دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
برعاية أميركية وضمن مشاريع التعاون الإقليمي، وقعت إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية مساء أمس، في مقر البنك الدولي في واشنطن على اتفاق لإعاقة جفاف البحر الميت، وإنشاء محطة تحلية مياه إقليمية في العقبة. وخلافاً لانطباعات شاعت، فإن المشروع، الذي اتفق على تنفيذه، ليس قناة البحرين التي كثر الحديث عنها في السنوات الماضية، وإنما هو محاولة لوقف تراجع منسوب المياه في البحر الميت. وكانت «يديعوت أحرونوت» أول من كشف النقاب أمس عن توجه وزراء من كل من الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوقيع على الاتفاق في واشنطن.
ووفق ما نشر حتى الآن عن هذا المشروع، فإن محطة ستقام على طرف خليج العقبة لتضخ مئة مليون متر مكعب من مياه البحر سنوياً إلى البحر الميت. وتعتبر هذه الكمية سبع الكمية المطلوبة لاستقرار منسوب مياه البحر الميت على حالته الراهنة، في حين أن وقف عملية جفاف البحر الميت تتطلب مشروعاً أكبر وأكثر كلفة وصعوبة، ويُعتقد أنه ينطوي على مخاطر بيئية غير معلومة. ومع ذلك، فإن الجزء الذي اتفق على إنشائه والمتمثل بمد أنبوب بين البحرين الأحمر والميت، قد يشكل مقدمة لمشروع أكبر مستقبلاً. وتؤكد الأطراف المشاركة في المشروع أنه ليس هناك أي اتفاق حول مراحل تالية حتى الآن، وليس مؤكداً أن يكون هناك اتفاق كهذا. ولكن ما دفع الأطراف الثلاثة إلى الاتفاق على هذه الخطوة هي الحاجة الماسة للمياه في الوقت الراهن، خصوصاً في الأردن ومناطق السلطة الفلسطينية.
وفي كل الأحوال، وبرغم أن المشروع الذي اتفق على تنفيذه، بعيد جداً عن أن يكون قناة البحرين التي جرى الحديث مطولاً عنها، إلا أنه أول تعاون في طريق تنفيذ فكرة قناة البحار.
وأعلن وزير البنى التحتية الإسرائيلي سيلفان شالوم، الذي مثل إسرائيل في التوقيع على الاتفاق، أن «هذه خطوة تاريخية تحقق نبوءة هرتسل. فقد تطلب الأمر زمناً طويلاً جداً، ولكن في نهاية الأمر بات التوقيع الثلاثي على الاتفاق وشيكاً». وأوضح، في حديث إذاعي من واشنطن مع الإذاعة الإسرائيلية، أن «مشاريع كهذه تتم من أجل الحفاظ على السلام»، مشدداً على أن نصف المياه التي ستضخ في الأنبوب ستصل إلى البحر الميت، في حين أن نصفها الآخر ستتم تحليته في منشأة تحلية المياه في العقبة لتضخ ثانية إلى الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وقال شالوم إن المشروع مؤسس على الجدوى الاقتصادية لتحلية المياه وعلى البعد البيئي لإنقاذ البحر الميت، ولكن البعد الثالث هو سياسي - استراتيجي. وأوضح كلامه قائلاً: «صحيح أننا لا نتفق هنا على مواضيع أخرى كتعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية ولا على قضية اللاجئين، لكننا نحقق اتفاقاً».
وأعلن شالوم أنه فور التوقيع على الاتفاق سيتم الإعلان عن مناقصة دولية لتنفيذ المشروع. وأشار إلى «أن هذا أمر لم يجر تحت الأضواء، ومر بمد وجزر، ولكننا في النهاية أفلحنا في التوصل إلى اتفاق تاريخي».
وكانت «يديعوت» قد ذكرت أن التوقيع سيتم على الاتفاق بحضور شالوم، ووزير المياه الاردني حسام الناصر ووزير المياه الفلسطيني شداد التيلي. وأضافت ان هذا الاتفاق الثلاثي يشكل حالة استثنائية ايجابية في العلاقات بين الحكومات الثلاث. وقد جاء بعد مفاوضات طويلة تضمنت زيارات سرية لشالوم الى الاردن.
وأشارت «يديعوت» إلى أن الاتفاق الحالي هو الصيغة الراهنة لمشروع قناة البحار، التي جرى الحديث عنها بين اسرائيل والاردن منذ التوقيع على معاهدة السلام في العام 1994، وكانت جزءا من رؤيا حكومات اسرائيلية لسنوات قبل ذلك منذ عهد اسحق موداعي ويوفال نئمان. وعندما كان شمعون بيريز وزيراً للتعاون الاقليمي. وقد درس البنك الدولي في السنة الاخيرة الآثار البيئية المحتملة والجدول العملي للمشروع. وتوصل الى الاستنتاج القائل إن له مكانا بحجم ضيق نسبياً، واذا نجح فإنه سيوسع في المستقبل.
وأشارت «يديعوت» إلى أن الاتفاق يتعلق بضخ حوالي 200 مليون متر مكعب في السنة، نحو 80 مليون متر مكعب تتم تحليتها في منشأة تقام في العقبة، تحصل اسرائيل منها على ما بين 30 و50 مليون متر مكعب لصالح مدينة ايلات والعربا. ويحصل الاردنيون على 30 مليون متر مكعب لاحتياجاتهم في الجنوب، و 50 مليون متر مكعب صالح من الشمال من بحيرة طبريا. وتباع المياه لهم بسعر المياه المكررة.
وبحسب «يديعوت»، طلب الفلسطينيون أن يحصلوا في اطار الخطة على موطئ في شمال البحر الميت، في منطقة عين فشخة، ولكن اسرائيل رفضت. وبحسب الاتفاق، فإنهم سيحصلون على 30 مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبريا مياه محلاة او مكررة بسعر الانتاج، ليحسنوا بذلك توريد المياه لسكان الضفة.
عموماً، أوضحت «يديعوت» وصحف أخرى أن إسرائيل تستفيد من المشروع لأن كل أنبوب المياه سيقام داخل الجانب الأردني من الحدود، الأمر الذي تتجاوز فيه اعتراضات أنصار البيئة في إسرائيل. وثمة خطة للاستفادة من مدخل ومخرج الأنبوب على خليج العقبة والبحر الميت بإنشاء بحيرتين سياحيتين.
عموماً، من المقرر أن تتم مناقصة مشروع التحلية في العقبة بطريقة «BOT»، حيث يمكن للفائزين بها استرداد استثماراتهم من بيع المياه المحلاة إلى الأردن وإسرائيل. كما أن الأنبوب ذاته سينشأ من تبرعات دول مانحة، في حين أبدى البنك الدولي استعداده لتقديم قرض. وتبلغ تكلفة مد الأنبوب ما بين 250 و400 مليون دولار، ويتوقع إنجازه خلال أربع إلى خمس سنوات.
المصدر :
الماسة السورية/ حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة