كيف سيجري التعامل مع ملف القدس خلال المفاوضات؟ المواقف المعلنة حالياً من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين تظهر استحالة التوصل إلى حل وسط. ومن المفارقات السيئة أن إسرائيل تقول إنها لن تقبل سوى بالقدس الموحدة عاصمة لها، فيما يؤكد الفلسطينيون أن لا دولة لهم من دون القدس الشرقية عاصمة لها. على الأرض يبدو أن الموقف الإسرائيلي أقوى بآلاف المرات من الأحلام الفلسطينية، فالمدينة اليوم أصبحت يهودية بنسبة 90 في المئة، والرهان الكبير يدور حول سؤال بسيط: هل ستخلي إسرائيل القدس الشرقية في ظل الأمر الواقع المرعب الذي خلقته في المدينة؟

وشهدت الأسابيع الماضية آخر ما استحدثته إسرائيل في ما يتعلق بتهويد القدس، حيث قررت وضع عبارة «مقيم مؤقت» على بطاقات الهوية التي تمنحها للفلسطينيين في المدينة، وحصرت هذه الإقامة بعشر سنوات فقط. وهي خطوة تعبر تماماً عن الرؤية الإسرائيلية المستقبلية للقدس أي «أكبر مساحة أرض بأقل عدد سكان».

ويقول الباحث في شؤون القدس جمال عمر لـ«السفير» إن «المدينة اليوم أصبحت يهودية بامتياز، ومنطقة أولويات إسرائيلية، وعملياً فإن العرب تدريجياً يتحوّلون إلى أقلية فيها، ويمكن الجزم اليوم إن 90 في المئة من مساحة القدس يهودية مقابل عشرة في المئة عربية فقط».

وتظهر آخر الإحصاءات ازدياداً ملحوظاً في عدد المستوطنين في القدس، حيث بلغ عددهم 300 ألف مقابل 200 ألف فلسطيني. ويتوازى ذلك مع استمرار الاستيطان الإسرائيلي في المدينة، وهدم بيوت الفلسطينيين ومنعهم من التوسّع، وعزلهم خارج حدود الجدار الذي يلفّ المدينة من جهاتها الثلاث المتصلة مع الضفة الغربية.

وبحسب عمر، فإن «ما تقوم به اسرائيل في القدس من استيطان يهدف إلى بناء ثلاثة أحزمة استيطانية من جهات المدينة الجنوبية والشرقية والغربية، تتصل مع بعضها البعض لتشكل سوراً يلف المدينة ويستولي على غالبية أراضيها العربية، أما الجهة الرابعة فهي القدس الغربية». وأضاف إنه «بموازاة ذلك يجري زرع مستوطنات عشوائية متعددة في قلب الأحياء العربية داخل القدس للحيلولة دون وجود تجمعات عربية صافية، وهذا يشمل، إضافة إلى بناء الوحدات الاستيطانية، هدم المنازل والأحياء العربية كما هو الحال في حي سلوان على سبيل المثال».

وليس ذلك فقط، فإسرائيل، وفقاً لعمر، تعمل على مشروع الاستيطان «الإخفائي»، والذي يهدف إلى طمس كل المعالم التي توحي بوجود تاريخ وحضارة غير يهودية في القدس. ويشير الباحث في الشؤون المقدسية إلى أن «اليوم هناك مستوطنات تبنى على مشارف الحرم القدسي إلى جانب أكثر من 50 كنيساً يهوديأً تحيط بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في البلدة القديمة، في خطوة تمهد لإخفاء البعد العربي والإسلامي والمسيحي للمدينة».

وتبقى الأسئلة الموجهة للمفاوضين الفلسطينيين: هل هناك إمكانية لأن تلغي اسرائيل استيطانها في القدس وتخلي الجزء الشرقي من المدينة والبالغة مساحته 72 كيلومتراً مربعأ؟ وهل هناك إمكانية لأن تهدم اسرائيل الجدار الذي أحاط المدينة؟ وما هو الحد الاقصى الممكن ان تمنحه اسرائيل للفلسطينيين في القدس؟

وبحسب ما تقره الأمم المتحدة في مواثيقها فإن الشطر الشرقي من القدس هو للفلسطينيين، وهذا موقف دولي لا لبس فيه، تعترف به كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، التي ترفض حتى اليوم نقل سفارتها إلى المدينة. ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في آخر تصريحاته «سنواصل البناء في القدس الشرقية برغم الإدانة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».

وأكد نتنياهو في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إن «القدس عاصمة الدولة اليهودية منذ ثلاثة آلاف عام، وأريد أن أقول ذلك بوضوح... أنا لا آبه بما تقوله الأمم المتحدة».

وفي هذا السياق يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أنه «ليس هناك سوى قرارات الشرعية الدولية، فهي الخيار الوحيد أمامنا بخصوص ملف القدس. ونحن لن نقبل بأي مساومات أو مقايضات في هذا الإطار، إما القدس الشرقية بالكامل من دون أي تغير في معالمها أو لا حلول».

ويؤكد أبو يوسف لـ«السفير» أن الجانب الفلسطيني يدرك تماماً ماهية الموقف الاسرائيلي بخصوص القدس، مشيراً إلى أن ذلك لن يؤثر إطلاقاً على «مطالبنا المحددة، وهم الإسرائيليون، كانوا عرضوا علينا في وقت سابق السيطرة على مناطق في القدس الشرقية وليس كل المدينة، ونحن رفضنا».

  • فريق ماسة
  • 2013-08-05
  • 4504
  • من الأرشيف

القدس «المهوّدة».. عربية؟

كيف سيجري التعامل مع ملف القدس خلال المفاوضات؟ المواقف المعلنة حالياً من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين تظهر استحالة التوصل إلى حل وسط. ومن المفارقات السيئة أن إسرائيل تقول إنها لن تقبل سوى بالقدس الموحدة عاصمة لها، فيما يؤكد الفلسطينيون أن لا دولة لهم من دون القدس الشرقية عاصمة لها. على الأرض يبدو أن الموقف الإسرائيلي أقوى بآلاف المرات من الأحلام الفلسطينية، فالمدينة اليوم أصبحت يهودية بنسبة 90 في المئة، والرهان الكبير يدور حول سؤال بسيط: هل ستخلي إسرائيل القدس الشرقية في ظل الأمر الواقع المرعب الذي خلقته في المدينة؟ وشهدت الأسابيع الماضية آخر ما استحدثته إسرائيل في ما يتعلق بتهويد القدس، حيث قررت وضع عبارة «مقيم مؤقت» على بطاقات الهوية التي تمنحها للفلسطينيين في المدينة، وحصرت هذه الإقامة بعشر سنوات فقط. وهي خطوة تعبر تماماً عن الرؤية الإسرائيلية المستقبلية للقدس أي «أكبر مساحة أرض بأقل عدد سكان». ويقول الباحث في شؤون القدس جمال عمر لـ«السفير» إن «المدينة اليوم أصبحت يهودية بامتياز، ومنطقة أولويات إسرائيلية، وعملياً فإن العرب تدريجياً يتحوّلون إلى أقلية فيها، ويمكن الجزم اليوم إن 90 في المئة من مساحة القدس يهودية مقابل عشرة في المئة عربية فقط». وتظهر آخر الإحصاءات ازدياداً ملحوظاً في عدد المستوطنين في القدس، حيث بلغ عددهم 300 ألف مقابل 200 ألف فلسطيني. ويتوازى ذلك مع استمرار الاستيطان الإسرائيلي في المدينة، وهدم بيوت الفلسطينيين ومنعهم من التوسّع، وعزلهم خارج حدود الجدار الذي يلفّ المدينة من جهاتها الثلاث المتصلة مع الضفة الغربية. وبحسب عمر، فإن «ما تقوم به اسرائيل في القدس من استيطان يهدف إلى بناء ثلاثة أحزمة استيطانية من جهات المدينة الجنوبية والشرقية والغربية، تتصل مع بعضها البعض لتشكل سوراً يلف المدينة ويستولي على غالبية أراضيها العربية، أما الجهة الرابعة فهي القدس الغربية». وأضاف إنه «بموازاة ذلك يجري زرع مستوطنات عشوائية متعددة في قلب الأحياء العربية داخل القدس للحيلولة دون وجود تجمعات عربية صافية، وهذا يشمل، إضافة إلى بناء الوحدات الاستيطانية، هدم المنازل والأحياء العربية كما هو الحال في حي سلوان على سبيل المثال». وليس ذلك فقط، فإسرائيل، وفقاً لعمر، تعمل على مشروع الاستيطان «الإخفائي»، والذي يهدف إلى طمس كل المعالم التي توحي بوجود تاريخ وحضارة غير يهودية في القدس. ويشير الباحث في الشؤون المقدسية إلى أن «اليوم هناك مستوطنات تبنى على مشارف الحرم القدسي إلى جانب أكثر من 50 كنيساً يهوديأً تحيط بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في البلدة القديمة، في خطوة تمهد لإخفاء البعد العربي والإسلامي والمسيحي للمدينة». وتبقى الأسئلة الموجهة للمفاوضين الفلسطينيين: هل هناك إمكانية لأن تلغي اسرائيل استيطانها في القدس وتخلي الجزء الشرقي من المدينة والبالغة مساحته 72 كيلومتراً مربعأ؟ وهل هناك إمكانية لأن تهدم اسرائيل الجدار الذي أحاط المدينة؟ وما هو الحد الاقصى الممكن ان تمنحه اسرائيل للفلسطينيين في القدس؟ وبحسب ما تقره الأمم المتحدة في مواثيقها فإن الشطر الشرقي من القدس هو للفلسطينيين، وهذا موقف دولي لا لبس فيه، تعترف به كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، التي ترفض حتى اليوم نقل سفارتها إلى المدينة. ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في آخر تصريحاته «سنواصل البناء في القدس الشرقية برغم الإدانة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي». وأكد نتنياهو في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إن «القدس عاصمة الدولة اليهودية منذ ثلاثة آلاف عام، وأريد أن أقول ذلك بوضوح... أنا لا آبه بما تقوله الأمم المتحدة». وفي هذا السياق يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أنه «ليس هناك سوى قرارات الشرعية الدولية، فهي الخيار الوحيد أمامنا بخصوص ملف القدس. ونحن لن نقبل بأي مساومات أو مقايضات في هذا الإطار، إما القدس الشرقية بالكامل من دون أي تغير في معالمها أو لا حلول». ويؤكد أبو يوسف لـ«السفير» أن الجانب الفلسطيني يدرك تماماً ماهية الموقف الاسرائيلي بخصوص القدس، مشيراً إلى أن ذلك لن يؤثر إطلاقاً على «مطالبنا المحددة، وهم الإسرائيليون، كانوا عرضوا علينا في وقت سابق السيطرة على مناطق في القدس الشرقية وليس كل المدينة، ونحن رفضنا».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة