دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
"جنون".. قد تكون هي الكلمة الأنسب لتوصيف حال ما تقوم به المملكة العربية السعودية من سوريا الى العراق وصولاً الى لبنان. العتب كبير، يقول مرجع لبناني بارز, ويتساءل "ما الذي يمكن لنا أن نفعله؟ فهناك في المملكة من لا يريد أن ينصت لصوت العقل, لا بل يصر على الإنصات لمن يأخذون المملكة نحو الهاوية".
ويتابع المرجع نفسه "من المؤسف أن المملكة لا تدرك أن هؤلاء يبحثون عن مصالحهم ولو كلفهم الأمر إشعال حرب طائفية في المنطقة لن تترك نارها شبراً واحداً إلا وتصل إليه على مستوى الساحتين العربية والإسلامية ككل". ويرى في اداء الأجهزة الإستخباراتية السعودية وخططها "هوسا بالمغامرات غير المحسوبة. والأكيد أنه لا علاقة له بالعمل العسكري".
تشير الأنباء الواردة من غوطة دمشق الشرقية أن الذي جرى هناك قبل أسبوع واستمر لأيام، هو إنتحار جماعي قام به الآلاف ممن جندتهم ودربتهم وسلحتهم أجهزة إستخبارات سعودية, "فأي منطق عسكري ينص على تحريك ما يقارب الخمسة آلاف مسلح, مكشوفين من السماء وبلا غطاء ناري كاف نحو مناطق لا يشكل تعداد حاميتها أكثر من مئتي جندي, ليفتح الطريق أمامهم لدخول بعض القرى ومن ثم يفرض عليهم حصار أرضي وجوّي، لتبدأ عملية إستهدافهم فيسقط منهم قرابة الألف قتيل, فيما يقع العشرات في الأسر، عدا عن مئات الجرحى الذين يواجهون الموت المحتم لفقدان تلك المجموعات القدرة على معالجتهم".
السؤال الآخر والمهم هو، أي عقل عسكري هذا، الذي رسم لهؤلاء خطة الدخول الى قرية تتألف من أقل من سبعة بيوت، والتمركز فيها، فيما كان الجيش العربي السوري قد أبقاها لدواع عسكرية، ليصبحوا صيداً سهلاً ويسقط العشرات منهم بعملية عسكرية نفذتها مجموعة صغيرة؟". نعم هم دخلوا الى بعض القرى, تقول المعطيات على الأرض، وحاولوا الوصول الى العتيبة التي بقيت عصية عليهم, ولكن هم اليوم يواجهون كارثة حقيقية, فمن كان يهدد بهم بندر بن سلطان ويتوعد، باتوا إما قتلى وإما أسرى أو هم محاصرين، وبالتالي فإن حلم الأمير بالدخول الى الكرملين وفي جعبته إنتصار عسكري يستخدمه كورقة ضغط لم يتحقق, وهو الآن خسر الركيزة الأساس التي كان يراهن عليها لإعادة خلط الأوراق ولدفع الولايات المتحدة الأميركية نحو فرملة إندفاعتها نحو إنتاج حل سياسي للأزمة السورية، وأيضاً لإثبات نفسه على أنه الرجل الأقوى الذي يمكن أن تعتمد عليه واشنطن لإدارة حروبها القذرة في المنطقة, وأيضاً لتثبيت حكم آل سعود في أرض الحجاز في مرحلة ما بعد رحيل الملك عبدالله، في ظلّ إجماع شبه تام على أنها ستكون حقبة عصيبة تشهد صراعا بين أجنحة العائلة الحاكمة، فيما لا يستبعد كثيرون أن تستغل جماعة الإخوان المسلمين ومن يقف خلف مشروعها تلك الحقبة للإنتقام من الدور السعودي الذي سهل ودبر وبارك إسقاط حكمهم في مصر.
وقد يبدو من المفيد جداً لمن يرسمون سياسة المملكة الإستفادة من تجربة قطر وتركيا تحديداً حتى لا يضطروا للإنكفاء مجبرين، مع الأخذ بالحسبان التبدّلات الدولية و تغييب ما سمي بالربيع العربي وعودة مصطلح مكافحة الإرهاب كمفهوم يـُجمع الكل على محاربته، فيما تغرد المملكة وحيدة خارج الإجماع، مستمرة في الرهان على من يحملون هذا الفكر لتحقيق مصالحها في المنطقة. نعم نجحت أجهزة إستخبارات المملكة في تفجير المئات من السيارات في العراق, ووصول إرهابيين تدعمهم الى سفارة إيران في بيروت، ونجحت في شن هجوم على الغوطة الشرقية، ولكن لم يؤدِ هذا كله إلى تغيير شيء من مسارات رُسمت مسبقاً، وهو لن يؤدي حتماً الى أي تغيير لأن هناك قطار تسوية انطلق والسعودية والكيان الإسرائيلي عاجزان على تعطيل مساره فمصالح الكبار لن تقف عند إعتراضات من هنا و هناك لمن لا يملكون البديل الذي يغري
المصدر :
علي يوسف حجازي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة