دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أطلق الكتّاب الأتراك أمس عنان أقلامهم لخطوة مصر تخفيض العلاقات الديبلوماسية مع تركيا وطرد السفير التركي من القاهرة. وبان واضحا حجم التهكم والشماتة بما آلت إليه السياسة الخارجية لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو.
لكن أيضا كانت الانتقادات لسياسة اردوغان - داود اوغلو الخارجية بمثابة إعلان النفير لتدارك الخسائر اللاحقة بتركيا من جراء السياسات ذات الطابع الإيديولوجي، والتي تغلب مصالح «حزب العدالة والتنمية» على مصالح الوطن، خصوصا في الحالة المصرية.
ومع ذلك خرج داود اوغلو من العاصمة البحرينية المنامة بتصريحات للصحافيين الأتراك قائلا إن «تركيا ليست بصدد إعادة النظر بسياستها الخارجية، وليس هناك من تصفير للحظة الراهنة للعودة إلى ما كانت عليه هذه السياسة قبل ثلاث سنوات».
وأضاف داود اوغلو، في تصريحات عكستها صحيفة «يني شفق»، ان «لا عودة إلى ما كانت عليه سياستنا (قبل الربيع العربي). هذا يعني أننا انتهجنا سياسة خاطئة وهذا غير صحيح. تركيا لم تغير سياساتها الخارجية ولكن المنطقة تغيرت».
وبطبيعة الحال فقد حظي الاتفاق النووي بين طهران والغرب، وخطوة طرد السفير التركي من مصر بغالبية تعليقات الصحف التركية، ومدى الارتباط العضوي بينهما لجهة تراجع النفوذ التركي وتقدم النفوذ الإيراني.
وكتب قدري غورسيل، في صحيفة «ميللييت»، أن «الاتفاق النووي في جنيف كان انتصارا كبيرا لكل من الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الأميركي باراك أوباما. أما من الزاوية التركية فقد أراح الاتفاق العلاقات التركية - الإيرانية ووفّر على تركيا خيارات الارتماء في حضن الناتو أو الدخول في سباق تسلح نووي. لكن الاتفاق سيفتح أمام إيران إمكانية تطبيق سياساتها الإقليمية بصورة مريحة، وهذا سيفتح أمام محور تنافسي جديد مع السعودية. والخيار الوحيد الذي يفترض على تركيا أن تتبعه في هذه الحال هو إتباع سياسة خارجية علمانية وذات مضمون ديموقراطي حقيقي. وهذه الإمكانية مع الأسف غير موجودة الآن لدى قادة تركيا الحاليين».
وفي صحيفة «حرييت» كتب اردال صاغلام عن المخاطر على المستقبل الاقتصادي كما السياسي لسياسة اردوغان الحالية. وقال ان «قرار تخفيض مصر للعلاقات الديبلوماسية مع تركيا مؤشر ملموس يظهر المخاطر المتصاعدة للسياسة الخارجية لتركيا. ويعكس المشهد الراهن لوحة غير مسبوقة لتركيا. وها هي سياسة صفر مشكلات تعلن إفلاسها في مصر بعدما أعلنت إفلاسها في سوريا وإسرائيل».
ويضيف «يلحظ المرء كيف أن تركيا هي خارج صورة المفاوضات والاتفاقيات التي تبرم هنا وهناك وآخرها الاتفاق النووي مع إيران، بل إن التوترات مع الغرب سوف تعمل ضد مصلحة تركيا. وتبعا لهذه المتغيرات فإن الاستمرار في إتباع سياسة خارجية إيديولوجية سيلقي تركيا في أتون خطر حقيقي على اقتصادها ومستقبلها السياسي».
وعرض فهمي طاشتكين في صحيفة «راديكال» للمشهد الراهن بعد ثلاث سنوات من الاضطراب في المنطقة العربية، فقال ان «التاريخ يكرر نفسه وللسبب نفسه: التدخل في الشؤون الداخلية. جمال عبد الناصر طرد سفير تركيا العام 1954 واليوم عبد الفتاح السيسي يطرد سفير اردوغان. وها هي تركيا تقع في اتون خسائر لا يمكن تلافيها. ويمكن تصنيف نتائج الأزمات العربية الى ثلاث فئات: خاسرون (تركيا)، رابحون (روسيا) ومنتهزو فرص (فرنسا). والباب الذي خرجت تركيا منه في مصر دخل عبره وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان. اذا أصبحت روسيا حليفا لمصر واذا نجحت في إنقاذ النظام السوري فإن المعادلات ستنقلب رأسا على عقب. ومع الاتفاق النووي مع إيران والتقارب الإيراني ـ الأميركي وانفتاح أفق الحل في سوريا فإن مجال المناورة أمام تركيا ضاق كثيرا».
وفي صحيفة «طرف» كتب سميح ايديز مقالة بعنوان «عندما تنقطع الخيوط مع مصر» جاء فيها أن «موقف اردوغان من مصر قد يعكس سرورا لدى قاعدة حزب العدالة والتنمية، لكن أن تخرج دولة مثل مصر ترفع رأسها من جديد وتطرد السفير التركي في لحظة متغيرات شرق أوسطية فهو فشل كبير للسياسة الخارجية التركية. ولو كان اردوغان صادقا في موقفه من نظام السيسي لكان هو الطرف الذي بادر إلى سحب السفير التركي من مصر وطرد السفير المصري من تركيا. لكن مصر تغلبت على اردوغان في شطرنج الديبلوماسية. الخطوة المصرية تعكس استعادة ثقة بالنفس وعزلة تركيا في المنطقة، وهي نتيجة طبيعية لسياسة اردوغان عندما يغلب مصالح حزبه على مصالح تركيا، فيكون محكوما بالخسارة في السياسة الخارجية».
المصدر :
محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة