عندما تراجعت الولايات المتحدة الأميركية عن العدوان على سورية، تقدمت الدبلوماسية الروسية تجاه أزمات المنطقة، ولاحت انفراجات في سماء الشرق الأوسط الملبد بالغيوم السوداء.

تراجع الولايات المتحدة، وما تبعه من انفتاح غربي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمر لم يرق للعديد من دول العالم، عبرت عن انزعاجها بوسائل عديدة، سياسية كانت أم أمنية، وترى هذه الدول في السواد ستاراً تتسلل من خلاله إلى المناطق المستقرة، لتزرع فيها دماراً، تريد فيه تخريب مسار التسوية، وإبقاء الأمور في خانة الحروب.

لم يكن التفجير الانتحاري أمام السفارة الإيرانية في بيروت حدثاً عابراً، معزولا عن مجريات الأوضاع في المنطقة، بدءا من تقدم الجيش السوري المتواصل على المجموعات المسلحة التكفيرية في أكثر من منطقة، مروراً بالإنفراجات في الملف النووي الإيراني، وليس انتهاءً في العراق واليمن ومصر.

فشل على كافة المستويات

فشل العديد من الدول في التأثير على الجمهورية الإسلامية في إيران بعد ثلاثة عقود من العقوبات والضغوطات في ثنيها عن التراجع عن مشروعها الوحدوي للأمة الإسلامية، ومقاومتها لشتى أنواع الإستعمار (الفكري والعسكري والثقافي …)، شكَّل صدمة دولية، دفعت بدول إلى تعديل سياستها تجاه طهران، تمثلت في الايجابية في التعاطي مع ملفها النووي، ودفعت بدول أخرى إلى التصعيد في مواقفها وسياستها العدائية، وهذا ما أشار إليه مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية الايراني أمير الموسوي، في حديث لموقع المنار الإلكتروني.

الموسوي اعتبر أن أولى دلائل تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، تمثل إنزعاجا من التطور الذي وصلت إليه الجمهورية الإيرانية على الصعد كافة، ولفت إلى أن هذا الاعتداء الإجرامي جاء بعد اجتماع جرى في القدس المحتلة قبل ساعات، بين رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وانضم إليه رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان إضافة إلى وزير خارجية البحرين.

ورأى أن هذا الإجتماع المهم دبر الكثير من الأمور الخطيرة في التصدي لمحور المقاومة، وشدد على أن هذه الأعمال تهدف إلى التأثير على فريق المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، إضافة على ما يحصل من تطورات في الأزمة السورية، قبيل جنيف إثنين.

وكشف مدير مركز الدراسات والعلاقات الدولية عن وجود تفاهم جرى الإثنين في موسكو، بين روسيا وإيران وسوريا (بشقيها الحكومي والمعارض) وصفه بالمهم، ويشكل اللبنة الأساسية لمؤتمر جنيف. تفاهم سيكون له نتائج كبيرة، ستظهر تباعا.

لبنان وبعد هذه العملية دخل في سياق الهجمات التي تشنها القاعدة وداعميها الإقليميين، فكلما حصل تفاهم ما لحل الأزمة في سوريا سياسيا، وتقدم التفاهم الإيراني الغربي حول الملف النووي، وكلما زادت قوة المقاومة في المنطقة، ستتزايد هذه العمليات، بحسب الخبير الموسوي.

انتحار سياسي

وأمام هذه المعطيات التي يدركها جيداً المعسكر التكفيري وداعميه الإقليميين والغربيين، شكلت العملية الإنتحارية أمام السفارة الإيرانية هروبا إلى الامام، من ضربات الجيش الموجعة في سوريا، وخسارتهم المعاقل واحداً تلو الأخر، وآخرها منطقة قارا في القلمون، في إشارة تعكس السعي إلى تفجير الأوضاع في لبنان وجرها إلى أتون الفتنة المذهبية، خصوصاً وأن منفذي العملية لبنانيان ينتميان إلى كتائب عبد الله عزام المرتبطة بالقاعدة، بحسب الإعلان الرسمي.

عملية فاشلة لضرب النسيج الوطني في لبنان، تمثل انتحارا سياسيا لداعمي الجماعات التكفيرية، تماما كالعملية، وهذا ما شدد عليه الخبير الموسوي، آسفاً لوجود بيئة حاضنة للإنتحاريين في بعض المناطق اللبنانية، تبرر هذه العمليات وتعطي الغطاء السياسي لهم.

وفيما دخل المعسكر التكفيري في واد مظلم، وفشل أمام معسكر المقاومة، تريد بعض الجهات جر إيران إلى معارك هامشية، غير أن إيران ستترفع عن هذا الأمر، بحسب ما أكد الموسوي، وشدد على أن تلك المساعي لن تؤت أكلها مع الجمهورية الإسلامية، وأن التفجيرات التي تستهدفها لن تصل إلى نتيجة، أن محور المقاومة بوصلته معروفة وواضحة، وهذا الخط لا ينجر، ولكن يستطيع ان يدافع عن نفسه من شر المتربصين به.

وأسس الهجوم على السفارة الإيرانية لمعادلة جديدة في الصراع، مختلفة عن السابق، وفتحته على مسارات عديدة، ستتبلور في الأيام القادمة، فالمقاومة ستدافع عن نفسها، كما دافعت في السابق، بحكمتها المعتادة، وبسالة مقاوميها، أمام همجية مستهدفيها وحقدهم، وغباءهم السياسي والإستراتيجي.

فكما لم يستطع منفذو العملية اختراق أسوار السفارة، لن يتمكن الناقمون من اختراق جسم المقاومة وحاضنتها الشعبية، مهما وضعوا مشاريع وخططاً، اثبتت عدم نجاعتها على مر السنين.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-22
  • 11328
  • من الأرشيف

مسارات جديدة فتحت بعد تفجير السفارة.. تفاهم روسي – ايراني – سوري مهم

عندما تراجعت الولايات المتحدة الأميركية عن العدوان على سورية، تقدمت الدبلوماسية الروسية تجاه أزمات المنطقة، ولاحت انفراجات في سماء الشرق الأوسط الملبد بالغيوم السوداء. تراجع الولايات المتحدة، وما تبعه من انفتاح غربي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمر لم يرق للعديد من دول العالم، عبرت عن انزعاجها بوسائل عديدة، سياسية كانت أم أمنية، وترى هذه الدول في السواد ستاراً تتسلل من خلاله إلى المناطق المستقرة، لتزرع فيها دماراً، تريد فيه تخريب مسار التسوية، وإبقاء الأمور في خانة الحروب. لم يكن التفجير الانتحاري أمام السفارة الإيرانية في بيروت حدثاً عابراً، معزولا عن مجريات الأوضاع في المنطقة، بدءا من تقدم الجيش السوري المتواصل على المجموعات المسلحة التكفيرية في أكثر من منطقة، مروراً بالإنفراجات في الملف النووي الإيراني، وليس انتهاءً في العراق واليمن ومصر. فشل على كافة المستويات فشل العديد من الدول في التأثير على الجمهورية الإسلامية في إيران بعد ثلاثة عقود من العقوبات والضغوطات في ثنيها عن التراجع عن مشروعها الوحدوي للأمة الإسلامية، ومقاومتها لشتى أنواع الإستعمار (الفكري والعسكري والثقافي …)، شكَّل صدمة دولية، دفعت بدول إلى تعديل سياستها تجاه طهران، تمثلت في الايجابية في التعاطي مع ملفها النووي، ودفعت بدول أخرى إلى التصعيد في مواقفها وسياستها العدائية، وهذا ما أشار إليه مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية الايراني أمير الموسوي، في حديث لموقع المنار الإلكتروني. الموسوي اعتبر أن أولى دلائل تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، تمثل إنزعاجا من التطور الذي وصلت إليه الجمهورية الإيرانية على الصعد كافة، ولفت إلى أن هذا الاعتداء الإجرامي جاء بعد اجتماع جرى في القدس المحتلة قبل ساعات، بين رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وانضم إليه رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان إضافة إلى وزير خارجية البحرين. ورأى أن هذا الإجتماع المهم دبر الكثير من الأمور الخطيرة في التصدي لمحور المقاومة، وشدد على أن هذه الأعمال تهدف إلى التأثير على فريق المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، إضافة على ما يحصل من تطورات في الأزمة السورية، قبيل جنيف إثنين. وكشف مدير مركز الدراسات والعلاقات الدولية عن وجود تفاهم جرى الإثنين في موسكو، بين روسيا وإيران وسوريا (بشقيها الحكومي والمعارض) وصفه بالمهم، ويشكل اللبنة الأساسية لمؤتمر جنيف. تفاهم سيكون له نتائج كبيرة، ستظهر تباعا. لبنان وبعد هذه العملية دخل في سياق الهجمات التي تشنها القاعدة وداعميها الإقليميين، فكلما حصل تفاهم ما لحل الأزمة في سوريا سياسيا، وتقدم التفاهم الإيراني الغربي حول الملف النووي، وكلما زادت قوة المقاومة في المنطقة، ستتزايد هذه العمليات، بحسب الخبير الموسوي. انتحار سياسي وأمام هذه المعطيات التي يدركها جيداً المعسكر التكفيري وداعميه الإقليميين والغربيين، شكلت العملية الإنتحارية أمام السفارة الإيرانية هروبا إلى الامام، من ضربات الجيش الموجعة في سوريا، وخسارتهم المعاقل واحداً تلو الأخر، وآخرها منطقة قارا في القلمون، في إشارة تعكس السعي إلى تفجير الأوضاع في لبنان وجرها إلى أتون الفتنة المذهبية، خصوصاً وأن منفذي العملية لبنانيان ينتميان إلى كتائب عبد الله عزام المرتبطة بالقاعدة، بحسب الإعلان الرسمي. عملية فاشلة لضرب النسيج الوطني في لبنان، تمثل انتحارا سياسيا لداعمي الجماعات التكفيرية، تماما كالعملية، وهذا ما شدد عليه الخبير الموسوي، آسفاً لوجود بيئة حاضنة للإنتحاريين في بعض المناطق اللبنانية، تبرر هذه العمليات وتعطي الغطاء السياسي لهم. وفيما دخل المعسكر التكفيري في واد مظلم، وفشل أمام معسكر المقاومة، تريد بعض الجهات جر إيران إلى معارك هامشية، غير أن إيران ستترفع عن هذا الأمر، بحسب ما أكد الموسوي، وشدد على أن تلك المساعي لن تؤت أكلها مع الجمهورية الإسلامية، وأن التفجيرات التي تستهدفها لن تصل إلى نتيجة، أن محور المقاومة بوصلته معروفة وواضحة، وهذا الخط لا ينجر، ولكن يستطيع ان يدافع عن نفسه من شر المتربصين به. وأسس الهجوم على السفارة الإيرانية لمعادلة جديدة في الصراع، مختلفة عن السابق، وفتحته على مسارات عديدة، ستتبلور في الأيام القادمة، فالمقاومة ستدافع عن نفسها، كما دافعت في السابق، بحكمتها المعتادة، وبسالة مقاوميها، أمام همجية مستهدفيها وحقدهم، وغباءهم السياسي والإستراتيجي. فكما لم يستطع منفذو العملية اختراق أسوار السفارة، لن يتمكن الناقمون من اختراق جسم المقاومة وحاضنتها الشعبية، مهما وضعوا مشاريع وخططاً، اثبتت عدم نجاعتها على مر السنين.

المصدر : المنار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة