اقتربت المعارك بين التنظيمات الموالية لتنظيم «القاعدة» في سورية والمنظمات الأخرى، ولا سيما «الجيش الحر»، من الحدود التركية. لم تعد «القاعدة» مجرد توقع أو احتمال، بل أصبحت فعليا «الجار» الجديد لتركيا كما اجمع المحللون في تركيا.

لكن ذلك لم يغيّر كثيراً من نظرة المسؤولين الأتراك الى المسألة، فالحكومة التركية لا تزال تنظر الى كل التنظيمات المسلحة المعارضة في سورية، بما فيها «جبهة النصرة»، على أنها نتاج ممارسات النظام. ولذلك، لم يتجرأ اي مسؤول تركي، حتى الآن، على وصف تنظيم «القاعدة»، بكل متفرعاته في سورية، بأنه «ارهابي»، بل اقتصر الموقف على إدراجه ضمن إطار «المنظمات الراديكالية».

ويتحكم في هذا الموقف اكثر من عامل:

الأول، هو ان انقرة لا تزال تحبس نفسها في هدف واحد، هو إسقاط  سورية مهما كلّف الأمر، وبمعزل عن الطريقة.

أما الثاني فهو ان تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش») نصّب نفسه عدواً للشعب الكردي في سوريا، ويحارب المسلحين التابعين لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي. ولتركيا مصلحة في ذلك لمنع نشوء أي كيان كردي في شمال سورية.

وبرغم التباين الكبير في العلاقات بين أنقرة والرياض حول الملف المصري، وعزل جماعة «الإخوان المسلمين»، فإن انقرة كانت مستعدة لتجاوز الأمر، عندما لاحت فرصة لإسقاط النظام في سوريا، وذلك بعد تهديد أوباما بتوجيه ضربة الى سوريا، فسارع داود اوغلو الى زيارة الرياض لتمتين الجبهة المؤيدة لتوجيه ضربة الى سوريا.

وبرغم الخطر الذي تشكله التنظيمات الأصولية على الاستقرار التركي - بالنظر إلى أن لتلك التنظيمات مشروعاً يتجاوز الأنظمة القائمة ومن بينها النظام التركي - فإن نظام «حزب العدالة والتنمية» لا يزال الراعي الأكبر لمد «الجهاديين» بالسلاح وكل انواع الدعم، وهو يمتنع عن اتخاذ اي إجراء يمنع تمدد الخطر التكفيري و«الجهادي» الى الداخل التركي.

ونشرت صحيفة «راديكال» مؤخراً تحقيقاً مهمّاً عن «خط الجهاد» الممتد في الداخل التركي من آدي يمان الى الحدود السورية، والذي يعكس مدى الحرية التي يتمتع بها «الجهاديون» داخل تركيا، من أجل تجنيد الشبان الأتراك للجهاد في سوريا. وهو بخلاف «خطوط الجهاد» الخارجية الأكبر الممتدة من الشيشان وتونس وأفغانستان عبر تركيا الى سورية.

وتقول الصحيفة ان «هذا الخط يبدأ في محافظة آدي يمان ويسير الى الحدود السورية مرورا بمحافظات بينغول وباتمان وأورفة وديار بكر». وتضيف ان «جبهة النصرة والقاعدة اتخذت مركزا لها في مدينة آدي يمان نفسها لتجند الشبان بين 18 و30 عاما، عبر مجموعات من 15 شابا يرسلون الى سوريا عبر كيليس وهاتاي (لواء الاسكندرون) المحاذيتين لسوريا».

وتضيف أن أهالي الشبان المختفين يذهبون بأنفسهم الى معسكرات «القاعدة» في سورية باحثين عن أبنائهم. لكن امراء الحرب حوّلوا الموضوع الى ابتزاز، اذ كانوا يوافقون أحيانا على إعادة الأبناء الى أهلهم مقابل فديات مالية».

ويروي والد أحد هؤلاء الشبان قائلا ان «ابنه كان يستعد لامتحان الجامعة عندما بدأ سلوكه يتغير. يمنع شقيقاته البنات من الخروج ويناقش الوضع في سوريا قائلا: انتم لا تفهمون الاسلام. يجب ان نحارب ونجاهد في سورية من أجل الإسلام».

ويقول الوالد: «لقد تبين لي لاحقا، بعد المتابعة، ان ابني يشارك في خلية من 5 الى 6 أشخاص يشاهدون خلالها أفلام فيديو تحض على العنف. وقد هددني أحد الأشخاص الذين يتولون إعداد هذه الخلية بعدم تتبع ابنه مرة ثانية. ومن ثم انقطعت أخبار ابني وعلمت لاحقا انه في حلب يحارب الى جانب الجهاديين».

اللافت في كلام الوالد انه أبلغ السلطات الأمنية بالأمر، فأجابوه بأن ابنه راشد، ويحق له ان يفعل ما يشاء. وما كان من الوالد إلا ان ذهب بنفسه الى سوريا وجال في اربعة معسكرات وجد فيها شبانا أتراكا من مختلف المدن التركية، وعندما كان يقول انه جاء من اجل استرداد ابنه، كان أمراء المسلحين يقولون له: «وهل أنت كافر كي تمنع ابنك من الجهاد؟ اغرب عن وجوهنا. إن رأيناك هنا مرة ثانية فسندفنك في الأرض. ابنك وغيره سيبقون هنا 45 يوما لتلقي دورة تدريبية ومن بعدها يمكن لك أن تراه».

ويروي والد آخر انه ذهب الى سورية ليبحث عن ابنه مع دليل، وقد وجد ان زعماء الجماعة التي كان فيها قد غيّروا اسمه وأصبح «أبو موسى»، ولا يزال في سوريا. وتقول الصحيفة ان محافظ آدي يمان ومدير الأمن فيها قد رفضا إجراء اي مقابلة مع الصحيفة لاستيضاح الأمر.

اقتربت المعارك بين التنظيمات الموالية لتنظيم «القاعدة» في سورية والمنظمات الأخرى، ولا سيما «الجيش الحر»، من الحدود التركية. لم تعد «القاعدة» مجرد توقع أو احتمال، بل أصبحت فعليا «الجار» الجديد لتركيا كما اجمع المحللون في تركيا.

لكن ذلك لم يغيّر كثيراً من نظرة المسؤولين الأتراك الى المسألة، فالحكومة التركية لا تزال تنظر الى كل التنظيمات المسلحة المعارضة في سورية، بما فيها «جبهة النصرة»، على أنها نتاج ممارسات النظام. ولذلك، لم يتجرأ اي مسؤول تركي، حتى الآن، على وصف تنظيم «القاعدة»، بكل متفرعاته في سورية، بأنه «ارهابي»، بل اقتصر الموقف على إدراجه ضمن إطار «المنظمات الراديكالية».

ويتحكم في هذا الموقف اكثر من عامل:

الأول، هو ان انقرة لا تزال تحبس نفسها في هدف واحد، هو إسقاط  سورية مهما كلّف الأمر، وبمعزل عن الطريقة.

أما الثاني فهو ان تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش») نصّب نفسه عدواً للشعب الكردي في سوريا، ويحارب المسلحين التابعين لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي. ولتركيا مصلحة في ذلك لمنع نشوء أي كيان كردي في شمال سورية.

وبرغم التباين الكبير في العلاقات بين أنقرة والرياض حول الملف المصري، وعزل جماعة «الإخوان المسلمين»، فإن انقرة كانت مستعدة لتجاوز الأمر، عندما لاحت فرصة لإسقاط النظام في سوريا، وذلك بعد تهديد أوباما بتوجيه ضربة الى سوريا، فسارع داود اوغلو الى زيارة الرياض لتمتين الجبهة المؤيدة لتوجيه ضربة الى سوريا.

وبرغم الخطر الذي تشكله التنظيمات الأصولية على الاستقرار التركي - بالنظر إلى أن لتلك التنظيمات مشروعاً يتجاوز الأنظمة القائمة ومن بينها النظام التركي - فإن نظام «حزب العدالة والتنمية» لا يزال الراعي الأكبر لمد «الجهاديين» بالسلاح وكل انواع الدعم، وهو يمتنع عن اتخاذ اي إجراء يمنع تمدد الخطر التكفيري و«الجهادي» الى الداخل التركي.

ونشرت صحيفة «راديكال» مؤخراً تحقيقاً مهمّاً عن «خط الجهاد» الممتد في الداخل التركي من آدي يمان الى الحدود السورية، والذي يعكس مدى الحرية التي يتمتع بها «الجهاديون» داخل تركيا، من أجل تجنيد الشبان الأتراك للجهاد في سوريا. وهو بخلاف «خطوط الجهاد» الخارجية الأكبر الممتدة من الشيشان وتونس وأفغانستان عبر تركيا الى سورية.

وتقول الصحيفة ان «هذا الخط يبدأ في محافظة آدي يمان ويسير الى الحدود السورية مرورا بمحافظات بينغول وباتمان وأورفة وديار بكر». وتضيف ان «جبهة النصرة والقاعدة اتخذت مركزا لها في مدينة آدي يمان نفسها لتجند الشبان بين 18 و30 عاما، عبر مجموعات من 15 شابا يرسلون الى سوريا عبر كيليس وهاتاي (لواء الاسكندرون) المحاذيتين لسوريا».

وتضيف أن أهالي الشبان المختفين يذهبون بأنفسهم الى معسكرات «القاعدة» في سورية باحثين عن أبنائهم. لكن امراء الحرب حوّلوا الموضوع الى ابتزاز، اذ كانوا يوافقون أحيانا على إعادة الأبناء الى أهلهم مقابل فديات مالية».

ويروي والد أحد هؤلاء الشبان قائلا ان «ابنه كان يستعد لامتحان الجامعة عندما بدأ سلوكه يتغير. يمنع شقيقاته البنات من الخروج ويناقش الوضع في سوريا قائلا: انتم لا تفهمون الاسلام. يجب ان نحارب ونجاهد في سورية من أجل الإسلام».

ويقول الوالد: «لقد تبين لي لاحقا، بعد المتابعة، ان ابني يشارك في خلية من 5 الى 6 أشخاص يشاهدون خلالها أفلام فيديو تحض على العنف. وقد هددني أحد الأشخاص الذين يتولون إعداد هذه الخلية بعدم تتبع ابنه مرة ثانية. ومن ثم انقطعت أخبار ابني وعلمت لاحقا انه في حلب يحارب الى جانب الجهاديين».

اللافت في كلام الوالد انه أبلغ السلطات الأمنية بالأمر، فأجابوه بأن ابنه راشد، ويحق له ان يفعل ما يشاء. وما كان من الوالد إلا ان ذهب بنفسه الى سوريا وجال في اربعة معسكرات وجد فيها شبانا أتراكا من مختلف المدن التركية، وعندما كان يقول انه جاء من اجل استرداد ابنه، كان أمراء المسلحين يقولون له: «وهل أنت كافر كي تمنع ابنك من الجهاد؟ اغرب عن وجوهنا. إن رأيناك هنا مرة ثانية فسندفنك في الأرض. ابنك وغيره سيبقون هنا 45 يوما لتلقي دورة تدريبية ومن بعدها يمكن لك أن تراه».

ويروي والد آخر انه ذهب الى سورية ليبحث عن ابنه مع دليل، وقد وجد ان زعماء الجماعة التي كان فيها قد غيّروا اسمه وأصبح «أبو موسى»، ولا يزال في سوريا. وتقول الصحيفة ان محافظ آدي يمان ومدير الأمن فيها قد رفضا إجراء اي مقابلة مع الصحيفة لاستيضاح الأمر.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-04
  • 11399
  • من الأرشيف

تركيا و«خط الجهاد» من آدي يمان إلى حلب!

اقتربت المعارك بين التنظيمات الموالية لتنظيم «القاعدة» في سورية والمنظمات الأخرى، ولا سيما «الجيش الحر»، من الحدود التركية. لم تعد «القاعدة» مجرد توقع أو احتمال، بل أصبحت فعليا «الجار» الجديد لتركيا كما اجمع المحللون في تركيا. لكن ذلك لم يغيّر كثيراً من نظرة المسؤولين الأتراك الى المسألة، فالحكومة التركية لا تزال تنظر الى كل التنظيمات المسلحة المعارضة في سورية، بما فيها «جبهة النصرة»، على أنها نتاج ممارسات النظام. ولذلك، لم يتجرأ اي مسؤول تركي، حتى الآن، على وصف تنظيم «القاعدة»، بكل متفرعاته في سورية، بأنه «ارهابي»، بل اقتصر الموقف على إدراجه ضمن إطار «المنظمات الراديكالية». ويتحكم في هذا الموقف اكثر من عامل: الأول، هو ان انقرة لا تزال تحبس نفسها في هدف واحد، هو إسقاط  سورية مهما كلّف الأمر، وبمعزل عن الطريقة. أما الثاني فهو ان تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش») نصّب نفسه عدواً للشعب الكردي في سوريا، ويحارب المسلحين التابعين لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي. ولتركيا مصلحة في ذلك لمنع نشوء أي كيان كردي في شمال سورية. وبرغم التباين الكبير في العلاقات بين أنقرة والرياض حول الملف المصري، وعزل جماعة «الإخوان المسلمين»، فإن انقرة كانت مستعدة لتجاوز الأمر، عندما لاحت فرصة لإسقاط النظام في سوريا، وذلك بعد تهديد أوباما بتوجيه ضربة الى سوريا، فسارع داود اوغلو الى زيارة الرياض لتمتين الجبهة المؤيدة لتوجيه ضربة الى سوريا. وبرغم الخطر الذي تشكله التنظيمات الأصولية على الاستقرار التركي - بالنظر إلى أن لتلك التنظيمات مشروعاً يتجاوز الأنظمة القائمة ومن بينها النظام التركي - فإن نظام «حزب العدالة والتنمية» لا يزال الراعي الأكبر لمد «الجهاديين» بالسلاح وكل انواع الدعم، وهو يمتنع عن اتخاذ اي إجراء يمنع تمدد الخطر التكفيري و«الجهادي» الى الداخل التركي. ونشرت صحيفة «راديكال» مؤخراً تحقيقاً مهمّاً عن «خط الجهاد» الممتد في الداخل التركي من آدي يمان الى الحدود السورية، والذي يعكس مدى الحرية التي يتمتع بها «الجهاديون» داخل تركيا، من أجل تجنيد الشبان الأتراك للجهاد في سوريا. وهو بخلاف «خطوط الجهاد» الخارجية الأكبر الممتدة من الشيشان وتونس وأفغانستان عبر تركيا الى سورية. وتقول الصحيفة ان «هذا الخط يبدأ في محافظة آدي يمان ويسير الى الحدود السورية مرورا بمحافظات بينغول وباتمان وأورفة وديار بكر». وتضيف ان «جبهة النصرة والقاعدة اتخذت مركزا لها في مدينة آدي يمان نفسها لتجند الشبان بين 18 و30 عاما، عبر مجموعات من 15 شابا يرسلون الى سوريا عبر كيليس وهاتاي (لواء الاسكندرون) المحاذيتين لسوريا». وتضيف أن أهالي الشبان المختفين يذهبون بأنفسهم الى معسكرات «القاعدة» في سورية باحثين عن أبنائهم. لكن امراء الحرب حوّلوا الموضوع الى ابتزاز، اذ كانوا يوافقون أحيانا على إعادة الأبناء الى أهلهم مقابل فديات مالية». ويروي والد أحد هؤلاء الشبان قائلا ان «ابنه كان يستعد لامتحان الجامعة عندما بدأ سلوكه يتغير. يمنع شقيقاته البنات من الخروج ويناقش الوضع في سوريا قائلا: انتم لا تفهمون الاسلام. يجب ان نحارب ونجاهد في سورية من أجل الإسلام». ويقول الوالد: «لقد تبين لي لاحقا، بعد المتابعة، ان ابني يشارك في خلية من 5 الى 6 أشخاص يشاهدون خلالها أفلام فيديو تحض على العنف. وقد هددني أحد الأشخاص الذين يتولون إعداد هذه الخلية بعدم تتبع ابنه مرة ثانية. ومن ثم انقطعت أخبار ابني وعلمت لاحقا انه في حلب يحارب الى جانب الجهاديين». اللافت في كلام الوالد انه أبلغ السلطات الأمنية بالأمر، فأجابوه بأن ابنه راشد، ويحق له ان يفعل ما يشاء. وما كان من الوالد إلا ان ذهب بنفسه الى سوريا وجال في اربعة معسكرات وجد فيها شبانا أتراكا من مختلف المدن التركية، وعندما كان يقول انه جاء من اجل استرداد ابنه، كان أمراء المسلحين يقولون له: «وهل أنت كافر كي تمنع ابنك من الجهاد؟ اغرب عن وجوهنا. إن رأيناك هنا مرة ثانية فسندفنك في الأرض. ابنك وغيره سيبقون هنا 45 يوما لتلقي دورة تدريبية ومن بعدها يمكن لك أن تراه». ويروي والد آخر انه ذهب الى سورية ليبحث عن ابنه مع دليل، وقد وجد ان زعماء الجماعة التي كان فيها قد غيّروا اسمه وأصبح «أبو موسى»، ولا يزال في سوريا. وتقول الصحيفة ان محافظ آدي يمان ومدير الأمن فيها قد رفضا إجراء اي مقابلة مع الصحيفة لاستيضاح الأمر. اقتربت المعارك بين التنظيمات الموالية لتنظيم «القاعدة» في سورية والمنظمات الأخرى، ولا سيما «الجيش الحر»، من الحدود التركية. لم تعد «القاعدة» مجرد توقع أو احتمال، بل أصبحت فعليا «الجار» الجديد لتركيا كما اجمع المحللون في تركيا. لكن ذلك لم يغيّر كثيراً من نظرة المسؤولين الأتراك الى المسألة، فالحكومة التركية لا تزال تنظر الى كل التنظيمات المسلحة المعارضة في سورية، بما فيها «جبهة النصرة»، على أنها نتاج ممارسات النظام. ولذلك، لم يتجرأ اي مسؤول تركي، حتى الآن، على وصف تنظيم «القاعدة»، بكل متفرعاته في سورية، بأنه «ارهابي»، بل اقتصر الموقف على إدراجه ضمن إطار «المنظمات الراديكالية». ويتحكم في هذا الموقف اكثر من عامل: الأول، هو ان انقرة لا تزال تحبس نفسها في هدف واحد، هو إسقاط  سورية مهما كلّف الأمر، وبمعزل عن الطريقة. أما الثاني فهو ان تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش») نصّب نفسه عدواً للشعب الكردي في سوريا، ويحارب المسلحين التابعين لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي. ولتركيا مصلحة في ذلك لمنع نشوء أي كيان كردي في شمال سورية. وبرغم التباين الكبير في العلاقات بين أنقرة والرياض حول الملف المصري، وعزل جماعة «الإخوان المسلمين»، فإن انقرة كانت مستعدة لتجاوز الأمر، عندما لاحت فرصة لإسقاط النظام في سوريا، وذلك بعد تهديد أوباما بتوجيه ضربة الى سوريا، فسارع داود اوغلو الى زيارة الرياض لتمتين الجبهة المؤيدة لتوجيه ضربة الى سوريا. وبرغم الخطر الذي تشكله التنظيمات الأصولية على الاستقرار التركي - بالنظر إلى أن لتلك التنظيمات مشروعاً يتجاوز الأنظمة القائمة ومن بينها النظام التركي - فإن نظام «حزب العدالة والتنمية» لا يزال الراعي الأكبر لمد «الجهاديين» بالسلاح وكل انواع الدعم، وهو يمتنع عن اتخاذ اي إجراء يمنع تمدد الخطر التكفيري و«الجهادي» الى الداخل التركي. ونشرت صحيفة «راديكال» مؤخراً تحقيقاً مهمّاً عن «خط الجهاد» الممتد في الداخل التركي من آدي يمان الى الحدود السورية، والذي يعكس مدى الحرية التي يتمتع بها «الجهاديون» داخل تركيا، من أجل تجنيد الشبان الأتراك للجهاد في سوريا. وهو بخلاف «خطوط الجهاد» الخارجية الأكبر الممتدة من الشيشان وتونس وأفغانستان عبر تركيا الى سورية. وتقول الصحيفة ان «هذا الخط يبدأ في محافظة آدي يمان ويسير الى الحدود السورية مرورا بمحافظات بينغول وباتمان وأورفة وديار بكر». وتضيف ان «جبهة النصرة والقاعدة اتخذت مركزا لها في مدينة آدي يمان نفسها لتجند الشبان بين 18 و30 عاما، عبر مجموعات من 15 شابا يرسلون الى سوريا عبر كيليس وهاتاي (لواء الاسكندرون) المحاذيتين لسوريا». وتضيف أن أهالي الشبان المختفين يذهبون بأنفسهم الى معسكرات «القاعدة» في سورية باحثين عن أبنائهم. لكن امراء الحرب حوّلوا الموضوع الى ابتزاز، اذ كانوا يوافقون أحيانا على إعادة الأبناء الى أهلهم مقابل فديات مالية». ويروي والد أحد هؤلاء الشبان قائلا ان «ابنه كان يستعد لامتحان الجامعة عندما بدأ سلوكه يتغير. يمنع شقيقاته البنات من الخروج ويناقش الوضع في سوريا قائلا: انتم لا تفهمون الاسلام. يجب ان نحارب ونجاهد في سورية من أجل الإسلام». ويقول الوالد: «لقد تبين لي لاحقا، بعد المتابعة، ان ابني يشارك في خلية من 5 الى 6 أشخاص يشاهدون خلالها أفلام فيديو تحض على العنف. وقد هددني أحد الأشخاص الذين يتولون إعداد هذه الخلية بعدم تتبع ابنه مرة ثانية. ومن ثم انقطعت أخبار ابني وعلمت لاحقا انه في حلب يحارب الى جانب الجهاديين». اللافت في كلام الوالد انه أبلغ السلطات الأمنية بالأمر، فأجابوه بأن ابنه راشد، ويحق له ان يفعل ما يشاء. وما كان من الوالد إلا ان ذهب بنفسه الى سوريا وجال في اربعة معسكرات وجد فيها شبانا أتراكا من مختلف المدن التركية، وعندما كان يقول انه جاء من اجل استرداد ابنه، كان أمراء المسلحين يقولون له: «وهل أنت كافر كي تمنع ابنك من الجهاد؟ اغرب عن وجوهنا. إن رأيناك هنا مرة ثانية فسندفنك في الأرض. ابنك وغيره سيبقون هنا 45 يوما لتلقي دورة تدريبية ومن بعدها يمكن لك أن تراه». ويروي والد آخر انه ذهب الى سورية ليبحث عن ابنه مع دليل، وقد وجد ان زعماء الجماعة التي كان فيها قد غيّروا اسمه وأصبح «أبو موسى»، ولا يزال في سوريا. وتقول الصحيفة ان محافظ آدي يمان ومدير الأمن فيها قد رفضا إجراء اي مقابلة مع الصحيفة لاستيضاح الأمر.

المصدر : السفير / محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة