أعلنت محكمة اسطنبول الثالثة عشرة للعقوبات الثقيلة أمس، أحكامها في قضية «أرغينيكون»، وهي منظمة متطرفة داخل الدولة العميقة تضم عسكريين وصحافيين ونقابيين ومدنيين. وقد حوكم في القضية منذ العام 2008 حتى اليوم 275 متهماً من بينهم 67 فقط قيد الاعتقال، حيث توارى البعض عن الأنظار، وتوفي آخرون، فيما حوكم عدد آخر من دون اعتقال.

ومن أصل المتهمين جميعاً قررت المحكمة تبرئة 21 شخصاً فقط، فيما تفاوتت الأحكام بحق الباقين بين المؤبد مع الأشغال الشاقة والمؤبد والسجن لعشرات السنوات. واستغرقت تلاوة الأحكام ساعتين وعشر دقائق.

واستقبلت قراءة الحكم بصيحات الغضب من الحضور، الذي اقتصر بقرار من المحكمة على المتهمين ومحاميهم والصحافيين والبرلمانيين. وهتف محامون ونواب «اللعنة على ديكتاتورية حزب العدالة والتنمية»، و«نحن جنود مصطفى اتاتورك».

وشكلت قرارات المحكمة انتصاراً واضحاً لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان في صراعه مع «الدولة العميقة». ولعل توقيت اتخاذ المحكمة قراراتها كان منسجماً مع حدثين: الأول هو تغيير قيادات الجيش لمصلحة الموالين لأردوغان في اجتماع الشورى العسكري قبل يومين، وبالتالي تحذير أي ضابط من أن تسول له نفسه التفكير بالانقلاب على الحكومة. والثاني هو انها جاءت كـ«رسالة قوة» من جانب اردوغان الى معارضيه بعد انتفاضة «ميدان تقسيم» واهتزازات صورته، فهو أراد من خلال الأحكام أن يستعيد صورة الرجل القوي التي اهتزت بعد الانتفاضة.

وقد طالت العقوبات القصوى العدد الأكبر من الجنرالات الكبار في الجيش، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش السابق الجنرال ايلكير باشبوغ الذي حكم بالمؤبد. وغادر باشبوغ مكانه فور صدور الحكم، قائلا: «إن الكلمة الأخيرة ستكون للأمة، ولا يجب أن ننسى العدالة الإلهية».

وقد طالت البعضَ احكامٌ مضاعفةٌ بالمؤبد والأشغال الشاقة. ومن أبرز من طالهم السجن المؤبد، بالإضافة إلى باشبوغ، كل من قائد الجيش الأول السابق حسن ايغسيز، وقائد الدرك السابق شينير اراويغور، والجنرالات خوشيد طولون ونصرت طاشديلير. كذلك، حكم على الأمين العام لمجلس الأمن القومي سابقاً الجنرال تونجير كيليتش بالسجن 13 عاماً، وعلى الجنرال كمال ياووز بسبع سنوات. ووصلت احكام بحق ضباط من رتب مختلفة الى السجن 41 عاماً.

إلى ذلك، طالت الأحكام رموزاً كبيرة من العلمانيين المعارضين للحركة الاسلامية في تركيا، ومن أبرزهم الصحافي تونجاي اوزكان الذي حكم بالمؤبد مع الأشغال الشاقة و15 سنة اضافية، والمتحدث باسم البطريركية الارثوذكسية سيفغي ايرين ايرول، ورئيس «حزب العمل» دوغو بيرينتشيك (مؤبد)، والصحافي والضابط السابق يالتشين كوتشوك (22 عاماً)، والصحافي والنائب عن «حزب الشعب الجمهوري» مصطفى بالباي (34 عاماً)، الذي قال خلال صدور الحكم إن «الخريف الساخن مقبل ولن ينجحوا».

ويضاف إلى هؤلاء كل من الرئيس السابق لجامعة اسطنبول كمال عالم دار اوغلو (15 عاماً)، والرئيس السابق لجامعة «اينونو» فاتح حلمي اوغلو (23 عاماً)، والرئيس السابق لمجلس التعليم العالي كمال غوروز (13 عاماً). كما حكم رؤساء جامعات آخرون بالسجن لسنوات متعددة. وحكم على مدير مجلة «آيدينليق» دينيز يلديريم بالسجن 16 عاماً، وعلى رئيس غرفة تجارة انقرة السابق سنان ايغون بالسجن 13 عاماً.

إلا أن النائب عن «حزب الشعب الجمهوري» محمد خبرال قد اخلي سبيله، وبالتالي يمكنه أن يؤدي القسم لدى افتتاح البرلمان في الأول من تشرين الأول المقبل، أو قبل ذلك بناء على عريضة من 110 نواب لعقد جلسة طارئة، علماً ان لـ«حزب الشعب الجمهوري» 134 نائباً.

وجاءت أول ردة فعل من الحكومة على لسان وزير الشؤون الأوروبية ايغيمين باغيش بقوله إن «المحكمة أثبتت ارهابية منظمة ارغينيكون التي كانت تحاول إطاحة الحكومة».

ورفض زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشدار اوغلو الاحكام، قائلاً إنها غير مشروعة نظراً للصلاحيات الاستثنائية التي اعطيت للمحكمة.

وانتقد رئيس كتلة «حزب الشعب» عاكف حمزة تشيبي الأحكام، مشيراً إلى أن الصحافيين والمثقفين اتخذوا رهائن في المحكمة، والقرار في النهاية سيعود للشعب. وأضاف انه تم دوس القضاء تحت الأقدام.

من جهته، قال النائب عن «حزب الشعب» محرم اينجه إن القرارات القضائية قد صدرت من اجل التمهيد للإفراج عن زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان، معتبراً أن «العدالة في تركيا قد انتهت».

وتزامناً مع المحاكمة، تظاهر حوالي عشرة آلاف في اسطنبول تضامناً مع المتهمين، ما أسفر عن وقوع اشتباكات حيث لجأت الشرطة إلى الغاز المسيل للدموع.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-05
  • 8907
  • من الأرشيف

أردوغان ينذر خصومه في قضية «أرغينيكون»

أعلنت محكمة اسطنبول الثالثة عشرة للعقوبات الثقيلة أمس، أحكامها في قضية «أرغينيكون»، وهي منظمة متطرفة داخل الدولة العميقة تضم عسكريين وصحافيين ونقابيين ومدنيين. وقد حوكم في القضية منذ العام 2008 حتى اليوم 275 متهماً من بينهم 67 فقط قيد الاعتقال، حيث توارى البعض عن الأنظار، وتوفي آخرون، فيما حوكم عدد آخر من دون اعتقال. ومن أصل المتهمين جميعاً قررت المحكمة تبرئة 21 شخصاً فقط، فيما تفاوتت الأحكام بحق الباقين بين المؤبد مع الأشغال الشاقة والمؤبد والسجن لعشرات السنوات. واستغرقت تلاوة الأحكام ساعتين وعشر دقائق. واستقبلت قراءة الحكم بصيحات الغضب من الحضور، الذي اقتصر بقرار من المحكمة على المتهمين ومحاميهم والصحافيين والبرلمانيين. وهتف محامون ونواب «اللعنة على ديكتاتورية حزب العدالة والتنمية»، و«نحن جنود مصطفى اتاتورك». وشكلت قرارات المحكمة انتصاراً واضحاً لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان في صراعه مع «الدولة العميقة». ولعل توقيت اتخاذ المحكمة قراراتها كان منسجماً مع حدثين: الأول هو تغيير قيادات الجيش لمصلحة الموالين لأردوغان في اجتماع الشورى العسكري قبل يومين، وبالتالي تحذير أي ضابط من أن تسول له نفسه التفكير بالانقلاب على الحكومة. والثاني هو انها جاءت كـ«رسالة قوة» من جانب اردوغان الى معارضيه بعد انتفاضة «ميدان تقسيم» واهتزازات صورته، فهو أراد من خلال الأحكام أن يستعيد صورة الرجل القوي التي اهتزت بعد الانتفاضة. وقد طالت العقوبات القصوى العدد الأكبر من الجنرالات الكبار في الجيش، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش السابق الجنرال ايلكير باشبوغ الذي حكم بالمؤبد. وغادر باشبوغ مكانه فور صدور الحكم، قائلا: «إن الكلمة الأخيرة ستكون للأمة، ولا يجب أن ننسى العدالة الإلهية». وقد طالت البعضَ احكامٌ مضاعفةٌ بالمؤبد والأشغال الشاقة. ومن أبرز من طالهم السجن المؤبد، بالإضافة إلى باشبوغ، كل من قائد الجيش الأول السابق حسن ايغسيز، وقائد الدرك السابق شينير اراويغور، والجنرالات خوشيد طولون ونصرت طاشديلير. كذلك، حكم على الأمين العام لمجلس الأمن القومي سابقاً الجنرال تونجير كيليتش بالسجن 13 عاماً، وعلى الجنرال كمال ياووز بسبع سنوات. ووصلت احكام بحق ضباط من رتب مختلفة الى السجن 41 عاماً. إلى ذلك، طالت الأحكام رموزاً كبيرة من العلمانيين المعارضين للحركة الاسلامية في تركيا، ومن أبرزهم الصحافي تونجاي اوزكان الذي حكم بالمؤبد مع الأشغال الشاقة و15 سنة اضافية، والمتحدث باسم البطريركية الارثوذكسية سيفغي ايرين ايرول، ورئيس «حزب العمل» دوغو بيرينتشيك (مؤبد)، والصحافي والضابط السابق يالتشين كوتشوك (22 عاماً)، والصحافي والنائب عن «حزب الشعب الجمهوري» مصطفى بالباي (34 عاماً)، الذي قال خلال صدور الحكم إن «الخريف الساخن مقبل ولن ينجحوا». ويضاف إلى هؤلاء كل من الرئيس السابق لجامعة اسطنبول كمال عالم دار اوغلو (15 عاماً)، والرئيس السابق لجامعة «اينونو» فاتح حلمي اوغلو (23 عاماً)، والرئيس السابق لمجلس التعليم العالي كمال غوروز (13 عاماً). كما حكم رؤساء جامعات آخرون بالسجن لسنوات متعددة. وحكم على مدير مجلة «آيدينليق» دينيز يلديريم بالسجن 16 عاماً، وعلى رئيس غرفة تجارة انقرة السابق سنان ايغون بالسجن 13 عاماً. إلا أن النائب عن «حزب الشعب الجمهوري» محمد خبرال قد اخلي سبيله، وبالتالي يمكنه أن يؤدي القسم لدى افتتاح البرلمان في الأول من تشرين الأول المقبل، أو قبل ذلك بناء على عريضة من 110 نواب لعقد جلسة طارئة، علماً ان لـ«حزب الشعب الجمهوري» 134 نائباً. وجاءت أول ردة فعل من الحكومة على لسان وزير الشؤون الأوروبية ايغيمين باغيش بقوله إن «المحكمة أثبتت ارهابية منظمة ارغينيكون التي كانت تحاول إطاحة الحكومة». ورفض زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشدار اوغلو الاحكام، قائلاً إنها غير مشروعة نظراً للصلاحيات الاستثنائية التي اعطيت للمحكمة. وانتقد رئيس كتلة «حزب الشعب» عاكف حمزة تشيبي الأحكام، مشيراً إلى أن الصحافيين والمثقفين اتخذوا رهائن في المحكمة، والقرار في النهاية سيعود للشعب. وأضاف انه تم دوس القضاء تحت الأقدام. من جهته، قال النائب عن «حزب الشعب» محرم اينجه إن القرارات القضائية قد صدرت من اجل التمهيد للإفراج عن زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان، معتبراً أن «العدالة في تركيا قد انتهت». وتزامناً مع المحاكمة، تظاهر حوالي عشرة آلاف في اسطنبول تضامناً مع المتهمين، ما أسفر عن وقوع اشتباكات حيث لجأت الشرطة إلى الغاز المسيل للدموع.

المصدر : السفير/ محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة