توقف دبلوماسي غربي تابع باهتمام شديد عند مسار مفاوضات جنيف بين الدول الست الكبرى من جهة وايران من جهة ثانية، عند الموقف الفرنسي المتمايز الذي شكل مفارقة وطرح علامة استفهام حول وحدة النظرة الأوروبية تجاه الملف النووي الايراني، لا سيما أن موضوع التخصيب ليس سوى واجهة لملفات خلافية أعمق بكثير وحلقة في سلة من المشاكل والأزمات والعقوبات المتراكمة منذ عقود، وبالتالي فإن موقف باريس المعرقل لتوقيع الاتفاق المبدئي لا يقوم على خلفية علامات استفهام حول النوايا الايرانية أو تفاصيل يكمن فيها شيطان، بحسب التعبير، إنما انطلاقاً من حسابات دولية واقليمية مغايرة لحسابات الدول الأوروبية المشاركة على غرار بريطانيا والمانيا، بيد أن هذه الحسابات قد لا تكون على مستوى المرحلة والتحولات في ظل سياسات خارجية أفقدت باريس الكثير من الأوراق الشرق أوسطية وأخرجتها من المعادلة الكبرى لتعود وتستقر في زواريب ضيقة لا تتعدى مساحتها الربح المحدود والخسارة المفتوحة.

في هذا السياق، يبدو أن الحسابات الفرنسية استندت إلى تقاطعت التقت مع تلك السعودية، فالدولة الأوروبية التي تعتبر نفسها رائدة دول الاتحاد تأمل بملء الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الأميركي عن الخليج منذ انسحابها من العراق واستغلال طهران له على أكمل وجه وتوظيفه لمصلحة روسيا في معركة اسقاط أحادية الادارة الأميركية ومشاركتها في الادارة العالمية الجديدة، وبالتالي العودة إلى الشرق الأوسط من البوابة السعودية وليس الخليجية باعتبار أن دول منظمة التعاون ترى أن مصلحتها تكمن في التقارب مع ايران لأسباب عدة ليس أولها الميزان العسكري الذي يميل بشكل واضح للغاية لمصلحة طهران ولا آخرها رغبتها في الانفتاح الاقتصادي بعد أن تحول اقتصاد غالبيتها إلى ريعي مروراً باصرارها على البقاء إلى جانب أميركا وتنفيذ عقود التسليح المبرمة معها وعدم التخلي عنها لمصلحة أي من الدول الأوروبية .

في ظل الحسابات الفرنسية الموصوفة بالمشكوك بأمر صوابيتها، يخشى الدبلوماسي الغربي من نتائج الدعسة الناقصة التي حققتها ادارة "الاليزه" فهي خسرت لبنان وسوريا وايران ودول منظمة التعاون الخليجي ولم تربح السعودية التي ستعود عاجلاً أو آجلاً إلى أحضان الادارة الأميركية، وذلك في وقت خرجت من المعادلة الاقليمية  بعدما فشلت في تحقيق أي انجاز مهما كان حجمه على مستوى الساحتين اللبنانية والسورية، فضلاً عن تقدم بريطانيا والمانيا على جبهة ايران التي تشكل بالنسبة لهما سوقاً استثمارياً يفوق بحجمه السوق الخليجية مجتمعة باعتبار أنها بالنسبة لهما دولة السبعين مليون مستهلك، فضلاً عن كونها دولة صناعية تحتاج إلى مواد خام وأولية، فضلاً عن خبرات أوروبية للتطوير والدخول إلى الأسواق الاقتصادية العالمية، وهذا ما يبرر اندفاعتهما على صعيد التعجيل بالبت بالملف الايراني والعودة إلى الاستثمار في ايران ومنشآتها البترولية والنفطية، في حين أكتفت فرنسا بفتات الاستثمار العسكري في السعودية دون سواها بما يدفع إلى الاعتقاد بأن فرنسا ستحاول تصويب مسارها في غضون الوقت الضائع الفاصل عن الاجتماع الثاني الذي قد يكون الأخير، والذي ستحدد على أساسه مسارات كثيرة يبدو، بحسب الدبلوماسي، أن فرنسا ستغرد خارج سربها في ظل حديث متداول  في الكواليس الغربية المعنية يتمحور حول الخطأ الفرنسي الذي استغلته بريطانيا والمانيا واستفادت منه واشنطن لتقديم اغراءات لملوك النفط تعيدهم إلى الحضن الأميركي.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-11
  • 9880
  • من الأرشيف

بريطانيا والمانيا حققتا قفزة نوعية في الملف الايراني على حساب فرنسا الخارجة من السباق

توقف دبلوماسي غربي تابع باهتمام شديد عند مسار مفاوضات جنيف بين الدول الست الكبرى من جهة وايران من جهة ثانية، عند الموقف الفرنسي المتمايز الذي شكل مفارقة وطرح علامة استفهام حول وحدة النظرة الأوروبية تجاه الملف النووي الايراني، لا سيما أن موضوع التخصيب ليس سوى واجهة لملفات خلافية أعمق بكثير وحلقة في سلة من المشاكل والأزمات والعقوبات المتراكمة منذ عقود، وبالتالي فإن موقف باريس المعرقل لتوقيع الاتفاق المبدئي لا يقوم على خلفية علامات استفهام حول النوايا الايرانية أو تفاصيل يكمن فيها شيطان، بحسب التعبير، إنما انطلاقاً من حسابات دولية واقليمية مغايرة لحسابات الدول الأوروبية المشاركة على غرار بريطانيا والمانيا، بيد أن هذه الحسابات قد لا تكون على مستوى المرحلة والتحولات في ظل سياسات خارجية أفقدت باريس الكثير من الأوراق الشرق أوسطية وأخرجتها من المعادلة الكبرى لتعود وتستقر في زواريب ضيقة لا تتعدى مساحتها الربح المحدود والخسارة المفتوحة. في هذا السياق، يبدو أن الحسابات الفرنسية استندت إلى تقاطعت التقت مع تلك السعودية، فالدولة الأوروبية التي تعتبر نفسها رائدة دول الاتحاد تأمل بملء الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الأميركي عن الخليج منذ انسحابها من العراق واستغلال طهران له على أكمل وجه وتوظيفه لمصلحة روسيا في معركة اسقاط أحادية الادارة الأميركية ومشاركتها في الادارة العالمية الجديدة، وبالتالي العودة إلى الشرق الأوسط من البوابة السعودية وليس الخليجية باعتبار أن دول منظمة التعاون ترى أن مصلحتها تكمن في التقارب مع ايران لأسباب عدة ليس أولها الميزان العسكري الذي يميل بشكل واضح للغاية لمصلحة طهران ولا آخرها رغبتها في الانفتاح الاقتصادي بعد أن تحول اقتصاد غالبيتها إلى ريعي مروراً باصرارها على البقاء إلى جانب أميركا وتنفيذ عقود التسليح المبرمة معها وعدم التخلي عنها لمصلحة أي من الدول الأوروبية . في ظل الحسابات الفرنسية الموصوفة بالمشكوك بأمر صوابيتها، يخشى الدبلوماسي الغربي من نتائج الدعسة الناقصة التي حققتها ادارة "الاليزه" فهي خسرت لبنان وسوريا وايران ودول منظمة التعاون الخليجي ولم تربح السعودية التي ستعود عاجلاً أو آجلاً إلى أحضان الادارة الأميركية، وذلك في وقت خرجت من المعادلة الاقليمية  بعدما فشلت في تحقيق أي انجاز مهما كان حجمه على مستوى الساحتين اللبنانية والسورية، فضلاً عن تقدم بريطانيا والمانيا على جبهة ايران التي تشكل بالنسبة لهما سوقاً استثمارياً يفوق بحجمه السوق الخليجية مجتمعة باعتبار أنها بالنسبة لهما دولة السبعين مليون مستهلك، فضلاً عن كونها دولة صناعية تحتاج إلى مواد خام وأولية، فضلاً عن خبرات أوروبية للتطوير والدخول إلى الأسواق الاقتصادية العالمية، وهذا ما يبرر اندفاعتهما على صعيد التعجيل بالبت بالملف الايراني والعودة إلى الاستثمار في ايران ومنشآتها البترولية والنفطية، في حين أكتفت فرنسا بفتات الاستثمار العسكري في السعودية دون سواها بما يدفع إلى الاعتقاد بأن فرنسا ستحاول تصويب مسارها في غضون الوقت الضائع الفاصل عن الاجتماع الثاني الذي قد يكون الأخير، والذي ستحدد على أساسه مسارات كثيرة يبدو، بحسب الدبلوماسي، أن فرنسا ستغرد خارج سربها في ظل حديث متداول  في الكواليس الغربية المعنية يتمحور حول الخطأ الفرنسي الذي استغلته بريطانيا والمانيا واستفادت منه واشنطن لتقديم اغراءات لملوك النفط تعيدهم إلى الحضن الأميركي.

المصدر : أنطوان الحايك - مقالات النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة