دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تميزت الفنانة رنا الأبيض عبر مسيرتها الفنية الدرامية المتواصلة منذ 15 عاما بأدائها الناعم أحيانا، والقوي أحياناً أخرى، من خلال تجسيدها الزوجة المتسلطة ذات الشخصية الطاغية كما هو الحال في شخصية زوجة الوزير في المسلسل الكوميدي «الوزير وسعادة حرمه»، وغير ذلك من الأعمال الدرامية الكثيرة التي كانت فيها حاضرة بكل ما تملك من أداء حرفي متميز يتناغم مع انسجام داخلي ذاتي يعكس تحديها لأداء الدور بكل جرأة وحضور آسر حتى يصل إلى المتلقي كما هو بمفرداته وحيثياته، فيعيش المشاهد معها وكأنها شخصية مقنعة مهما كان الدور مركبا ومتغيرا بين مشهد وآخر، وهذا بالتحديد ما تابعه المشاهد في الأعمال الدرامية التي عرضت في شهر رمضان الماضي، خاصة من خلال شخصية (غرام) المتاجرة في الرقيق الأبيض في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» مع المخرج نجدت أنزور، أو من خلال تجسيدها شخصية (الشيخة فاطمة) زعيمة القبيلة وأخت الرجال والمنافسة لهم في مسلسل سوري - عراقي يحمل عنوان «الشيخة»، وكذلك شخصية (أم عمارة) زوجة حمزة بن عبد المطلب في المسلسل التاريخي «رايات الحق»، وفي غيرها من الأعمال الجديدة للعام الحالي، مثل «أقاصيص مسافر» و«حارة الياقوت» و«بقعة ضوء»، فهي تجسد شخصيات جديدة جريئة سلسة انسيابية متحدية نفسها وذاتها لتوصلها إلى الجمهور ، ومن خلال لقاء معها كان الحوار التالي:
- يلاحظ في الموسم الحالي تقديمك شخصيات متباينة وتحمل جرأة وتناقضا، ما بين المرأة القوية التي تعمل لصالح المجتمع، والمرأة التي تعمل في أمور تخالف المجتمع وعاداته وتقاليده؟
هذا صحيح، فشخصيتي في مسلسل «الشيخة» يحمل القوة وتحولها من زمن الإقطاع إلى زمن الرأسمالية فاستطاعت التأقلم مع الوضع وتحولت من الزراعة إلى التجارة وهي قصة شيخة قبيلة واقعية وحقيقية وتتحمل المسؤوليات وتعيش معاناة الحياة، وهي شخصية جميلة جدا وأتمنى أن أكون قد مسكت بخيوطها بشكل جيد وأن تكون وصلت إلى الجمهور، أما في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» فالشخصية صعبة وجريئة جدا، وكانت الرسالة من تقديم هذه الشخصية هي معرفة من يخلق مثل شخصية (غرام) في مجتمعاتنا، فهي جريمة حقيقية والجميع مسؤول عنها، من الزوج وحتى والدتها (حماتها) والأخ.. كلهم مسؤولون عن انحراف المرأة في المجتمع عندما يضغطون عليها أو يقصرون تجاهها، فكل شرائح المجتمع مسؤولة عن وجود شخصية مثل (غرام)، ومثل البنات اللواتي تؤثر عليهن وتدفعهن إلى الانحراف بسبب العجز المادي الذي يعشنه.
- هل دعيت للمشاركة في أعمال خارج سورية هذا العام؟
نعم دعيت لعدد من الأعمال التلفزيونية الخليجية ولكن بسبب تفرغي لمسلسل «الشيخة» الذي شكل تحديا لي، وخاصة أنني سأؤدي الدور باللهجة العراقية وعلي أن أجيدها بشكل جيد، فلذلك اعتذرت عن عدم المشاركة فيها، ومنها عمل مع المخرج البحريني أحمد مقلة، وهو عمل خليجي بحريني، وكذلك اعتذرت لعمل سعودي للمخرج أيمن شيخاني، ولعمل للمخرج تركي اليوسف.
- يعني أن إجادة اللهجة كانت تشكل تحديا لك، على الرغم من أن الممثل يجب أن يجيد كل اللهجات؟
هذا صحيح، وإجادة جميع اللهجات في تقديري ميزة موجودة فقط لدى الممثل السوري بسبب تنوع وتلون اللهجات المحلية عندنا ما بين مناطق حوران ودمشق وحلب والساحل والبادية وغيرها، وهذا يجعل الممثل السوري مرنا حتى إنه أقحم الدراما التركية في كل العالم العربي، فلولا إحساسه الفني الجميل واللهجة السورية المميزة لما وصل بما يقدمه إلى الجمهور العربي، فأنا مثلا قدمت أعمالا باللهجة السعودية وحتى النجدية والإماراتية وهي لهجات متشابهة مع اختلاف في بعض الكلمات والمصطلحات البسيطة ولكن اللهجة العراقية كانت جديدة علي ولم أكن أستمع كثيرا للمتحدثين بها.
- على ذكر الأعمال التركية، هل شاركت في الأعمال المدبلجة؟
ليتني أشارك فيها ولكن الوقت لدي ضيق ودعيت لعمل مدبلج فاعتذرت بسبب انشغالي في أعمال درامية سورية وليست لدي مشكلة مطلقا في المشاركة فيها، ولست مقتنعة بما يقال عن تأثيرها على الدراما السورية وفي رأيي أن الدراما التركية المدبلجة استطاعت تغيير الذوق العام حتى أنا كممثلة مللت من وجوه حفظنا شكلها وقصصها، فلماذا لا نشاهد أعمالا ووجوها جديدة تقدم لنا حضارة مختلفة، وهناك الكثير من الأعمال الدرامية التي تعرض على الفضائيات، فلم حرب البسوس هذه على الأعمال التركية المدبلجة؟!.. هناك عشرات الفضائيات تعرض الأعمال والأفلام الأوروبية والأجنبية، فلماذا تضايق البعض من الأعمال التركية فقط لأنها تدبلج باللهجة التركية، وفي المحصلة سيبقى في الدراما الجيد وسيزول السيئ والرديء.
- وهل دعيت للمشاركة في الدراما المصرية؟
دعيت هذا العام للمشاركة في عمل مصري يصور هنا في سورية واعتذرت أيضا بسبب انشغالي، وأنا حصلت على جائزتين فنيتين في مصر ولكن في رأيي لم تأتني بعد الفرصة في مصر التي تحقق لي ما أتمناه فعلا من إضافة حقيقية لرحلتي الفنية إن كان من خلال حجم الدور أو حتى المشهد الذي أستطيع أن أقدم من خلاله عملا جميلا، ولذلك لم يعرض علي شيء مشجع يحفزني على المشاركة في عمل مصري.
- كيف تنظرين إلى تجربة الفنانين السوريين مع الدراما المصرية؟
إنها تجارب مميزة ولو لم يكونوا ممثلين مميزين لما طلبوا للمشاركة في الدراما المصرية، حيث استطاعوا تكوين شعبية لهم وهم يتحدثون بلهجة أخرى شدوا الجمهور إليهم ولفتوا الانتباه إلى الفنانين السوريين، وهذا ما حصل أيضا عندما شاركوا في الدراما الخليجية، ونحن في أعمالنا السورية لدينا مشاركات من دول عربية مثل المغرب والأردن ولبنان ولكن لا أحد يتحدث بذلك حتى نحن لا نتحدث بذلك، لأننا نعتبر أن الأمر طبيعي وعادي، بينما في مصر عندما يوجد الممثل السوري فيحصل شوشرة وحرب عليه حتى يعطوا لأنفسهم شهرة قبل أن تتحقق شهرة للممثل السوري.
- متى تعتذرين عن أداء دور ما؟ وما هي الخطوط الحمراء لديك في رفض دور ما، مع أنك قبلت دورا جريئا جدا في مسلسل «ما ملكت أيمانكم»؟
عرض علي الكثير من أدوار الإثارة ولكنني اعتذرت وقبلت تجسيد الدور مع المخرج نجدت أنزور وصورت مشهدا في بانيو الحمام ومشهد تدليك (مساج)، وذلك لأنني أريد أن أقول شيئا ما، وهو كيف أن المرأة مظلومة في مجتمعنا ونحن دائما لدينا إغراء لفظي وليس اشتباكا؟!.. أي ليس لدينا مشاهد حميمية مثلما يحصل في الأفلام المصرية، حيث نتحدث بشكل إيحائي عن امرأة منحرفة ولكن لا توجد مشاهد مباشرة عن انحرافها، وعلينا أن نزيل القشور عن الدراما الخاصة بنا، فلن نستطيع معالجة المشكلات لأننا نطرحها بشكل سطحي ولذلك تحتاج إلى عمليات جراحية، بينما في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» استطاع الدخول إلى الجوهر وكسر كل القشور حتى تمكن من إنصاف أناس مضطهدين في مجتمعنا مع ظلم الحياة لهم، وقدمنا فيه أدوارا جريئة ولكن بشكل محترم حيث لا يوجد إباحية مطلقا ولا شيء معيب، وبالنسبة إلي فلا يوجد لدي خطوط حمراء فأنا جريئة جدا ولكن «لفظيا»!.. ولا أريد أن أصرح حاليا بشيء قد يتغير مستقبلا وأترك الأمر لما يعرض علي من أدوار. ولكن لدي خط واحد هو أنني ضد «الاشتباك» في الدور، حيث لدينا خجل داخلي ونحن جبناء لا نستطيع تقديم دور فيه «اشتباك» حميمي والمجتمع لا يتقبل ذلك.
- شاركت في عمل شامي وهو «الحصرم الشامي» ولكنه عرض على قنوات مشفرة ولم نشاهدك في أعمال شامية أخرى؟
من سوء حظي أن أهم عمل شامي - في رأيي - عرض مشفرا حتى إنني أعتبره أهم عمل قدمته حتى الآن في حياتي الفنية وهو من أجمل ذكرياتي وأذكر أنني عملت به بعد مشاركتي في عمل صعب وهو «صراع على الرمال» فأعاد «الحصرم الشامي» الروح لي بعد الجهد الكبير في العمل السابق. وكنت قد شاركت في «حمام القيشاني» أما «باب الحارة» فلم أدع للمشاركة فيه، وفي هذا العام عرض علي المشاركة في الجزء الثاني من «أهل الراية» واعتذرت لأن الدور المعروض علي لم تكن معالمه واضحة. والأعمال الشامية نجحت لأنها أعمال بسيطة خفيفة لا تحتاج إلى تحليل وتفكير حيث تصل مباشرة إلى الجمهور وتحمل حكاية فيها عبق الماضي نتمنى نحن في العصر الحالي أن نشبه شخصياتها وهي تذكرنا بكل شيء جميل في الماضي.
- أين تجدين نفسك فيما يتعلق بنوع العمل والدراما؟
أجد نفسي في الدور المكتوب بشكل جميل ويتضمن مشاعر حقيقية بحيث أستطيع ملامسته إن كان تاريخيا أو معاصرا أو كوميديا. وبشكل عام «إذا لم يركب القطار على السكة فلن يسير»، وبالنسبة إلى العمل والنص والدور لا بد أن أكون متفقة فيه مع المخرج لأنه لن يسير الدور إذا كان هناك وجهات نظر مختلفة بيني وبين المخرج، ولا بد من التواصل لأنني سآخذ رؤية المخرج وأحولها إلى شخصية حية يجب أن تصل إلى الناس.
- هل أنت محسوبة على شلة معينة لمخرج أو منتج؟
لا والحمد لله، ولكن لست ضد وجود الشلة الإيجابية التي ينسجم المنضوون تحتها مع بعضهم، من ممثلين وكادر فني ومخرج ومنتج ولكنني ضد الشللية المرضية المؤذية التي تعتمد على وجوه محددة بذاتها، وهذا يؤدي إلى ملل الجمهور منها، وفي رأيي أن هذا غير موجود في الدراما السورية حيث لدينا دائما وجوه فنية جديدة.
- هل أنت راضية عن أجرك الفني رغم التباين بين ممثل وآخر؟
أنا راضية عن أجري ولكن هناك بعض المنتجين يبتكرون قصة الشحاذة (يشحذون) أي يقولون إن النجم الفلاني أخذ جزءا كبيرا من موازنة العمل فلا نستطيع منح الباقي أجورا جيدة، هذا وضع غير جيد وأقول لهؤلاء إنه إذا لم يكن لديكم المال الكافي فلا تنتجوا!.. ولا تحملوا الممثلين أعباء أخذ ممثل واحد الأجر الأكبر فهذا غير منطقي ويسبب حقدا من البعض على الممثل النجم الذي أخذ الأجر المرتفع.
- هل لديك مشروع خاص بك أو تحلمين بتجسيد شخصية في الدراما؟
لا ليس لدي أحلام في هذا المجال وليس لدي طموح لأقدم سيرة ذاتية لأي امرأة، ففي رأيي كل النساء هن بطلات حقيقيات فأي إنسان يسلط الضوء على حياته مهما كان موقعه في المجتمع فسيظهر بطلا حقيقيا وأنا في كل دور أقدمه لامرأة أعتبره سيرة ذاتية وأكره تقديم سيرة ذاتية لامرأة معروفة لأنه سيحصل فيما بعد جدل كبير ويظهر الورثة ومشكلاتهم بحيث يذهب بريق وبهجة العمل الفني وما قدم فيه بسبب هذه الإشكالات التي ليس لها قيمة في الواقع، ولكن أتمنى تقديم برنامج تلفزيوني شبيه ببرنامج «أوبرا» أستطيع مساعدة الناس من خلاله بطريقة خيرية راقية، ولي تجربة بسيطة في تقديم حلقتين من برنامج يدعى "المقلاية" مع التلفزيون السوري.
- ما رأيك في تجربة الفنانين السوريين الذين يتحولون إلى منتجين أو إلى إدارة شركات إنتاجية؟
في رأيي أن أي شخص عندما يتحول إلى تاجر منتج فإنه يهضم حق الفنان، وحتى الفنانون كذلك لأنهم يريدون محاباة الشركات المنتجة وهذا أمر واقع.
- هل لديك هوايات أخرى؟
هوايات شخصية فقط كالسباحة، وكنت أحب ركوب الخيل ولكن بعد الحوادث التي حصلت في بعض الأعمال التلفزيونية لم أمارس ركوب الخيل في أي مشهد تلفزيوني يتطلب ذلك.
- هناك من المتابعين والنقاد الفنيين من يقول إن جمالك الشكلي والكاريزما الخاصة بك ينحو نحو الشكل العربي الشرقي، ولذلك فلا بد على المخرجين أن يعتمدوا هذا المنحى، ما رأيك في ذلك؟
هذا الكلام يقهرني، وسمعته كثيرا، حيث يقولون لي إن شكلك عربي!.. فهل أنا من أصول فرنسية مثلا؟! فهذا شكلي الطبيعي.. شعري وعيوني سود وجربت مرة أن أحول لون شعري إلى الأشقر والأحمر فلم أشعر بالراحة في ذلك، ولم يعجبني أن أغير شكلي في كل مسلسل وأقدم شخصية مختلفة، وبصراحة أقول لك هنا إنه ضاع من حياتي الفنية الكثير لأنني كنت أغير في شكلي، خاصة في لوحات مختلفة كبقعة ضوء، فالناس لم تعد تعرفني ولذلك جاءت الأعمال الاجتماعية لتقدم شكلي الحقيقي، في حين أن الأعمال التاريخية ظلمتني كثيرا في الشكل من خلال تقديمي لشكل مختلف عما أنا عليه في الواقع.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة