد من المسلحين السوريين مع الدولة لتسليم سلاحهم منذ شهرين، خُرق الاتفاق وضربت إحدى آليات الجيش، ثم خط الغاز.

يشارك الجيش عمله في المنطقة «قوات الدفاع الوطني» و«اللجان الشعبية». وقد سبق هجوم أمس قصف مدفعي لمواقع المسلحين، وغارات نفذها سلاح الجو على الزارة وبعض أطراف قلعة الحصن، بحسب مصدر ميداني. وتؤكد المصادر أنّ «الجيش استطاع عزل الزارة عن المناطق الحرجية المحيطة، وسيطر على مختلف التلال المطلة على البلدة، وعلى الوادي الفاصل بينها وبين قرى الوادي، وتم إيقاع العشرات من المسلحين بين قتيل وجريح في أكثر من موجتين من الهجوم». ويؤكد العسكريون أن جرأة المسلحين في الاستماتة للاحتفاظ على الزارة التركمانية تأتي من موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود اللبنانية، وتوسّطها طريق حمص ـــ طرطوس. فالطريق المؤدي إلى المدينة الساحلية معرّض للقنص. حالات نادرة حاول فيها المسلحون إطلاق النار على السيارات المتحركة عليه. ويفكر العسكريون بتحويل المرور باتجاه طرطوس إلى الطريق القديم. الاقتراب بهدف التصوير يعرّض الحياة للخطر، بسبب عمليات القنص. يرصد الجنود المشهد. أنظارهم تتجه نحو تلك البقعة من الخريطة الواقعة بين تلّتين. «تلك التي في الأعلى تدعى شويهد»، يقول الجندي. شويهد قرية عالية تلاصق الزارة، وهي في يد المسلحين أيضاً. من خلف متراسه يحاول الحصول على ملاحظات يسلّمها إلى قادته، باستخدام المنظار. لن يتوقف الجيش حتى إكمال العملية في الحصن. هذا ما يبدو واضحاً من التحضيرات الكبرى للسيطرة على المنطقة، التي استمرت أسبوعاً. قرية نعرة المجاورة، تتميز بغالبية سكانها الموالين والمختلفين طائفياً عن سكان الزارة.

تسمع أصوات المدفعية والقذائف قوية جيداً في القرية. يخشى أهالي نعرة من تبعات المعركة المقبلة، إلا أنهم تعبوا من جيرانهم المسلحين والحوادث الأمنية المتلاحقة المتمثلة بأعمال الخطف والاعتداءات. «مسلحو الزارة يضربون منشآت الدولة ولا يأبهون. فنمضي نحن أوقاتنا بلا كهرباء»، يقولون. يعرف العسكريون جيداً أن توسط الزارة للطريق بين حمص والساحل يؤثر جداً على مجريات الأمور الميدانية لاحقاً، وأن أي محاولة لتقدم المسلحين ستؤثر سلباً على الوضع في الساحل السوري. ضرورة المعركة وحتميتها تأتي، بالنسبة إليهم، من أهمية سحب أعداد من القوات المرابطة منذ أشهر، والاستفادة منها في مناطق أُخرى. أهالي وادي النصارى المجاور، بدورهم، يترقبون بحذر تبعات المعركة، آملين تخليصهم من اعتداءات العين الرقيبة عليهم من قلعة الحصن، إحدى أهم المعالم التاريخية في شرقي المتوسط. حالات القنص والاعتداءات جعلت من حياة سكان الوادي جحيماً يومياً. استغاثاتهم كانت دائمة بأن ينقذهم الجيش مما هم فيه. وبهذا فإن بدء الجيش عمليته العسكرية ينال حصته من الاحتضان الشعبي من قبل مواطني الجوار. يستمر الجيش بالتقدم غرباً على مشارف القرية بنجاح، فيما تزداد الاشتباكات عنفاً من الشرق وقرب برج الزارة. أيام قليلة يتوقع أن تستمر المعارك قبل السيطرة على القرية. خسائر الجيش بلغت خمسة شهداء وعدداً من الجرحى وهي حصيلة متوقعة من قبل العسكريين، إلا أن المعركة لن تكون بهذه السهولة التي يتوقعها المواطنون، بحسب قول أحد الضباط لـ«الأخبار».

وعلمت «الأخبار» أن القوات السورية تقوم بالتوازي مع الهجوم على الزارة بالتشديد على الحدود اللبنانية ـــ السورية القريبة، لمنع مسلحين من التسلل من لبنان إلى ريف تلكلخ، وإرباك القوات المهاجمة، بعد معلومات عن نية مجموعات مسلحة تتمركز قرب الحدود من الجهة اللبنانية التدخل لمساعدة مسلحي «جند الشام» وفصائل المعارضة السورية الأخرى. وفي السياق، أشارت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إلى أنّ مجموعة من «جبهة النصرة» تسللت ليل أول من أمس نحو منشار حجر في منطقة رأس بعلبك واختطفت ثلاثة عمال سوريين، هم من وادي النصارى. وسرق عناصر «النصرة» سيارتين داخل المعمل الذي يعملون فيه. ولم تتواصل الجهة الخاطفة بعد مع أهالي الخاطفين حتى الساعة.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-01-28
  • 12608
  • من الأرشيف

معركة الزارة… لا تراجع حتى تحرير «الحصن»

الضباب الشديد أول من أمس عرقل عمل المدفعية على أطراف الزارة. قيادة القوات السورية المرابطة أنهت وضع الخطة اللازمة لإنهاء المعركة خلال أيام. الهدف المباشر ضرب قرية الزارة، إحدى أجنحة قلعة الحصن في ريف حمص استغاثات كثيرة من الحصن (غربي مدينة حمص) بعد كثرة الشكاوى من وجود 200 مسلح من «الغرباء»، يقاتلون إلى جانب المعارضين السوريين. معظم الغرباء هم لبنانيون، بالإضافة إلى بعض العرب والأفغان. يصرّ أحد القادة الميدانيين في الجيش السوري ـــ من المسؤولين عن العملية ـــ على تسمية المسلحين بـ«الوهابيين». لا اسم آخر لهم على لسانه. العملية العسكرية تبدأ من قرية الزارة الفاصلة بين قرية الحصن وقرى وادي النصارى في ريف تلكلخ، شرقي مدينة حمص. وهذه العملية ستؤثر مباشرة على المصالح الحيوية للعاصمة دمشق، بعد إصرار المسلحين الدائم على ضرب شريان المنطقة الوسطى، وسدّ جميع سبل التسوية السياسية، ما أدّى أخيراً إلى اتخاذ القرار العسكري. لا تبعد الزارة عن الحصن أكثر من 1500 متر. حاولت الدولة إدخال مساعدات إنسانية إلى المنطقة المحاصرة، بالتعاون مع الأمم المتحدة، وفتح الجيش ممرات آمنة بالتدرج، بهدف إخراج المدنيين من المنطقة قبل ضربها. معطيات الجيش تقول إن المدنيين نزحوا باتجاه الحصن، وغالباً ستمضي عائلات المسلحين إلى عرسال. وبهذا يتوقف موظفو الزارة عن المضي يومياً إلى أعمالهم، بعدما حاول موظفو مديرية الكهرباء في حمص مراراً الدخول لإصلاح خطوط الكهرباء والغاز التي ضربها المسلحون، ونجحوا مرات عدة في إصلاحها. عرض الجيش كان واضحاً على مدار السنة الماضية: تسليم المسلحين لسلاحهم وتسوية أوضاعهم بهدف تحويلهم إلى لجان شعبية تتقاضى رواتب عن دورها في حماية المنطقة من أي اعتداء عليها من قبل الغرباء الذين يرفضون الخروج. التجربة نجحت سابقاً في مدينة تلكلخ التي تتبعها الزارة إدارياً. وبعدما تواصل عدد من المسلحين السوريين مع الدولة لتسليم سلاحهم منذ شهرين، خُرق الاتفاق وضربت إحدى آليات الجيش، ثم خط الغاز. يشارك الجيش عمله في المنطقة «قوات الدفاع الوطني» و«اللجان الشعبية». وقد سبق هجوم أمس قصف مدفعي لمواقع المسلحين، وغارات نفذها سلاح الجو على الزارة وبعض أطراف قلعة الحصن، بحسب مصدر ميداني. وتؤكد المصادر أنّ «الجيش استطاع عزل الزارة عن المناطق الحرجية المحيطة، وسيطر على مختلف التلال المطلة على البلدة، وعلى الوادي الفاصل بينها وبين قرى الوادي، وتم إيقاع العشرات من المسلحين بين قتيل وجريح في أكثر من موجتين من الهجوم». ويؤكد العسكريون أن جرأة المسلحين في الاستماتة للاحتفاظ على الزارة التركمانية تأتي من موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود اللبنانية، وتوسّطها طريق حمص ـــ طرطوس. فالطريق المؤدي إلى المدينة الساحلية معرّض للقنص. حالات نادرة حاول فيها المسلحون إطلاق النار على السيارات المتحركة عليه. ويفكر العسكريون بتحويل المرور باتجاه طرطوس إلى الطريق القديم. الاقتراب بهدف التصوير يعرّض الحياة للخطر، بسبب عمليات القنص. يرصد الجنود المشهد. أنظارهم تتجه نحو تلك البقعة من الخريطة الواقعة بين تلّتين. «تلك التي في الأعلى تدعى شويهد»، يقول الجندي. شويهد قرية عالية تلاصق الزارة، وهي في يد المسلحين أيضاً. من خلف متراسه يحاول الحصول على ملاحظات يسلّمها إلى قادته، باستخدام المنظار. لن يتوقف الجيش حتى إكمال العملية في الحصن. هذا ما يبدو واضحاً من التحضيرات الكبرى للسيطرة على المنطقة، التي استمرت أسبوعاً. قرية نعرة المجاورة، تتميز بغالبية سكانها الموالين والمختلفين طائفياً عن سكان الزارة. تسمع أصوات المدفعية والقذائف قوية جيداً في القرية. يخشى أهالي نعرة من تبعات المعركة المقبلة، إلا أنهم تعبوا من جيرانهم المسلحين والحوادث الأمنية المتلاحقة المتمثلة بأعمال الخطف والاعتداءات. «مسلحو الزارة يضربون منشآت الدولة ولا يأبهون. فنمضي نحن أوقاتنا بلا كهرباء»، يقولون. يعرف العسكريون جيداً أن توسط الزارة للطريق بين حمص والساحل يؤثر جداً على مجريات الأمور الميدانية لاحقاً، وأن أي محاولة لتقدم المسلحين ستؤثر سلباً على الوضع في الساحل السوري. ضرورة المعركة وحتميتها تأتي، بالنسبة إليهم، من أهمية سحب أعداد من القوات المرابطة منذ أشهر، والاستفادة منها في مناطق أُخرى. أهالي وادي النصارى المجاور، بدورهم، يترقبون بحذر تبعات المعركة، آملين تخليصهم من اعتداءات العين الرقيبة عليهم من قلعة الحصن، إحدى أهم المعالم التاريخية في شرقي المتوسط. حالات القنص والاعتداءات جعلت من حياة سكان الوادي جحيماً يومياً. استغاثاتهم كانت دائمة بأن ينقذهم الجيش مما هم فيه. وبهذا فإن بدء الجيش عمليته العسكرية ينال حصته من الاحتضان الشعبي من قبل مواطني الجوار. يستمر الجيش بالتقدم غرباً على مشارف القرية بنجاح، فيما تزداد الاشتباكات عنفاً من الشرق وقرب برج الزارة. أيام قليلة يتوقع أن تستمر المعارك قبل السيطرة على القرية. خسائر الجيش بلغت خمسة شهداء وعدداً من الجرحى وهي حصيلة متوقعة من قبل العسكريين، إلا أن المعركة لن تكون بهذه السهولة التي يتوقعها المواطنون، بحسب قول أحد الضباط لـ«الأخبار». وعلمت «الأخبار» أن القوات السورية تقوم بالتوازي مع الهجوم على الزارة بالتشديد على الحدود اللبنانية ـــ السورية القريبة، لمنع مسلحين من التسلل من لبنان إلى ريف تلكلخ، وإرباك القوات المهاجمة، بعد معلومات عن نية مجموعات مسلحة تتمركز قرب الحدود من الجهة اللبنانية التدخل لمساعدة مسلحي «جند الشام» وفصائل المعارضة السورية الأخرى. وفي السياق، أشارت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إلى أنّ مجموعة من «جبهة النصرة» تسللت ليل أول من أمس نحو منشار حجر في منطقة رأس بعلبك واختطفت ثلاثة عمال سوريين، هم من وادي النصارى. وسرق عناصر «النصرة» سيارتين داخل المعمل الذي يعملون فيه. ولم تتواصل الجهة الخاطفة بعد مع أهالي الخاطفين حتى الساعة.  

المصدر : الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة