انسحب الجيش السوري، امس، من مطار منغ العسكري في ريف حلب، بعد معارك استمرت حوالى العام، فشلت خلالها أكثر من 50 محاولة لاقتحامه، الى ان دخلت تكتيكات تنظيم «القاعدة» إلى إدارة المعركة، باستخدام انتحاري سعودي.

وبرغم إعلان المعارضة السياسية «تحرير المطار»، علمت «السفير» أن القيادة العسكرية السورية طلبت من عناصر حماية المطار مغادرته، باتجاه قرى كردية وأخرى موالية، على أن تستمر المعركة من خارج حرم المطار، فيما أبدى معارض كردي قلقه من إمكانية دخول الأكراد على خط المعركة، بعد مشاركتهم في تأمين انسحاب عناصر حماية المطار إلى قرية عفرين الكردية.

وتركت فصائل «الجيش الحر» العملية أخيراً لكتائب «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» لتقوم بالمهمة، التي استخدمت فيها عربة مدرعة محشوة بستة أطنان من المتفجرات، قادها سعودي عضو في «القاعدة» يحمل اسم معاذ عبد الرحيم، وفتح بواسطتها ثغرة كبيرة في تحصينات المطار، جراء التفجير أمام مركز القيادة في المطار.

ومع إعلان المعارضة السياسية سيطرة «الثوار» على المطار، قال مصدر سوري مسؤول لوكالة الانباء السورية (سانا) ان «عناصر حماية مطار منغ في حلب جميعهم بخير، والمعارضة المسلحة تتكبد خسائر كبيرة جداً حول المطار وداخله».

وأوضح المصدر أن مطار منغ خال من العتاد الحربي والطائرات، مضيفا إن «أبطال قواتنا المسلحة في المطار والمنطقة المحيطة به يتصدون للإرهابيين ببسالة منقطعة النظير»، إلا أنه لم يشر إلى عدد الضحايا الذين سقطوا من الجيش أو عناصر الحماية، ممن تولوا الدفاع عن المطار حتى اللحظات الأخيرة.

ووفقا لناشطين موالين، فقد قتل عميد من الجيش كان يشرف على عمليات الدفاع عنه، فيما تمكن عدد كبير من الوصول إلى مناطق آمنة تحت غطاء غارات شنها الطيران الحربي، وبأوامر من القيادة العليا بالانسحاب. وقال ناشطون إن 15 جنديا، يقودهم عميد، بقوا في المطار لتأمين انسحاب مجموعة كبيرة، تقارب 70 عسكريا بينهم عدد كبير من الضباط، مشيرين إلى أن 10 من الباقين قتلوا، وتعرض 5 للأسر. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «قتل عشرة مقاتلين خلال اشتباكات الـ24 ساعة الماضية في المطار، بعضهم من جنسيات غير سورية».

وانسحب الجنود في رتلين من الدبابات نحو قرية عفرين الكردية، بتعاون وتنسيق مع «اللجان الشعبية الكردية». كما خرج رتل ثالث باتجاه قرية نبل الموالية.

وتخوف الناشط في «تيار بناء الدولة» الكردي المعارض فرزند عمر من أن سقوط مطار منغ سيؤدي إلى «إدخال عفرين في المحرقة»، معتبرا، عبر موقع «فايسبوك»، أن التطور الأخير «سيدخل عفرين (ذات الغالبية الكردية) قريبا إلى خط النار المستعر في المناطق الكردية». وسبق للمطار كما هو معلوم أن قدم مساعدة عسكرية لـ«الجان الشعبية الكردية» خلال دفاعها عن القرية في وجه «الكتائب الإسلامية».

من جهة أخرى، لفتت مصادر المسلحين الذين شاركوا في الهجوم على المطار، إلى إن مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وكتائب مقاتلة أخرى دمروا 4 دبابات، وتمكنوا من السيطرة على الأبنية وأسر عدد من الضباط والجنود. وذكر بيان للمسلحين إن ستة ألوية شاركت في العملية، منها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«لواء التوحيد».

وبث ناشطون على الانترنت صورا لذخيرة قالوا أنه تم «اغتنامها من المطار»، تضمنت صناديق عدة من ذخائر الرشاشات الثقيلة والخفيفة، وعتاداً حربياً. إلا أن مصدرا مسؤولا قلل من أهمية ما عرض، مشيرا في تصريح لـ«السفير» إلى أن الذخيرة والأعتدة كانت تلقى من الطائرات إلى المحاصرين، منذ أشهر، لذا ليس هناك من غنائم تذكر».

ووفقا للتقديرات نفسها، فإن المطار بات «هدفا دسما» للمدفعية المجاورة، والطيران الحربي. ويميل القادة العسكريون إلى اعتبار معركة المطار ذات بعد رمزي أكثر منه استراتيجي في المعركة، خصوصا أن موقع المطار في قلب منطقة يسيطر المسلحون عليها جعل صموده «بمثابة أسطورة حربية».

إلا أن معركة منغ، أو معاركه المتكررة، تدفع بالسؤال عن الطريقة التي سينتهي إليها صمود مواقع أخرى محاصرة، مثل «الفرقة 17» في الرقة، وسجن حلب المركزي، التي تمثل جزرا للسلطة في محيط عدائي، وتعاني حصارا مطبقا منذ مدة طويلة.

ويقول محللون و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «يعود فضل الانتصارات في اللاذقية وحلب إلى التحالف الذي ربط بين الكتائب المقاتلة المحلية والجهاديين». ويقول المحلل تشارلز ليستر من مركز الأبحاث حول الإرهاب والتمرد إن «الانتصار يدل على اثر الخطة التي اتبعها الناشطون الإسلاميون خاصة في شمال سوريا».

من جهة أخرى، نفت مصادر سورية مسؤولة لـ«السفير» دقة الأنباء التي تحدثت عن اتفاق بين الجيش والمسلحين في مدينة أريحا في ريف ادلب. وقالت المصادر إن أي اتفاق لم ينجز بعد بين الطرفين، مشيرة إلى «معوقات موجودة لدى الطرفين» في ما يخص الاتفاق الطموح. وكانت أخبار انتشرت، أمس الأول، عن اتفاق صاغه وجهاء المدينة بين الجيش السوري وقادة المسلحين في المدينة، بهدف تسليمها، والاختيار بين المغادرة أو الانضمام إلى لجان «الدفاع الشعبية» فيها.

ووفقا للمصادر ذاتها، فإن الاتفاق ينص على «إعطاء مهلة للمسلحين للخروج من المدينة تبدأ من الساعة الثامنة مساء وحتى الثامنة صباحا، على أن يتم تفكيك الألغام التي زرعها المسلحون وإعطاء مواقع الألغام التي يصعب تفكيكها، ليدخل الجيش لاحقا مصحوبا بجيش الدفاع الوطني بشكل آمن ويقوم بتأمين المدينة، ويعهد بها إلى متطوعين من جيش الدفاع».

وعند الحدود التركية ــ السورية، نقلت «رويترز» عن الجيش التركي إعلانه، أن 18 من جنوده أصيبوا في اشتباك وقع مع آلاف المهربين أثناء محاولتهم عبور الحدود باتجاه سوريا.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-06
  • 11029
  • من الأرشيف

معركة مطار منغ «لم تنته»

انسحب الجيش السوري، امس، من مطار منغ العسكري في ريف حلب، بعد معارك استمرت حوالى العام، فشلت خلالها أكثر من 50 محاولة لاقتحامه، الى ان دخلت تكتيكات تنظيم «القاعدة» إلى إدارة المعركة، باستخدام انتحاري سعودي. وبرغم إعلان المعارضة السياسية «تحرير المطار»، علمت «السفير» أن القيادة العسكرية السورية طلبت من عناصر حماية المطار مغادرته، باتجاه قرى كردية وأخرى موالية، على أن تستمر المعركة من خارج حرم المطار، فيما أبدى معارض كردي قلقه من إمكانية دخول الأكراد على خط المعركة، بعد مشاركتهم في تأمين انسحاب عناصر حماية المطار إلى قرية عفرين الكردية. وتركت فصائل «الجيش الحر» العملية أخيراً لكتائب «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» لتقوم بالمهمة، التي استخدمت فيها عربة مدرعة محشوة بستة أطنان من المتفجرات، قادها سعودي عضو في «القاعدة» يحمل اسم معاذ عبد الرحيم، وفتح بواسطتها ثغرة كبيرة في تحصينات المطار، جراء التفجير أمام مركز القيادة في المطار. ومع إعلان المعارضة السياسية سيطرة «الثوار» على المطار، قال مصدر سوري مسؤول لوكالة الانباء السورية (سانا) ان «عناصر حماية مطار منغ في حلب جميعهم بخير، والمعارضة المسلحة تتكبد خسائر كبيرة جداً حول المطار وداخله». وأوضح المصدر أن مطار منغ خال من العتاد الحربي والطائرات، مضيفا إن «أبطال قواتنا المسلحة في المطار والمنطقة المحيطة به يتصدون للإرهابيين ببسالة منقطعة النظير»، إلا أنه لم يشر إلى عدد الضحايا الذين سقطوا من الجيش أو عناصر الحماية، ممن تولوا الدفاع عن المطار حتى اللحظات الأخيرة. ووفقا لناشطين موالين، فقد قتل عميد من الجيش كان يشرف على عمليات الدفاع عنه، فيما تمكن عدد كبير من الوصول إلى مناطق آمنة تحت غطاء غارات شنها الطيران الحربي، وبأوامر من القيادة العليا بالانسحاب. وقال ناشطون إن 15 جنديا، يقودهم عميد، بقوا في المطار لتأمين انسحاب مجموعة كبيرة، تقارب 70 عسكريا بينهم عدد كبير من الضباط، مشيرين إلى أن 10 من الباقين قتلوا، وتعرض 5 للأسر. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «قتل عشرة مقاتلين خلال اشتباكات الـ24 ساعة الماضية في المطار، بعضهم من جنسيات غير سورية». وانسحب الجنود في رتلين من الدبابات نحو قرية عفرين الكردية، بتعاون وتنسيق مع «اللجان الشعبية الكردية». كما خرج رتل ثالث باتجاه قرية نبل الموالية. وتخوف الناشط في «تيار بناء الدولة» الكردي المعارض فرزند عمر من أن سقوط مطار منغ سيؤدي إلى «إدخال عفرين في المحرقة»، معتبرا، عبر موقع «فايسبوك»، أن التطور الأخير «سيدخل عفرين (ذات الغالبية الكردية) قريبا إلى خط النار المستعر في المناطق الكردية». وسبق للمطار كما هو معلوم أن قدم مساعدة عسكرية لـ«الجان الشعبية الكردية» خلال دفاعها عن القرية في وجه «الكتائب الإسلامية». من جهة أخرى، لفتت مصادر المسلحين الذين شاركوا في الهجوم على المطار، إلى إن مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وكتائب مقاتلة أخرى دمروا 4 دبابات، وتمكنوا من السيطرة على الأبنية وأسر عدد من الضباط والجنود. وذكر بيان للمسلحين إن ستة ألوية شاركت في العملية، منها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«لواء التوحيد». وبث ناشطون على الانترنت صورا لذخيرة قالوا أنه تم «اغتنامها من المطار»، تضمنت صناديق عدة من ذخائر الرشاشات الثقيلة والخفيفة، وعتاداً حربياً. إلا أن مصدرا مسؤولا قلل من أهمية ما عرض، مشيرا في تصريح لـ«السفير» إلى أن الذخيرة والأعتدة كانت تلقى من الطائرات إلى المحاصرين، منذ أشهر، لذا ليس هناك من غنائم تذكر». ووفقا للتقديرات نفسها، فإن المطار بات «هدفا دسما» للمدفعية المجاورة، والطيران الحربي. ويميل القادة العسكريون إلى اعتبار معركة المطار ذات بعد رمزي أكثر منه استراتيجي في المعركة، خصوصا أن موقع المطار في قلب منطقة يسيطر المسلحون عليها جعل صموده «بمثابة أسطورة حربية». إلا أن معركة منغ، أو معاركه المتكررة، تدفع بالسؤال عن الطريقة التي سينتهي إليها صمود مواقع أخرى محاصرة، مثل «الفرقة 17» في الرقة، وسجن حلب المركزي، التي تمثل جزرا للسلطة في محيط عدائي، وتعاني حصارا مطبقا منذ مدة طويلة. ويقول محللون و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، «يعود فضل الانتصارات في اللاذقية وحلب إلى التحالف الذي ربط بين الكتائب المقاتلة المحلية والجهاديين». ويقول المحلل تشارلز ليستر من مركز الأبحاث حول الإرهاب والتمرد إن «الانتصار يدل على اثر الخطة التي اتبعها الناشطون الإسلاميون خاصة في شمال سوريا». من جهة أخرى، نفت مصادر سورية مسؤولة لـ«السفير» دقة الأنباء التي تحدثت عن اتفاق بين الجيش والمسلحين في مدينة أريحا في ريف ادلب. وقالت المصادر إن أي اتفاق لم ينجز بعد بين الطرفين، مشيرة إلى «معوقات موجودة لدى الطرفين» في ما يخص الاتفاق الطموح. وكانت أخبار انتشرت، أمس الأول، عن اتفاق صاغه وجهاء المدينة بين الجيش السوري وقادة المسلحين في المدينة، بهدف تسليمها، والاختيار بين المغادرة أو الانضمام إلى لجان «الدفاع الشعبية» فيها. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن الاتفاق ينص على «إعطاء مهلة للمسلحين للخروج من المدينة تبدأ من الساعة الثامنة مساء وحتى الثامنة صباحا، على أن يتم تفكيك الألغام التي زرعها المسلحون وإعطاء مواقع الألغام التي يصعب تفكيكها، ليدخل الجيش لاحقا مصحوبا بجيش الدفاع الوطني بشكل آمن ويقوم بتأمين المدينة، ويعهد بها إلى متطوعين من جيش الدفاع». وعند الحدود التركية ــ السورية، نقلت «رويترز» عن الجيش التركي إعلانه، أن 18 من جنوده أصيبوا في اشتباك وقع مع آلاف المهربين أثناء محاولتهم عبور الحدود باتجاه سوريا.

المصدر : السفير/زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة