يمثل الحج ذروة البيعة لله سبحانه وتعالى، وتأكيداً على وحدانيته والطاعة المطلقة له والاعتراف بالذنب له وطلب الحماية والنصرة منه.

إن دعوة الملك عبدالله للرئيس الإيراني الشيخ روحاني لأداء فريضة الحج لكسر الجليد ومحاولة للحوار في ظلال الحج حيث يكون (الملوك والرؤساء والأمراء) بلا تيجان وحرير، بل عراة من زخارف الدنيا، وعبيد لله أمام الناس ومثل الناس، ويمكن للحديث أن يكون أكثر روحانية وخدمة للإسلام، لأنه يولد من جوار الكعبة وتشده الآخرة لا الدنيا.

والسؤال المطروح: هل يمكن المراهنة على القمة السعودية – الإيرانية للبدء بنزع فتيل الفتنة المذهبية؟ وهل يمكن للقمة إطفاء النيران في سورية والساحات المشتعلة في العراق والبحرين؟

هل يمكن للإسلام السياسي (الرسمي) بجناحيه (السني والشيعي) أن يلجم الوحش التكفيري والإرهاب المسلح المضلل؟

وهل ستكون القمة المرحلة الثانية بعد الاتفاق الروسي – الأميركي على المستوى الدولي لبحث التفاصيل على المستوى الإقليمي لينعكس حواراً على المستوى الثالث بين “حزب الله” و”المستقبل” في لبنان.. وبين المعارضة البحرينية وآل خليفة ومنعاً للسيارات المفخخة في العراق وبدء الحوار السياسي؟

لقد أيقن السعوديون بعد تجربة قطر (نفي الحمدين) وبعد تجربة مبارك وبن علي وقبلهما شاه إيران، أن الحصانة الأميركية لا تكفي، ولا بد من حصانة الحوار مع الجوار والأشقاء العرب والمسلمين، وامتلاك القوة والوسيلة الشريفة لحماية المصالح والدور وليس عبر صناعة التكفيريين القتلة.

إن التفاهم السعودي الإيراني يمكن أن يحقق الأمور التالية:

- إطفاء الفتنة المذهبية وتخفيف حدة الخطاب المذهبي والتكفيري.

- حل الأزمات السياسية والأمنية في ساحات الاشتباك التي تأخذ طابعاً (سنياً – شيعياً) عبر الصراع السياسي على السلطة (لبنان – العراق – البحرين – سورية – اليمن…)

 

- إعادة الاعتبار لتمثيل السعودية للإسلام السياسي (السني) كقائدة لمجلس التعاون الخليجي وامتداداتها في مصر وبقية العالم الإسلامي، مما يقلص ويقتل الطموح التركي الذي يسعى لقيادة العالم الإسلامي (السني) بشقيه العربي والعالمي.

- إن التفاهم الإيراني – السعودي سيقضي تماماً على الدور القطري الذي انتفخ بسرعة وتم نعيه بإقصاء الحمدين ووضع في ثلاجة العمل السياسي على الأقل في المرحلة الحالية وإعطاء نوع من الدور لسلطنة عمان والسلطان قابوس.

- إن المساكنة السعودية – الإيرانية ستعطي للملك السعودي والعائلة المالكة فرصة إعادة دراسة مواقفها وسلوكياتها الخارجية وترتيب الوضع الداخلي وولاية العهد ومواجهة التحديات والمطالب الشعبية، بالإضافة إلى التموضع السياسي بعد ولادة الثنائية القطبية أو المتعددة الأقطاب وزوال الأحادية الأميركية، وذلك في ظل صراع الأجنحة في العائلة المالكة في السعودية، وهل أن معارك “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ضد “الجيش الحر” بمنزلة رد على دعوة الملك عبدالله للرئيس الإيراني، أم أن صراعاً قطرياً تركياً بمواجهة السعودية على الساحة السورية قد بدأ لإنهاء ظاهرة ما سمي “الجيش السوري الحر” وائتلاف (الجربا – كيلو)؟ بعد الفشل الأميركي بالتدخل العسكري في سورية.. هل يطمح بندر بن سلطان وحلفاؤه الأتراك والقطريون وصقور الإدارة الأميركية بإعلان تحرير حلب وشمالها لاحتكار تمثيل المعارضة في جنيف، طالما أن الحل العسكري قد سقط، وأن الحل السياسي آتٍ لا محالة.. وفق أحجام الميدان للطرفين (الدولة – والمعارضة)؟

إذا نجح التفاهم السعودي – الإيراني، فإن أولى ساحات البث التجريبي سيكون الساحة اللبنانية لإعادة تشكيل الحكومة والتحضير للانتخابات الرئاسية والنيابية.. وإذا نجح هذا التفاهم سينعكس على الساحة السورية والبحرينية والعراقية، وكلما تسارعت خطوات التقارب الإيراني – السعودي، تسارعت خطوات التقارب في لبنان، خصوصاً أن الثنائي الشيعي في لبنان (حزب الله وأمل) بادرا إلى التقارب عبر مباردة الرئيس بري، وأعقبها استلام قوى الأمن الداخلي لحواجز الحماية في الضاحية، للتأكيد على أنه عندما تستطيع الدولة أخذ دورها لن تمنعها المقاومة، بل ترحب بها، وعندما تضمن الدولة حماية لبنان والدفاع عنه، فإن المقاومة جاهزة لأي نقاش حول سلاحها ودوره في الدفاع عن لبنان.

هل سيبادر الأميركيون لنصيحة السعودية ودول الخليج للحوار مع إيران لتسهيل تنفيذ الاتفاق الأميركي – الروسي وتتجاوز الاعتراضات السعودية وخيبة الأمل، وكذلك لدعم التحالف بين جناحي الملك عبدالله وأبناء الأمير نايف، والبدء بتأسيس الدولة السعودية الثانية قبل أن تجهضها صراعات الأجنحة والتحركات الشعبية المعارضة؟

لا تملك القيادة السعودية الكثير من الوقت لإعادة هيكلية سياساتها الداخلية والخارجية، فالأحداث وترتيب مناطق النفوذ والمصالح في يالطا جديدة قد بدأ، ومن يتأخر سيكون قالب الحلوى الذي يوزع على المفاوضين، ولا بد من مبادرة الإسلام السياسي (الرسمي) والإسلام السياسي (المقاوم) والنخب الإسلامية المثقفة أن تسعى لحضانة أي تفاهم وحوار يطفئ الفتنة وينقذ الإسلام من الفكر المنحرف والضال، ويعيد البوصلة إلى فلسطين والعدو الحقيقي حتى لا يهاجر فلسطينيو 48 من قراهم المحتلة للقتال في سورية ضد الجيش السوري وقتل الشيخ محمد رمضان البوطي أو الضباط السوريين الذين أوصلوا السلاح إلى فلسطين لقتال “إسرائيل”!

هل سيطالب السعوديون بنزع السلاح الكيماوي “الإسرائيلي”، كما طالبوا بتدمير السلاح الكيماوي السوري، وكما يطالبون بنزع السلاح النووي الإيراني المفترض، والذي لم يولد بعد؟

لقد أقفل الإمام الخميني (رحمه الله) ملف الحرب العراقية الإيرانية قبل وفاته حماية للثورة والعالم الإسلامي، وإراحة القيادة الإيرانية للتفرغ لبناء إيران المستقبل.. فهل يبادر الملك عبدالله لإقفال ملف الفتنة المذهبية والحرب ضد سورية، حماية للسعودية والعالم الإسلامي بالتعاون مع الإيرانيين؟

  • فريق ماسة
  • 2013-09-25
  • 9173
  • من الأرشيف

هل يمكن للقمة إطفاء النيران في سورية...القمة السعودية – الإيرانية.. سعي للوحدة ورجم للفتنة؟

  يمثل الحج ذروة البيعة لله سبحانه وتعالى، وتأكيداً على وحدانيته والطاعة المطلقة له والاعتراف بالذنب له وطلب الحماية والنصرة منه. إن دعوة الملك عبدالله للرئيس الإيراني الشيخ روحاني لأداء فريضة الحج لكسر الجليد ومحاولة للحوار في ظلال الحج حيث يكون (الملوك والرؤساء والأمراء) بلا تيجان وحرير، بل عراة من زخارف الدنيا، وعبيد لله أمام الناس ومثل الناس، ويمكن للحديث أن يكون أكثر روحانية وخدمة للإسلام، لأنه يولد من جوار الكعبة وتشده الآخرة لا الدنيا. والسؤال المطروح: هل يمكن المراهنة على القمة السعودية – الإيرانية للبدء بنزع فتيل الفتنة المذهبية؟ وهل يمكن للقمة إطفاء النيران في سورية والساحات المشتعلة في العراق والبحرين؟ هل يمكن للإسلام السياسي (الرسمي) بجناحيه (السني والشيعي) أن يلجم الوحش التكفيري والإرهاب المسلح المضلل؟ وهل ستكون القمة المرحلة الثانية بعد الاتفاق الروسي – الأميركي على المستوى الدولي لبحث التفاصيل على المستوى الإقليمي لينعكس حواراً على المستوى الثالث بين “حزب الله” و”المستقبل” في لبنان.. وبين المعارضة البحرينية وآل خليفة ومنعاً للسيارات المفخخة في العراق وبدء الحوار السياسي؟ لقد أيقن السعوديون بعد تجربة قطر (نفي الحمدين) وبعد تجربة مبارك وبن علي وقبلهما شاه إيران، أن الحصانة الأميركية لا تكفي، ولا بد من حصانة الحوار مع الجوار والأشقاء العرب والمسلمين، وامتلاك القوة والوسيلة الشريفة لحماية المصالح والدور وليس عبر صناعة التكفيريين القتلة. إن التفاهم السعودي الإيراني يمكن أن يحقق الأمور التالية: - إطفاء الفتنة المذهبية وتخفيف حدة الخطاب المذهبي والتكفيري. - حل الأزمات السياسية والأمنية في ساحات الاشتباك التي تأخذ طابعاً (سنياً – شيعياً) عبر الصراع السياسي على السلطة (لبنان – العراق – البحرين – سورية – اليمن…)   - إعادة الاعتبار لتمثيل السعودية للإسلام السياسي (السني) كقائدة لمجلس التعاون الخليجي وامتداداتها في مصر وبقية العالم الإسلامي، مما يقلص ويقتل الطموح التركي الذي يسعى لقيادة العالم الإسلامي (السني) بشقيه العربي والعالمي. - إن التفاهم الإيراني – السعودي سيقضي تماماً على الدور القطري الذي انتفخ بسرعة وتم نعيه بإقصاء الحمدين ووضع في ثلاجة العمل السياسي على الأقل في المرحلة الحالية وإعطاء نوع من الدور لسلطنة عمان والسلطان قابوس. - إن المساكنة السعودية – الإيرانية ستعطي للملك السعودي والعائلة المالكة فرصة إعادة دراسة مواقفها وسلوكياتها الخارجية وترتيب الوضع الداخلي وولاية العهد ومواجهة التحديات والمطالب الشعبية، بالإضافة إلى التموضع السياسي بعد ولادة الثنائية القطبية أو المتعددة الأقطاب وزوال الأحادية الأميركية، وذلك في ظل صراع الأجنحة في العائلة المالكة في السعودية، وهل أن معارك “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ضد “الجيش الحر” بمنزلة رد على دعوة الملك عبدالله للرئيس الإيراني، أم أن صراعاً قطرياً تركياً بمواجهة السعودية على الساحة السورية قد بدأ لإنهاء ظاهرة ما سمي “الجيش السوري الحر” وائتلاف (الجربا – كيلو)؟ بعد الفشل الأميركي بالتدخل العسكري في سورية.. هل يطمح بندر بن سلطان وحلفاؤه الأتراك والقطريون وصقور الإدارة الأميركية بإعلان تحرير حلب وشمالها لاحتكار تمثيل المعارضة في جنيف، طالما أن الحل العسكري قد سقط، وأن الحل السياسي آتٍ لا محالة.. وفق أحجام الميدان للطرفين (الدولة – والمعارضة)؟ إذا نجح التفاهم السعودي – الإيراني، فإن أولى ساحات البث التجريبي سيكون الساحة اللبنانية لإعادة تشكيل الحكومة والتحضير للانتخابات الرئاسية والنيابية.. وإذا نجح هذا التفاهم سينعكس على الساحة السورية والبحرينية والعراقية، وكلما تسارعت خطوات التقارب الإيراني – السعودي، تسارعت خطوات التقارب في لبنان، خصوصاً أن الثنائي الشيعي في لبنان (حزب الله وأمل) بادرا إلى التقارب عبر مباردة الرئيس بري، وأعقبها استلام قوى الأمن الداخلي لحواجز الحماية في الضاحية، للتأكيد على أنه عندما تستطيع الدولة أخذ دورها لن تمنعها المقاومة، بل ترحب بها، وعندما تضمن الدولة حماية لبنان والدفاع عنه، فإن المقاومة جاهزة لأي نقاش حول سلاحها ودوره في الدفاع عن لبنان. هل سيبادر الأميركيون لنصيحة السعودية ودول الخليج للحوار مع إيران لتسهيل تنفيذ الاتفاق الأميركي – الروسي وتتجاوز الاعتراضات السعودية وخيبة الأمل، وكذلك لدعم التحالف بين جناحي الملك عبدالله وأبناء الأمير نايف، والبدء بتأسيس الدولة السعودية الثانية قبل أن تجهضها صراعات الأجنحة والتحركات الشعبية المعارضة؟ لا تملك القيادة السعودية الكثير من الوقت لإعادة هيكلية سياساتها الداخلية والخارجية، فالأحداث وترتيب مناطق النفوذ والمصالح في يالطا جديدة قد بدأ، ومن يتأخر سيكون قالب الحلوى الذي يوزع على المفاوضين، ولا بد من مبادرة الإسلام السياسي (الرسمي) والإسلام السياسي (المقاوم) والنخب الإسلامية المثقفة أن تسعى لحضانة أي تفاهم وحوار يطفئ الفتنة وينقذ الإسلام من الفكر المنحرف والضال، ويعيد البوصلة إلى فلسطين والعدو الحقيقي حتى لا يهاجر فلسطينيو 48 من قراهم المحتلة للقتال في سورية ضد الجيش السوري وقتل الشيخ محمد رمضان البوطي أو الضباط السوريين الذين أوصلوا السلاح إلى فلسطين لقتال “إسرائيل”! هل سيطالب السعوديون بنزع السلاح الكيماوي “الإسرائيلي”، كما طالبوا بتدمير السلاح الكيماوي السوري، وكما يطالبون بنزع السلاح النووي الإيراني المفترض، والذي لم يولد بعد؟ لقد أقفل الإمام الخميني (رحمه الله) ملف الحرب العراقية الإيرانية قبل وفاته حماية للثورة والعالم الإسلامي، وإراحة القيادة الإيرانية للتفرغ لبناء إيران المستقبل.. فهل يبادر الملك عبدالله لإقفال ملف الفتنة المذهبية والحرب ضد سورية، حماية للسعودية والعالم الإسلامي بالتعاون مع الإيرانيين؟

المصدر : د. نسيب حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة