قفزت أسعار الأراضي عشرات الأضعاف في دمشق لمجرد إعلان شركة خليجية عن إقامة مشروع في منطقة ما فإن ذلك كفيل برفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

تظهر أسعار الأراضي في سورية تفاوتا واضحا وعلى الرغم من العروض الكثيرة فقد حافظت بعض الأراضي على أسعار ذهبية، فيما بقيت بعض الأراضي الأخرى تجر أذيال الخيبة بأسعار هي وإن كانت عالية تبقى زهيدة أمام تلك العروض الذهبية.

وتلعب استراتيجية مواقع الأراضي دورا حاسما في تحديد السعر، ففي مناطق متقاربة يكون الدونم هنا بمئات الآلاف، فيما يكون هناك بالملايين.

يظهر التباين في الأسعار داخل المنطقة الواحدة كما يظهر بين منطقة وأخرى ومدينة وأخرى.. على أن أسعار الأراضي في سورية بشكل عام تشهد ارتفاعا حادا منذ نحو خمس سنوات.

هذا ولعبت المشاريع الاستثمارية الكبرى التي جاءت إلى سورية منذ عام 2005 دورا رئيسيا في غلاء الأراضي في سورية على الرغم من أنها اشترتها بأسعار زهيدة من الدولة التي كانت تحاول تحفيز الشركات المحلية والعربية وتحديدا الخليجية على الاستثمار في سورية.

إذ إن أغلب الشركات الاستثمارية التي أعلنت دخولها إلى سورية عمدت إلى شراء أراض ضعف حاجة مشاريعها ومع غلاء الأراضي الذي تسببت به عمدت إلى تحويل جزء من نشاطها إلى بيع الأراضي محققة أرباحا طائلة معلقة تنفيذ مشاريعها لسبب أو لآخر.

ولا تبدو المؤشرات متجهة نحو انخفاض أسعار الأراضي بشكل عام خاصة مع ظهور شركات التطوير العقاري التي ستبحث عن الأراضي لتنفذ مشاريعها أو بالنسبة للمواطن العادي الذي ما زالت الأرض في ثقافته أغلى ما يملك كضمان للمستقبل.

لذلك فإن ارتفاع أسعار الأراضي طال الريف كما المدينة ففي إحدى القرى في محافظة اللاذقية على سبيل المثال يباع المتر داخل المخطط التنظيمي للقرية بـ30 ضعف خارج التنظيم.. على أن الجرأة في رفع أسعار الأراضي بدت واضحة في ريف اللاذقية وطرطوس على ساحل المتوسط مع لجوء المستثمرين إلى القيام بجمع حيازات صغيرة ضمن حيازة واحدة كبيرة ودفع مبالغ لم يكن المالكون المحليون أصلا ليحلموا بها.

و الظروف السياسية ساهمت برفع أسعار الأراضي فأسعار الأراضي على الطريق المؤدي من دمشق إلى القنيطرة قرب الجولان السوري ارتفعت بشكل جنوني بسبب تيقن الناس أن السلام سيتحقق بين سورية وإسرائيل مما دفعهم للإقبال على شراء الأراضي الملاصقة لهذا الطريق بل وأطلقوا عليه طريق السلام.. مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي.

وفي كل ذلك يواجه قطاع العقارات في سورية معضلة احتكار شركات التطوير العقاري للأراضي وبيعها بأضعاف ما تشتريها سعيا وراء الأرباح السريعة.

وهو اتهام يوجه لها بالخروج عن الغاية التي نشأت من أجلها ورغم تحجج شركات التطوير العقاري بأن سبب عدم تسعير مشاريعها يعود إلى تقصير الحكومة في تأمين البنى التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرق فإن ضلوعها في تجارة الأراضي وميلها لذلك بدا واضحا.

وتشير التوقعات إلى أن عمليات بيع الأراضي التي مارستها شركات التطوير العقاري ومعها الشركات الاستثمارية العقارية كانت بمليارات الليرات السورية في حين أنها دفعت ثمنها أقل من ذلك بكثير جدا.

ويعود سبب لجوء شركات التطوير العقاري إلى المتاجرة بالأراضي إلى أن ممارستها لعملية المتاجرة بالأراضي ربما يكون أكثر ربحا لها وأقل عناء خاصة أن البيع عادة ما يترافق مع ترويج لقرب تنظيم هذه الأراضي مما يؤدي إلى رفع أسعارها أضعافا مضاعفة.. لأن سعر متر الأرض المرتفع سيرفع من سعر المسكن على المواطن.

كما أن عدم محاسبة تلك الشركات وعدم وجود قانون يمنعها من المتاجرة في الأراضي، وكذلك عدم تحديد مدة زمنية يتم خلالها سحب الترخيص من تلك الشركة إذا لم تتقدم بمقترحات لتطوير منطقة عقارية محددة، أو إذا لم تبدأ بتنفيذ أي مشروع على أرض الواقع.

أمام هذا الواقع.. بدأت الحكومة السورية بالتنبه إلى هذا الواقع وأعلن المسؤولون المختصون عن التوجه لوقف قيام شركات التطوير العقاري بالمتاجرة بالأراضي عبر إصدار تشريعات تجبرها على البدء بتنفيذ مشاريعها خلال فترة محددة.

كما بدأت الحكومة بخطوات جديدة بتوسيع مناطق التنظيم لتوفير المزيد من الأراضي لبناء المساكن، إلا أن هذه الإجراءات تساهم في تكريس غلاء الأراضي كلما دخلت في التنظيم.

  • فريق ماسة
  • 2010-09-20
  • 12046
  • من الأرشيف

ارتفاع أسعار الأراضي في سورية

قفزت أسعار الأراضي عشرات الأضعاف في دمشق لمجرد إعلان شركة خليجية عن إقامة مشروع في منطقة ما فإن ذلك كفيل برفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. تظهر أسعار الأراضي في سورية تفاوتا واضحا وعلى الرغم من العروض الكثيرة فقد حافظت بعض الأراضي على أسعار ذهبية، فيما بقيت بعض الأراضي الأخرى تجر أذيال الخيبة بأسعار هي وإن كانت عالية تبقى زهيدة أمام تلك العروض الذهبية. وتلعب استراتيجية مواقع الأراضي دورا حاسما في تحديد السعر، ففي مناطق متقاربة يكون الدونم هنا بمئات الآلاف، فيما يكون هناك بالملايين. يظهر التباين في الأسعار داخل المنطقة الواحدة كما يظهر بين منطقة وأخرى ومدينة وأخرى.. على أن أسعار الأراضي في سورية بشكل عام تشهد ارتفاعا حادا منذ نحو خمس سنوات. هذا ولعبت المشاريع الاستثمارية الكبرى التي جاءت إلى سورية منذ عام 2005 دورا رئيسيا في غلاء الأراضي في سورية على الرغم من أنها اشترتها بأسعار زهيدة من الدولة التي كانت تحاول تحفيز الشركات المحلية والعربية وتحديدا الخليجية على الاستثمار في سورية. إذ إن أغلب الشركات الاستثمارية التي أعلنت دخولها إلى سورية عمدت إلى شراء أراض ضعف حاجة مشاريعها ومع غلاء الأراضي الذي تسببت به عمدت إلى تحويل جزء من نشاطها إلى بيع الأراضي محققة أرباحا طائلة معلقة تنفيذ مشاريعها لسبب أو لآخر. ولا تبدو المؤشرات متجهة نحو انخفاض أسعار الأراضي بشكل عام خاصة مع ظهور شركات التطوير العقاري التي ستبحث عن الأراضي لتنفذ مشاريعها أو بالنسبة للمواطن العادي الذي ما زالت الأرض في ثقافته أغلى ما يملك كضمان للمستقبل. لذلك فإن ارتفاع أسعار الأراضي طال الريف كما المدينة ففي إحدى القرى في محافظة اللاذقية على سبيل المثال يباع المتر داخل المخطط التنظيمي للقرية بـ30 ضعف خارج التنظيم.. على أن الجرأة في رفع أسعار الأراضي بدت واضحة في ريف اللاذقية وطرطوس على ساحل المتوسط مع لجوء المستثمرين إلى القيام بجمع حيازات صغيرة ضمن حيازة واحدة كبيرة ودفع مبالغ لم يكن المالكون المحليون أصلا ليحلموا بها. و الظروف السياسية ساهمت برفع أسعار الأراضي فأسعار الأراضي على الطريق المؤدي من دمشق إلى القنيطرة قرب الجولان السوري ارتفعت بشكل جنوني بسبب تيقن الناس أن السلام سيتحقق بين سورية وإسرائيل مما دفعهم للإقبال على شراء الأراضي الملاصقة لهذا الطريق بل وأطلقوا عليه طريق السلام.. مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي. وفي كل ذلك يواجه قطاع العقارات في سورية معضلة احتكار شركات التطوير العقاري للأراضي وبيعها بأضعاف ما تشتريها سعيا وراء الأرباح السريعة. وهو اتهام يوجه لها بالخروج عن الغاية التي نشأت من أجلها ورغم تحجج شركات التطوير العقاري بأن سبب عدم تسعير مشاريعها يعود إلى تقصير الحكومة في تأمين البنى التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرق فإن ضلوعها في تجارة الأراضي وميلها لذلك بدا واضحا. وتشير التوقعات إلى أن عمليات بيع الأراضي التي مارستها شركات التطوير العقاري ومعها الشركات الاستثمارية العقارية كانت بمليارات الليرات السورية في حين أنها دفعت ثمنها أقل من ذلك بكثير جدا. ويعود سبب لجوء شركات التطوير العقاري إلى المتاجرة بالأراضي إلى أن ممارستها لعملية المتاجرة بالأراضي ربما يكون أكثر ربحا لها وأقل عناء خاصة أن البيع عادة ما يترافق مع ترويج لقرب تنظيم هذه الأراضي مما يؤدي إلى رفع أسعارها أضعافا مضاعفة.. لأن سعر متر الأرض المرتفع سيرفع من سعر المسكن على المواطن. كما أن عدم محاسبة تلك الشركات وعدم وجود قانون يمنعها من المتاجرة في الأراضي، وكذلك عدم تحديد مدة زمنية يتم خلالها سحب الترخيص من تلك الشركة إذا لم تتقدم بمقترحات لتطوير منطقة عقارية محددة، أو إذا لم تبدأ بتنفيذ أي مشروع على أرض الواقع. أمام هذا الواقع.. بدأت الحكومة السورية بالتنبه إلى هذا الواقع وأعلن المسؤولون المختصون عن التوجه لوقف قيام شركات التطوير العقاري بالمتاجرة بالأراضي عبر إصدار تشريعات تجبرها على البدء بتنفيذ مشاريعها خلال فترة محددة. كما بدأت الحكومة بخطوات جديدة بتوسيع مناطق التنظيم لتوفير المزيد من الأراضي لبناء المساكن، إلا أن هذه الإجراءات تساهم في تكريس غلاء الأراضي كلما دخلت في التنظيم.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة