حصر وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، الضربة العسكرية المحتملة لتحالف غربي تقوده واشنطن ضد سورية، بإطار الابتزاز السياسي، مفضلا «ضربة تأتي وتذهب» على تنفيذ الشروط السياسية الغربية.

المعلم الذي قال إن غاية المؤتمر الصحافي الذي عقده في دمشق كانت لفت انتباه الرأي العام الغربي، لما يتم التحضير له لسوريا، حذر من أن التحالف الذي تقوده واشنطن هو تحالف مع «جبهة النصرة»، متسائلا إن كان هدف ضربة محتملة هو تقوية ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية.

وبدأ كبير الديبلوماسيين السوريين حديثه باستعراض مختصر للاتصال الهاتفي بينه وبين نظيره الأميركي جون كيري، واصفا الحديث الذي استمر لمدة عشر دقائق بـ«الودي».

ورفض المعلم التكهن بوجود ضربة عسكرية، وإن وضعها كاحتمال وارد، محذرا من أن سورية سترد على الضربة «بالوسائل المتاحة»، مذكرا بأن سورية وإيران «في خندق واحد». وأكد أن العلاقات بين سورية وروسيا ما زالت على مستواها القوي والمباشر، مذكراً بالمساعدات الروسية لسورية وصفقات التسليح والتنسيق السياسي.

ورغم أن الأردن استبق مؤتمر المعلم بالإعلان عن أن أرضه لن تكون مسرحا لعمليات عسكرية ضد سورية، علق الوزير بالقول إن هذا هو «الموقف الصحيح»، لكن دون أن ينسى التذكير بأن «الكثير من البلاوي (الويلات) جاءتنا عبر الحدود الأردنية». ونفى أن تكون دمشق قد تلقت أية معلومات عبر الأقمار الاصطناعية من موسكو حول المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ المشبوهة بالكيميائي، منوهاً بأن سورية «تمتلك أدلة خاصة» تحتفظ بها للوقت المناسب، مشيراً إلى أن من بينها المعدات التي تم اكتشافها في جوبر وعينات من دماء جنود سوريين أصيبوا بغازات كيميائية في المنطقة ذاتها.

وربما تكون عبارات المعلم الأخيرة في مؤتمره الصحافي، الذي استمر لساعة وربع الساعة في مقر وزارة الخارجية في دمشق، تلخص السيكولوجية النفسية التي تنظر بها القيادة السورية لتطورات الأيام الأخيرة. الوزير السوري أكد بلهجة لا تخلو من سخرية «هذه الطريقة بالابتزاز معروفة. نفضل الضربة العسكرية على محاولات الابتزاز. لأنه حينها سيعيش شعبنا في ظل أي شيء يفرض علينا. الضربة بتجي وبتروح (تأتي وتذهب) ونحنا كل يوم نتلقى كذا (قذيفة) هاون ومتعايشين معها».

ولاحقا، نشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) ملخصا لمؤتمر المعلم، حذفت منه الإشارة إلى الرد المحتمل لسورية على ضربة عسكرية، والذي قال إنه سيكون «بالوسائل المتاحة عسكريا»، كما إشارته إلى أن دمشق وطهران «في خندق واحد»، والتي سبقها بالاستنتاج أن جزءا كبيرا مما يجري في سورية والعراق الآن «غايته إيران».

وكان المعلم قد قلل من إمكانية حصول ضربة عسكرية قائلا «ما زلت لليوم غير مقتنع بأن الضربة ستحدث. لا يوجد منطق تحليلي سليم يرجح حصولها، وأربأ بدولة كالولايات المتحدة أن تقوم بذلك خدمة لجبهة النصرة بسورية، وإلا فإن كل ادعاءاتهم، منذ 11 أيلول وما قبل وحتى الآن، ستنهار».

وبرغم هذا، شدد المعلم، من بداية مؤتمره الصحافي، على اعتبار الاتهام بـ«الكيمائي» ذريعة واهية، مشددا على تعاون سورية مع اللجنة الأممية للتحقيق في استخدامه. ورفض الاتهام بمحاولة تخريب الأدلة كون المنطقة المصابة تقع تحت سيطرة المسلحين، مذكراً بأن دمشق دعت، منذ 19 آذار الماضي، إلى التحقيق بالهجوم بأسلحة كيميائية على خان العسل في ريف حلب، إلا أن فرنسا وبريطانيا حالتا دون ذلك.

وطالب المعلم الدول التي تتهم سوريا بإظهار «ما لديهم من أدلة». وتساءل «ما هي أهدافهم من هذه الحملة العسكرية؟»، مؤكدا أن هذا لن يؤثر على «التماسك بين الشعب العربي السوري وقواته المسلحة وقيادته»، وأن «الواضح أن مثل هذا العدوان يجب أن يخدم أولا مصالح إسرائيل والجهد العسكري الذي تقوم به جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة في سورية».

وأكد المعلم أن أية ضربة عسكرية لن «تؤثر على الجهد العسكري للجيش العربي السوري الجاري حاليا في الغوطة». وقال إن إنجازات الجيش السوري «تستهدف شيئين، الأول ضربة استباقية لمخططاتهم في غزو مدينة دمشق، والثاني وهو الأهم تجنيب السكان الآمنين في أحياء دمشق إرهاب القذائف التي تسقط على مناطق مختلفة منها».

وحول الاتصال الذي تلقاه من كيري الخميس الماضي بعد قطيعة عامين ونصف العام، قال المعلم إنهما اتفقا على أن لسورية «مصلحة وطنية في الكشف عن حقيقة ما حصل في الغوطة»، مشيرا إلى أن لجنة التحقيق لم تطلب في البداية التوجه إلى الغوطة الشرقية و«الائتلاف المعارض» حدد المواقع الأربعة التي طلبت الأمم المتحدة تفتيشها.

وأكد المعلم «أن سورية وافقت فوراً على طلبات الأمم المتحدة، ولا تأخير من قبلنا، وأقول لوزير الخارجية الأميركي لسنا من يعرقل عمل لجنة الأمم المتحدة». وقال «اتفقنا على تقديم كل التسهيلات وضمان أمن بعثة التحقيق إلى سورية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، وأكدنا أننا ملتزمون بأمن البعثة في المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية، وهم طلبوا التوجه إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، وعندما أرادوا الدخول إليها جوبهوا بإطلاق نار على سياراتهم ولم يستطيعوا متابعة جولاتهم في مناطق المسلحين، لأن المجموعات المسلحة لم تتفق على ضمان أمنهم، وهذا يؤكد أننا ملتزمون بأمنهم فيما لم يلتزم المسلحون، وتم تأجيل الزيارة إلى الغد (اليوم)».

وحول الموقف التركي وتصريحات وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو، قال المعلم «إذا كان توازن القيادة التركية قد اختل بسبب ما جرى في مصر، فسيزداد عمقا تجاه سورية».

وأكد أنه لا مصلحة للأردن ولا لشعبه بضرب سورية، لكن الذي يتابع ما يجري يرى أنه منذ عامين ونصف العام عانت سورية الكثير من الحدود الأردنية، ومع ذلك لم تتصرف تجاه الاردن بأي سوء لأنها تحرص على شعبها فيه، مطالبا «الأشقاء في الأردن بعدم السماح للآخرين بابتزاز علاقات الجوار والأخوة القائمة بين البلدين، فمصلحة الأردن أن يكون مع سورية وأمنه مرتبط بأمن سورية».

وحول الحديث عن ضربة عسكرية تمهد لمؤتمر «جنيف 2»، قال المعلم «نحن منذ البداية نشكك في النيات الأميركية تجاه مؤتمر جنيف، وقلنا للأصدقاء الروس نثق بكم لكن لا نثق بالولايات المتحدة لأنها لا تريد حلا سياسيا، والسبب بسيط، فإسرائيل لا تريد هذا الحل بل تريد استمرار العنف والإرهاب».

  • فريق ماسة
  • 2013-08-27
  • 12152
  • من الأرشيف

المعلم: الضربة العسكرية أفضل من الابتزاز السياسي الجيش استبق مخططات المسلحين لغزو دمشق

حصر وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، الضربة العسكرية المحتملة لتحالف غربي تقوده واشنطن ضد سورية، بإطار الابتزاز السياسي، مفضلا «ضربة تأتي وتذهب» على تنفيذ الشروط السياسية الغربية. المعلم الذي قال إن غاية المؤتمر الصحافي الذي عقده في دمشق كانت لفت انتباه الرأي العام الغربي، لما يتم التحضير له لسوريا، حذر من أن التحالف الذي تقوده واشنطن هو تحالف مع «جبهة النصرة»، متسائلا إن كان هدف ضربة محتملة هو تقوية ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية. وبدأ كبير الديبلوماسيين السوريين حديثه باستعراض مختصر للاتصال الهاتفي بينه وبين نظيره الأميركي جون كيري، واصفا الحديث الذي استمر لمدة عشر دقائق بـ«الودي». ورفض المعلم التكهن بوجود ضربة عسكرية، وإن وضعها كاحتمال وارد، محذرا من أن سورية سترد على الضربة «بالوسائل المتاحة»، مذكرا بأن سورية وإيران «في خندق واحد». وأكد أن العلاقات بين سورية وروسيا ما زالت على مستواها القوي والمباشر، مذكراً بالمساعدات الروسية لسورية وصفقات التسليح والتنسيق السياسي. ورغم أن الأردن استبق مؤتمر المعلم بالإعلان عن أن أرضه لن تكون مسرحا لعمليات عسكرية ضد سورية، علق الوزير بالقول إن هذا هو «الموقف الصحيح»، لكن دون أن ينسى التذكير بأن «الكثير من البلاوي (الويلات) جاءتنا عبر الحدود الأردنية». ونفى أن تكون دمشق قد تلقت أية معلومات عبر الأقمار الاصطناعية من موسكو حول المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ المشبوهة بالكيميائي، منوهاً بأن سورية «تمتلك أدلة خاصة» تحتفظ بها للوقت المناسب، مشيراً إلى أن من بينها المعدات التي تم اكتشافها في جوبر وعينات من دماء جنود سوريين أصيبوا بغازات كيميائية في المنطقة ذاتها. وربما تكون عبارات المعلم الأخيرة في مؤتمره الصحافي، الذي استمر لساعة وربع الساعة في مقر وزارة الخارجية في دمشق، تلخص السيكولوجية النفسية التي تنظر بها القيادة السورية لتطورات الأيام الأخيرة. الوزير السوري أكد بلهجة لا تخلو من سخرية «هذه الطريقة بالابتزاز معروفة. نفضل الضربة العسكرية على محاولات الابتزاز. لأنه حينها سيعيش شعبنا في ظل أي شيء يفرض علينا. الضربة بتجي وبتروح (تأتي وتذهب) ونحنا كل يوم نتلقى كذا (قذيفة) هاون ومتعايشين معها». ولاحقا، نشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) ملخصا لمؤتمر المعلم، حذفت منه الإشارة إلى الرد المحتمل لسورية على ضربة عسكرية، والذي قال إنه سيكون «بالوسائل المتاحة عسكريا»، كما إشارته إلى أن دمشق وطهران «في خندق واحد»، والتي سبقها بالاستنتاج أن جزءا كبيرا مما يجري في سورية والعراق الآن «غايته إيران». وكان المعلم قد قلل من إمكانية حصول ضربة عسكرية قائلا «ما زلت لليوم غير مقتنع بأن الضربة ستحدث. لا يوجد منطق تحليلي سليم يرجح حصولها، وأربأ بدولة كالولايات المتحدة أن تقوم بذلك خدمة لجبهة النصرة بسورية، وإلا فإن كل ادعاءاتهم، منذ 11 أيلول وما قبل وحتى الآن، ستنهار». وبرغم هذا، شدد المعلم، من بداية مؤتمره الصحافي، على اعتبار الاتهام بـ«الكيمائي» ذريعة واهية، مشددا على تعاون سورية مع اللجنة الأممية للتحقيق في استخدامه. ورفض الاتهام بمحاولة تخريب الأدلة كون المنطقة المصابة تقع تحت سيطرة المسلحين، مذكراً بأن دمشق دعت، منذ 19 آذار الماضي، إلى التحقيق بالهجوم بأسلحة كيميائية على خان العسل في ريف حلب، إلا أن فرنسا وبريطانيا حالتا دون ذلك. وطالب المعلم الدول التي تتهم سوريا بإظهار «ما لديهم من أدلة». وتساءل «ما هي أهدافهم من هذه الحملة العسكرية؟»، مؤكدا أن هذا لن يؤثر على «التماسك بين الشعب العربي السوري وقواته المسلحة وقيادته»، وأن «الواضح أن مثل هذا العدوان يجب أن يخدم أولا مصالح إسرائيل والجهد العسكري الذي تقوم به جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة في سورية». وأكد المعلم أن أية ضربة عسكرية لن «تؤثر على الجهد العسكري للجيش العربي السوري الجاري حاليا في الغوطة». وقال إن إنجازات الجيش السوري «تستهدف شيئين، الأول ضربة استباقية لمخططاتهم في غزو مدينة دمشق، والثاني وهو الأهم تجنيب السكان الآمنين في أحياء دمشق إرهاب القذائف التي تسقط على مناطق مختلفة منها». وحول الاتصال الذي تلقاه من كيري الخميس الماضي بعد قطيعة عامين ونصف العام، قال المعلم إنهما اتفقا على أن لسورية «مصلحة وطنية في الكشف عن حقيقة ما حصل في الغوطة»، مشيرا إلى أن لجنة التحقيق لم تطلب في البداية التوجه إلى الغوطة الشرقية و«الائتلاف المعارض» حدد المواقع الأربعة التي طلبت الأمم المتحدة تفتيشها. وأكد المعلم «أن سورية وافقت فوراً على طلبات الأمم المتحدة، ولا تأخير من قبلنا، وأقول لوزير الخارجية الأميركي لسنا من يعرقل عمل لجنة الأمم المتحدة». وقال «اتفقنا على تقديم كل التسهيلات وضمان أمن بعثة التحقيق إلى سورية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، وأكدنا أننا ملتزمون بأمن البعثة في المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية، وهم طلبوا التوجه إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، وعندما أرادوا الدخول إليها جوبهوا بإطلاق نار على سياراتهم ولم يستطيعوا متابعة جولاتهم في مناطق المسلحين، لأن المجموعات المسلحة لم تتفق على ضمان أمنهم، وهذا يؤكد أننا ملتزمون بأمنهم فيما لم يلتزم المسلحون، وتم تأجيل الزيارة إلى الغد (اليوم)». وحول الموقف التركي وتصريحات وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو، قال المعلم «إذا كان توازن القيادة التركية قد اختل بسبب ما جرى في مصر، فسيزداد عمقا تجاه سورية». وأكد أنه لا مصلحة للأردن ولا لشعبه بضرب سورية، لكن الذي يتابع ما يجري يرى أنه منذ عامين ونصف العام عانت سورية الكثير من الحدود الأردنية، ومع ذلك لم تتصرف تجاه الاردن بأي سوء لأنها تحرص على شعبها فيه، مطالبا «الأشقاء في الأردن بعدم السماح للآخرين بابتزاز علاقات الجوار والأخوة القائمة بين البلدين، فمصلحة الأردن أن يكون مع سورية وأمنه مرتبط بأمن سورية». وحول الحديث عن ضربة عسكرية تمهد لمؤتمر «جنيف 2»، قال المعلم «نحن منذ البداية نشكك في النيات الأميركية تجاه مؤتمر جنيف، وقلنا للأصدقاء الروس نثق بكم لكن لا نثق بالولايات المتحدة لأنها لا تريد حلا سياسيا، والسبب بسيط، فإسرائيل لا تريد هذا الحل بل تريد استمرار العنف والإرهاب».

المصدر : السفير / زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة