بعد اعلان واشنطن انها "قد" تلتقي ممثلين لـ"الجبهة الاسلامية" التي أخرجت "الجيش الحر" من المعادلة العسكرية والسياسية في سورية،يتعين على السفير الاميركي روبرت فورد الذي يتولى الملف السوري بكل تفاصيله ان يتعمق أكثر من الآن فصاعداً في فهم الحركات الجهادية في سورية، كي يستطيع التمييز بين مكونات الجبهة الستة او السبعة، أيها قريب من "القاعدة" وأيها أقل قرباً لئلا لا يتهم الخصوم اميركا بانها تفتح حواراً مع "القاعدة"!

لقد قال وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان الولايات المتحدة تواجه "مشكلة عويصة" في سوريا. وأتى هذا الكلام غداة انهيار "الجيش السوري الحر" الذي كانت واشنطن تعتبره معارضة ليبرالية يمكن ان تشكل بديلاً من الجيش العربي السوري الذي لا يزال على ولائه للرئيس بشار الاسد. فقبل شهر من مؤتمر جنيف 2 تنكشف ساحة المعارضة السورية على مشهد يصب في مصلحة التنظيمات الاسلامية المتشددة من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) الى "جبهة النصرة" المواليتين لتنظيم "القاعدة" الى "الجبهة الاسلامية" التي لا ينص برنامجها على قيام دولة ديموقراطية او مدنية او تعددية الى آخر الشعارات التي نادت بها اميركا منذ 15 آذار 2011.

لكن الولايات المتحدة التي تضع نصب اعينها هدفاً واحداً هو اسقاط الاسد، لم تجد بعد اضمحلال دور "الجيش السوري الحر" سوى البحث عن محاور داخل "الجبهة الاسلامية" كي تبقي صلة بالواقع الميداني المنقلب لمصلحة "داعش" و"جبهة النصرة". وبما ان الحسابات الاميركية قائمة على عدم العودة الى فتح اي من القنوات مع النظام السوري، فإن واشنطن تبحث في سوريا الآن عن تنظيمات أقل تطرفاً من "القاعدة" بعدما باءت كل محاولاتها مدى 34 شهراً من عمر الازمة في ايجاد بديل ليبرالي او اسلامي معتدل.

والسؤال المطروح الآن هل ان واشنطن التي تسعى الى مد الجسور مع "الجبهة الاسلامية" قادرة على ضمان عدم وصول المساعدات التي ستقدمها الى الجبهة الى ايدي "داعش" و"جبهة النصرة"؟. لقد اخفقت التجربة الاميركية مع "الجيش السوري الحر" كما مع المعارضة الليبرالية في الخارج التي لا تعدو كونها حتى الان نخباً اختارتها اميركا نفسها ودول الخليج العربية، من غير ان تكون لهذه التنظيمات قوة فاعلة على الارض، وشانها شأن أميركا تحاول ان تجعل "الجبهة الاسلامية" سندها الميداني.

وثمة سؤال آخر، ماذا لو سيطرت "داعش" و"جبهة النصرة" على "الجبهة الاسلامية"؟. عندها ستصعب المهمة على فورد الذي سيتعين عليه البحث عن الفروقات بين ابو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي، ليتبيّن الاقل تطرفاً منهما ليحاوره!

  • فريق ماسة
  • 2013-12-20
  • 6843
  • من الأرشيف

اميركا بين الجولاني والبغدادي

بعد اعلان واشنطن انها "قد" تلتقي ممثلين لـ"الجبهة الاسلامية" التي أخرجت "الجيش الحر" من المعادلة العسكرية والسياسية في سورية،يتعين على السفير الاميركي روبرت فورد الذي يتولى الملف السوري بكل تفاصيله ان يتعمق أكثر من الآن فصاعداً في فهم الحركات الجهادية في سورية، كي يستطيع التمييز بين مكونات الجبهة الستة او السبعة، أيها قريب من "القاعدة" وأيها أقل قرباً لئلا لا يتهم الخصوم اميركا بانها تفتح حواراً مع "القاعدة"! لقد قال وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان الولايات المتحدة تواجه "مشكلة عويصة" في سوريا. وأتى هذا الكلام غداة انهيار "الجيش السوري الحر" الذي كانت واشنطن تعتبره معارضة ليبرالية يمكن ان تشكل بديلاً من الجيش العربي السوري الذي لا يزال على ولائه للرئيس بشار الاسد. فقبل شهر من مؤتمر جنيف 2 تنكشف ساحة المعارضة السورية على مشهد يصب في مصلحة التنظيمات الاسلامية المتشددة من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) الى "جبهة النصرة" المواليتين لتنظيم "القاعدة" الى "الجبهة الاسلامية" التي لا ينص برنامجها على قيام دولة ديموقراطية او مدنية او تعددية الى آخر الشعارات التي نادت بها اميركا منذ 15 آذار 2011. لكن الولايات المتحدة التي تضع نصب اعينها هدفاً واحداً هو اسقاط الاسد، لم تجد بعد اضمحلال دور "الجيش السوري الحر" سوى البحث عن محاور داخل "الجبهة الاسلامية" كي تبقي صلة بالواقع الميداني المنقلب لمصلحة "داعش" و"جبهة النصرة". وبما ان الحسابات الاميركية قائمة على عدم العودة الى فتح اي من القنوات مع النظام السوري، فإن واشنطن تبحث في سوريا الآن عن تنظيمات أقل تطرفاً من "القاعدة" بعدما باءت كل محاولاتها مدى 34 شهراً من عمر الازمة في ايجاد بديل ليبرالي او اسلامي معتدل. والسؤال المطروح الآن هل ان واشنطن التي تسعى الى مد الجسور مع "الجبهة الاسلامية" قادرة على ضمان عدم وصول المساعدات التي ستقدمها الى الجبهة الى ايدي "داعش" و"جبهة النصرة"؟. لقد اخفقت التجربة الاميركية مع "الجيش السوري الحر" كما مع المعارضة الليبرالية في الخارج التي لا تعدو كونها حتى الان نخباً اختارتها اميركا نفسها ودول الخليج العربية، من غير ان تكون لهذه التنظيمات قوة فاعلة على الارض، وشانها شأن أميركا تحاول ان تجعل "الجبهة الاسلامية" سندها الميداني. وثمة سؤال آخر، ماذا لو سيطرت "داعش" و"جبهة النصرة" على "الجبهة الاسلامية"؟. عندها ستصعب المهمة على فورد الذي سيتعين عليه البحث عن الفروقات بين ابو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي، ليتبيّن الاقل تطرفاً منهما ليحاوره!

المصدر : سميح صعب - النهار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة