لم يتغيّر شيء بالنسبة إلى محور المقاومة بعد التراجع الأميركي عن شن عدوان وشيك على سورية. أعدّ المحور عدّته وينتظر ما يراه تهديداً وجودياً. وإن كان يشعر بشيء من الانتصار الجزئي، إلّا أنه لم يبلغ مرحلة الطمأنينة. أما لبنان، ففي ثلاجة، إلى أجل غير مسمى

لا يحتاج حزب الله إلى إعلان موقف أو تصريح، للتعليق على العدوان الذي تنوي أميركا شنّه على سوريا. بل إن الحزب، الذي صمت منذ بداية الحديث عن نيات أميركا، وسُعار المواقف الدولية حول عدوان وشيك، يكاد يؤثّر بصمته هذا، تماماً كما قد يؤثّر الرّد أو التهديد والوعيد.

وبمعزل عن تراجع الزخم الدولي الذي برز في الأيام الماضية في أكثر من دولة أوروبية وعربية، وانكفاء الرئيس الأميركي باراك أوباما النسبي عن تحديد موعد قريب للعدوان على سورية، تضع جملة عوامل حزب الله، ومعه محور المقاومة طبعاً، على ضفّة الارتياح، بل أكثر من ذلك، يسود هذا المحور نوع من «نشوة النصر» المؤجّل.

تقول مصادر مقرّبة من المقاومة إن «المحور من فلسطين إلى طهران، كان يضع في حساباته إمكانية شنّ عدوان على سورية منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأحداث السورية. ومع مرور الوقت، والحديث الأخير عن العدوان، لم يكن المحور يشكّ في لحظة من اللحظات في أن العدوان سيكون ضربة موضعية محدودة كما حاولت أميركا الترويج له لدى إيران أو روسيا وفي الإعلام، بل عدواناً شاملاً يستهدف تدمير الجيش السوري وشلّ قدراته وتدمير المؤسسات الرسمية، أي إسقاط النظام في سورية بعد العجز عن إسقاطه عبر المجموعات المسلحة، وبالتالي إسقاط المنظومة بأكملها، من غزّة إلى طهران، وتطويق القوّة الروسية والصينية المستجدة، وإعادة النظام العالمي الأحادي القطب، إلى سابق عهده، بعدما بدأ يخضع للتوازن في العامين الأخيرين».

وتقول المصادر إن «التقويم الفعلي للموقف الأميركي الأخير لم يتبلور بعد، بانتظار الأيام المقبلة، التي يظهر فيها هذا الموقف بشكله الحقيقي أكثر فأكثر، بعد جملة من المعطيات الملبّدة، بدءاً بالتراجع الأميركي المفاجئ، وليس انتهاءً ببعض المواقف العربية المستجدّة كالموقف الليبي».

لا يمكن القول إن المشهد الدولي الذي كان سائداً عام 2003 عشيّة بداية العدوان على العراق واحتلاله، والمتمثّل في هيمنة الولايات المتحدة شبه الكاملة على العالم، قد انقلب رأساً على عقب، لكن لا يمكن القول أيضاً إن شيئاً ما لم يحدث في السنوات العشر الأخيرة، إذ ترى المصادر أن المشهد الدولي بات يمثل مناخاً مؤاتياً للقوى المناهضة لأميركا، لتزداد تمسّكاً بمبادئها، وهذا يظهر بوضوح في حجم الإحراج الأميركي والأوروبي من إمكانية العدوان على سورية من دون حساب، من مواطني هذه الدول أولاً، على عكس ما حصل في العدوان على أفغانستان والعراق.

فإضافةً إلى موقف مجلس العموم البريطاني، الذي لم يوافق على اقتراح رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون المشاركة في العدوان على سورية، ينتظر محور المقاومة، بحسب المصادر، «موقفاً فرنسياً مشابهاً في الأيام المقبلة من البرلمان الفرنسي، وكذلك تقارير من الاستخبارات الفرنسية، تصبّ في السياق نفسه الذي عبّرت عنه روسيا، عن أن المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية هو المجموعات المسلّحة لا الجيش السوري، وبالتالي إيجاد مخرج للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للخروج من تعهداته للأميركيين، والتراجع عن المشاركة في العدوان».

وعلى هامش التطورات الأخيرة، تشير المصادر المقرّبة من المقاومة الى ان محورها «يتعاطى مع أي عدوان على سورية على أنه تهديد وجودي، لا (ضربة عقابية) كما يروّج الأميركيون وأزلامهم هنا». وبالتالي، فإن المحور «أعدّ نفسه للردّ على تهديد وجودي، وبمعنى آخر، الجيش السوري والمقاومة أعدّا المفاجآت بما يليق بمعركة وجودية». ويشير المصدر إلى أن سورية «تعدّ في البحر والجوّ مفاجآت على شاكلة المفاجأة التي أعلن عنها السيد حسن نصر الله مع بداية حرب تموز، وهذا ليس تهويلاً، لأن هذه حرب حياة أو موت، ولا شيء لدى محور المقاومة ليخسره، ولا يحتمل التأجيل والوعيد، وقد وضع المحور في حساباته كل احتمالات المواجهة وإمكانية توسعها على أكثر من جبهة، ولا يظنّن أحد أن الجبهة الفلسطينية ليست في الحسبان، إذ إن أياً من الفصائل الفلسطينية لن يقف على الحياد في مواجهة من هذا النوع، ولا سيما حركة حماس».

ماذا عن لبنان الذي راهن ويراهن فريق 14 آذار على عدوان يقلب موازين القوى فيه. تقول المصادر المقرّبة من المقاومة، إن «جديداً لم يطرأ على الوضع اللبناني، إذ إن لبنان كان في جمود، وسيبقى في جمود، ومن الواضح أن الفريق الآخر خُذل بسبب تأخر أو تأجيل العدوان العسكري على سوريا». وتتابع المصادر أن «ما حدث في سوريا حول السلاح الكيميائي، واستعماله كحجة لشنّ عدوان معدّ مسبقاً على سوريا، مشابه كثيراً لما كان يحصل في لبنان حين كانت تُشنّ عمليات اغتيال لشخصيات من 14 آذار قبل كل قرار مهم للمحكمة الدولية، ليقوم الفريق الآخر بالشحن والتحريض على المقاومة، وكذلك تتعاطى 14 آذار مع التطورات في سورية».

وحول الدعوات إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، ودعوة الرئيس نبيه برّي إلى الحوار، وكلام رئيس الجمهورية ميشال سليمان، تقول المصادر «إن فريق 8 آذار جاهز لأي صيغة تحفظ البلد في حكومة سياسية تراعي هواجسه وحجم تمثيله النيابي، ونتمنى أن يقبل الفريق الآخر مبادرة الرئيس برّي، لكن لا يبدو أن الفريق الآخر قد غيّر شيئاً من التزامه بالشروط التي وضعتها السعودية على مشاركة حزب الله في الحكومة، مما يعيدنا إلى المربّع الأول». وتمنّت المصادر، كذلك، أن «لا يراهن الفريق الآخر على تغير المشهد السوري لانتزاع انتصارات وهمية في لبنان، إذ إن أي تطوّر في سورية، سلباً أو إيجاباً، لن يكون بوسع 14 آذار أن تصرفه على كافة الصعد، حتى السياسية منها، إذ يستحيل عزل شريحة كاملة من اللبنانيين».

  • فريق ماسة
  • 2013-09-01
  • 8754
  • من الأرشيف

محور المقاومة مرتاح ولبنان «مكانك راوِح»

لم يتغيّر شيء بالنسبة إلى محور المقاومة بعد التراجع الأميركي عن شن عدوان وشيك على سورية. أعدّ المحور عدّته وينتظر ما يراه تهديداً وجودياً. وإن كان يشعر بشيء من الانتصار الجزئي، إلّا أنه لم يبلغ مرحلة الطمأنينة. أما لبنان، ففي ثلاجة، إلى أجل غير مسمى لا يحتاج حزب الله إلى إعلان موقف أو تصريح، للتعليق على العدوان الذي تنوي أميركا شنّه على سوريا. بل إن الحزب، الذي صمت منذ بداية الحديث عن نيات أميركا، وسُعار المواقف الدولية حول عدوان وشيك، يكاد يؤثّر بصمته هذا، تماماً كما قد يؤثّر الرّد أو التهديد والوعيد. وبمعزل عن تراجع الزخم الدولي الذي برز في الأيام الماضية في أكثر من دولة أوروبية وعربية، وانكفاء الرئيس الأميركي باراك أوباما النسبي عن تحديد موعد قريب للعدوان على سورية، تضع جملة عوامل حزب الله، ومعه محور المقاومة طبعاً، على ضفّة الارتياح، بل أكثر من ذلك، يسود هذا المحور نوع من «نشوة النصر» المؤجّل. تقول مصادر مقرّبة من المقاومة إن «المحور من فلسطين إلى طهران، كان يضع في حساباته إمكانية شنّ عدوان على سورية منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأحداث السورية. ومع مرور الوقت، والحديث الأخير عن العدوان، لم يكن المحور يشكّ في لحظة من اللحظات في أن العدوان سيكون ضربة موضعية محدودة كما حاولت أميركا الترويج له لدى إيران أو روسيا وفي الإعلام، بل عدواناً شاملاً يستهدف تدمير الجيش السوري وشلّ قدراته وتدمير المؤسسات الرسمية، أي إسقاط النظام في سورية بعد العجز عن إسقاطه عبر المجموعات المسلحة، وبالتالي إسقاط المنظومة بأكملها، من غزّة إلى طهران، وتطويق القوّة الروسية والصينية المستجدة، وإعادة النظام العالمي الأحادي القطب، إلى سابق عهده، بعدما بدأ يخضع للتوازن في العامين الأخيرين». وتقول المصادر إن «التقويم الفعلي للموقف الأميركي الأخير لم يتبلور بعد، بانتظار الأيام المقبلة، التي يظهر فيها هذا الموقف بشكله الحقيقي أكثر فأكثر، بعد جملة من المعطيات الملبّدة، بدءاً بالتراجع الأميركي المفاجئ، وليس انتهاءً ببعض المواقف العربية المستجدّة كالموقف الليبي». لا يمكن القول إن المشهد الدولي الذي كان سائداً عام 2003 عشيّة بداية العدوان على العراق واحتلاله، والمتمثّل في هيمنة الولايات المتحدة شبه الكاملة على العالم، قد انقلب رأساً على عقب، لكن لا يمكن القول أيضاً إن شيئاً ما لم يحدث في السنوات العشر الأخيرة، إذ ترى المصادر أن المشهد الدولي بات يمثل مناخاً مؤاتياً للقوى المناهضة لأميركا، لتزداد تمسّكاً بمبادئها، وهذا يظهر بوضوح في حجم الإحراج الأميركي والأوروبي من إمكانية العدوان على سورية من دون حساب، من مواطني هذه الدول أولاً، على عكس ما حصل في العدوان على أفغانستان والعراق. فإضافةً إلى موقف مجلس العموم البريطاني، الذي لم يوافق على اقتراح رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون المشاركة في العدوان على سورية، ينتظر محور المقاومة، بحسب المصادر، «موقفاً فرنسياً مشابهاً في الأيام المقبلة من البرلمان الفرنسي، وكذلك تقارير من الاستخبارات الفرنسية، تصبّ في السياق نفسه الذي عبّرت عنه روسيا، عن أن المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية هو المجموعات المسلّحة لا الجيش السوري، وبالتالي إيجاد مخرج للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للخروج من تعهداته للأميركيين، والتراجع عن المشاركة في العدوان». وعلى هامش التطورات الأخيرة، تشير المصادر المقرّبة من المقاومة الى ان محورها «يتعاطى مع أي عدوان على سورية على أنه تهديد وجودي، لا (ضربة عقابية) كما يروّج الأميركيون وأزلامهم هنا». وبالتالي، فإن المحور «أعدّ نفسه للردّ على تهديد وجودي، وبمعنى آخر، الجيش السوري والمقاومة أعدّا المفاجآت بما يليق بمعركة وجودية». ويشير المصدر إلى أن سورية «تعدّ في البحر والجوّ مفاجآت على شاكلة المفاجأة التي أعلن عنها السيد حسن نصر الله مع بداية حرب تموز، وهذا ليس تهويلاً، لأن هذه حرب حياة أو موت، ولا شيء لدى محور المقاومة ليخسره، ولا يحتمل التأجيل والوعيد، وقد وضع المحور في حساباته كل احتمالات المواجهة وإمكانية توسعها على أكثر من جبهة، ولا يظنّن أحد أن الجبهة الفلسطينية ليست في الحسبان، إذ إن أياً من الفصائل الفلسطينية لن يقف على الحياد في مواجهة من هذا النوع، ولا سيما حركة حماس». ماذا عن لبنان الذي راهن ويراهن فريق 14 آذار على عدوان يقلب موازين القوى فيه. تقول المصادر المقرّبة من المقاومة، إن «جديداً لم يطرأ على الوضع اللبناني، إذ إن لبنان كان في جمود، وسيبقى في جمود، ومن الواضح أن الفريق الآخر خُذل بسبب تأخر أو تأجيل العدوان العسكري على سوريا». وتتابع المصادر أن «ما حدث في سوريا حول السلاح الكيميائي، واستعماله كحجة لشنّ عدوان معدّ مسبقاً على سوريا، مشابه كثيراً لما كان يحصل في لبنان حين كانت تُشنّ عمليات اغتيال لشخصيات من 14 آذار قبل كل قرار مهم للمحكمة الدولية، ليقوم الفريق الآخر بالشحن والتحريض على المقاومة، وكذلك تتعاطى 14 آذار مع التطورات في سورية». وحول الدعوات إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، ودعوة الرئيس نبيه برّي إلى الحوار، وكلام رئيس الجمهورية ميشال سليمان، تقول المصادر «إن فريق 8 آذار جاهز لأي صيغة تحفظ البلد في حكومة سياسية تراعي هواجسه وحجم تمثيله النيابي، ونتمنى أن يقبل الفريق الآخر مبادرة الرئيس برّي، لكن لا يبدو أن الفريق الآخر قد غيّر شيئاً من التزامه بالشروط التي وضعتها السعودية على مشاركة حزب الله في الحكومة، مما يعيدنا إلى المربّع الأول». وتمنّت المصادر، كذلك، أن «لا يراهن الفريق الآخر على تغير المشهد السوري لانتزاع انتصارات وهمية في لبنان، إذ إن أي تطوّر في سورية، سلباً أو إيجاباً، لن يكون بوسع 14 آذار أن تصرفه على كافة الصعد، حتى السياسية منها، إذ يستحيل عزل شريحة كاملة من اللبنانيين».

المصدر : الاخبار/فراس الشوفي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة