يحار الإيرانيون في حال اللبنانيين، كيف أنهم يضعون اليد على «كنز معلومات» أو، على حد وصف الصحافة الإيرانية، على «صندوق أسود بتول» ثم يفقدونه. يحارون كيف تكاد تصل اللقمة إلى الفم، وتكاد الغيوم تنقشع عن حقائق طال طـَمرها وأدخلت البلاد في أتون صراع أزهق الأرواح وفرّق الإخوة.. وفجأة يتبخر كل شيء وكأن شيئاً لم يكن. يُقبض على ماجد الماجد زعيم فرع القاعدة في لبنان، ويبقى مع الأجهزة اللبنانية لأكثر من أسبوع دون أن تعلن عن ذلك، ثم أيام قليلة إضافية وفجأة يموت الرجل الأخطر في البلد الأعقد، لتختفي معه أسرار كبرى.

أحد النواب الإيرانيين من أصحاب الشأن يقول أن بلاده لن تبقى صامتة حيال هذا الأمر، لأنها ترى أن «خلف الأكمة ما خلفها، وان هناك من لا يريد للحقيقة أن تظهر لأن الحقيقة علقمها يكاد يقتل صاحبها، بل انه قتله بقصد أو بغير قصد».

للقصة أبعاد عدة بالنسبة لإيران، قصة استهداف مباشر في قلب بيروت، وتهديد ربما يكون لسفارات إيرانية أخرى حيث للقاعدة وأخواتها يد تعبث. لم يشأ الإيرانيون أن يسمعوا من الماجد أسبابه للهجوم عليهم، ولا أن يعرفوا منه مباشرة أنه المسؤول عن التفجير، ولا كيف جنّد الذين هاجموا السفارة، ولا كيف تم التخطيط للعملية. هم يريدون، باختصار، أن يصلوا إلى الزبدة، إلى السؤال الكنز: من الذي موّل وأعطى الأوامر بتنفيذ هذه العملية. هذا ما يريد الإيرانيون معرفته بالتفصيل، لأنه سيفتح لهم صندوق العجائب المغلق منذ زمن، وسيجيب عن الأسئلة التي لطالما كانت تطرح عن المصلحة والهدف والمتسبب. بل هي، في رأيهم، «مناسبة لتعرية التنظيم المثير للجدل في المنطقة، وإظهار ارتباطاته التي تتخطى الإقليم لتصل إلى سقف الأرض».

مات الماجد ولن يصل الإيرانيون للإجابات التي يريدونها حول تفجير سفارتهم، لذا فهم مصرون اليوم أكثر من أي يوم على الوصول إلى ما امكن من معلومات ومعطيات، مهما كانت شحيحة أو سطحية. لذا فهم سيرسلون وفداً موثوقاً ليطلع من اللبنانيين على تفاصيل القضية من ألفها إلى يائها. وبالرغم من معرفتهم بصعوبة المهمة، إلا أنهم لن يتراجعوا عن هذا المطلب. ولعله من نافل القول إن هذه القضية وملابساتها وطريقة تعاطي الدولة اللبنانية معها سيكون لها تأثير حقيقي على مستقبل العلاقة الرسمية بين لبنان وإيران، فالإيرانيون، وإن كانوا لم يجهدوا لإدخال لبنان الرسمي ضمن الدول الحليفة لهم بالكامل على الصعيد الرسمي، إلا أن ذلك لا يعني أن يعمل لبنان على إيذاء المصالح الإيرانية، وإن بشكل غير مباشر.

القضية في نظر إيران أبعد وأوسع وأعم من حدود لبنان، وهجوم السفارة ليس سوى محطة من محطات الصراع الذي يتجلى في أكثر من موضع داخل إيران وفي سوريا والعراق واليمن والبحرين وغيرها من بلاد الله التي تقطر دماً منذ سنوات. باختصار، تتحول المعركة يوماً بعد يوم إلى معركة وجودية تفرض فيها التطورات تغييراً في الأولويات وتعديلاً على السياسات المتبعة في التعاطي مع دول الجوار، وهذا ما لا تريده إيران.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم، قد أكدت ان «موت زعيم «كتائب عبدالله عزام» السعودي ماجد الماجد لن يثني عزم طهران على المتابعة القانونية والدولية للاعتداء الارهابي الذي استهدف السفارة الايرانية».

من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني علاء الدين بروجردي أن «موت ماجد الماجد غامض وتحوم حوله كثير من الشكوك».

ولفت بروجردي الى انه «كان من الممكن الوصول عبر التحقيق مع ماجد الماجد الى معلومات تكشف الزوايا الخفية والعناصر الضالعة والداعمة للعمل الإرهابي الذي وقع امام السفارة الايرانية في بيروت»، داعياً الحكومة اللبنانية الى «معرفة السبب الحقيقي وراء وفاة الماجد وإعداد تقرير حول ذلك».

واكد أن «طهران سترسل فريقاً إلى لبنان للتحقيق في وفاته».

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن بروجردي، قوله أنه «بموجب الظروف الحالية، من الضروري أن تحدّد الحكومة اللبنانية سبب وفاة الماجد، وتعدّ تقريراً بهذا الشأن».

واتهم السعودية «بأداء دور في تنفيذ هجمات «إرهابية» في المنطقة، و«دعم «إرهابيين مثل الماجد»، مشيراً إلى أن «السعودية، بصفتها الممول الرئيس للماجد، غير مهتمة بالكشف عن دوره في هجمات بيروت الإرهابية».

 

  • فريق ماسة
  • 2014-01-05
  • 11213
  • من الأرشيف

إيران تخسر «الكنز».. ولن تبقى صامتة

يحار الإيرانيون في حال اللبنانيين، كيف أنهم يضعون اليد على «كنز معلومات» أو، على حد وصف الصحافة الإيرانية، على «صندوق أسود بتول» ثم يفقدونه. يحارون كيف تكاد تصل اللقمة إلى الفم، وتكاد الغيوم تنقشع عن حقائق طال طـَمرها وأدخلت البلاد في أتون صراع أزهق الأرواح وفرّق الإخوة.. وفجأة يتبخر كل شيء وكأن شيئاً لم يكن. يُقبض على ماجد الماجد زعيم فرع القاعدة في لبنان، ويبقى مع الأجهزة اللبنانية لأكثر من أسبوع دون أن تعلن عن ذلك، ثم أيام قليلة إضافية وفجأة يموت الرجل الأخطر في البلد الأعقد، لتختفي معه أسرار كبرى. أحد النواب الإيرانيين من أصحاب الشأن يقول أن بلاده لن تبقى صامتة حيال هذا الأمر، لأنها ترى أن «خلف الأكمة ما خلفها، وان هناك من لا يريد للحقيقة أن تظهر لأن الحقيقة علقمها يكاد يقتل صاحبها، بل انه قتله بقصد أو بغير قصد». للقصة أبعاد عدة بالنسبة لإيران، قصة استهداف مباشر في قلب بيروت، وتهديد ربما يكون لسفارات إيرانية أخرى حيث للقاعدة وأخواتها يد تعبث. لم يشأ الإيرانيون أن يسمعوا من الماجد أسبابه للهجوم عليهم، ولا أن يعرفوا منه مباشرة أنه المسؤول عن التفجير، ولا كيف جنّد الذين هاجموا السفارة، ولا كيف تم التخطيط للعملية. هم يريدون، باختصار، أن يصلوا إلى الزبدة، إلى السؤال الكنز: من الذي موّل وأعطى الأوامر بتنفيذ هذه العملية. هذا ما يريد الإيرانيون معرفته بالتفصيل، لأنه سيفتح لهم صندوق العجائب المغلق منذ زمن، وسيجيب عن الأسئلة التي لطالما كانت تطرح عن المصلحة والهدف والمتسبب. بل هي، في رأيهم، «مناسبة لتعرية التنظيم المثير للجدل في المنطقة، وإظهار ارتباطاته التي تتخطى الإقليم لتصل إلى سقف الأرض». مات الماجد ولن يصل الإيرانيون للإجابات التي يريدونها حول تفجير سفارتهم، لذا فهم مصرون اليوم أكثر من أي يوم على الوصول إلى ما امكن من معلومات ومعطيات، مهما كانت شحيحة أو سطحية. لذا فهم سيرسلون وفداً موثوقاً ليطلع من اللبنانيين على تفاصيل القضية من ألفها إلى يائها. وبالرغم من معرفتهم بصعوبة المهمة، إلا أنهم لن يتراجعوا عن هذا المطلب. ولعله من نافل القول إن هذه القضية وملابساتها وطريقة تعاطي الدولة اللبنانية معها سيكون لها تأثير حقيقي على مستقبل العلاقة الرسمية بين لبنان وإيران، فالإيرانيون، وإن كانوا لم يجهدوا لإدخال لبنان الرسمي ضمن الدول الحليفة لهم بالكامل على الصعيد الرسمي، إلا أن ذلك لا يعني أن يعمل لبنان على إيذاء المصالح الإيرانية، وإن بشكل غير مباشر. القضية في نظر إيران أبعد وأوسع وأعم من حدود لبنان، وهجوم السفارة ليس سوى محطة من محطات الصراع الذي يتجلى في أكثر من موضع داخل إيران وفي سوريا والعراق واليمن والبحرين وغيرها من بلاد الله التي تقطر دماً منذ سنوات. باختصار، تتحول المعركة يوماً بعد يوم إلى معركة وجودية تفرض فيها التطورات تغييراً في الأولويات وتعديلاً على السياسات المتبعة في التعاطي مع دول الجوار، وهذا ما لا تريده إيران. وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم، قد أكدت ان «موت زعيم «كتائب عبدالله عزام» السعودي ماجد الماجد لن يثني عزم طهران على المتابعة القانونية والدولية للاعتداء الارهابي الذي استهدف السفارة الايرانية». من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني علاء الدين بروجردي أن «موت ماجد الماجد غامض وتحوم حوله كثير من الشكوك». ولفت بروجردي الى انه «كان من الممكن الوصول عبر التحقيق مع ماجد الماجد الى معلومات تكشف الزوايا الخفية والعناصر الضالعة والداعمة للعمل الإرهابي الذي وقع امام السفارة الايرانية في بيروت»، داعياً الحكومة اللبنانية الى «معرفة السبب الحقيقي وراء وفاة الماجد وإعداد تقرير حول ذلك». واكد أن «طهران سترسل فريقاً إلى لبنان للتحقيق في وفاته». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن بروجردي، قوله أنه «بموجب الظروف الحالية، من الضروري أن تحدّد الحكومة اللبنانية سبب وفاة الماجد، وتعدّ تقريراً بهذا الشأن». واتهم السعودية «بأداء دور في تنفيذ هجمات «إرهابية» في المنطقة، و«دعم «إرهابيين مثل الماجد»، مشيراً إلى أن «السعودية، بصفتها الممول الرئيس للماجد، غير مهتمة بالكشف عن دوره في هجمات بيروت الإرهابية».  

المصدر : السفير / علي هاشم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة