نشرت تقارير صحفية وقائع اللقاء "الخطير" الذى جرى مؤخراً، وفى أعقاب نجاح الثورة المصرية، بين الرئيس بشار الأسد ووفد شعبي لبناني رفيع المستوى. لقد استعرض اللقاء تطورات الوضع الراهن على الساحة العربية، إلا أن أخطر ما استعرضه بشار الأسد مع الوفد اللبنانى هو دور جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وسورية،وأسرار ما يُسمى بـ«الربيع العربى» والدور الذى لعبته الإدارة الأمريكية فى تأجيج الصراعات والفتن، المستفيد الوحيد منها إسرائيل.. وهذا هو نص ومضمون اللقاء الذى استغرق عدة ساعات بين الطرفين.

خلال الأيام الماضية التقى الرئيس السورى بشار الأسد بوفد لبناني ضم عدداً من القيادات الشعبية وبعض المسؤولين اللبنانيين السابقين. اللقاء تم يوم الاثنين 19 يوليو 2013 من الرابعة عصراً حتى الثامنة مساءً بالقصر الجمهوري فى دمشق، وجرى اللقاء بحضور عدد من كبار المسئولين السوريين، من بينهم اللواء على المملوك ويوسف الأحمد وبثينة شعبان.

فى هذا اللقاء كان حديث بشار الأسد الذى نكشف النقاب عن تفاصيله للمرة الأولى مهماً وخطيراً، ليس فقط من زاوية تناوله للأزمة الراهنة داخل البلاد، ولكن أيضاً ما تحدث به عن الربيع العربي وتطورات الأوضاع داخل مصر، وكشفه للمرة الأولى عن تحذيراته لنظام حسني مبارك من جراء مخطط الشرق الأوسط الشديد.

قال بشار الأسد فى بداية اللقاء إنه لا «ربيع عربي» أبداً، وهذه المصطلحات أول من أوجدها الغرب فى محاولة لخداع الجماهير وتضليلها، حتى أصبحنا نحن نردد ما يبتكره الغرب من مصطلحات، فما حصل لم يفاجئنا فى سورية وكنا نتوقعه، وكل ما حصل ويحصل هدفه ضمان بقاء إسرائيل آمنة أطول فترة ممكنة.

وقال بشار الأسد إن ما حصل وما يحصل فى العالم سيستغرق وقتاً طويلاً حتى تستقر الأمور ويمكن أن يأخذ عقوداً من الزمن، كل هذا لمصلحة إسرائيل.

وقال إن الركيزة الأساسية لهذا المشروع هي قوى الإسلام السياسي، وهذا ضمن صفقة ما بين الإخوان المسلمين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الصفقة ترتكز إلى «سنترككم تحكمون ولكن ضمن ثوابت وأسس يجب أن تلتزموا بها».

وقال «الأسد» مخاطباً الحاضرين: «أكيد أنكم اطلعتم على التعهدات التى قدمها الإخوان المسلمون فى مصر للأمريكان بما يخص إسرائيل وأمنها ووجودها».

ثانياً: بعد ما حدث فى تونس والسقوط السريع لزين العابدين بن علي أدركنا أن لعبة إعادة صياغة المنطقة قد بدأت والأحداث التى حصلت فى تونس متسارعة وإسقاطها لـ«بن علي» كانت تؤكد ذلك، مع أن زين العابدين بن علي كان من أقرب الأنظمة العربية إلى الولايات المتحدة، وكان يعمل مع المخابرات الأمريكية منذ ثمانينات القرن الماضي عندما كان سفيراً لتونس فى وارسو، ومنذ هذه الأيام كانوا يعدونه للحكم في تونس، ولكن ما تريده أمريكا هو الوصول إلى أنظمة أكثر التزاماً بالنهج الأمريكي، ولكن ضمن حالة شعبوية مضللة ومخادعة.

وقال الرئيس بشار الأسد انظروا الآن ما يحدث فى تونس، لقد أدرك الشعب التونسى الخداع الذي وقع فيه، وبدأت الأصوات الحقيقية للشعب التونسي تقوى وتعلو وسيكون التغيير آجلاً أم عاجلاً، لأنه لا يمكن الاستمرار فى سرقة ثورات وطموحات الشعوب من قِبل قوى ظلامية متطرقة.

وقال الرئيس الاسد : إن ما حدث فى تونس أشعل لدينا الضوء الأحمر، وكانت فى تلك الفترة عيوننا مفتوحة على مصر، لأن سقوط مصر هو الهدف والأساس بالنسبة للأمريكان وحلفائهم، وهو الأساس الذى تخوّفنا من حدوثه، لأن الأمر لو اقتصر على تونس فلن يكون له التأثير الكبير على المنطقة، خصوصاً بلاد الشام، أما مصر فسقوطها يعنى سقوط المنطقة بأسرها.

ثالثاً: مع بداية التحركات والأصوات التى بدأت ترتفع في مصر حذرنا الإخوة المصريين وزودناهم بما لدينا من معلومات ووثائق وطالبناهم بألا يستهينوا بهذه الحركات والتحركات، وقلنا لهم إن كل ذلك يسير وفق خطة مدروسة ومتدرجة وزودناهم بما لدينا من وثائق، لأننا كنا على اطلاع بما كان يُعد لمصر، وكان ذلك من خلال تنظيمات وقوى محسوبة على الإسلام السياسي، ولكن كان تقدير الإخوة فى مصر مختلفاً معنا، وقالوا لنا فى هذا الوقت إن مصر ليست تونس، وما حصل هناك لا يمكن أن يحصل هنا، ومع هذا أرسلنا إليهم معلومات محددة مرة أخرى وبأدق التفاصيل، وقلنا لهم إنه مشروع جديد لإعادة تركيب المنطقة، وكنا نبرز دور الأمريكان فى ذلك، وأنهم وراء كل ما يحدث فى المنطقة، ولكن للأسف، الإخوة المصريون استهانوا بما قلناه لهم، وكانوا مطمئنين كثيراً للأمريكان وأخبرونا بأن دولة خليجية كبرى أخذت ضمانات من الأمريكان بالنسبة لمصر.

وقال الرئيس بشار الأسد: «نحن لم نقتنع بما قالوه لنا وعلى هذا تواصلنا مع الإيرانيين وطلبنا عدم التدخل فى الشؤون الداخلية المصرية وعدم استغلال أي أحداث تمر بها مصر، وطلبنا من إيران ألا تثق أو تطمئن إلى موقف الإخوان المسلمين، الذين هم جزء أساسي من المشروع الأمريكي بالمنطقة».

رابعاً: عند بداية الأحداث فى مصر كان الإخوان المسلمون والسلفيون يراقبون الوضع عن بعد ولم يشاركوا وكانوا حذرين، وبدأت اتصالات الإخوان بالأمريكان والأوروبيين وأخذوا الضوء الأخضر من الأمريكان بعد أن قدّموا للأمريكان كل ما طلبوه منهم، وكانت لقاءات الأمريكان تجري بالدوحة وقبرص، وتوجت بلقاء السفيرة الأمريكية فى القاهرة بوفد من الإخوان المسلمين برئاسة المرشد محمد بديع مع قادة للمخابرات الأمريكية.

وقال «الأسد»: «لقد كنا طيلة تلك الفترة على اتصال بالقيادة المصرية الأمنية والعسكرية، وبالذات السيد عمر سليمان وكنا نزودهم بما لدينا من معلومات، وكان لدينا قلق كبير من محاولات العبث بأمن مصر واستقرارها، لأن ذلك يؤثر على الجميع، خصوصاً سورية».

وقال الرئيس الأسد: «إنه مع ازدياد المظاهرات والأحداث فى مصر أقرت القيادة العسكرية والأمنية المصرية بضرورة التغيير من أجل حماية مصر، وتم الاتفاق على خطة متكاملة ومهدئة ومقبولة شعبياً قبل تنحى (مبارك)».

وكانت الخطة تتكون من التالى:

أولاً: تعيين عمر سليمان نائباً للرئيس.

ثانياً: يتنحى حسني مبارك عن الرئاسة ويجرى تكليف المجلس العسكرى للقيام بمهام الرئيس.

ثالثاً: يقوم عمر سليمان بتشكيل حكومة وحدة وطنية ويقدمها للمجلس العسكرى لإقرارها، وتكون صلاحيتها موسّعة ومدة الحكومة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على ثلاث سنوات.

رابعاً: يقوم المجلس العسكري، وبالتنسيق مع نائب رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة من الخبراء لصياغة دستور جديد لمصر تكون مدته لا تقل عن عام ولا تزيد على عامين، بعدها تتم الدعوة إلى انتخابات رئاسية وانتخابات لمجلس الشعب، بعد أن تكون الأحوال قد هدأت واستقرت فى مصر، وبعد أن تكون جميع الأحزاب القديمة والجديدة قد أخذت فرصتها الكافية للاستعداد للانتخابات، لأنه دون ذلك، فإن الإخوان المسلمين سيكتسحون حتماً أي انتخابات سريعة، لأنهم منظمون ويعملون منذ عشرات السنين، وفى نهاية الفترة الانتقالية يعلن عمر سليمان عن فتح باب الانتخابات ويعلن عدم مشاركته فيها، لا هو ولا رئيس الحكومة.

وقال الرئيس بشار الأسد إن هذا لم يحدث، لأن الأمريكان رفضوا ذلك ومارسوا ضغوطاً عنيفة على المجلس العسكري، وهددوا بقطع المعونات عن مصر وإجراءات أخرى خطيرة، وطالبوا بالإعداد فوراً للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهذا ترافق بسذاجة بعض الشخصيات الطامعة بالحكم فى مصر من القوى المدنية، وكان تصرف الإخوان ذكياً ضمن خطة متدرجة، حيث أعلنوا منذ البداية أنهم غير طامعين فى الحكم، مما أشعل الخلافات فى صفوف خصومهم، وما رافق ذلك من إرهابهم وتخويفهم للمجلس العسكري وتهديده والتآمر ضده وإثارة الخلافات حوله ودفع بعض الشباب لأن يرددوا الشعارات الكريهة ضده من قبيل وصف الجيش المصري بالعسكر، أي المرتزقة، والمطالبة بإسقاط حكمهم، وكل ذلك كان وفقاً لخطة دقيقة ومدروسة، من جماعة الإخوان حتى يجبروا المجلس العسكري على تسليم السلطة إليهم فى أقرب فرصة، ومن الغريب أن الشعب المصري قد خُدع فيهم وفى شعاراتهم، وكان الناس على ثقة بأنهم صادقون ومخلصون، فراح الشعب بأغلبيته يسير خلفهم، فعطلوا إصدار الدستور واستولوا على غالبية البرلمان، وأصبح الطريق ممهداً أمامهم للسيطرة على منصب رئيس الجمهورية وسرقة مصر، وهذا هو ما حدث، وبدأوا على الفور تنفيذ مخطط السيطرة على البلاد وإقصاء الآخرين وفرّطوا فى كل شىء وبدأوا فى تصفية القضية الفلسطينية وأثاروا الفرقة والانقسام داخل مصر وفى العالم العربي والتزموا التزاماً صريحاً بتنفيذ كل ما اتفقوا عليه مع الأمريكان.

وقال الرئيس  الأسد: لكن الشعب المصري الأصيل بدأ بالخروج من الصدمة واستعادة الوعي لوضع حد للقوى الإرهابية والضلالية، وقد شجع المصريين على ذلك -علاوة على ممارسات الإخوان- صمود سورية، لأنه لو سقطت سورية -لا سمح الله- لسقط الجميع ولعاشت المنطقة فى ظلام وتخلف لفترة طويلة، هم لا يعترفون بقومية ولا عروبة ولا بوطن، ألم تسمعوا مرشد الإخوان السابق محمد مهدي عاكف عندما رفض الاعتراف بمصر، ووجه إليها الإهانات وقال «طظ في مصر»، فكيف سيعترف بفلسطين؟.

وقال لقد كان خطاب «مرسي» المشين فى شهر يونيو، الذى تجاهل فيه الاحتلال الإسرائيلى، وراح يعلن الحرب ويحشد الإرهابيين للقتال فى سورية، هو من أحد المحركات الأساسية لما حدث فى مصر من ثورة شعبية عارمة انتهت بانحياز الجيش لها وانتصاره على حكم جماعة الإخوان.

لقد وقف «مرسي» فى الاستاد الرياضى أمام حاشيته من الإخوان والسلفيين ليعلن الحرب على سورية ونسى شيئاً اسمه إسرائيل، هذا هو نهج الإخوان المسلمين، وأكيد اطلعتم جميعكم على ما قاله «عزيز الدويك» أحد قادة حركة حماس ورئيس المجلس التشريعى الفلسطينى السابق، عندما أعلن وقال: إن «أولويات الجهاد الآن تنصب فى سورية، ونسى أنه تحت الاحتلال».

وقال الرئيس الأسد: هنا لا بد أن أشير إلى أنه وبعد أن أسقط الشعب المصري وجيشه الباسل حكم «مرسي» الإخواني بذلنا جهداً كبيراً مع الأصدقاء فى إيران وحذرناهم بألا يُخدعوا من الأحداث، فما حدث فى مصر ليس انقلاباً وإنما هو ثورة شعبية بمعنى الكلمة، وجاء الجيش لحماية هذه الثورة والانحياز إليها.

لقد حاولت تركيا إثارة الموقف الإيراني وتحريضهم بدعوى أن الإسلام السياسي فى مصر يتعرّض لمحاولات التصفية، وقالوا لهم إننا إذا سمحنا ووافقنا على ما يحدث فى مصر ربما يحدث ذلك فى إيران وتركيا.

وقال بشار الأسد إن الإخوة الإيرانيين أخذوا بوجهة نظرنا، وقلنا لهم إن الإسلام السياسى ليس كله فى سلة واحدة، فسقوط الإخوان لا يعني سقوط الإسلام السياسي، وسقوط السلفية الوهابية لا يعني سقوط الإسلام السياسي، إلى أن قام وزير الخارجية الإيراني علي صالحي بالاتصال بالمسؤولين المصريين، حيث أكد خلال الاتصال أن إيران ستكون إلى جانب الشعب المصري وخياراته، وهذا اعتراف ضمني بحكومة مصر الجديدة.

وقال الرئيس بشار الأسد خلال لقائه بالوفد اللبناني: دعونا نعود للبدايات بعد سقوط نظام «مبارك» فى مصر ومع بدء الأحداث فى سورية، عندما أخبرني الشهيد المرحوم العماد التركمان أن خالد مشعل يطلب بإلحاح لقائي على عجل، فى هذا الوقت استقبلت خالد مشعل على رأس وفد من حماس، وقال إن خالد مشعل أخذ الحديث، قائلاً: إن الضربة التى وُجهت إلى المشروع الأمريكي - الإسرائيلي فى المنطقة كبيرة ومفجعة، وإن سقوط نظامين، يعتبران الركيزة الأساسية لهذا المشروع فى المنطقة، لن يمر مرور الكرام، ولن يتركوا محور المقاومة يقوى ويتعاظم. وقال «الأسد» إن «مشعل» قال «نحن هنا يا سيادة الرئيس جئنا لنحذر من أن الأعين متجهة الآن نحو سورية، وأن هناك مؤامرة تحيكها أمريكا وإسرائيل ومن معهما من عرب لتعويض خسارتها وإرباك محور المقاومة المنتصر، وما يحدث الآن في سورية هو مظاهر ومداخل لهذه المؤامرة، جئنا يا سيادة الرئيس لنؤكد أننا وإياكم فى نفس الخندق وسنكون الجنود الأوفياء لسورية، كما كانت سورية وفية لنا وحاضنة ومعنا، يا سيادة الرئيس لو تورط الإخوان المسلمون فى سورية بافتعال أي أحداث سنكون أول من يواجههم، لأن الصورة الآن اتضحت وتجلت، فالهدف ليس سورية وحدها، الهدف مشروع المقاومة بأسره.. انتهى كلام «مشعل».

وقال الرئيس  الأسد: لقد شكرتهم وشرحت لهم أننا حذرون، وقلت لهم أنا مع خيار الشعوب وأولهم الشعب السوري، وسوف نخضع لرغبة الشعب السوري عندما تكون رغبته الحقيقية، لا رغبة الآخرين، وقلت لهم اتركوا سورية لأهل سورية ليقرروا ما يريدون، فنحن شعب لا نستقوي بأي أحد كان على الشعب السوري، أما أنتم فيجب أن تبقى وجهتكم نحو فلسطين لا غير فلسطين، ابتعدوا عن مشكلات العرب الداخلية، لا تزجوا أنفسكم فى مشكلات الدول العربية، احشدوا الجميع واكسبوهم جميعاً نحو فلسطين، هذا هو فقط المطلوب منكم.

وقال الرئيس الأسد: لم يمضِ وقت طويل على هذا اللقاء إلى أن وجدنا أن عناصر من حركة حماس تحرض وتشارك بما يحصل فى سورية، وعند مراجعتهم كانوا يقولون لنا: «إنها عناصر منفلتة وغير مسؤولة»، بعض العناصر أصبحوا قادة ولعبوا دوراً أساسياً فى بداية عملية التسليح وأجهزة الاتصالات المتطوّرة، اعتقلنا العديد من قادتهم وكوادرهم المتورطين، ولم نتعامل معهم كجسم محظور، احتراماً لرمزية المقاومة التى يدعونها، واحتراماً لجزء كبير من حركة حماس وبعض قادتها الشرفاء الذين رفضوا تدخل حماس المشبوه، وتلقيت من غزة وعبر سفيرنا فى طهران الكثير من الرسائل والمواقف الداعمة لنا والمندّدة بموقف حماس الرسمي الذي يصدر من أحد الفنادق في الدوحة ضمن حماية قاعدة العديد الأمريكية.

وقال الرئيس الأسد: «لقد غادروا سورية إلى قطر عندما جاءتهم الأوامر، لكن الأغلبية من كوادر حماس الشرفاء رفضوا ذلك وأدانوا عدم الوفاء لسورية، وطالبونا بأن نقبل تطوعهم إلى جانبنا وشكرناهم، وقلنا لهم احفظوا دمكم من أجل فلسطين، الشىء المضحك أنه قبل خروج (مشعل) من سورية بفترة قصيرة عمل من نفسه وسيطاً ما بيننا وبين الإخوان المسلمين فى سورية، إلا أننا لم نسمح بذلك ورفضنا مجرد الحديث بالموضوع، وقلنا لهم إن إحدى مسلماتنا التي نؤمن بها أنه لا حوار مع الإخوان مهما كانت الظروف، لأنهم دمويون ومخادعون وناقضون للعهود، ونحن على استعداد للحوار مع جميع أبناء الشعب السوري ولكن ليس من خلال الإخوان المسلمين الذين يخدعون الناس ويضللونهم».

وقال الرئيس بشار الأسد: «أما بالنسبة للموقف التركي، فقد جاءت الأحداث فى مصر لتكشف ما تبقى من ورقة التوت من خلال خداع (أردوغان) للأمانة، أقول إن أردوغان مريض نفسياً وعنده انفصام شخصية وجنون العظمة، ويحاول إحياء الإمبراطورية العثمانية من خلال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذى يعتبر نفسه زعيماً له»!!

وقال الرئيس  بشار الأسد: «منذ بداية الأزمة فى سورية، حاول أردوغان تقمص شخصية السلطان العثماني، وأنا بشار الأسد الوالي الذى يعمل عنده وكان كلامه معي بصيغة (عليك أن تفعل كذا، وعليك، وعليك، ويجب)، ولذلك كان الصدام معه بعد أن كشفنا دوره الحقيقي، كان هدف أردوغان أن يتسلم الإخوان المسلمون الحكم فى سورية، ويشكل حكومة أولاً ومن بعدها السيطرة على كل سورية والدول المجاورة، وهذا ما كان يشاركه فيه حمد بن جاسم وخالد مشعل من خلال توجيهات معلمهم الأمريكي، لأن هدف أردوغان تدمير سوريي ومحوها من على الخارطة، إنه رجل حاقد ومجرم، وما الاجتماع الأخير للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين في إسطنبول وبطلب أمريكي وبعد سقوط (مرسى) وسقوط الإخوان فى مصر، إلا دليل قاطع على ما كنا نقوله فى البداية».

وقال الرئيس  بشار الأسد: نحن فى غاية السرور والارتياح للانكشاف السريع للإخوان المسلمين ومشروعهم فى مصر وكل أنحاء العالم العربي والإسلامي، وها هو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يجتمع فى إسطنبول تحت حماية حلف الناتو، على المكشوف، والأمريكان هم الرعاة الرسميون لهذا الاجتماع.

وقال بشار الأسد: انظروا الآن من هو رأس الحربة ضد مصر، أليس أردوغان كما فعل مع سورية؟، هو يستعد لتكرار المشهد مع مصر، أردوغان دمر سورية اقتصادياً وسرق كل ما يمكن سرقته وكل ما عجز عن سرقته دمره، إنه حقد تاريخي دفين.

وأقول لكم هنا عن اختطاف المطرانَين «إبراهيم يوحنا وبولس يازجي» فى حلب، وصلتنا معلومات أكيدة وموثقة أن أردوغان هو الذي أصدر الأوامر بعملية الاختطاف وركز بالذات على المطران «إبراهيم يوحنا»، وهو المقصود بالعملية فقامت عناصر الإخوان المسلمين فى سورية ومعها عناصر من حماس فى مخيم «النيرب» بتنفيذ العملية، وهناك اثنان من هذه العناصر معتقلان لدينا، وقد اعترفا بجريمتهما، وبكل تفاصيل العملية ودور أردوغان فيها.

لقد كان الهدف من عملية الاختطاف هو أن يتم بعد ذلك تعيين مطران إسطنبول للسريان الأرثوذكس يوسف تشتين بطريركاً للسريان الأرثوذكس لأنطاكيا وسائر المشرق خلفاً للبطريرك «أغناطيوس عيواص» الذى يصارع الموت، والمنافس الرئيس لمطران إسطنبول هو مطران حلب، «إبراهيم يوحنا» الذى جرى اختطافه لهذا السبب.

وقال بشار الأسد: إن المطرانَين «يوحنا ويازجى» مسجونان بمعسكر الإخوان المسلمين عند الحدود السورية - التركية، وغطى اختطافهما عضوا الائتلاف المعارض «جورج صبرا وعبدالأحد صطيفو»، وهذا الكلام نعرفه منذ اللحظة الأولى لاختطافهما، وقد خاطبنا المؤسسات الكنسية العالمية بذلك، إلى أن جاء ما يؤكد ما قلناه منذ البداية، وهو ما قاله عضو فى مجلس العموم البريطاني وعضو بالكونجرس الأمريكي من الحزب الديمقراطي.

وعند سؤال الرئيس الأسد.. هل هناك خلاف حقيقى بين إيران وسورية بشأن ما يحدث فى مصر؟ نفى الرئيس الأسد ذلك، وقال فى البداية كان هناك تباين فى وجهات النظر، ولكن في النهاية اقتنع الإيرانيون بوجهة نظرنا، ولا خلاف على ذلك.

وحول الوضع فى ليبيا، أكد الرئيس الأسد أن ما حصل فى ليبيا هو احتلال واضح، قادته دول الناتو وبتغطية من الجامعة العربية، وإن ليبيا أصبحت الآن المجمع الأول لقوى الإرهاب والمنظمات الإرهابية فى العالم، وأن أعداد من قتلوا من المثقفين والكتاب والمناضلين من بعد عدوان الناتو على ليبيا أكبر بكثير ممن قتلوا خلال فترة العدوان، يومياً هناك العشرات بل المئات من القتلى في شوارع المدن الليبية، إن أي معارض لاحتلال قوات الناتو لليبيا يُقتَل على الفور ودون تردد.

وهنا أود أن أقول لكم إن من أهم القرارات السرية التى اتخذها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين خلال اجتماعه الأخير فى إسطنبول هو تصفية مجموعات ورموز عديدة فى العالم العربى ضمن قوائم سوداء توزّع فى جميع أنحاء الوطن العربي، خصوصاً مصر وتونس وليبيا ولبنان وسورية.

وحول الوضع فى لبنان قال الرئيس  بشار الأسد: إن هدف سورية هو وحدة لبنان واستقراره، لأن لبنان المستقر هو القادر على مساعدة سورية، وكل محاولات افتعال خلافات أو اقتتال داخلي في لبنان هدفه خنق سورية والضغط عليها.

وقال الرئيس الأسد: نحن منذ البداية لم نكن مع نجيب ميقاتي، ولكن لم نتدخل فى ذلك، نجيب ميقاتي رئيس الوزراء، والعماد ميشيل سليمان، رئيس الجمهورية، استعجلا فى الهجوم على سورية، لأنهما خدعا عندما قيل لهما إن سورية قد سقطت وقد سارعا فى التآمر على سورية لأخذ مكانهما فى الأوركسترا القادمة.

نحن مع لبنان ووحدته الوطنية وقواه الوطنية ونراهن على اللبنانيين كما نراهن على أنفسنا.. العماد ميشيل سليمان ونجيب ميقاتي يحرّمان علينا الدفاع عن أنفسنا أمام أي عدوان يأتينا من لبنان، فصائل المعارضة السورية فى الخارج ليس لها أي ثقل على الأرض، فكل الثقل لمنظمات إرهابية متطرفة، وحتى الذين يمولونها ليسوا بأصحاب قرار عليها، ولذلك أفرجنا فى الفترة الأخيرة عن أعداد كبيرة من السجناء السوريين الذين توصلوا إلى قناعة تامة بأن ما يجرى فى سورية هدفه تدمير سورية، وليس إسقاط النظام وحالة الفرار من الجيش توقفت بالمطلق، وإن كان المئات بل الآلاف، ممن فروا قد بدأوا الآن بتصويب أوضاعهم للعودة إلى صفوف الجيش العربي السوري، ليشاركوا بالدفاع عن بلادهم بعد أن خُدعوا وضُللوا من المتآمرين.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-14
  • 12242
  • من الأرشيف

الرئيس بشار الأسد فى أخطر لقاء مع شخصيات عربية .."تفاصيل غاية بالاهمية"

نشرت تقارير صحفية وقائع اللقاء "الخطير" الذى جرى مؤخراً، وفى أعقاب نجاح الثورة المصرية، بين الرئيس بشار الأسد ووفد شعبي لبناني رفيع المستوى. لقد استعرض اللقاء تطورات الوضع الراهن على الساحة العربية، إلا أن أخطر ما استعرضه بشار الأسد مع الوفد اللبنانى هو دور جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وسورية،وأسرار ما يُسمى بـ«الربيع العربى» والدور الذى لعبته الإدارة الأمريكية فى تأجيج الصراعات والفتن، المستفيد الوحيد منها إسرائيل.. وهذا هو نص ومضمون اللقاء الذى استغرق عدة ساعات بين الطرفين. خلال الأيام الماضية التقى الرئيس السورى بشار الأسد بوفد لبناني ضم عدداً من القيادات الشعبية وبعض المسؤولين اللبنانيين السابقين. اللقاء تم يوم الاثنين 19 يوليو 2013 من الرابعة عصراً حتى الثامنة مساءً بالقصر الجمهوري فى دمشق، وجرى اللقاء بحضور عدد من كبار المسئولين السوريين، من بينهم اللواء على المملوك ويوسف الأحمد وبثينة شعبان. فى هذا اللقاء كان حديث بشار الأسد الذى نكشف النقاب عن تفاصيله للمرة الأولى مهماً وخطيراً، ليس فقط من زاوية تناوله للأزمة الراهنة داخل البلاد، ولكن أيضاً ما تحدث به عن الربيع العربي وتطورات الأوضاع داخل مصر، وكشفه للمرة الأولى عن تحذيراته لنظام حسني مبارك من جراء مخطط الشرق الأوسط الشديد. قال بشار الأسد فى بداية اللقاء إنه لا «ربيع عربي» أبداً، وهذه المصطلحات أول من أوجدها الغرب فى محاولة لخداع الجماهير وتضليلها، حتى أصبحنا نحن نردد ما يبتكره الغرب من مصطلحات، فما حصل لم يفاجئنا فى سورية وكنا نتوقعه، وكل ما حصل ويحصل هدفه ضمان بقاء إسرائيل آمنة أطول فترة ممكنة. وقال بشار الأسد إن ما حصل وما يحصل فى العالم سيستغرق وقتاً طويلاً حتى تستقر الأمور ويمكن أن يأخذ عقوداً من الزمن، كل هذا لمصلحة إسرائيل. وقال إن الركيزة الأساسية لهذا المشروع هي قوى الإسلام السياسي، وهذا ضمن صفقة ما بين الإخوان المسلمين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الصفقة ترتكز إلى «سنترككم تحكمون ولكن ضمن ثوابت وأسس يجب أن تلتزموا بها». وقال «الأسد» مخاطباً الحاضرين: «أكيد أنكم اطلعتم على التعهدات التى قدمها الإخوان المسلمون فى مصر للأمريكان بما يخص إسرائيل وأمنها ووجودها». ثانياً: بعد ما حدث فى تونس والسقوط السريع لزين العابدين بن علي أدركنا أن لعبة إعادة صياغة المنطقة قد بدأت والأحداث التى حصلت فى تونس متسارعة وإسقاطها لـ«بن علي» كانت تؤكد ذلك، مع أن زين العابدين بن علي كان من أقرب الأنظمة العربية إلى الولايات المتحدة، وكان يعمل مع المخابرات الأمريكية منذ ثمانينات القرن الماضي عندما كان سفيراً لتونس فى وارسو، ومنذ هذه الأيام كانوا يعدونه للحكم في تونس، ولكن ما تريده أمريكا هو الوصول إلى أنظمة أكثر التزاماً بالنهج الأمريكي، ولكن ضمن حالة شعبوية مضللة ومخادعة. وقال الرئيس بشار الأسد انظروا الآن ما يحدث فى تونس، لقد أدرك الشعب التونسى الخداع الذي وقع فيه، وبدأت الأصوات الحقيقية للشعب التونسي تقوى وتعلو وسيكون التغيير آجلاً أم عاجلاً، لأنه لا يمكن الاستمرار فى سرقة ثورات وطموحات الشعوب من قِبل قوى ظلامية متطرقة. وقال الرئيس الاسد : إن ما حدث فى تونس أشعل لدينا الضوء الأحمر، وكانت فى تلك الفترة عيوننا مفتوحة على مصر، لأن سقوط مصر هو الهدف والأساس بالنسبة للأمريكان وحلفائهم، وهو الأساس الذى تخوّفنا من حدوثه، لأن الأمر لو اقتصر على تونس فلن يكون له التأثير الكبير على المنطقة، خصوصاً بلاد الشام، أما مصر فسقوطها يعنى سقوط المنطقة بأسرها. ثالثاً: مع بداية التحركات والأصوات التى بدأت ترتفع في مصر حذرنا الإخوة المصريين وزودناهم بما لدينا من معلومات ووثائق وطالبناهم بألا يستهينوا بهذه الحركات والتحركات، وقلنا لهم إن كل ذلك يسير وفق خطة مدروسة ومتدرجة وزودناهم بما لدينا من وثائق، لأننا كنا على اطلاع بما كان يُعد لمصر، وكان ذلك من خلال تنظيمات وقوى محسوبة على الإسلام السياسي، ولكن كان تقدير الإخوة فى مصر مختلفاً معنا، وقالوا لنا فى هذا الوقت إن مصر ليست تونس، وما حصل هناك لا يمكن أن يحصل هنا، ومع هذا أرسلنا إليهم معلومات محددة مرة أخرى وبأدق التفاصيل، وقلنا لهم إنه مشروع جديد لإعادة تركيب المنطقة، وكنا نبرز دور الأمريكان فى ذلك، وأنهم وراء كل ما يحدث فى المنطقة، ولكن للأسف، الإخوة المصريون استهانوا بما قلناه لهم، وكانوا مطمئنين كثيراً للأمريكان وأخبرونا بأن دولة خليجية كبرى أخذت ضمانات من الأمريكان بالنسبة لمصر. وقال الرئيس بشار الأسد: «نحن لم نقتنع بما قالوه لنا وعلى هذا تواصلنا مع الإيرانيين وطلبنا عدم التدخل فى الشؤون الداخلية المصرية وعدم استغلال أي أحداث تمر بها مصر، وطلبنا من إيران ألا تثق أو تطمئن إلى موقف الإخوان المسلمين، الذين هم جزء أساسي من المشروع الأمريكي بالمنطقة». رابعاً: عند بداية الأحداث فى مصر كان الإخوان المسلمون والسلفيون يراقبون الوضع عن بعد ولم يشاركوا وكانوا حذرين، وبدأت اتصالات الإخوان بالأمريكان والأوروبيين وأخذوا الضوء الأخضر من الأمريكان بعد أن قدّموا للأمريكان كل ما طلبوه منهم، وكانت لقاءات الأمريكان تجري بالدوحة وقبرص، وتوجت بلقاء السفيرة الأمريكية فى القاهرة بوفد من الإخوان المسلمين برئاسة المرشد محمد بديع مع قادة للمخابرات الأمريكية. وقال «الأسد»: «لقد كنا طيلة تلك الفترة على اتصال بالقيادة المصرية الأمنية والعسكرية، وبالذات السيد عمر سليمان وكنا نزودهم بما لدينا من معلومات، وكان لدينا قلق كبير من محاولات العبث بأمن مصر واستقرارها، لأن ذلك يؤثر على الجميع، خصوصاً سورية». وقال الرئيس الأسد: «إنه مع ازدياد المظاهرات والأحداث فى مصر أقرت القيادة العسكرية والأمنية المصرية بضرورة التغيير من أجل حماية مصر، وتم الاتفاق على خطة متكاملة ومهدئة ومقبولة شعبياً قبل تنحى (مبارك)». وكانت الخطة تتكون من التالى: أولاً: تعيين عمر سليمان نائباً للرئيس. ثانياً: يتنحى حسني مبارك عن الرئاسة ويجرى تكليف المجلس العسكرى للقيام بمهام الرئيس. ثالثاً: يقوم عمر سليمان بتشكيل حكومة وحدة وطنية ويقدمها للمجلس العسكرى لإقرارها، وتكون صلاحيتها موسّعة ومدة الحكومة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على ثلاث سنوات. رابعاً: يقوم المجلس العسكري، وبالتنسيق مع نائب رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة من الخبراء لصياغة دستور جديد لمصر تكون مدته لا تقل عن عام ولا تزيد على عامين، بعدها تتم الدعوة إلى انتخابات رئاسية وانتخابات لمجلس الشعب، بعد أن تكون الأحوال قد هدأت واستقرت فى مصر، وبعد أن تكون جميع الأحزاب القديمة والجديدة قد أخذت فرصتها الكافية للاستعداد للانتخابات، لأنه دون ذلك، فإن الإخوان المسلمين سيكتسحون حتماً أي انتخابات سريعة، لأنهم منظمون ويعملون منذ عشرات السنين، وفى نهاية الفترة الانتقالية يعلن عمر سليمان عن فتح باب الانتخابات ويعلن عدم مشاركته فيها، لا هو ولا رئيس الحكومة. وقال الرئيس بشار الأسد إن هذا لم يحدث، لأن الأمريكان رفضوا ذلك ومارسوا ضغوطاً عنيفة على المجلس العسكري، وهددوا بقطع المعونات عن مصر وإجراءات أخرى خطيرة، وطالبوا بالإعداد فوراً للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهذا ترافق بسذاجة بعض الشخصيات الطامعة بالحكم فى مصر من القوى المدنية، وكان تصرف الإخوان ذكياً ضمن خطة متدرجة، حيث أعلنوا منذ البداية أنهم غير طامعين فى الحكم، مما أشعل الخلافات فى صفوف خصومهم، وما رافق ذلك من إرهابهم وتخويفهم للمجلس العسكري وتهديده والتآمر ضده وإثارة الخلافات حوله ودفع بعض الشباب لأن يرددوا الشعارات الكريهة ضده من قبيل وصف الجيش المصري بالعسكر، أي المرتزقة، والمطالبة بإسقاط حكمهم، وكل ذلك كان وفقاً لخطة دقيقة ومدروسة، من جماعة الإخوان حتى يجبروا المجلس العسكري على تسليم السلطة إليهم فى أقرب فرصة، ومن الغريب أن الشعب المصري قد خُدع فيهم وفى شعاراتهم، وكان الناس على ثقة بأنهم صادقون ومخلصون، فراح الشعب بأغلبيته يسير خلفهم، فعطلوا إصدار الدستور واستولوا على غالبية البرلمان، وأصبح الطريق ممهداً أمامهم للسيطرة على منصب رئيس الجمهورية وسرقة مصر، وهذا هو ما حدث، وبدأوا على الفور تنفيذ مخطط السيطرة على البلاد وإقصاء الآخرين وفرّطوا فى كل شىء وبدأوا فى تصفية القضية الفلسطينية وأثاروا الفرقة والانقسام داخل مصر وفى العالم العربي والتزموا التزاماً صريحاً بتنفيذ كل ما اتفقوا عليه مع الأمريكان. وقال الرئيس  الأسد: لكن الشعب المصري الأصيل بدأ بالخروج من الصدمة واستعادة الوعي لوضع حد للقوى الإرهابية والضلالية، وقد شجع المصريين على ذلك -علاوة على ممارسات الإخوان- صمود سورية، لأنه لو سقطت سورية -لا سمح الله- لسقط الجميع ولعاشت المنطقة فى ظلام وتخلف لفترة طويلة، هم لا يعترفون بقومية ولا عروبة ولا بوطن، ألم تسمعوا مرشد الإخوان السابق محمد مهدي عاكف عندما رفض الاعتراف بمصر، ووجه إليها الإهانات وقال «طظ في مصر»، فكيف سيعترف بفلسطين؟. وقال لقد كان خطاب «مرسي» المشين فى شهر يونيو، الذى تجاهل فيه الاحتلال الإسرائيلى، وراح يعلن الحرب ويحشد الإرهابيين للقتال فى سورية، هو من أحد المحركات الأساسية لما حدث فى مصر من ثورة شعبية عارمة انتهت بانحياز الجيش لها وانتصاره على حكم جماعة الإخوان. لقد وقف «مرسي» فى الاستاد الرياضى أمام حاشيته من الإخوان والسلفيين ليعلن الحرب على سورية ونسى شيئاً اسمه إسرائيل، هذا هو نهج الإخوان المسلمين، وأكيد اطلعتم جميعكم على ما قاله «عزيز الدويك» أحد قادة حركة حماس ورئيس المجلس التشريعى الفلسطينى السابق، عندما أعلن وقال: إن «أولويات الجهاد الآن تنصب فى سورية، ونسى أنه تحت الاحتلال». وقال الرئيس الأسد: هنا لا بد أن أشير إلى أنه وبعد أن أسقط الشعب المصري وجيشه الباسل حكم «مرسي» الإخواني بذلنا جهداً كبيراً مع الأصدقاء فى إيران وحذرناهم بألا يُخدعوا من الأحداث، فما حدث فى مصر ليس انقلاباً وإنما هو ثورة شعبية بمعنى الكلمة، وجاء الجيش لحماية هذه الثورة والانحياز إليها. لقد حاولت تركيا إثارة الموقف الإيراني وتحريضهم بدعوى أن الإسلام السياسي فى مصر يتعرّض لمحاولات التصفية، وقالوا لهم إننا إذا سمحنا ووافقنا على ما يحدث فى مصر ربما يحدث ذلك فى إيران وتركيا. وقال بشار الأسد إن الإخوة الإيرانيين أخذوا بوجهة نظرنا، وقلنا لهم إن الإسلام السياسى ليس كله فى سلة واحدة، فسقوط الإخوان لا يعني سقوط الإسلام السياسي، وسقوط السلفية الوهابية لا يعني سقوط الإسلام السياسي، إلى أن قام وزير الخارجية الإيراني علي صالحي بالاتصال بالمسؤولين المصريين، حيث أكد خلال الاتصال أن إيران ستكون إلى جانب الشعب المصري وخياراته، وهذا اعتراف ضمني بحكومة مصر الجديدة. وقال الرئيس بشار الأسد خلال لقائه بالوفد اللبناني: دعونا نعود للبدايات بعد سقوط نظام «مبارك» فى مصر ومع بدء الأحداث فى سورية، عندما أخبرني الشهيد المرحوم العماد التركمان أن خالد مشعل يطلب بإلحاح لقائي على عجل، فى هذا الوقت استقبلت خالد مشعل على رأس وفد من حماس، وقال إن خالد مشعل أخذ الحديث، قائلاً: إن الضربة التى وُجهت إلى المشروع الأمريكي - الإسرائيلي فى المنطقة كبيرة ومفجعة، وإن سقوط نظامين، يعتبران الركيزة الأساسية لهذا المشروع فى المنطقة، لن يمر مرور الكرام، ولن يتركوا محور المقاومة يقوى ويتعاظم. وقال «الأسد» إن «مشعل» قال «نحن هنا يا سيادة الرئيس جئنا لنحذر من أن الأعين متجهة الآن نحو سورية، وأن هناك مؤامرة تحيكها أمريكا وإسرائيل ومن معهما من عرب لتعويض خسارتها وإرباك محور المقاومة المنتصر، وما يحدث الآن في سورية هو مظاهر ومداخل لهذه المؤامرة، جئنا يا سيادة الرئيس لنؤكد أننا وإياكم فى نفس الخندق وسنكون الجنود الأوفياء لسورية، كما كانت سورية وفية لنا وحاضنة ومعنا، يا سيادة الرئيس لو تورط الإخوان المسلمون فى سورية بافتعال أي أحداث سنكون أول من يواجههم، لأن الصورة الآن اتضحت وتجلت، فالهدف ليس سورية وحدها، الهدف مشروع المقاومة بأسره.. انتهى كلام «مشعل». وقال الرئيس  الأسد: لقد شكرتهم وشرحت لهم أننا حذرون، وقلت لهم أنا مع خيار الشعوب وأولهم الشعب السوري، وسوف نخضع لرغبة الشعب السوري عندما تكون رغبته الحقيقية، لا رغبة الآخرين، وقلت لهم اتركوا سورية لأهل سورية ليقرروا ما يريدون، فنحن شعب لا نستقوي بأي أحد كان على الشعب السوري، أما أنتم فيجب أن تبقى وجهتكم نحو فلسطين لا غير فلسطين، ابتعدوا عن مشكلات العرب الداخلية، لا تزجوا أنفسكم فى مشكلات الدول العربية، احشدوا الجميع واكسبوهم جميعاً نحو فلسطين، هذا هو فقط المطلوب منكم. وقال الرئيس الأسد: لم يمضِ وقت طويل على هذا اللقاء إلى أن وجدنا أن عناصر من حركة حماس تحرض وتشارك بما يحصل فى سورية، وعند مراجعتهم كانوا يقولون لنا: «إنها عناصر منفلتة وغير مسؤولة»، بعض العناصر أصبحوا قادة ولعبوا دوراً أساسياً فى بداية عملية التسليح وأجهزة الاتصالات المتطوّرة، اعتقلنا العديد من قادتهم وكوادرهم المتورطين، ولم نتعامل معهم كجسم محظور، احتراماً لرمزية المقاومة التى يدعونها، واحتراماً لجزء كبير من حركة حماس وبعض قادتها الشرفاء الذين رفضوا تدخل حماس المشبوه، وتلقيت من غزة وعبر سفيرنا فى طهران الكثير من الرسائل والمواقف الداعمة لنا والمندّدة بموقف حماس الرسمي الذي يصدر من أحد الفنادق في الدوحة ضمن حماية قاعدة العديد الأمريكية. وقال الرئيس الأسد: «لقد غادروا سورية إلى قطر عندما جاءتهم الأوامر، لكن الأغلبية من كوادر حماس الشرفاء رفضوا ذلك وأدانوا عدم الوفاء لسورية، وطالبونا بأن نقبل تطوعهم إلى جانبنا وشكرناهم، وقلنا لهم احفظوا دمكم من أجل فلسطين، الشىء المضحك أنه قبل خروج (مشعل) من سورية بفترة قصيرة عمل من نفسه وسيطاً ما بيننا وبين الإخوان المسلمين فى سورية، إلا أننا لم نسمح بذلك ورفضنا مجرد الحديث بالموضوع، وقلنا لهم إن إحدى مسلماتنا التي نؤمن بها أنه لا حوار مع الإخوان مهما كانت الظروف، لأنهم دمويون ومخادعون وناقضون للعهود، ونحن على استعداد للحوار مع جميع أبناء الشعب السوري ولكن ليس من خلال الإخوان المسلمين الذين يخدعون الناس ويضللونهم». وقال الرئيس بشار الأسد: «أما بالنسبة للموقف التركي، فقد جاءت الأحداث فى مصر لتكشف ما تبقى من ورقة التوت من خلال خداع (أردوغان) للأمانة، أقول إن أردوغان مريض نفسياً وعنده انفصام شخصية وجنون العظمة، ويحاول إحياء الإمبراطورية العثمانية من خلال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذى يعتبر نفسه زعيماً له»!! وقال الرئيس  بشار الأسد: «منذ بداية الأزمة فى سورية، حاول أردوغان تقمص شخصية السلطان العثماني، وأنا بشار الأسد الوالي الذى يعمل عنده وكان كلامه معي بصيغة (عليك أن تفعل كذا، وعليك، وعليك، ويجب)، ولذلك كان الصدام معه بعد أن كشفنا دوره الحقيقي، كان هدف أردوغان أن يتسلم الإخوان المسلمون الحكم فى سورية، ويشكل حكومة أولاً ومن بعدها السيطرة على كل سورية والدول المجاورة، وهذا ما كان يشاركه فيه حمد بن جاسم وخالد مشعل من خلال توجيهات معلمهم الأمريكي، لأن هدف أردوغان تدمير سوريي ومحوها من على الخارطة، إنه رجل حاقد ومجرم، وما الاجتماع الأخير للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين في إسطنبول وبطلب أمريكي وبعد سقوط (مرسى) وسقوط الإخوان فى مصر، إلا دليل قاطع على ما كنا نقوله فى البداية». وقال الرئيس  بشار الأسد: نحن فى غاية السرور والارتياح للانكشاف السريع للإخوان المسلمين ومشروعهم فى مصر وكل أنحاء العالم العربي والإسلامي، وها هو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يجتمع فى إسطنبول تحت حماية حلف الناتو، على المكشوف، والأمريكان هم الرعاة الرسميون لهذا الاجتماع. وقال بشار الأسد: انظروا الآن من هو رأس الحربة ضد مصر، أليس أردوغان كما فعل مع سورية؟، هو يستعد لتكرار المشهد مع مصر، أردوغان دمر سورية اقتصادياً وسرق كل ما يمكن سرقته وكل ما عجز عن سرقته دمره، إنه حقد تاريخي دفين. وأقول لكم هنا عن اختطاف المطرانَين «إبراهيم يوحنا وبولس يازجي» فى حلب، وصلتنا معلومات أكيدة وموثقة أن أردوغان هو الذي أصدر الأوامر بعملية الاختطاف وركز بالذات على المطران «إبراهيم يوحنا»، وهو المقصود بالعملية فقامت عناصر الإخوان المسلمين فى سورية ومعها عناصر من حماس فى مخيم «النيرب» بتنفيذ العملية، وهناك اثنان من هذه العناصر معتقلان لدينا، وقد اعترفا بجريمتهما، وبكل تفاصيل العملية ودور أردوغان فيها. لقد كان الهدف من عملية الاختطاف هو أن يتم بعد ذلك تعيين مطران إسطنبول للسريان الأرثوذكس يوسف تشتين بطريركاً للسريان الأرثوذكس لأنطاكيا وسائر المشرق خلفاً للبطريرك «أغناطيوس عيواص» الذى يصارع الموت، والمنافس الرئيس لمطران إسطنبول هو مطران حلب، «إبراهيم يوحنا» الذى جرى اختطافه لهذا السبب. وقال بشار الأسد: إن المطرانَين «يوحنا ويازجى» مسجونان بمعسكر الإخوان المسلمين عند الحدود السورية - التركية، وغطى اختطافهما عضوا الائتلاف المعارض «جورج صبرا وعبدالأحد صطيفو»، وهذا الكلام نعرفه منذ اللحظة الأولى لاختطافهما، وقد خاطبنا المؤسسات الكنسية العالمية بذلك، إلى أن جاء ما يؤكد ما قلناه منذ البداية، وهو ما قاله عضو فى مجلس العموم البريطاني وعضو بالكونجرس الأمريكي من الحزب الديمقراطي. وعند سؤال الرئيس الأسد.. هل هناك خلاف حقيقى بين إيران وسورية بشأن ما يحدث فى مصر؟ نفى الرئيس الأسد ذلك، وقال فى البداية كان هناك تباين فى وجهات النظر، ولكن في النهاية اقتنع الإيرانيون بوجهة نظرنا، ولا خلاف على ذلك. وحول الوضع فى ليبيا، أكد الرئيس الأسد أن ما حصل فى ليبيا هو احتلال واضح، قادته دول الناتو وبتغطية من الجامعة العربية، وإن ليبيا أصبحت الآن المجمع الأول لقوى الإرهاب والمنظمات الإرهابية فى العالم، وأن أعداد من قتلوا من المثقفين والكتاب والمناضلين من بعد عدوان الناتو على ليبيا أكبر بكثير ممن قتلوا خلال فترة العدوان، يومياً هناك العشرات بل المئات من القتلى في شوارع المدن الليبية، إن أي معارض لاحتلال قوات الناتو لليبيا يُقتَل على الفور ودون تردد. وهنا أود أن أقول لكم إن من أهم القرارات السرية التى اتخذها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين خلال اجتماعه الأخير فى إسطنبول هو تصفية مجموعات ورموز عديدة فى العالم العربى ضمن قوائم سوداء توزّع فى جميع أنحاء الوطن العربي، خصوصاً مصر وتونس وليبيا ولبنان وسورية. وحول الوضع فى لبنان قال الرئيس  بشار الأسد: إن هدف سورية هو وحدة لبنان واستقراره، لأن لبنان المستقر هو القادر على مساعدة سورية، وكل محاولات افتعال خلافات أو اقتتال داخلي في لبنان هدفه خنق سورية والضغط عليها. وقال الرئيس الأسد: نحن منذ البداية لم نكن مع نجيب ميقاتي، ولكن لم نتدخل فى ذلك، نجيب ميقاتي رئيس الوزراء، والعماد ميشيل سليمان، رئيس الجمهورية، استعجلا فى الهجوم على سورية، لأنهما خدعا عندما قيل لهما إن سورية قد سقطت وقد سارعا فى التآمر على سورية لأخذ مكانهما فى الأوركسترا القادمة. نحن مع لبنان ووحدته الوطنية وقواه الوطنية ونراهن على اللبنانيين كما نراهن على أنفسنا.. العماد ميشيل سليمان ونجيب ميقاتي يحرّمان علينا الدفاع عن أنفسنا أمام أي عدوان يأتينا من لبنان، فصائل المعارضة السورية فى الخارج ليس لها أي ثقل على الأرض، فكل الثقل لمنظمات إرهابية متطرفة، وحتى الذين يمولونها ليسوا بأصحاب قرار عليها، ولذلك أفرجنا فى الفترة الأخيرة عن أعداد كبيرة من السجناء السوريين الذين توصلوا إلى قناعة تامة بأن ما يجرى فى سورية هدفه تدمير سورية، وليس إسقاط النظام وحالة الفرار من الجيش توقفت بالمطلق، وإن كان المئات بل الآلاف، ممن فروا قد بدأوا الآن بتصويب أوضاعهم للعودة إلى صفوف الجيش العربي السوري، ليشاركوا بالدفاع عن بلادهم بعد أن خُدعوا وضُللوا من المتآمرين.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة