كانت الوجوه المسمرة باتجاه المنبر أمس، تعلم بأن الكلمات التي ستسمع لن تكون كسائر الكلمات، فالقائل هو قائد الثورة والمتلقون هم حرسها، وبين القائد والحرس في إيران علاقة لا يعلم بأسرارها احد، لذا فإن لكلامه في حضورهم دلالات وإشارات ليس فقط للخارج والداخل، بل حتى للحرس وقادته ومن يدورون في فلكه.

للخارج توجه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي بكلمات لا تحمل التأويل، «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترفض السلاح النووي انطلاقاً من عقيدتها ومبادئها الإسلامية، وليس من أجل أميركا أو غيرها»، مضيفاً أن بعض الدول لا تريد لإيران كسر احتكارها للمعرفة النووية، وأن «الضجيج الذي تثيره أميركا والغرب والتيارات العميلة والمتعلقة بهما بشأن القضية النووية الإيرانية ينبغي تحليله في إطار التحدي العميق بين نظام الهيمنة والثورة الإسلامية».

وأضاف خامنئي أن «من يضمرون العداء لإيران يضمرونه بسبب هويتها وحقيقتها لا بسبب الأشخاص، وهؤلاء هم ذاتهم الذين يطلقون الابتسامات ويدعون إلى إجراء المحادثات».

خامنئي أكد موافقته على ما وصفه بـ«التحركات الصحيحة والمنطقية في السياسات الخارجية والداخلية»، مشيراً إلى أنه كان دوماً من مؤيدي الليونة البطولية «لأن هذه الحركة تكون جيدة جداً وضرورية في بعض الأحيان، لكن مع الالتزام بشرط أساسي»، حيث دعا إلى معرفة ماهية الطرف الآخر لأنه شرط رئيسي لاستخدام هذا التكتيك وإن «المصارع الفني يبدي الليونة أحياناً لسبب فني، إلا انه لا ينسى من هو خصمه وما هو هدفه الأساس».

لعل المرشد الأعلى أراد من خلال هذه الصورة أن يرسم للحكومة الإيرانية الجديدة إطاراً واضحاً لعلاقتها مع الخارج، بحيث يبارك تحركاتها الديبلوماسية وسياستها المرنة، بالتوازي مع نصحه إياها بالحذر، وهو أمر لطالما وضع تحته خامنئي خطوطاً حمراً، لأن الخارج من وجهة نظره غير مأمون الجانب.

في الكلام أيضاً إشارة بالغة الأهمية إلى أن أي تحرك إيراني في إطار البرنامج النووي، يحمل علامات طمأنة أو سحب ذرائع، ليس تغييراً للسياسة، لأن إيران من الأساس لا تريد السلاح النووي وترفضه لأنه يتناقض مع عقيدتها ومبادئها، وهو في ذلك يعيد التذكير بالفتوى التي حرم هو شخصياً من خلالها السلاح النووي واقتناءه واستعماله.

إذاً هذه هي الرسالة إلى الخارج، فماذا عن الداخل بما في ذلك رسالته إلى حرس الثورة الإسلامية؟

قال خامنئي إن «الحياة الثورية والديمومة الثورية والثبات، من المظاهر الجميلة للحرس الثوري»، موضحاً أن هذه المؤسسة «لم تنحرف إطلاقاً عن الطريق الرئيس والقويم بذرائع مثل حدوث تغييرات في العالم وضرورة التغيير في الداخل».

وانطلق المرشد الأعلى من هنا ليحدد وظيفة حرس الثورة الإسلامية في إيران، قائلاً إنه «ليس من الضروري أن يمارس الحرس الثوري نشاطات سياسية، إلا ان حراسة الثورة بحاجة إلى معرفة دقيقة للحقائق، لذا لا يمكن أن تكون لمجموعة تعتبر الساعد لصون الثورة عين مغلقة وغير بصيرة تجاه التيارات الانحرافية أو غير الانحرافية العميلة أو سائر التيارات السياسية».

ولعل في كلام قائد الثورة ما يشبه التصويب لما ورد أمس الأول، على لسان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، الذي دعا بديبلوماسيته المعهودة إلى تنزيه الحرس عن السياسة.

التصويب يؤكد فكرة عدم ممارسة الحرس الثوري نشاطات سياسية، لكنه يؤكد محوريته في حماية الثورة من مريدي السوء بها، لذا فهو مطالب بفهم السياسة والدراية بتفاصيلها ليكون بإمكانه التصدي لأعدائها في الداخل والخارج.

كان خامنئي يلقي كلمته، في الوقت الذي كان روحاني يستقبل فيه رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، الذي يزور إيران منذ أيام عدة، لعرض مبادرة بلاده لحل الأزمة في سوريا.

لقاء روحاني - النجيفي رشحت عنه بعض المعلومات، أهمها أن الرئيس الإيراني أكد لضيفه أن «استمرار الأزمة السورية يشكل خطراً على كل المنطقة»، محذراً من أي تدخل عسكري، وداعياً إلى استمرار جهود منع الحرب.

وأكد روحاني أن «الخلافات الشيعية السنية اختلقتها القوى الاستكبارية حفاظاً على مصالحها»، وأن «سبب غالبية مشاكل المنطقة هو التدخل الخارجي».

بدوره أمل النجيفي أن «تثمر جهود العراق بالتعاون مع دول المنطقة لتوفير الأمن والاستقرار لها».

وتزامن مع ذلك أيضاً، استقبال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان نظيره العماني بدر بن سعود حارب البورسعيدي، حيث أكد دهقان أن لدى البلدين وجهة نظر مشتركة تقوم على «ضرورة حفظ أمن المنطقة وثباتها بمشاركة الدول الفعالة والمؤثرة». وأضاف أن «أي حضور للدول الأجنبية بأي شكل كان في منطقتنا، لا يمكن أن يحقق أمنها، بل يؤدي إلى حالة من التوتر وعدم الثبات».

  • فريق ماسة
  • 2013-09-17
  • 7766
  • من الأرشيف

خامنئي: الليونة مع الغرب مصارعة وليست ضعفاً

كانت الوجوه المسمرة باتجاه المنبر أمس، تعلم بأن الكلمات التي ستسمع لن تكون كسائر الكلمات، فالقائل هو قائد الثورة والمتلقون هم حرسها، وبين القائد والحرس في إيران علاقة لا يعلم بأسرارها احد، لذا فإن لكلامه في حضورهم دلالات وإشارات ليس فقط للخارج والداخل، بل حتى للحرس وقادته ومن يدورون في فلكه. للخارج توجه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي بكلمات لا تحمل التأويل، «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترفض السلاح النووي انطلاقاً من عقيدتها ومبادئها الإسلامية، وليس من أجل أميركا أو غيرها»، مضيفاً أن بعض الدول لا تريد لإيران كسر احتكارها للمعرفة النووية، وأن «الضجيج الذي تثيره أميركا والغرب والتيارات العميلة والمتعلقة بهما بشأن القضية النووية الإيرانية ينبغي تحليله في إطار التحدي العميق بين نظام الهيمنة والثورة الإسلامية». وأضاف خامنئي أن «من يضمرون العداء لإيران يضمرونه بسبب هويتها وحقيقتها لا بسبب الأشخاص، وهؤلاء هم ذاتهم الذين يطلقون الابتسامات ويدعون إلى إجراء المحادثات». خامنئي أكد موافقته على ما وصفه بـ«التحركات الصحيحة والمنطقية في السياسات الخارجية والداخلية»، مشيراً إلى أنه كان دوماً من مؤيدي الليونة البطولية «لأن هذه الحركة تكون جيدة جداً وضرورية في بعض الأحيان، لكن مع الالتزام بشرط أساسي»، حيث دعا إلى معرفة ماهية الطرف الآخر لأنه شرط رئيسي لاستخدام هذا التكتيك وإن «المصارع الفني يبدي الليونة أحياناً لسبب فني، إلا انه لا ينسى من هو خصمه وما هو هدفه الأساس». لعل المرشد الأعلى أراد من خلال هذه الصورة أن يرسم للحكومة الإيرانية الجديدة إطاراً واضحاً لعلاقتها مع الخارج، بحيث يبارك تحركاتها الديبلوماسية وسياستها المرنة، بالتوازي مع نصحه إياها بالحذر، وهو أمر لطالما وضع تحته خامنئي خطوطاً حمراً، لأن الخارج من وجهة نظره غير مأمون الجانب. في الكلام أيضاً إشارة بالغة الأهمية إلى أن أي تحرك إيراني في إطار البرنامج النووي، يحمل علامات طمأنة أو سحب ذرائع، ليس تغييراً للسياسة، لأن إيران من الأساس لا تريد السلاح النووي وترفضه لأنه يتناقض مع عقيدتها ومبادئها، وهو في ذلك يعيد التذكير بالفتوى التي حرم هو شخصياً من خلالها السلاح النووي واقتناءه واستعماله. إذاً هذه هي الرسالة إلى الخارج، فماذا عن الداخل بما في ذلك رسالته إلى حرس الثورة الإسلامية؟ قال خامنئي إن «الحياة الثورية والديمومة الثورية والثبات، من المظاهر الجميلة للحرس الثوري»، موضحاً أن هذه المؤسسة «لم تنحرف إطلاقاً عن الطريق الرئيس والقويم بذرائع مثل حدوث تغييرات في العالم وضرورة التغيير في الداخل». وانطلق المرشد الأعلى من هنا ليحدد وظيفة حرس الثورة الإسلامية في إيران، قائلاً إنه «ليس من الضروري أن يمارس الحرس الثوري نشاطات سياسية، إلا ان حراسة الثورة بحاجة إلى معرفة دقيقة للحقائق، لذا لا يمكن أن تكون لمجموعة تعتبر الساعد لصون الثورة عين مغلقة وغير بصيرة تجاه التيارات الانحرافية أو غير الانحرافية العميلة أو سائر التيارات السياسية». ولعل في كلام قائد الثورة ما يشبه التصويب لما ورد أمس الأول، على لسان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، الذي دعا بديبلوماسيته المعهودة إلى تنزيه الحرس عن السياسة. التصويب يؤكد فكرة عدم ممارسة الحرس الثوري نشاطات سياسية، لكنه يؤكد محوريته في حماية الثورة من مريدي السوء بها، لذا فهو مطالب بفهم السياسة والدراية بتفاصيلها ليكون بإمكانه التصدي لأعدائها في الداخل والخارج. كان خامنئي يلقي كلمته، في الوقت الذي كان روحاني يستقبل فيه رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، الذي يزور إيران منذ أيام عدة، لعرض مبادرة بلاده لحل الأزمة في سوريا. لقاء روحاني - النجيفي رشحت عنه بعض المعلومات، أهمها أن الرئيس الإيراني أكد لضيفه أن «استمرار الأزمة السورية يشكل خطراً على كل المنطقة»، محذراً من أي تدخل عسكري، وداعياً إلى استمرار جهود منع الحرب. وأكد روحاني أن «الخلافات الشيعية السنية اختلقتها القوى الاستكبارية حفاظاً على مصالحها»، وأن «سبب غالبية مشاكل المنطقة هو التدخل الخارجي». بدوره أمل النجيفي أن «تثمر جهود العراق بالتعاون مع دول المنطقة لتوفير الأمن والاستقرار لها». وتزامن مع ذلك أيضاً، استقبال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان نظيره العماني بدر بن سعود حارب البورسعيدي، حيث أكد دهقان أن لدى البلدين وجهة نظر مشتركة تقوم على «ضرورة حفظ أمن المنطقة وثباتها بمشاركة الدول الفعالة والمؤثرة». وأضاف أن «أي حضور للدول الأجنبية بأي شكل كان في منطقتنا، لا يمكن أن يحقق أمنها، بل يؤدي إلى حالة من التوتر وعدم الثبات».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة