دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يستحضر صحافي مخضرم من أرشيفه الشخصي، صورة ذاك الجنرال الفيتنامي الجنوبي الذي كان يحاول عام 1973 اللحاق بالمروحية الأميركية، للهروب من غضبة الشعب الفيتنامي الذي قهر بعد عقود من الاحتلال الأميركي، اليانكي وعملائه، فتمسك ذاك الجنرال بأسفل المروحية التي أخذت تطير هرباً، فسقط الجنرال العميل على الأرض قتيلاً، دون أن يحس به الأميركي الفار.
يستحضر هذا الصحافي تلك الصورة ويُسقطها على تلك المعارضات السورية المسلحة، وعلى أولئك المتحمسين لهم في أكثر من مكان، خصوصاً في لبنان، حيث تشكلت حالة من الهمجية النازية التي أخذت بالتكوّن منذ أن كان الدردبيس عبد الحليم الخدام يستقبل العديد من الساسة الذين عفروا وجوههم على عتباته طمعاً بمنصب أو مركز أو ثروة، وهاهم الآن ينحازون ويميلون بقوة إلى حاخامات فتاوى "جهاد النكاح"، ليخلص إلى سؤال: ماذا سيفعل هؤلاء بعد أكثر من سنتين ونصف من صمود الدولة الوطنية السورية، وبدء تحول عالمي مذهل لمصلحتها، حتى في الدول الغربية التي ساندت الحرب العدوانية على سورية بكل الأشكال، حيث أخذ العالم يكتشف زيف وكذب الادعاءات الغربية والأميركية والخليجية والتركية، لتُظهر وسائل الإعلام العالمية مؤخراً أن سورية الراغبة ونظامها التقدمي (وكلمة تقدمي قد لا تعجب الثوار الجدد من أمثال ميشال كيلو وحسن عبد العظيم والياس عطالله، وعزمي بشارة، وأسامة حمدان وهلم جرا) في الإصلاح والحوار، تخوض حرباً ضروساً ضد مختلف أشكال الإرهاب، وتمكنت من أن تكشف أو تفضح التحالف العضوي بين مختلف الفصائل "القاعدية" و"الإخوانية" ودول الخليج، والولايات المتحدة وذيلها الغربي في باريس ولندن، وفي أكثر من مكان من أوروبا "المتحضرة"؟
وبرأي هذا الصحافي الذي عرك الكثير من التجارب، أن الصمود الأسطوري للدولة الوطنية السورية وجيشها، جعل حلقات المؤامرة منذ ثلاثين شهراً ونيف تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، وآخرها بدء تهاوي تحالف الفصائل "القاعدية" وواشنطن في العدوان على سورية، فأخذت هذه الفصائل تتناحر فيما بينها، تبعاً للمصالح القبلية والثأرية للدول الخليجية التي لا تتحلى بحد أدنى من القيم الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان، حتى أن محطة تلفزيونية مثل "فوكس نيوز" التي يديرها ويشرف عليها "المحافظون الجدد" في الولايات المتحدة، ساقت في نشرتها الإخبارية في 12 أيلول الجاري مقدمة نارية سألت فيها باراك أوباما عن سبب التورط في حرب من أجل "القاعدة" التي تقاتل الدولة السورية، في وقت تحوّل الرئيس السوري بشار الأسد إلى نجم وسائل الإعلام الغربية والأميركية، حيث تمكّن من كشف حقيقة ما يجري في سورية، وما تتعرض له من حرب عدوانية ظالمة، فاستطاع أن يؤثر بالرأي العام والنخب السياسية والفكرية، وبالتالي أن يُكسب القضية الوطنية السورية انتصارات جديدة، جعلت الإدارة الأميركية والحكومات الغربية معزولة عن شعبها، حيث ارتفعت نسبة معارضي الحرب على سورية في الولايات المتحدة إلى أكثر من سبعين بالمئة، فيما لم يؤيدها في فرنسا أكثر من سبعة بالمئة، ناهيك عن التفوق الإضافي الذي أحرزته الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس الأسد جراء موقف الفاتيكان الرافض لهذه الحرب العدوانية، وبالتالي لم يبق في صف الحرب والعدوان تقريباً إلا الدول الخليجية، خصوصاً السعودية، التي أخذت الواجهة العلنية بدل قطر، وتركيا.
ثمة متغيرات في الميدان على مستويين:
الأول: انتصارات وتقدُّم نوعي للجيش العربي السوري على مختلف محاور المواجهة.
والثاني: صراعات المجموعات الإرهابية المسلحة فيما بينها، وحروب تصفيات ومنازعات من أجل تمثيل المعارضة السورية في "جنيف-2"، ما كشف جانباً هاماً من حقيقة الصراعات بين الدول الداعمة والراعية للإرهاب في سورية. فبعد الصراعات الدموية التي كانت تنفجر بين فترة وأخرى بين ما يسمى "الجيش الحر" وما يسمى "جبهة النصرة"، والتي كانت تسوَّى بالتي هي أحس، بحكم مونة التركي والقطري والأميركي، دخل الميدان فصيل إرهابي جديد يشرف عليه الأمير السعودي الأسمر الغامق المائل للزرقة بندر بن سلطان، وهو ما يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، شانّاً حرب تصفية على الآخرين، فكشفت هذه المواجهات ضعف "الجيش الحر"، الذي تهاوى خلال ساعات، وبالتالي فشل الرهان الغربي على هذا الجيش الكاريكاتيري، الذي أخذت بعض فصائله تناشد الجيش العربي السوري لإنقاذه من براثن "داعش" أو "جبهة النصرة"، التي وجدت نفسها في سباق مع الأولى للسيطرة والتمركز، فكان أن دخلت معارك مع "داعش"، وهو ما أثار هواجس قوى إقليمية ودولية كانت في مقدمها تركيا، التي بدأت الخلافات تعصف في قيادتها على مستوى "حزب العدالة والتنمية"، فكان الحديث الأخير لرئيس الدولة التركية عبدالله غول، الذي أشار إلى خطورة هذا التنظيم الذي أصبح على حدوده مباشرة، مما سيزيد من إرباك الحكومة التركية، التي ستجد نفسها وجهاً لوجه أمام موجة من الإرهاب ستضرب في أكثر من مكان مستقبلاً في تركيا، وبالتالي سيجعلها باكستان جديدة تنشد الأمن والاستقرار.
بعد هذا العرض، يخلص هذا الصحافي المحنَّك إلى خلاصات ووقائع وإثباتات تؤكد نجاح وتقدم وانتصار سورية وحلفائها، أبرزها:
- ما كشفه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن معرفة، حتى بالأسماء، مرتكبي جريمة الرويس، ومن يقف وراءها.
- كان مقرراً أن يقاطع باراك أوباما قمة العشرين في روسيا، لكنه حضر.
- أُعلن من واشنطن أن لا قمة ستجمع أوباما مع بوتين في هذه القمة، لكنه اجتمع مع قيصر الكرملين، مما يؤشر إلى الوهن والإرباك الأميركييْن.
- وفي نيويورك، وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قيل إن أوباما لن يجتمع مع الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، وذهبت جماعة 14 آذار في لبنان إلى الحديث عن الأهمية العظيمة لقمة الرئيس ميشال سليمان مع سيد البيت الأبيض التي لم تتعد 15 دقيقة، فيما رفض الإيراني طلباً أميركياً لقمة ثنائية، وصار هم البيت الأبيض عقد لقاء حتى وإن كان بطريق الصدفة ومصافحة بين روحاني وأوباما.
في نيويورك ثمة لقاء بين سيرغي لافروف وجون كيري بحضور الأخضر الابراهيم، وهو ما يعني بحثاً معمَّقاً حول مؤتمر "جنيف-2"، وأنه لن يكون بحث في الكيماوي ولا في الفصل السابع.
في الخلاصة، السعودية وتركيا وحيدتان مع أذيالهما.. وهما مضطرتان للتراجع رغماً عنهما.. انتظروا تغيرات مذهلة سعودياً وتركياً، وتابعوا التطورات المصرية.
المصدر :
أحمد زين الدين- الثبات
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة